أسمرا وأديس شروط الإنتقال من الصراع إلي التعايش
علي ضؤ مقالين لإثنين من أهم مُنظري الحضارة الغربية ، الأمريكي هنتنغتون والألماني هرالد موللر سنبحث المسألة بمشاركتكم ، الأول يركز علي فكرة حتمية الصراع عبر منظومة القيم الثقافية “الدينية تحديدا” بينما ينسج الثاني بحثه عبر الجغرافيا السياسية ومرتكزاتها الإقتصادية وما يترتب عليها من بني وأفكار .
المقاربة أعلاه تقودنا إلي تساؤلات عن تحول خيارات حكومتي أرتريا وأثيوبيا الحاليتين ، فهما بدأتا علاقتهما ” بعد الوصول إلي سدة حكم البلدين ” من خلال الإنفتاح علي متطلبات الإقتصاد فأقيمت مؤسسات مالية يدعمها نشاط دبلوماسي مكثف كتتويج للإعتماد المتبادل في عهد الثورة ، فما السبب الحقيقي الي أدي إلي الإنقلاب الكبير ومن ثم الحرب الطاحنة الغامضة والمدمرة .!؟
محاولة إستكناه الإجابة علي هدا السؤال تتطلب منا الجوع إلي الوراء قليلا وإلقاء نظرة سريعة علي نظامي الإمبراطور والدرق اللّذين كرسا سيطرة أمحرية وإرتكبا أبشع المجازر في أرتريا و وأوغادين ومناطق الأرومو إلا أن هذا لا يعني انهما قاما بذالك من منطلقات ثقافية دينية بدليل ما حدث في مرتفعات أرتريا وإقليم التجراي في وقت لاحق ، فالأمحرا لايرون في أكسوم إمتدادا وتاريخا عليهم الإعتداد به علي عكس التجراي الب>ين بدؤا ثورتهم بجبهة تحرير تجراي او التجرنيا اللذين إنحازوا إلي أثيوبيا بقيادة القس ديمطروس بدوافع دينية في الأساس بالتزامن مع الاب ولدآب ولد ماريام بدوافع ثقافية وعرقية قبل أن ينحاز إلي كتلة الإستقلال .
إذن تتركز حقيقة الصراع الأرتري الأثيوبي في أحقية تسجيل الهدف “إستعادة مجد أكسوم” هل يسجل لصالح التجرنيا ام التجراي؟ ولم يكن هناك من خيار سوي المبارزة كما حدث في الماضي بين أبرهه وأرطئا اللذين تصارعا في أحقية حكم اليمن وحسم الصراع بالمبارزة التي فاز فيها أبرهه من خلال الحيلة ، أما هذا الصراع فلم يحسم بعد!!!
وهذا يقودنا إلي ايماء منطقي عن تلكؤ أثيوبيا في ترسيم الحدود وفقا لقرار لجنة الأمم المتحدة 1640.
أثيوبيا تسعي للإطاحة بالحليف السابق بشرط أن لا يشكل البديل خطرا ً ثقافياً علي المجد الذي أستعيد وهو أمر يقف حائلاً بينها وبين دعم المعارضة الأرترية دعماً حقيقياً يمكنها من إسقاط النظام ، ربما هو نفس السبب الذي يمنع حزب الشعب الديمقراطي الأرتري من التجاوب مع نداءات الأرتريين لتوحيد جهود المعارضة علي علاتها،وصوغ الحجج الواهية للتنصل من مسؤليته التاريخية في عملية التغيير بإعتبار أبرز أعضائه كانوا جزءًا من مؤسسة الحكم ،هو دافع السيطرة الثقافية “الدينية تحديدا ” التي تجعل نظام أسمرا يتبني دون خجل سياسة الـ 99مقابل 1%. هو نفس مبرر وضع المتاريس والقنابل الموقوتة “قضايا الأرض” التي تطيء عليها المعارضة الأرترية غير مكترثة لخطورة إصطفاف الأهالي وإنحدارهم إلي متاهات أخري ، هي نفس المعارضة التي تلقفت دعوة الحكومة للتعدية الثقافية المرغوب فيها “للناس الطيبين”وأعني مسألة القوميات التي تجعل منا ببساطة أقليات تطالب بالديمقراطية!!!!!
قبل أن نبارح هذا المستنقع ، مستنقع الصراع والهيمنة يجب أن ننوه بأن قلة قليلة من النخب الناطقة بالتجرنيا هي التي تفكر بأسلوب قساوسة القرون الوسطي أما عامة الشعب فهو بريئ من هذه اللعبة ولذا يجب أن يعاد النظر إلي خرطهم في النضال من أجل إزالة النظام الأوتوقراطي الطائفي .
هذا بالتأكيد يتطلب دفع الثمن أولاً ، فالحكومة التي إستلمت الشعب برعماً طرياً منذ عشرون عاما حولته إلي كائن فاقد للقدرة علي تحديد خياراته، مجتمع متدثر بحساسياته الطائفية والجهوية والشوفينية في الخارج. مقرفصاً علي فقره وجهله وتناقضاته وأسفه علي نضاله في الداخل.
وإذا كان الأمريكي هنتنغتون يضع الخرائط ويفسر ويبرر الصراع ويغذيه بالأفكار وقفاً للمعتقد الديني فإن الألماني موللر يضع خريطة بديلة وسيناريو للتعايش من خلال طرحه للدولة التجارية التي صعدت بألمانيا واليابان رغم هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية ولكنهما إستطاعتا أن تبنيا قوي صناعية وتجارية قوية .
فبغياب أسياس وحزبه السري يمكن بناء دولة تختفي فيها سياسة تهديد الآخرين وتستبدل بنشاط إقتصادي ودبلوماسي ، دولة ينشأ فيها مستوي آخر من العلاقات من خلال الإنترنت والمنظمات الغير حكومية والصحافة الحرة التي من شأنها أن تبني جسورا من نوع خاص بين الدول والثقافات ، ومما لا شك فيه أن أثيوبيا الحالية في أمس الحاجة إلي أرتريا ديمقراطية تعتني بكيانها أكثر من إهتمامها بإسقاطات تأريخية يكبل بها البعض الحاضر والمستقبل .
في مقالنا القادم سنتناول مؤستنا الحزبية الجامده هذا إن لم تسبق مقالنا الثورة الشعبية الأرترية .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=11190
أحدث النعليقات