أحـداث الـتـأريـخ بـيـن الـحـيـدة عـنهـا وقـراءتها بمـقـاصـدهـا (3-5)
بقلم: أبو أسامة المعلم،
E.mail: asous.ert@gmail.com
القراءة الرابعة، حول ما قاله عن الحياة والحقوق الأساسية فيها.
ثم معانٍ أخرى ذات أبعادٍ خطيرة ليس بدٌ من الوقوف عليها بشيء من البيان باعتدال يسعه المقام، ذلك لأن تركها بالتعميم والربك الذي أجراه بحقها أستاذنا الفاضل لا يمكن إقراره بالسكون عنه لما فيه من تزييفٍ لحقائق الواقع السياسي، وتحريفٍ لحقائق ثابتةٍ لمقاصد تشريع الدين الإسلامي، ولهذا لا بد من قراءة بعض أبعاد هذه المعاني باختصار لائق لما لم استوفها حقها فيما فات، وهي على النحو التالي:
قال الأستاذ فتحي:” إذن وبموجب القهر السلطوي والحرمان من الحقوق الأساسية فإننا نخوض صراعا من أجل الحقوق الأساسية، أولها حق الحياة ثم الحقوق الأخرى……..الخ.”؟!
قال بعض الفلاسفة وغيرهم عن الحياة ما جملته بعض النصوص التالية:
“معنى الحياة يلعب دوراً هاماً في المفاهيم الفلسفية والدينية الوجودية، والعلاقات الاجتماعية، والوعي، والسعادة، والعديد من القضايا الأخرى، مثل المعاني الرمزية، الأنطولوجيا-علم الوجود-، القيم، والأهداف، الأخلاق، الخير والشر، الإرادة الحرة، وجود إله واحد أو عدة آلهة، المفاهيم عن الله، الروح، الآخرة.
وقالوا أيضًا: المساهمات العلمية تهتم بوصف الحقائق التجريبية ذات الصلة بالكون، واستكشاف سياق وكيفية الحياة. العلم أيضا يدرس ويقدم التوصيات للسعي من أجل الحفاظ على الوجود وتقديم نموذج لفهم الأخلاق. البديل لذلك، نهج إنساني يطرح السؤال: “ما هو معنى حياتي؟” قيمة الجواب تتعلق بالغرض من الحياة وقد تتعلق مع التقييم للواقع في نهاية المطاف.”
وقال أحد الأثرياء من غير المسلمين الذي تمتع بكافة أصناف متع الحياة التي منه أجملها النساء وأطايب المآكل والمشارب، وأرقى الملابس، وأفخر العطور، ومع ذلك لم يجد ما يشبع نهمه وهو يبحث عن ملذات كلها، بل ظل يشعر بفراغ، عندئذ قال: ” لماذا أشعر بهذا الفراغ؟ “ثم أجاب نفسه بنفسه فقال: ” لأن الله خلقنا لهدف أسمى من مجرد الاستمتاع بحياتنا الحالية.”
لقد صدق الرجل، ذلك لأن الرغبة في المزيد من مكاسب الحياة لن تبلغ تمامها ما بقي الإنسان وهو يتشوف إلى مزيد من معانيها المادية، أما في كتاب المسلمين-القرءان القرآن- فقد جاءت معنيين عن الحياة، أحد أهما مذهب الماديين الذين ربطوا بقاء الإنسان في الحياة وزواله عنها بالمعنى المادي المحسوس، وهو ما قالت به المادية الجدلية-الديالتيكية- دون برهان علمي، ومما جاء في القرءان عن ذلك من جهالاتهم قبل أن نسمعها من هؤلاء قول الله تبارك وتعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}
وأما مذهب المسلمين المؤمنين بالقرآن، فقد فهموا من ربط الله لكلمة الحـياة بكلـمة : (الدنيا)، بأن هذا الربط يفيد أن ثم حياة أخرى عالية غير هذه الحياة الدانية، والحياة الدنيا لذلك ليست أكثر عن كونها دارُ عمل يُستوفى العامل فيها أجره في دار باقية عـالـية مختلـفة تمامًا، فهي لا عمل، ولا موت، ولا نصب، ولا تعب، ولا كدر، ولا هم، ولا غم، ولا هرم فيها.
إن الحياة هناك إما في نعيم مقيم، وإما في عذاب مقيم، وهو عذاب في نار جهنم لا أملٍ للخروج عنه ولا لتخفيفه، ولهذا يقول المؤمنون: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، من هنا فإني أقول لتقريب معنى الحياة، الكلام اليسير التالي:
إن فهم معنى الحياة يتحقق بفهم الظواهر أو العناصر المكونة منها الحياة-الوجود-، أي يتضح به فهم واقع معنى وجودنا في الحياة، وأهم الظواهر أو العناصر المكونة للحياةِ هي: الأرض والسماء ومن فيهن، والسنن الكونية الثابتة والمتغيرة فيهما وبينهما، ومن ذلك:
عظمة آيات الليل والنهار، والنوم واليقظة، والحياة والموت، والفرح والترح، والفقر والغنى، والسعادة والحزن، والزروع والقحط، والعدل والجور، إلى آخر ما يمثل تفاصيل معنى الحياة ما ظل الإنسان على الأرض حيًّا، وما يترتب على ذلك بعد موته فيزول عن ظهرها على أي حال كان زواله منها، وهذه أمورٌ يؤمن بها وبما يترتب عليها البعض تحققًا وليس احتمالاً، ويكفر بها آخرون دون القدرة على إثبات ما سينتهي إليه آلهم بعد الممات إلا ظنًا واحتمالاً.
إن هذه المعاني بأبعادها التفصيلية تقودنا إلى فهم معنى خلق الحياة، ومن أعظم ما نصل إليه من فهم صحيح للحياة هو: أنها لم تَصْنعْ نفسها بنفسها، وأن وجود الإنسان فيها لغاية عمارتها، وأنه مكلف فيها، لا كما يقول الملحدون، أن وجود الإنسان فيها لا يتجاوز حد التمتع بالأكل والشرب، وبصنوف ملذاتها من سلطة وممتلكات مادية توفر الرفاهة والسعادة بأطايب ما فيها، وبلذة تبعـل الجنسين فيها بما جاء ذُكره في المجتمعات المدية، وتضييق معنى الحياة على هذا يدل على عقم فكر الملحدين الماديين.
ويقولون أيضًا: أن الإنسان كغيره من الكائنات يتحول مكونه المادي بعد موته إلى سماد يُغذي الأرض، فيصبح مع دورة الحياة جزءًا من زروع ونباتات وأشجار تَنتُجُ عنها ثمار ولحمٌ وحليب، وبهذا لعل أحدنا أكل أو شرب قريبه في ثمرة أو لحم أو ماء أو حليب، ولتأكيد عـقمهم الفكري هذا، لم يتركـوا إرثًا فـكريًا عن الروح، وعن طبـيعتها وسـرها ومصـيرها، بل كل ذلك رموه إلى ما أسموه: (ما وراء الطبيعة)، وأنهم يفسرون هذا الاصطلاح بقولهم: (الأمور التي لا تخضع لـقوانين الطبيعة، أي، أنها الأشياء التي تتجاوز حدود الطبيعة)، وبهذا العقم الفكري قد أصبح هؤلاء دون الذين سألوا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-عن الروح بقصد إحراجه أو اختباره أو طلب المعرفة منه.
