أرتريا – وخطاب الرئيس – الخامس والعشرين

 

(1)

عادةً تكون خطابات الرؤساء مُتزنة تتناول مُطلوبات المرحلة وتحمل رؤيةً للغد وتُلامس حياة المواطنين فتحمل الخطابات مؤشرات حُلول لقضاياهم وإشكالاتهم وخُطوطاً عامة لعلاقات الدولة وتصالحاً مع المواطنين بالإفراج عن المُعتقلين السياسيين والعفو عنهم وإطلاقاً للحُريات والوُعود ببذل المُزيد من الجهد لرِفعة الوطن والتيسير على المواطنين، فحين تخلو خطابات الرئيس السنوى من أية تباشير جديدة يُصبح الخطاب خطاباً لاقيمة له أو أهمية فتفقدالخطابات بريقها ومكانتها والمنصب تقديره ووزنه وحين يتكرر هذا لربُع قرنٍ من الزمان فأنت عزيزى القارىء أمام حالة حُكم أرتريةٍ خالصة تحمل كل غرائب الزمان وعجائبه !

(2)

فى أرتريا يُخاطب الرئيس أسياس افورقى شعبه منذ خسمة وعشرون عاماً دون أن تتضمن خطاباته أى جديد حيث يتحدث فى أدق تفاصيل الحياة اليومية للمواطن كأنه يُخاطب أطفالاً له ! لدرجة أن المواطن أصبح لا يأبه بخطاباته المُتكررة المعروفة الصياغ والمُفردة والأسلوب وبمناسبة اليوبيل الفضى لإستقلال أرتريا توقع المواطنون إطلاق المعتقلين كبادرةٍ إنسانية وتحديد مُدة الخدمة الوطنية التى لا نهاية لها ! ولكن للأسف لم يأتى أفورقى بأى جديد يُذكر ولم يحمل خطابه أي مؤشرات إنفراج لأزمات البلاد المتعددة  فزاد من إحباط المواطنين أكثر.

(3)

بمرور ربُع قرن من إستقلال أرتريا لم يتغير ملامح الخطاب فشماعة أثيوبيا – والولايات المتحدة الأمريكية تلك الشماعة أضحت سِمة كل خطابات الرئيس وستظل وصارت هى الأسهل لتعليق العجز السياسى والإقتصادى الذى تشهده البلاد ، وتوقع المواطن تغييراً فى سياسات الدولة وقوانينها تُعيد للمواطنين بعضاً من حقوقهم المسلُوبة وتحفظُ بعضاً من مكتسباتهم المشروعة ! ودستوراً يضبط إيقاع الحياة السياسية فى أرتريا ويُنظم شؤون الدولة ويُحقق العدالة والمساواة فى المشاركة والتمثيل ولو وفقاً لهوى أفورقى ومزاجه لأنه من المستحيل جداً أن نتوقع تحولاً ديمقراطياً فى ظل أسياس أفورقى ولمزيد من التوضيح دعونا نُعرج فى إشارات على ملامح خطاب إسياس أفورقى :-

(أ)

مجد أسياس أفورقى بطولات الشعب الإرترى وثمن تضحياته ووقفته المُوحدة خلف ثورته حتى نال إستقلاله وتقديمه لخمسة وستون ألف شهيد فداءً فى سبيل نيل أرتريا إستقلالها، صحيحُ ما ذكره الرجل فى الخطاب ولكن بالمُقابل ما الذى قدمته الدولة للمواطن غير الإذلال والقهر والتضييق وهروب شبابه يومياً وتراجع الخدمات بصورةٍ مُريعة فى الدولة  .

(ب)

بذل النظام جُهداً كبيراً بالتركيز على إستقطاب الشباب الإرترى من الخارج بالترغيب لمشاركتهم إحتفالات البلاد بغرض الدعاية لنظامه والتغطية على الإستياء العام من المواطنين بالداخل والذى وصل لأعلى مستوياته العام الماضى بسبب هدم النظام للمنازل فى كل من مدينة عدى قيح ومندفرا وأسمرا  وغيرها من المدن وقتله للمواطنين المحتجين على هذه الإجراءات التعسفية هذا وقد تمثل الإستياء فى عُزوف سكان أسمرا عن المشاركة فى إحتفالات البلاد ورغم تلك المجهودات فالنظام أصبح ظهره مكشوفاً من السند الجماهيرى وعواره أصبح بائناً بسبب طيش سياساته وليس بمقدوره تحسين صورته إطلاقاً مهما حاول .

(ت)

عَرَّجَ إسياس أفورقى على تاريخ أرتريا والتعاقب الإستعمارى فيها فى مختلف الحقب التاريخية وذلك للتمويه والإلهاء فالشعب ينتظر من الخطابات الرسمية تغييراً فى أوضاع البلاد وظروفه وإطلاق البرامج التنموية والإستراتيجية ولكن أسياس افورقى يلقى محاضراته التاريخية بإستاذيته المعُهودة فى كل لقاء وإحتفال ولسان حال المواطنين يقول كفانا تضليلاً بخطاباتكم الخاوية الجوفاء .

(ث)

درج أفورقى فى معظم خطاباته على إدخال الولايات المتحدة  الأمريكية – ودولة أثيوبيا  بإعتبارهما السبب الأساس فى تخلف أرتريا وعدم تُطورها وتخلقان النزاعات الحدودية لأرتريا مع جيرانها وتضع الدولتان عقبات وعراقيل أمام نهضة أرتريا وإنطلاقتها وتقُدمها ! وحياكتهم للمؤامرات ضد أرتريا وشعبها وهو خطاب تضليلى صرف ومُحاولة للتغطية على فساد حُكمه وطيش إدارته للدولة وإنفراده بحكم أرتريا وهكذا يُخاطب أسياس أفورقى شعبه بما لا يقبله منطق ولايُصدقه عاقل.

(ج)

ذكر أسياس أفورقى بأن أرتريا تشهد تطوراً إيجابياً فى المجال الدبلوماسى والسياسى والإجتماعى وقد تم وضع برامج تنموية تمضى فى تناغم وإتساق فى الدولة وعلى النقيض من ذلك  تشهد أرتريا تراجعاً فى الخدمات ونقصاً فى الغذاء والدواء وضُعفاً فىى الأداء الإقتصادى وتكبيلاً لأى نشاط تجارى خاص وأصبحت أرتريا دولةً معزولة بكل المقاييس والتعاطى الدبلوماسى الذى نشهده فرضته الظروف والجغرافيا فالجميع يعلم بأن النظام فى أسمرا نظام لايُمكن الوُثوق به والرُكون إليه، عليه فإن نظام أفورقى يسعى للمزيد من تكريس الهيمنة وترسيخ حُكم الفرد فلا مناص أمام شعبنا إلا بتصعيد عملية النضال لتسريع رحيل أفورقى ونظامه القمعى وإقامة نظام ديمقراطى لينعم شعبنا بالحرية والعدالة والإستقرار الذى يستحق .

 

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

الحرية لمعتقلين الشرفاء

كل سنة والشعب الإرتري ووطنه بخير .

 

محمد رمضان

كاتب أرترى

Abuhusam55@yahoo.com

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=37242

نشرت بواسطة في يونيو 3 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010