أبـدا ما كان ده يومك يا آخـر المؤسـسين
هذه الكلمات مسـتوحـاة من جملة بليغة وكلمات مؤثـرة بـل ومحـزنة رددها المناضل الوطنى الاســتاذ/ سـيد أحمد محمـد هاشــم سـليـم مـد الله فى أيامه ومتعه بالصحة والعافية، وهو احد مؤسسى جبهة التحـريـر الارتـرية التاريخـيين فى عام 1960م بالقاهـرة. قال هذه الجملة فى ذلك اليوم الأغبـر الـذى تـم فيه تسـليـم ســلاح الثورة للسـلطات الســــودانية فى عام 1981م، وذلك على خلفية معـارك الغـدر التى دارت بين جبهة التحـريـر الارتـرية والجبهة الشعبية، او بالأصـح تـلك التى دارت رحاهـا بـين جبهـة التحـريـرالارتـرية وذاتهـا..!! نعـم بـين جبهة التحـريــر الارتـرية وذاتهـا. حينئـذ جـرت كلمات هـذه الجملة على لسـان اسـتاذنـا الجليـل الــذى كان متأثـرا جـدا بـذلك الحـدث الجـلل شـأن سـائـر الوطـنيين الارتـريـين الـذين عشـقـوا ومازالـوا يعشـقـون الثورة والثـوار بـل وكافة صنـاع الحـرية والأمن والأمـان والسـلام الشـامل والمنشـود الـذى يعطـر سـاحات الوطن الحـبيب.
أبــدا ما كان ده يومك يا جبهة السـلام والتحــريـــــر
أبــدا ماعهـدناك خجلى حـين الوغى والنفيـــــــــــــر
ولا عـرفنــا جيشــك البطـل معتقـــلا او اسـيـــــــــــر
فأنـت لنـا الحـب كله والشــعب لك عضـد ونصيـــــــر
وأنـت جبهة التاريــخ والحاضــر والغــد الجميـــــل
أنـت المـركب والمعبــر وبلسـمــا لــدائنـا الثقيــــل
وأنت البعـث والتجديد وفى شموخك العـز والتأصيـل
وابنــاءك هم الفهـود احفـاد عواتـى ليثنـــا الأصيــــل
وجيشـك هم النسـور عنـد الشـدة حينمـا الغـدر يغيـر
فأمضى فى درب النضال والنصر حليفك يا جبهة التحرير
وتـرفقى بالأبنــاء والاحفـاد العاقــل منهـم والشـريــر
فكلنـا انت مـرجعه وموطنه وتحت لواءك نبقى ونســيـــــر
وشعبك البطل ماخاب يوما ولا بدل عهـده بالسلام وبالتحريـر
فأمضى يا جبهتى وليخرج من بين صفوفك الرعـديد والاجيـر
……………………………
بطلنا هـو المناضل ” سـيد أحمد محمد هاشم سـليـم – وهو الغنى عن التعريف فهـو مـن الرعيل الأول الذى أسـس الحركة الوطنية الارترية بشكلها الديناميكى الحديث، وهو بذلك أحـد مؤسسى العمل الوطنى ممثلا فى حركة التحرير الارترية 1958م ومن ثم جبهة التحرير الارترية 1960م ضمن آخرين فى مدينة القاهرة. بعـد تأسـيـس الجبهـة أنتقل السـيـد الى أرض الوطن فأسـتقر فى العاصمة ” أسـمرا” التى عمل بهـا موظفا لدى السـلطات الاثيوبية التى كانت تحكم البلاد والعباد بقانون الغابة، ركب السيد كل تلك المخاطـر فى كبـد عاصمة البلاد التى كانت تعج بالمخبـرين والجواسـيس بغـرض تغطية تحـركه الوطنى الـذى جـاء خصيصـا لأداءه وممارسـته. هناك باشـر العمـل الثورى من داخل المدن الارترية مخططا وموجهـا ومنفذا حتى وصل صدى الثورة الى كل بيت وحي وقرية ومـدينة ارترية، تـم جـل ذلك العمـل المتقن والجميـل بفضل الجهد الشخصى للمناضل ” ســيد أحمـد ” وصحبه الكـرام الذين بذلـوا جهدا خارقا وخطيـرا فى أوساط الشـيوخ والشباب حـيث خلقـوا كادرا وطنيـا قادرا على أداء المهام الثورية بـدقة متناهية وفى زمـن قياسى وبيسـر مقـدر داخل المدن وخارجها، وبصفة خاصة كانت