ولما لم يكـن لكافة بني الإنسان والمـلائكة والجن، عِـلمٌ بأمـر الـروح عـلى الإطـلاق، ولما كان أمرها مفوضٌ إلى الله الباري جلَّ شأنه، وعظم سلطانه، وتقدست أسماؤه، قال لرسوله-عليه الصلاة وسلم-ردًا على سؤالهم:
والحقيقة أن المصير النهائي للإنسان خاصة، ليس كما ضل فيه الملحدون، بصرف النظر عن مصير لحمه ودمه وفرثه وعظماه وبقية مكوناته المادية التي أصلها من ماء وتراب، وأنها تعود إلى أصل فطرتها بأمر باريها الذي قدر كونًا ثوابتها ومتغيراتها، ولما لم يكن خَلقُ الإنسان عبثًا، فقد تم تكليفه استثناء بما ميَّزه الله به عن سائر المخلوقات بعقل يفكر ويقدر، فجعله بموجب هذا العقل، سيدًا ظاهرًا في الحياة الدنيا، وأن كونه سيدًا في هذه الحياة يعني: أنه سوف يُسأل في الدار الآخرة استثناءً عن الشؤون العامة والخاصة بموجب استحقاق السيادة التي منحها إياه ربُّهُ، ما إن كان ما أفضى إليه وفق سنن الله الشرعية المحكمة إيمانًا بما جاءت به رسل الله، ثم أداءً لواجباتها من عبادات ومعاملات بحسب استطاعته، أو بالسير فيها وفق سنن الله القدرية التي تحكم حركاته وسكناته، أم أنه قضى حياته فيها وفق تصور أنظمة وضعية تخالف شرع الله وسننه الكونية الثابتة والمتغيرة، تلك السنن الكونية المنتظمة بها نواميس الحياة كلها، وهي بهذا تمثل لدى أهل النهى، عِقدًا جميلاً متكامل التنسيق بفعل حكيمٍ عليمٍ خيرٍ، الذي بدأ خلق الوجود، فله الحلق والأمر.
إن خلق الله للوجود بمقتضى حكمته، أعطى لكل المخلوقات خصائصها الخلقية التي تعني منزلتها في الكون مما نعلمه ومما لا نعلمه، وأن خالقها لقادر لأن يعيدها إلى أصل منشئها، وأن المصير النهائي لبعض مخلوقاته غير المكلفة من الحيوانات والجمادات على اختلافها، هو العدم بعد الاقتصاص من بعضها كما ثبت ذلك في صحيح السنة المطهرة، أما بني الإنسان والجن المكلفين فيها، فيكون مصيرهم النهائي من بعد المحاسبة والاقتصاص، إما إلى جنة أو إلى نار، ولهذا قال تبارك وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}
بهذا الفهم المتقدم لمعنى الحياة، فإن الحياة تمثل بلا ريب مقاصد باريها الذي لم يتركها لتُسيِّر نفسها بنفسها لما لم تكن ذات عقل مكلفة تفكر فتقدم وتؤخر، ولم يتركها أيضًا ليُسيِّرها العقلاء الذين هم جزء من مكونها لما كانوا جزءًا مخلوقًا فيها دون اختيارهم ولا استشارتهم.
وما إن نفهم هذه المعاني بأبعادها الراقية سوف نصبح أهلا لنتصور صناعة واقعٍ جمعيٍّ صحيحٍ مستقيمٍ وفق قدراتنا، وعندئذٍ فقط، سوف نستوعبُ معنى الحياة الذي يتجاوز تعاقب الليل والنهار، والمصالح المادية والملذات، وعندئذ سوف نعيش بسلام ووئام وانسجام تامين، لا أن يتصور أحدنا أن الحياة كائنًا قائمًا مستقلا عاقلا، فنُطالب بحقوقها كقول قائلنا:
“فإننا نخوض صراعا من أجل الحقوق الأساسية، أولها حق الحياة ثم الحـقـوق الأخرى”، أقول ذلك صارفًا النظر عن المقاصد التي ربما تعلل بها بعضنا، فإنما نتعامل بلغة نقدم بها خطاباتنا الفكرية والسياسيَّةٍ وغيرها خطاباتنا الأخرى.
نعم، من دون هذا الفهم المتقدم لا سبيل لصنع واقعٍ جمعيٍّ صحيٍّ نقيم فيه العيش بسلام ووئام وانسجام تصان وتُحفـظ فـيه الضرورات، وإذا ما فشلنا في صنع واقع هذه المعاني، فبلا ريب أبدًا أن البديل هو: تحقق معاني الفوضى، البطش، التخبط، الربك، الاضطراب، سفك الدماء، ضياع الحقوق، إقصاء الضعيف، ولما لم يفهم أو يتجاهل حزب الجبهة الشعبية هذه المعاني بكل أبعادها، فليس ذلك إلاَّ لكونه حجرة صغيرة في رقعة شطرنج الأقوياء الذين لا تهمهم هذه المعاني لصالح الشعوب الأخرى-الجويم-؟!
نعم، هذه هي الأسباب الحقيقة التي جعلت حزب الجبهة الشعبية الحاكم يعمل لتهيئة إرتريا لغير أهلها، ذلك بإنفاذ خطط صانع الشطرنج المتحكم في إدارتها، ثم يأتي من يدعونا إلى توصيف الحرب التي يشنها ضدنا هذا الحزب الذي لا يفتأ ينشر بين المواطنين كل معاني الفساد والتفسخ والانحلال، عن الدين وعن كل القيمة الفاضلة، كما هي حال المجتمعات الغربية التي أسست نظمها الجمعية على مسخ وانحلال كل أفرادها، وكون حزب الجبهة الشعبية يسير وفق خطط صانعي رقعة الشطرنج، إنما يريد من ذلك انفراط عقد المجتمع الإرتري كما انفرط عقد المجتمع الغربي، وكثير من المجتمعات الشرقية من أجل تحقيق أهداف صانعي الشطرنج، فالمجتمعات الغربية والتي تتبعتها، يرون اليوم أن ما كان في مجتمعاتهم ذات يومٍ فضيلة، فقد غدا اليوم عندهم رذيلة، وما كان عندهم ذات يومٍ دينًا وخلقًا قويما توارثته أجيالهم جيلاً بعد جيلٍ، قد غدا عندهم اليوم تخلفًا ومصادرةً للحريات الخاصة والعامة، إنه المسخ الذي يحاكي مسخ الله جل جلاله لبعض بني إسرائيل إلى قرود حقيقية عقابًا لهم كما جاء ذلك مفصلا في كتاب الله.
