أذاك وجهك يا شهد
في كل مرة أجد فيها عدد من جريدة ارتريا الحديثة في منتصف وأواخر التسعينيات كنت أهرع الى الصفحة الأخيرة، لظل شجرة أحتمي به من صحراء وقحالة الجريدة نفسها والى رائحة وردة أهرب اليها من نتانة وتفاهة ما ينشر من مواضيع في الجريدة، جريد سميت بأنها رسمية – رسمية فعلا – فكل حرف فيها ممهور بختم السلطان.
تلك الشجرة وتلك الوردة الفواحة كانت عبارة مواضيع صغيرة لكاتبة تميزت بالاطلاع وبحسها الرفيع تحمل مواضيعا توقيع اسم “شهد جمال” داومت على قراءة تلك الصفحة حتى تلاشت تلك المواضيع وانقطعت وبعدت أنا ولم أقرأ الجريدة الا لماما قبل أن أنصرف كليا الى الانترننيت.
في الاسابيع التي مضت ونحن نتابع حادثة خطف الطائرة الليبية وتداعياتها لفت نظري اسم قريب من صاحبت المواضيع الشيقة عند استعراضي لأسماء الركاب. ورغم ان لاشك لدى في ان النظام طارد لكل ماهو جميل ومبدع وخلاق في هذا الوطن الا انني أشفقت على جميع النساء والأطفال الذين مروا بهذه التجربة المأساوية، خاصة وانهم قضوا بعض الوقت في سجون صاحب الكتاب الأخضر والجبة الخضراء والخيمة الخضرا أو كقول أحد الامهات عند سماعها لخبر الطائرة ” ربي ايلاعمروا رئيس كلم سحاب بلايوا”. وتستحضرني نكتة أخونا السوداني الطالب بالجماهيرية الليبية عندما قال محتجا “البلد دي ما فيها دقيق ولا شنو ” فكانت له اللجان بالمرصاد فأخذوا صاحبنا الى مخزن ملئ بالدقيق وفتحوا جوالا ودفنوا رأسه فيه وعند مرور الكابوس حمد صاحبنا الله ” الحمد الله ما قلت ما في شطة” ، فكيف بالله عليكم بنساء واطفال يوضعون في سجون هذه الضفادع الخضراء الأمازونية السامة. ورغم كل الذين خاضوا هذه التجربة لا تمايز بينهم الا انني كنت افكر فيما يترتب من اثار تجربة مثل هذه على شخص مثل صاحبة الحروف الرقيقة من اضطهاد نفسي وأدبي المترتب من جراء القمع اليومي من قبل النظام الأخضر ونظام القمبار الذي لا لون له ، خاصة هؤلاء الساديين والشواذ من أعضاء حزبه الذين تتفنوا في اصطياد الجماهير وخاصة النساء والصبايا بحجة الخدمة الوطنية أو خدمة العطلة الصفية.
كنت اتسآل هل شهد قطعت كل هذه المسافة بحثا عن الحرية التي كتبت عنها قائلة :
( قال الاستاذ/ مصطفى لطفي المنفلوطي في الجزء الأول من كتابه ” النظرات” عن الحرية. الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس، فمن عاش محروما منها عاش في ظلمة حالكة يتصل أولها بظلمة الرحم وآخرها بظلمة القبر ، فالحرية هذه الكلمة على قدر قلة حروفها، الا ان معناها يعني الحياة…. فالحرية هي حياة الانسان نفسه، ولولاها لكانت حياة الانسان أشبه بحياة اللعب المتحركة في أيدي الاطفال بحركة صناعية.
والحرية في تأريخ الانسان ليست حدثا جديدا أو طارئا غريبا وانما هي فطرته التي فطر عليها.. ولا يوجد شعب على وجه الكرة الارضية الا وناضل من أجلها بكل الوسائل من أجل أن يعيش حرا، ونرى حتى الحيوانات تسعى لكى تنال حريتها، فالطيور والحيوانت في حدائقها تصطدم بحواجز القفص الذي قيدنا به حريتها.
ولهذا فالحرية هي حاجة ضرورية لكل كائن حى، وهي مطلب اساسي لكل انسان.والمساواة في الانسانية امر لا خلاف عليه، فقد قهرنا ظلم الاستبداد والاستعمار والتيلط وعهد العبودية والرق…
يقول فاروق شوشة:-
أسأل يا دذلة السؤال
هل آن ان نعود للجرأة
لفطرة الانسان حين يؤمن الانسان
اسأل. من يجيب اذا سألت
وكلكم يعاقر الملال والهوان
هل تعرفون قيمة الانسان! كرامة الانسان ! حرية الانسان..
شهد جمال) …… ارتريا الحديثة 21/10/1995م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8011
أحدث النعليقات