المباحث الاثيوبية فى أثر اسـتاذنـا الجليـل أينمـا رحـل او أسـتقـر، ورغـم الحـذر الـذى كان يتبعه ” أبـو السـيـد” تمكنت منه السـلطات وتم اعتقاله وسجنه ومن ثم الافـراج عنه، لكنه كان يخـرج من سـجن ليجـد نفسه فى آخـر وظل الحال على هـذا المنـوال لعـدد مـن السـنين ولـكن الـرجل كان وحيـد نسـجه من حـيث الأداء الجيـد، والخـلق الحسـن، والشـجاعة المحسـوبة، والصمـود الوطنى الـذى تفـرد بـه انسـان ذلك الـزمـن الطـيب الـذى كان جـل شـيوخه وشـبابه صنـاعتا لتاريخنـا الوطنـى الحـديث ( جـاءت هـذه التسـمية ضمـن سـلسـلة كتابـات الاسـتاذ/ جابـر سـعيـد – أرض الهـرم) جـزاه الله عنـا خيـرا)، وكان اداء السـيـد محببــا لـدى الكافة بما فى ذلك الشــيب والشـباب، وظـل على ذلك الحـال فى مختلف مـراحل الثـورة دون ان يكل أو يمـل بــدءا مـن مرحلة التأسـيـس فى القاهـرة ومـرورا بالتخطيط وانتهـاءا بمـراحـل التنفيـذ على أرض الواقع ومـن ثـم المـراقبة والمسـائلة والمحاسـبة ووضع الشخص المناسب فى المكان المناسب وفق امكاناته ومقدراته وطاقته واسـتعـداده النفسـى. فى منتصف ستينيات القـرن المنصرم خرج ” أبـو الســيد ” من أرض الوطن خلسـة بعـد ان أعـد من يقـوم مقامه من الشـيوخ والشـباب حـيث أرسى بينهـم فلسـفة الثؤرة وثقافة العمل الجماعى فى ادارة المهـام الثـورية فى المـدينة والقـرية. بعـد خـروجه مـن ارتـريـا واصـل ” أبـو السـيـد” مهامه الثورية مـن موقـع المـركـزية حـيث اصبـح عضـوا بالقيــادة العليـا للجبهة ( المجلـس الأعلى لجبهة التحـريـر الارتـرية)، وظل يعمـل بنشـاط يحسـد عليه ودون كـلل او مـلل لأن همه الأول كان توســيع المشـاركة الفعالة مـن خـلال توجيه الشـباب وتعليمه وتحريض كافة الارتـريـين للانضواء تحت لـواء الثورة ومحاربة المسـتعمـر بغـرض مواصلة العمل النضالى الهادف لتوحيـد الطاقـات ومن ثم تحـريــر الكيـان (الأرض) مـن بعــد تحـريـر الكائن (الانســان) الارتــرى باعتبـاره رأس المـال الأول الـذى يـرعى الكيان ويصـونه باعتبـاره المالك الشـرعى. وعند حـدوث النكسـة الكبـرى التى تعـرضت لها جبهة التحرير الارتـرية فى عام 1981م، تـلك التى لـم تكن متوقعة الحدوث على الأقـل من جانب القوى الجماهيـرية لما تعـرفه عن جبهة التحـريـر الارتـرية صانعة المجـد التى كانت تتمتع بـزخـم جماهيـرى كبيـر وصمـود عظيـم وعـدة وعتـاد لا بأس به وعـدد كافى من جنـد الفـداء القـادرعلى تثبيت الأحـداث مهمـا كبــر حجمهـا، وكان ذلك الثبات مصـدر حيــرة قيـادات العــدو الاثيوبى فى فتـرة الملك والـدرقى، وهـذا يؤكـد ان تـلك النكسة كانت حـدث كبيــر وفجيعة لا تحتمل من جانب الجماهيـر الارتـرية التى وضعت ثقتها ومجمل مقـدراتهـا ومسـتقبل أبنـاءها واحفادها على جبهة التحـريــر الارتــرية التى قــدمت لها المال والولــد بسـخاء كبيــر ونفـس رضيـة، انطلاقـا من كل ذلك كانت النكسـة مفاجأة غيـــر ســارة وحـدث لا يصـدق ـ حـدث عبــر عنه الأفــراد والجماعات على مختلف أعمارهـم وثقافاتهم بتعبيـرات شـتى وكلمات باكية مختلفة المعانى وموحـدة المقاصـد، كما عبـر عنهـا المناضل ” سـيد أحمد” بهمهمات غـريبة وانـين