ما هو بعد هذه القراء؟
بهذه القراءة الواعية التي تُصوِّر البون الشاسع بين المعاني الراقية الناهضة بالإنسان، وبين المعاني الساقطة التي تجعل الناس يلغون في مستنقعات الرذائل، نعلم أن المعاني الراقية في بعدها الديني قد جاءت من قبلُ في التوراة والإنجيل على أي صيغة كانت مخاطبته لتلك المجتمعات بها في زمانها وواقعها الجمعي الحضاري الغابر، وخُتمتْ بالقرآن الكريم للتأكيد على الفضائل ودحض الرذائل، وبهذا فقد قال كثير من الحكماء والأدباء والمصلحون في الأزمان الغابرة، كما هم يقولون بها في واقعنا المعاصر، ذلك لأن الكتب المقدسة كلها منزلة من عند الله الواحد الأحد، وأن الحكماء والأدباء والمصلحون كانوا من مدرسة هذه الكتب، فهم إذًا خيار شعوبهم، وهذا هو مراد الله من إنزال الكتب لإصلاح المجتمعات البشرية.
أيضًا من معاني الحياة والحقوق الأساسية فيها.
إننا هنا أمام دعوة للتفكر بإلحاحٍ لازم القراءة بغرض معرفة معـنى الحياة بناء عـلى قول أستاذنا: “وعندما يشن النظام حربه على الشعب فهو لا يشن حربا دينية هدفها تحويل الشعب من معتقد إلى معتقد، أو يقوم بحملات صليبية بهدف تنصير كل إرتري مسلم، ولكنه يستولي على السلطة والثروة ويحرم الناس من حقوقها الأساسية والتي من ضمنها الحق الثقافي، والذي يأتي تاليا لحق الحياة الأساسي والحق الاقتصادي في الارتزاق، والحق في الحرية والحركة” بهذا التقديم للمتأخر، وتهوين الأولويات، نجدنا أمام ربكٍ كبير لإعادة نظم هذا الخلط بين جملة المعاني المطلوب تحقيقها، وهذا تقرير يحتاج إلى إعادة الصيغة، وقد تكلمتُ عن كثير عما جاء في هذا الشأن، بيد أني هنا بصدد قراءة أخرى لمعاني الحياة مما لم أتعرض له أعلاه بحسب المقاصد لبيان المعاني.
في القراءة الثالثة قد دحضتُ نظرية الأستاذ فتحي القائلة بتبرير شن حزب الجبهة الشعبية حربه ضد الشعب الإرتري، كونها حربٌ من أجل الاستيلاء على السلطة والثروة من جهة، وليس الهدف منها تحويل الشعب من معتقد إلى معتقد من جهة ثانية، وأنها ليست حملات صليبية الهدف منها تنصير مسلمي إرتريا من جهة ثالثة، وأثبتُ أن هذه أفكار غير صحيحة، وأنها تنطوي على معانٍ وأبعاد غير عادية أبدًا، لذا كان لا بد من دراستها وبحثها بروية بما أفهمه من مفردات اللغة العربية، وأبجديات علوم السياسة التي أصبحت قدرنا منذ نشأتنا، وفي هذه القراءة سوف أكمل الحديث عن بعض المسائل التي لم أسبر أغوارها، فبين أيدينا حديث متكرر عن ‘حق الحياة’، ولكن بقراءة أخرى، فتكرار الحديث عن حق الحياة من زاوية أخرى يوحي بتوكيد أبعادٍ فكرية يراد تحقيقها على أرض الواقع، وأن هذا التوكيد لا شك يتعلق بحاضر ومستقبل إرتريا، بيد أن المراد من ذلك لم يتضح لي، فأعدتُ قراءتها مراتٍ ولم ازدد علمًا، فهو وحده الذي يملك بيان مراده، ولن نصل إلى ذلك إلا بالإجابة على بعض الأسئلة المهمة عما أسس عليه أستاذنا فتحي معنى حق الحياة كما يعتقدها ويريدنا أن نفهمها ثم نعتقدها كذلك، والأسئلة التي أعني، هي على النحو التالية:
أولاً، هل الحياة كائنًا حيًّا عاقلاً، أم غير حي ولا عاقل؟
ثانيًا، ما هي حقوقها التي كافة الحقوق تأتي تاليًا لحقوقها كما هو مقرر في نص المقال؟
ثالثًا، مَن المسؤول عن استيفائها حقوقها التي أسميتها حق أساسي؟
رابعًا، ما هو الفرق بين حق الحياة وحقوق الناس في الحياة حسب ما ذهبت إليه؟
خامسًا، إذا كان المراد بالحياة أنماط المعاش المترجمة في نظم حكم الدول لدى المجتمعات المدنية خاصة، ونظم التعليم، ونظم الاقتصاد والتجارة، وحدود الحقوق والحريات الفردية، وحدود الحقوق الفكرية والسياسية العامة بما درج عليه الناس وكذلك نفهمه، إذا كان المراد كذلك، فهل هي:
-1 الحقوق المؤسسة على المناهج المادية الإباحية المتفسخة المنحلة كما هي في دساتير الغرب التي مسخت مجتمعاتها، ثم غدت تمسخ مجتمعات العوالم الأخرى؟
-2 أم هي الحقوق المؤسسة على المنهاج الإلهي المفصل في التشريع الإسلامي الذي يُراعي بين ما تعارف عليه الناسُ وهو لا يتنافى مع مقاصد الشريعة الإسلامية لموافقته الفطرة التي تكون فيه حرية الإنسان في الحياة نسبية، لكونها تخضع لمقاصد التشريع الإسلامية أصالة، وليس لنزوات وشهوات الإنسان؟
هذه التساؤلات لا بد من الإجابة عليها من أجل خلق واقع وعي مشتركٍ يُمكننا من الاتفاق على فهم يكون أقرب إلى الحق والصواب، وبذلك فقط نتمكن من النهوض بمجتمعنا بالتزام أولوياته الضرورية بعيدًا عن التنظير الفلسفي الذي لا يخدمنا في حاضرنا ولا في مستقبلنا.
القراءة الخامسة، بمعرفة صانع الحدث، يُعرف الهدفُ من الحدث.
مقال الأستاذ فتحي من أوله إلى آخره كان عن سبب حرب حزب الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة ضد المسلمين خاصة، ولما كانت القراءات الأربعة لنصوص مقال الأستاذ فتحي بمنهاج الاستقراء التحليلي المؤسس على معانٍ فكريَّةٍ، وأهدافٍ سياسيةٍ، فالقراءة الخامسة تستنبطُ معانٍ أخرى باستقراء التعرف على حزب الجبهة الشعبية لمعرفة الأهداف التي يريد تحقيقها من صناعته لواقع أحداثها، وليس من أصل بُعد فكر كاتب المقال، فما هي القراءة المستنبطة إذًا.
قبل الدخول إلى ما أريد قوله، من الأفضل أن نشترك في فهمٍ عامٍّ لمعنى الاستنباط لغة واصطلاحًا، ففي اللغة العربية التي هي لغة ثقافتنا وأداة تحاورنا لعرض أفكارنا من خلالها، فمصدر كلمة استنباط هو: (النَّبَطُ)، أي الماء الذي يَنْبُطُ، أي يخرج من قعر بئر إذا ما حُفرَ، وطلب الماء النابط في قعر البئر من بعد استقراره فيه يقال له: (استنباط)، أي استخراج الماء المتجمع في البئر، كقولنا استغفار، أي طلب مغفرة من جهة ما عن خطأ ما، وكقولنا: استبيان، أي طلب بيان من جهة ما، تملك حق بيان فكرة ما أو قصد ما………………..الخ.
أما اصطلاحًا، فالمراد بكلمة: (استنباط) يعني في ميادين العلم والمعرفة، استخراج معانٍ ومقاصدَ أحكامٍ وأقضيةٍ عظيمةٍ في مسائل الحقوق، وكذلك معانٍ عظيمةٍ أيضًا في البعد الفكري والسياسي عند معالجة واقع شأن من شؤون الناس، كل ذلك ببذل جهد مقدرٍ في قراء مواد المسائل المعنية، وهو جهدٌ يشبه حفر بئر لاستخراج ماء منه من أجل ضرورة الحياة.
بهذا التمهيد أحسبني هيأتُ المُناخ لبيان ما أردتُ استنباطه بقراءة أصول فعال حزب الجبهة الشعبية، لا من مثل القول التالي للكاتب: “وعندما يشن النظام حربه على الشعـب فهو لا يشن حربا ديـنـية هـدفها تحـويل الشعب من معتقد إلى معتقد، أو يقوم بحملات صليبية بهدف تنصير كل ارتري مسلم…….”،
وسياق الاستنباط الذي أعني هو القراءة التالية:
أولا، لا بد من معرفة حقيقة حزب الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، وكيف ومتى نشأ، وما هي أهدافه؟
وهذا السؤال إجابة استقرائية بحثية لبيان مراد الأستاذ فتحي الذي جاء في نهاية حديثه حيث قال: “وترتيب الأولويات الغرض منه التوصيف السليم للنظام، وتحديد أسباب وأدوات الصراع ومنتهاه ومبتداه”، ولعل هذا القول هو الأفضل على الإطلاق لتوجيه القراءة الصحيحة بغرض بلوغ معرفة نظام حزب الجبهة الشعبية، فمن المعلوم بالضرورة أن لكل شيء أصله في الكون، فما هو أصل حزب الجبهة الشعبية الحاكم بما كان وبما هو متجلٍ به في واقع اليوم؟
إن الإجابة العلمية المؤسسة على الاستقراء التحليلي لحوادث التأريخ منذ نهاية الحرب الثانية التي أعقبها نشوء أحزاب سياسية قامت على أسسٍ مذهبية ثقافية إسلامية ونصرانية، وقد تجلت أبعاد تلك الأحزاب في مطالبها السياسية التي تمت معالجتها من قبل قوى الحزب النصراني بإجراءات عنف وتعسف ضد قوى الحزب الإسلامي بالاستقراء الموثق التالي:
-1 أصل حزب الجبهة الشعبية الحاكم من حزب: (إندنت) الذي كان أحد الأحزاب السياسية الدينية النصرانية التي نشأت في تلك الفترة بغرض تقرير المصير السياسي النهائي لإرتريا عقب الحرب العالمية الثانية، وقد برزت مطالب حزب إندنت، تارة بالعمل والقول الصريح لضم إرتريا إلى إثيوبيا، وأخرى بتقسيمها بين إثيوبيا والسودان، وثالثة بفصل أقاليم الجنوب الإرتري عن وطنه الأصلي، والشمال الإثيوبي عن وطنه الأصلي، كل ذلك من أجل إقامة كيان دولة تجراي تجرينيا بالتأسيس على ما بين تجراي إثيوبيا وتجرينيا إرتريا من اشتراك في اللغة والدين والمصالح والهم المشترك.
لقد أسسوا تجرينيا إرتريا مطالبهم تلك، بالاستناد على بعدهم الفكري القائم على أصل كرههم للإسلام والمسلمين من جهة، وخوفهم من الذوبان في بوتقة المسلمين الإرتريين بحجة كون المسلمين أكثر عددًا، وأفضل حالا بما لهم من أرض واسعة وثروات كثير ومتنوعة، وأنهم سكان البحر الأحمر، أي أن المسلمين هم من يتمتع بحظوة الاتصال بالعالم الخارجي، وهذا عدُّوه أمرًا مخيفًا سواء أعلنوه أم لم يعلنوه.
أما تجراي إثيوبيا فقد أسسوا مطلبهم تلك-وإن كانوا أقل حماسًا مقارنة بتجرينيا إرتريا-، على خلفية ما كان بينهم وبين طبقة الأمهر الذين ساموهم سوء العذاب، وجعلوهم أكثر تخلفًا وعوزًا وهم أصل أعظم إمبراطورية في القرن الإفريقي، حيث مملكة أكسوم الشهيرة، والملك العادل النجاشي الذي هاجر إليه صحابة رسول الله-صل الله عليه وسلم- فرارًا بدينهم من بطش وجبروت قومهم في مكة.
-2 وما إن فشلت هذه الطموحات بسبب إصرار المسلمين على إبقاء إرتريا موحدة بواقعها الجغرافي وموروثها الإثني من الاستعمار الأوربي كما هو مفصل في كتب التأريخ، ابتدعت دول الحلف التي انتصرت في الحرب الثانية مخطط الاتحاد الفيدرالي بين إرتريا وإثيوبيا، فتحول حزب إندنت إلى ممثلٍ شرعيٍّ لإثيوبيا في إرتريا نيابة عن كافة الإرتريين، فقام مقام إثيوبيا من خلال الإدارات المدنية والأمنية، لينال من المسلمين ما يناله عدو من عدوه.
-3 وما إن قررت إثيوبيا النكث عن اتفاق الفدرالية، تواطأت معهم بموجب تمثيلهم لها في وطنهم إرتريا، وبهذا أعلنت إثيوبيا ضم إرتريا إلى إليها، وأعلنت أن إرتريا أحد أهم أقاليمها بإسقاطها للعلم الإرتري، وبحلها للشرطة الإرترية، وبإقصائها الدستور الإرتري، وكل ما شارةٍ ومعلمٍ تُميِّز إرتريا كونها كيانًا مستقلاً ليس بينه وبين إثيوبيا إلا نصوص اتفاق الفيدرالية التي كان مقررا لها عقدًا واحدًا فقط، ثم ينظر بعد ذلك إلى ما تتوصلان إليه الدولتان من اتفاقات بينهما، وكان هدف إثيوبيا الوصول إلى البحر الأحمر، وليس رغبة أو حرصًا على النصارى الإرتريين البتة، بيد أن اعتنائها بهم كان في المقام الأول ثمنًا لهذا الغدر عالي السقف من أجل وصولها إلى البحر الأحمر.