مكتـوم وكلمات غيــر مســموعة تـوحى بأنه كان يحـادث نفسـه عنـدما كنا جلوسـا فى مجموعة من الشـيوخ والشـباب فى دار الجبهة بالعاصمة السـودانية الخـرطوم، وقـد صادف ذلك يوم عيـد الثورة الـذى تعودنـا جميعا الاحتفال به جماهيـريا وعسـكريا شـبابا وشـيوخا، نسـاءا ورجالا فى الارض المحـررة وفى المهاجـر البعيـدة واينما وجـد نفــر من أبنـاء شـعبنا الارتـرى البطل، لكننا فى ذلك اليـوم الأغبـر لم نتمكن من الاحتفال به، لأننـا كنـا نعيـش أتعـس أيـام حياتنا النضالية، حيث كنا فى حالة ذهول وهـذيان، لكن المناضل ” سيـد أحمـد” كان شـجاعـا ومتماسـكا فعبـر عن ذلك الحـدث الجـلل والمنظـر الحـزين بأنـين وهمهمات ومن ثـم بكلمات واضحة فى قوله .. ( أبـدا ما كان ده يومك يا جبهة السـلام والتحرير)، وعنـدما نظـرنا اليه ليعيـد علينـا ما قال، وجـدنـا عينـاه غارقتان فى بحـر من الدموع، وفى التو والسـاعة ســرت العـدوى الينـا فأصبحنا جميعا فى نفس الحال المتشنج والباكى وغيـر المتـزن عقـلا او جسـما، أمـا أنـا شـخصيا حسـدت القائـد ” أبـو السـيـد ” على اتـزان عقله الـراجح الـذى مكنه من التعبيـر عن الموقف بغـرض رثـاء النفـس والآخـر الـذى عبـر عنه بـدقة ووضوح وكأنه أراد ان ينوب عنـا جميعـا، وعلى مـدي خمـس سـنوات متتالية كنت اتـذكر تلك الجملة كلما أقتـرب الفاتح من سـبتمبـر مـوعـد احتفالات الثورة الارتـرية المجيـدة، وكنت اعتقـد جازما ان تلك الكلمات هى مطلع قصيـدة رثـاء وطنى مـر، او هى عنـوان مقالة طويلة لا تنتهى الآ بـزوال الحالة الحـزينة الـتى كانت مسـيطـرة على جـل عشـاق الجبهة، وقـد تحـدثت كثيـرا عـن تلك الأيام التعيسة مـرددا ما جاء على لسـان القائـد ” أبو السـيد ” بحضور بعض الصفوة مـن شبابنـا قاصـدا لفت أذهانهم الى مقاصـد تلك الجملة المؤثـرة التى جـاءت على لسـان المناضل ” سـيـد أحمـد” طالبـا منهـم التمعـن فى معانى كلماتهـا العميقة وتاريخ ميلادها القاسـى، ويبـدو ان هموم السـاعة ووقـع النكسـة حالتـا دون لفت اذهان الصفوة من كتاب وشعـراء ومختلف أطياف الادبـاء الوطنيين. وفى وقـت آخـر وجـدت نفـسى والثورة فى موقف شـبيه بـذلك الموقف المحـزن وكأن التاريخ أعـاد نفـسـه من جـديـد، وغصبـا عنى رددت تـلك الجملة الوصفية الـدقيقة التى قالهـا المناضل” سـيد أحمـد” قبل خمسـة ســنوات سـابقات، وكانت النتيجة ميـلاد هـذه المحاولة المتواضعة، رغـم اننى لا أدعى كتابة الشعــر ناهيك عن احتــرافه، ولأننى تعودت الكتابة لنفسـى بعيـدا عن النشــر ومـزاحمة الشـعـراء، ولأننى كـنت بحاجة لمـن يشـاركنى حـزنى وشـجنى وجهـت الجملة وملحقاتهـا مشـفوعة بـرسـالة رقيقة لقائلهـا لكننى لا اعلم حقيقة وصولها اليه – وفى الختـام أرجـو ان اكـون قـد وفقت بعض الشيئ فى توصيل ما أردت توصيله لمن عبـر وأوحى وصـور لى ولســأئر الوطنـيين ثقـل ذلك الحـدث الجلل الـذى تعـرضنـا له نحـن وجبهتنـا الحبيبة، ورغـم اننى لا اؤكـد صحة وصولهـا اليه كـنت ومازلـت سـعيـدا بمشـاركته التى اشـبعت رغبتى بعيـدا عـن نقـد القـراء او اسـتحسـان المصفقـين والمشـجعيـن وعشـاق الثـورة والثـوار. ( الفاتح من سـبتمبـر 1986م ).