-4 لقد رفض المسلمون الغدر، وعبروا عن ذلك بإعلان ثورة مسلحة ضد إثيوبيا من والاها، فما كان من إثيوبيا إلا أن قررت إبادة الشعب الإرتري وثورته، وكانت أهم وأقوى آلياتها العسكرية لإبادة شعب إرتريا وثورته، قوات الكوماندوز ومحاكم التفتيش الأمنية السرية التي كانت تأخذ المتهمين ليلا ونهارًا كما يفعل اليوم حزب الجبهة الشعبية، وأن تلك القوى كانت من نصارى إرتريا الذين تم تدريبهم على أيدي ضباط واستخبارات إسرائيل، وكانت مهمتها الاستثنائية سحق الشعب الإرتري بكل وسيلة في كل مكان من إرتريا.
وفي هذا من العدالة القـول، أن هذا الكلام لا يعني عدم وجود من شاركهم هذه الجرائم من المسلمين بصرف النظر عن تلك المشاركة ما إن كانت بأصالةً أو ابتداءً، كما لا يعني عدم وجود نصارى أحرار شرفاء من شارك المسلمين في هذه المفاخر، لكن كل هؤلاء كانت أعدادهم ضئيلة لا يعتد بها، وهو أمرٌ طبيعيٌّ يحصل في كل المجتمعات.
-5 في عام 1974 تغيرت قواعد الحرب الباردة في البحر الأحمر والجزيرة العربية والشام ضد مصالح أميركا وأمن إسرائيل، ذلك لما بلغ الإتحاد السوفيتي البحر الأحمر بعد تحول إثيوبيا من رعاية البيت الأبيض، إلى رعاية قبة الكرملين السوفيتي، حيث سعى السوفيت حثيثًا للتنسيق بين إثيوبيا الشيـوعية حديثًا، واليمين الجنوبي الأقدم شيـوعية، وكذا الصومال الأقدم شيـوعية أيضًا، فتحولـت الـولايات المتحـدة البرغماتية مع هذا التحول، إذ قررت التعامل مع الثورة الإرترية ممثلة في جبهة التحرير الإرترية وقوات التحرير الشعبية، لكونهما أخف ضررٍ من الشيوعيين الذين جلبوا الإتحاد السوفيتي إلى هذه المنطقة التي ظلت محرمة عليه، لاسيما أن هذين التنظيمين كانا يوصفان لدى دوائر الاستخبارات والأبحاث الغربية والعربية التابعة لها، على أنهما ذوي بعدٍ عربيٍّ إسلاميٍّ، عندئذ هرع أحفاد حزب إندنت إلى الثورة الإرترية لتهيئة أنفسهم من أجل أن يكونوا القوة التي لا يمكن تجازها إذا ما تحقق استقلال إرتريا على أرض الواقع بهذه التحولات المفاجئة.
-6 أَمَا وقد استقر لهم المقام في الثورة الإرترية بعد إذ تبددت آمالهم عن الاستئثار بإدارة إرتريا على أمل إقصاء المسلمين منها من خلف أكمة ومن تحت أجمة إثيوبيا، بدؤوا يُعيدُّون ترتيب واقعهم الجديد من أجل التأسيس لمستقبلهم في إرتريا، فأصدروا لذلك وثيقة تلبي حاجتهم في الإرشاد التنظيميِّ والتوعية السياسيَّة، وترتيب صفوفهم ضمن الثورة الإرترية، فكانت أهم أعمالهم: إصدارهم كتابًا بعنوان: (نحنان علامانان)، أي نحن وأهدافنا، وكان من المهم لإنفاذ أهدافهم تلك، ضرورة صناعة آلية أمنية وعسكرية وسياسية وتنظيمية واقتصادية متوائمة مع الواقع الثوري في الساحة النضالية، فكان تنظيم (الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا)، هذا وهم داخل تنظيم قوات التحرير الشعبية دون الإعلان عنه بدايةً، وكانت قيادتهم السرية ضمن مجموعة: (سلفي ناظنت)، وكان من أهم الأعمال التي قام بها هذا التنظيم السري داخل إرتريا وفي إثيوبيا وفي العالم، إدارة قواعد اللعبة السياسية التي نتجت ن هذا التحول.
-7 قلتُ قام تنظيم السري داخل إرتريا وفي إثيوبيا وفي العالم، بإدارة قواعد اللعبة السياسية التي نتجت عن ذاك التحول الذي جرت أحداثه عام 1974، فتغيرت بموجبه قواعد الحرب الباردة بين الكتلة الشرقية والكتلة الغربية في محيط البحر الأحمر من جزيرة العرب وحتى الشام ومضيق هرمز، هذا بالإضافة إلى القرن الإفريقي بما هو معلوم، ولأن أميركا كانت أقوى حضورًا في الأقاليم، فقد أوعزت إلى جامعة الدول العربية للتوسط بينها وبين تنظيمي جبهة التحرير الإرترية وقوات التحرير الشعبية من أجل منح إرتريا استقلالها الوطني وفق شروط لا تصعـب قراءتها.
-8 وجدت جامعة الدول العربية ضالتها من أجل استقلال إرتريا، فسعت بقوة وسرعة لخلق وحدة سياسية بيـن تـنظـيمي جبهة تحرير إرتريا، في هذه الفترة كان لقوات التحرير الشعبية قيادتين متنافرتين، وهما قيادة سياسية برئاسة عـثمان سبى -رحمه الله-، والأخرى عسكرية ميدانية برئاسة أسياس أفورق، في بادي الأمر وافقت القيادة العسكرية على الوحدة على نحو لا يتحمل المقام بعرض تفاصيله الدقيقة، وما إن بلغت المساعي مرحلة عقد مؤتمر الخرطوم في عام 1975 بغية تحقيق الوحدة بين التنظيمين برعاية جامعة الدول العربية، أعلنت القيادة العسكرية رفضها للوحدة، وقالت حول ذلك كلامًا كثيرًا لا يسعه المقام، وهكذا أفشل سلف ناظنت الوحدة لكي يُفوِّت الفرصة على الذين لم يحسموا خيار مستقبلهم لما لا يسعه المقام، وهكذا انتهت الجولة لصالح سلفي ناظنت، لكونه كان قد حسم خيار مستقبله.
9- في هذا الظرف تم اغتيال الأستاذ عثمان صالح سبى في مصر بينما كان يتلقى علاجًا قد برأ منه وبدأ يجري اتصالاته مع أجهزة تنظيمه، والمتهم الأول غي اغتياله هي، قيادة الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا بالتواطؤ مع بعض الأفراد المصريين وعلى رأسهم بطرس غالي؛ ذلك لأن تجاوزهم لسبى وهو حيٌّ وقادر على العمل كان غير ممكن، ولهذا تغييبه عن الحياة ضرورة سياسية وفكرية، وهكذا خلت لهم الساحة السياسية إذ لم يعُد يوجد فيها من يقوم مقامه ضدهم في ذاك الوقت ولا بعد حتى حينه بشهادة الواقع، لاسيما أنه كان صانع التنظيم نفسه، وأنه كان على رأس قيادته السياسية، وأنه كان هو المُتعرف به في الداخل والخارج، بما فيها دوائر الغرب ضمنًا.
10- في هذا الظرف أوعزت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا برئاسة أسياس أفورق إلى أيديها الخفية التي كان بعضها يشغل أهم المناصب القيادية في جبهة التحرير الإرترية للقضاء على بقية قوات التحرير الشعبية الإرترية، فطاردت جبهة التحرير الإرترية بجدارة بقايا قوات التحرير الشعبية حتى قضت عليها.
11- ما إن خلت الساحة الإرترية للجبهة الشعبية لتحرير إرتريا بقيادة أسياس أفورق عن أي منافس سياسيٍّ بعد اغتيالهم لخصمهم السياسي-عثمان سبى-، ولم يبقى أمامهم إلا خصم عسكريٍّ واحدٌ قوي المراس هو، جبهة التحرير الإرترية، وأنهما كانا على حلف وتواد في ظاهرين من خلال حزب العمل الشيوعي المتنفذ في جبهة التحرير الإرترية، وبهذا فالجبهة الشعبية أحالت جبهة التحرير الإرترية إلى تنظيم بلا قيادة فاعلة، فأصبح جيش جبهة التحرير الإرترية البطل على العهد، لكنه جيش قد خذلته قيادته، وهكذا تحكمت عليه الجبهة الشعبية من خلال وكلائها فيه، حتى ساقت ذلك الجيش العملاق الأبي من كل أنحاء إرتريا إلى موضعٍ في الحدود السودانية في عام 1981، ذلك بعد إذ تمت دراسة الحدث سلفًا مع جهات إقليمية ودولية، وبهذا التآمر الخطير، تم القضاء على تنظيم جبهة التحرير الإرترية العملاق الذي ما كان ليُقضى عليه هكذا، إلا بغدرٍ ومكرٍ محكمين من داخله.
12- في هذا الظرف العصيب شعر المسلمون بهزيمة نكراء، فانتفضوا جميعًا، وتداعوا من كل حدبٍ وصوبٍ، حتى خلصوا إلى إقامة تنظيم إسلامي جهاديٍّ مسلحٍ تم توحيده من كافة الجماعات باسم: (حركة الجهاد الإسلامي الإرتري) في عام 1989، وهنا قامت قيامة العالم الغربي وإسرائيل وبعض الأنظمة فزعًا من هذا الإعلان في محيط البحر الأحمر القريب من الشام حيث إسرائيل وأرض صراع الحضارات.
لقد كان الحدث بعد أن تعامل العالم مع تجربة الجهاد الإسلامي المسلح في أفغانستان التي التقى فيها المسلمون من كافة أنحاء الأرض، نصرة لدينهم، ومساعدة لإخوانهم الأفغانيين الذين غزاهم الإتحاد السوفيتي الملحد، ومن هناك علم العالم كيف أن بعض شباب المسلمين تركوا أهليهم، ورفاه المدنية رغبة في إحدى الحسنيين، هذا وهم يعلمون أن شعب أفغانستان عجميٌّ غليظ، وأن أرضهم أيضًا غليظة.
كل تلك اعتبارات لم تثنيهم عن الجهاد بالنفس والمال، فحققوا معاني الجهاد بهزيمتهم جحفل السوفيت، هذا بصرف النظر عما انتهى إليه عملهم على أرض الواقع بسبب الجهل، والمؤامرات التي تجلت في صراعات الجماعات، وهو ما لا تسعه طبيعة المادة.
-13 إذا كانت أحداث أفغانستان قد أفادت الجميع دروسًا عملية عظيمة عن معانى الجهاد، وهي بلاد معلومة بأن طبيعتها الجغرافية صعبة جدًا، وأن شعبها عجمي غليظ، وأن آلية التفاهم بين الوافدين إليها وبين أفراد شعبها غير ميسورة، وأن التكاليف المادية والمخطر الأمني حتى الصول إليها عالي السقف، ومع هذا فكل تلك المعوقات لم تمنع الراغبين في الجهاد من الوصول إليها، وإذا كان الراغبون في الجهاد حطموا كل تلك الصعاب والحواجز بقوة وعظيمة وإصرار الرجال حيث اختبرت معادنهم هنالك، فحققوا كل معاني الجهاد، فكيف بهؤلاء المجاهدين في إرتريا التي ليس فيها ولا واحدة من تلك العوائق لتقف أمامهم، خاصة المجاهدين العرب الذي تصدروا قائمة المجاهدين في العمل الجهادي في تلك الديار، وأبناء جزيرة العرب منهم خاصة، فإرتريا لا يفصلها عن الجزيرة العربية إلا سطح البحر الأحمر الذي يضيق أكثر كلما اتجهنا إلى جنوبه حيث مضيق باب المندب، لتصبح المساحة الفاصلة ما بين 29-28 ميل بحري، أي ليس أكثر من 60كلم على اليابسة؟
-14 إن الذين فزعوا من الإعلان عن حركة الجهاد في إرتريا، خططوا لمواجهة هذا الخطر في هذه المنطقة وهو ما زال في مهده، ذلك إثر تحذير رئيس أميركا الأسبق جيمي كارتر الذي قال علنًا وبصراحة: “إن الجهاد في إرتريا ليس كغيره” ومن أهم ما علمناه عن مخطط الفَزِعِين ضد حركة الجهاد الإسلامي في إرتريا، سواء بدليل أو قرينة أو استقـراء تحليلي، كان من محاور خمسة لمواجهة إعلان الجهاد وهو في مهده، وقد بينتُ بعضه في المجلد الأول من كتابي: (إرتريا والمأساة التأريخية)، وسكتُ عن بعضه لما كان كل ما يُعلمُ لا يُقالُ في كل الأحوال.
إن ما يهمنا بهذه القراءة هو: ما قام به حزب الجبهة الشعبية بالتنسيق والتواطؤ مع بعض القوى الإقليمية والدولية لإنجاز مهام وأد حركة الجهاد الإسلامي الإرتري، وخاصة السودان الذي واجهتُ بعض قياداته المدنية والعسكرية، فكنتُ أول من سمع الخيارات الثلاثة.
نعم، إن ما يهمنا بهذه القراءة هو: كيف حقق فعلاً تنظيم الجبهة الشعبية هدف وأد حركة الجهاد الإسلامي الإرتري في مهدها، وما إن ضمنت الجبهة الشعبية أمن جبهتها الغربية من جهة السودان حيث حركة الجهاد، وبعض التنظيمات الوطنية، وكانت قد ضمنت سلفًا جبهتها الجنوبية الإثيوبية، ليس فقط في الشأن العسكري، بل باتفاقات سرية بين التجراي تجرينيا عما ينبغي أن تؤول إليه علاقة البلدين من بعد استقلال إرتريا بهزيمة النظام الشيوعي في إثيوبيا، وهو ما جاء بعض بيانه في خطاب استقلال إرتريا الذي قرأه أسياس أفورق، وبهذا تفرغت الجبهة الشعبية لإجراء المحادثات التي عُرفت بـ: (محادثات أتلانتا)، وبناء على ذلك دخلت قوات الجبهة الشعبية عاصمة إرتريا-أسمرا- دون أدنى مقاومة بعد أن أجبرت القوة الصانعة للحدث رئيس جمهورية إثيوبيا وقائد جيشها الأعلى منجستو هايلى ماريام، على اللجوء إلى زمبابوي بترتيب متقنٍ سلفًا، وسحبت كبار ضباط الجيش الإثيوبي من جبهات القتال في إرتريا ليتبعثر الجيش الإثيوبي الذي كان يزيد عدده عن 250,000 جندي من القوة الجوية والبحرية والبرية، هذا وهو مجهز بأحدث العتاد العسكري السوفيتي.