أمـا اليـوم وانـا اودعه ضمـن آلاف مـن المناضلين الكـرام شـيوخا وشـباب رجـالا ونسـاء، لا اريـد ان اقول عنـه الآ ما قاله هـو عـن الجبهة .. ( أبـدا ما كان ده يومك يا أخـر المؤسـسـين) حـيث لا أمـلك الآ التـرحم عليه والـدعـاء له ولـكافة شـهداء الثورة الارتـرية الـذين احببناهم وتغنينـا بأسـمائهم والقابهـم .. عليه نـدعـوا الله الكـريم ان يـرحمهم ويتقبلهم برحمته الواسـعة وان يـدخلهم جنانه العالية مع النبيين والصـديقين والشـهـداء الأبـرار، ونـدعـوه ان يلهـم اهلهـم وذويهـم الصبـر وحسن العـزاء، وانا لله وانا اليه راجعـون ولا حـول ولا قـوة الآ بالله الحي الدايـم. واللهـم أنى اسـتغفـرك واتـوب اليك وانت التواب الرحيم بعباده.
أبـو ايهـاب ـ الخـرطوم السـودان 20/11/2015م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35896
خير قلت وخير فعلت ابننـا طارق، اذ ودعة والدك العـزيـز واخينـا الأكبـر بوداع جميـل مليئ بوحدانيات وادعية يسـتحقهـا والـدك الـراحل المقيم عـن جـدارة مثلما اسـتحق الكثير من هـدايـا الرحمن الرحيم فى حياته وعند رحيله . اللهم ارحمه واغفر له وتقبله قبولا حسنا فى عالى الجنـان، وانـا لله وانـا اليه راجعـون ولا حول ولا قوة الآ بالله الحى الـدائـم.
أبـو ايهـاب ـ الخـرطوم
الي والدي
سيد احمد محمد هاشم
ابو اليتامي والمساكين واصل الرحم حسن الخلق ابوي الشيخ ماخفف المنا بشاير وكرامات من الله قالها امام المسجد نحتسبه من الشهداء وفقدك يوم الجمعه وغسلك في مكة والصلاة عليك في الحرم فجر السبت ودفنك في المعلاة حيث قبر امنا خديجة وبيت لاصخب فيه ولانصب ….. ودعتنا بهدوءك ووقارك مع تواضعك وهيبتك .. …
الا انك حينما خرجت من الحرم كانت جنازتك تطير الي عليين وكنا نركض للحاق بها تذكرت يوم ان كنت اركض للحاق بمشيتك السريعه … كنت احضر اليك لاشبع منك و لاعوض يتمي السابق حينما ولدت وانت في السجن وحرمنا منك حينما علمنا انك اب غير الاباء رجل بحجم وطن بل واوطان فكنت فخرا وعزا لنا تركت لنا ثروة كبيرة هي سمعة طيبة وخلقا كريما ….ولما حانت اللحظات الاخيرة ساعتها ادركت انني عدت يتيما الي اللقاء في جنات الفردوس باذن الله عند الحبيب محمد صلي الله عليه واله وسلم
………………………
تبكيك الجوامع التبنت طابقين …
ياابتاه اجاب ربا دعاه ياابتاه لمن اليوم ننعاه
مابكيناك جزعا ولااعتراضا لقضاءالله وقدرة
بكينا فقدنا هذه اليد الحانيه والقلب الكبير
وانا علي فراقك لمحزونون ولانقول الامايرضي ربنا وانا لله وانا اليه راجعون اللهم اجرنا في مصيبتا واخلف لنا خير
طارق سيداحمد