أما قراءة ما قد قام به حزب الجبهة الشعبية من بعد دخوله إلى أسمرا عام 1991 وإعلانه عن نفسه كونه حكومة إرتريا المؤقتة، وما أجراه وما زال يجريه من تطبـيقات عملـية على أرض الواقع منذ ذاك، هو الذي أعمل لأصور حقائق أهدافه الثقافية والسياسية بقراءتها تحت عنوان: “بمعرفة صانع الحدث، يُعرف الهدفُ من الحدث.
إن ما أردتُ أن أخلُص إليه بهذه الدراسة البحثية التدقيقية التي بين أيدينا هو: بقدر معرفتنا لحقيقية صانع الحدث، نتمكن من معرفة الأهداف التي يُنزل أحداثها على أرض الواقع عمليًّا، وبهذا فإني أرجو أن أكون قد مهدتُ للباحث والمفكر، أرضية مناسبة لإثراء هذه الدراسة البحثية المتواضعة، وعلى من له وجهة نظر مخالفة، فيجب أن يكون قادرًا على تقديم قراءة صحيحة مؤسسة على منهاج علمي، وإلا فلسنا في حاجة إلى كلامٍ إنشائيٍّ قائمٍ على عواطف صبيانية مبتدئةٍ، بل علينا معرفة حقيقة صانع الحدث لمعرفة الهدف من الحدث، أي معرفة ما الذي يعتقده ويفكر فيه ويرجوه صانع الحدث، وهذا لا يتحقق فيما جاء في مقال الأستاذ فتحي التالي نصه: “وتقديم الحق الديني على حق الحياة والحرية هو الذي يؤدي خطأ إلى توصيف الصراع بأنه صراع طائفي”.
والواضح أنه أراد بكلمة (توصيف)، تحديد أهداف الصراع، فالعقل والمنطق هنا يقضيان بعدم إمكانية تحديد أهداف الصراع، ما لم نعرف سلفًا البعد الثقافي لطرفي الصراع الميداني، ذلك لأن خوض أي حالة من الصراع بين المجموعات البشرية، لا بد لها من أهدافٍ مؤسسةٌ على أصل بعدها الثقافي الذي ترجو تحقيقه على أرض الواقع، أما أن تحصل صراعات غير واضحة الأهداف، فهذا لا يقول به عاقل، ولكن من الممكن أن تخفى عنا الأهداف الحقيقية لأمد قصير، سواء كانت بين بعض فئات المجتمع الواحد كما هو حالنا، أو بين دولتين، أو بين مجموعات من دول متحالفة ضد طرف آخر مثلاً، وقد تكون سياسية قابلة للتصالح والتسوية ببعض تنازلات عملية، وقد تكون فكرية عقائدية يصعب التنازل عن أي قدرٍ منها بالتراضي، لا من قبل هؤلاء ولا من قبل أولئك، بصرف النظر عن نتيجة المعركة على أرض الواقع، وعن التدخل الدولي.
القراءة السادسة، عن البعد الفكري في مقال الأستاذ فتحي.
المادة التي قدمها إلينا أستاذنا الكريم فتحي، مادة سياسية تحمل أبعادًا فكرية صريحة ومقروءة يفهما كل من يحسن القراءة في الشؤون السياسية والفكرية، والأمر الجلي الذي لا يخفى أيضًا على هذا النصف القراء هو: أن الأستاذ فتحي حدد قطعًا فيما قاله طرفي النزاع الإرتري الجاري، والطرفان المعنيان بصريح كلامه والمقروء منه هما: الإسلام، أي الإسلام كله وليس مسألة من مسائل التشريع الإسلامي في شؤون العـقيدة أو العبادات والمعاملات في كافة ميادينها، سواء بين المسلمين، أو بين المسلمين وغيرهم من محاربين وغير محاربين؛ ذلك بقراءة صريح نصوص مقاله، وبقراءةٍ مستنبطةٍ متكاملةٍ مع صريح النصوص التي كونت جميعها بُعدَ الفكر الذي أراد تأكيده أو إبرازه أو تقريره أو تمكينه أو التمهيد له نيابة عن الحزب الحاكم من جهة، وأنه لم يأتي بجديد نجهله كون حزب الجبهة الشعبية يشن حربًا ضد شعبه من جهة أخرى، وأما الجديد الذي قدمه لنا فهو: تفسيره بأن حرب حزب الجبهة الشعبية ضد شعبه ليست حربًا دينية دون أن يقف على اعتداءات الحزب على خصائص دين الإسلام، وإن لم تكن دينية فما هو تفسيره لها، ببيان التوليفة كونها من أجل السلطة والمال.
وبعد أن قرر أن الحرب التي تشنها الجبهة الشعبية ضد شعبيها ليست حربًا دينية ضد الإسلام والمسلمين، وإذا ما فسرها المسلمون بأنها حربٌ دينيةٌ، وإذا ما قررها المسلمون أنها حربٌ دينيةٌ، وأن الهدف من الحرب الدينية هو إحدى الحسنيين هما: إما النصر أو الشهادة، وقال أن النصر يعني كسر شوكة العدو لإعلاء كلمة الله؛ وأن هذا يعني كسر شوكة أسياس وأتباعه وقسرهم على تحويل دينهم أو دفع الجزية صاغرين، فهذا يعني رفضًا لهذه الأهداف الدينية التي لو انتصر المسلمون سوف ينزلونها في ساحات أسياس وجماعته.
هنا في سياق متناقضٍ قرر الأستاذ فتحي مسائل خطيرة لا يخطئها الباحث المفكر، منها:
-1 أنه قرر بقوة ملحوظة تبرئة نظام حزب الجبهة الشعبية من تهمة كون الحرب التي يشنها ضد المسلمين ليست دينية، بينما هو ينال بقوم قاتلة من أخص خصائص المسلمين؟
-2 أنه قرر بقوة ملحوظة لو أن المسلمين هكذا فسروها بما يترتب عليها، فهذا تفسير خاطئ بما يترتب عليها من إجراءات خاطئة؟
-3 أنه بينما هكذا قرر، لم يأتي بتفسير علميٍّ لبيان هذه التوليفة العجيبة الغريبة بوصفه للحرب التي يشنها حزب الجبهة الشعبية ضد المسلمين حسب تحديده النهائي لطرفي الحرب، بأنها من أجل الاستيلاء على المال والسلطة، بينما الحرب التي مازال يجريها حزب الجبهة الشعبية ليست إلا ضد مدنيين عزل؟
-4 إنه بهذا التفسير يصور لنا طبيعة حرب حزب الشعبية ضد شعبه، وأكنها صراع وتنافس مدنيٌّ بين حزب العمال والمحافظين في بريطانيا، أو بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة مثلا.
بهذه القراءة أجدني لستُ متجنيّا أو مفتئتًا، فالإجابة على الأسئلة التالية هي محل الاختبار الحقيقي لمدى صحة الأفكار التي ذهب إليها الأستاذ فتحي، وأننا نتعلم من بعضنا، وكما يقول المثل في أهلنا: (العقل كينبوع العين) فالعين يأتي ماؤها شيئًا فشيئًا ببطء، لكنه يروي الظمآن ويملأ آنية السقاة.
وأما الأسئلة التي أعني فمنها:
-1 ما هي الفائدة التي حققناها من قراءتنا لذات مقال الأستاذ الفاضل فتحي؟
-2 ما هي الفائدة التي حققناها من قراءتنا لهذه الدراسة البحثية التي أجريتُها في مقال أستاذنا؟
-3 ما هو البعد الفكري الذي أراد أستاذنا تأكيده أو إبرازه أو تقريره أو تمكينه أو التمهيد له؟
-4 لماذا حصر أستاذنا الصراع الجاري بين الإسلام وحزب الجبهة الشعبية بصريح مقاله؟
-5 لماذا تعمد الأستاذ فتحي التأكيد على ما كان يتوهمه بعض النصارى بأن المسلمين إذا ما هزَمُوا أسياس وجماعته، فسوف يُجبرونهم إما على تحويل دينهم قسرًا، أو على دفع الجزية عن يدٍ وهم صاغرين، ليحرضهم ضد المسلمين فيضاعفوا قتلهم وتشريدهم للمسلمين؟
-6 ترى من المستفيد من هذا التحريض بين المكون الوطني الذي ما زلنا نسعى بصريح الكلام لأن نوجد له أفكارًا صالحة تنتج واقع التعايش السلمي؟
-7 لماذا تعمد الأستاذ فتحي هذا التحريض الخطير بعد أن سمع من المسلمين الذين حاورهم، كلامًا يتنافى هذا التحريض، إذ قال: “والإجابة التي حصلنا عليها من هؤلاء بأنهم غير معنيين بتحويل مذهب المهزوم أو أرغامه على دفع جزية عملا بقاعدة لا أكراه في الدين”؟
-8 ما الهدف إذًا من إضافة هذه القنابل المدمرة إلى بنية المكون الإثني الوطني الإرتري؟
-9 مَن المستفيد من هذا التحريض التدميري الذي ضد الوطن في حاضره ومستقبله؟
-10 أنَّى للأستاذ فتحي أن يُفتي عن أحكام الجهاد والقتال وهو يجهلها، بدلا من أن يُفتي عن مطالب التعايش السلمي الملح الذي أرسى قواعده رسول الله-صل الله عليه وسلم- في المدينة المنورة بين الإسلام وأهل الكتاب حال كونهم شركاء في الوطن كما جاء، وأن هذا الميدان ربما يُمكنه أن يُفتي فيه وينفع به أمته من جهة قوانين الأنظمة العالمية في هذا الباب؟
-11 أنى للأستاذ فتحي أن يتجرأ على فتاوى الأحكام السلطانية التي لا يقول بها إلا أهل اختصاص ضالعين في علوم السياسة الشرعية، ذلك لأن أحكام الجهاد ومنازلها ومراتبها وما يترتب عليها من عهود ومواثيق، وأحكام الأسرى، والفـدية، والعفو، والجزية، وما فيحكمها، لا يقوم بها إلا دولة الخلافة الإسلامية القائمة على أرض الواقع، المعروفة لدى الجميع باسمها وحدودها وشاراتها، وأن الخلافة الإسلامية في واقعنا المعاصر لا بد لها من:
أ- لا بد لها من تكون إحدى القوى العالمية المرغوبة والمرهوبة، ولن تكن كذلك ما لم:
ب- يمتد سلطانها على مساحات واسعة يدين لها فيها مثل المليار والنصف مسلم الذين هم في واقع اليوم.
ج- لا بد من أن يكون لها جيش عصري من أقوى جيوش العالم المهابة والمرغوبة بعددها وعتادها بين قواها الجوية والبحرية والبرية.
ب- لا بد من أن يكون لها سلاح نووي عابر للقارات، باعتباره هو السلاح الأعلى منزلة، والأخطر سلاحًا، فهو الذي به وحده تتحدد منزلتها بين قوى العالم المعاصر لها.
ت- لا بد من أن تكون من أقوى دول العالم في الصناعات العسكرية والمدنية.
ث- لا بد من أن تكون من أقوى دول العالم في باقتصاد معاصر.
ح- بهذا لا بد من أن يكون لها صوتٌ عالٍ للحد من هيمنة الروتشيلد على العالم، ومن ذلك:
خ- لا بد من أن يعاد ميثاق وأنظمة عمل هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها المتفرعة عنها.
د- لا بد من أن يعاد ميثاق وأنظمة عمل مجلس الأمن.
ذ- لا بد من أن يلغى حق الفيتو.
ر- لا بد من أن تعاد أنظمة وسياسات صندوق النقد الدولي وما في حكمه.
عندئذٍ فقط يكون الحق لمثل هذه الدولة أن تفرض الجزية على من تقهرهم بجهاد فتح بينما تتمتع بهذه المزايا التي تمنحها خصائص الرغبة عليها والرهبة منها، وليس مجموعة إسلامية إرترية تنصر على أسياس وجماعته كما عبر عنه الأستاذ فتحي؛ وبهذا أرجو أن تكون بانت القراءة المطلوبة، وبها أيضًا أرجو أن تكون بانت ما إن كانت هذه هي القراءة التي نحن في حاجة إليها، أم القراءة التحريضية التي قدمها لنا أستاذنا الفاضل فتحي عثمان، وما الذي ينتظره الشعب الإرتري من مثقفيه.
.
أحـداث الـتـأريـخ بـيـن الـحـيـدة عـنهـا وقـراءتها بمـقـاصـدهـا (2-5)
بقلم: أبو أسامة المعلم،
E.mail: asous.ert@gmail.com
القراءة الثانية، حول ما قاله الأستاذ عن خطأ توصيف الصراع في إرتريا.
نشر | يونيو 20 2015|
أحـداث الـتـأريـخ بـيـن الـحـيـدة عـنهـا وقـراءتها بمـقـاصـدهـا (1-5)
بقلم: أبو أسامة المعلم،
E.mail: asous.ert@gmail.com
الجزء الاول
تـمـهـيـد
بين أيدينا دراسـة بـحـثـيـة لأهداف حزب الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة بمنهاج الاستقراء التحليلي للوقائع والأحداث التي يتجلى جلها بالتطبيقات العملية كما ينزلها العاملون على أرض واقع الناس في كافة ميادين الحياة، وكما أن الاستقراء يعني دراسة وتحليل تتابع أزمان الوقائع والأحداث المتصلة ببعضها توافقًا أو تضادًا، كذلك يدرس ويحلل زمان […]
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34842
أحدث النعليقات