أصحيح؟(ليس هنالك مشكلة) في علاقة نظام اسياس بإثيوبيا؟؟.

علي عبد العليم

4/7/2011م

أجرت صحيفة الأهرام الالكترونية الأسبوعية في عددها للأسبوع الأخير من يونيو، حوارا باللغة الانجليزية مع الدكتاتور الارتري أسياس افورقي، طرحت عليه المحررة أسئلة تتعلق بالشأن الداخلي، وبالعلاقات مع دول الجوار..

وقد استرعى انتباهي وبشدة، رده على سؤال المحررة: (كيف هي علاقتكم مع الجارة إثيوبيا في الوقت الحاضر)؟!. حيث كان رده: (ليس هنالك مشكلة)؟!. ولم يزد حرفا واحدا!. فلا أشفى الغليل، ولا أزال الدهشة، بل أثار الكثير من علامات الاستفهام؟!.

نفترض أن (الرئيس) اسياس يحترم عقولنا، ويضع حساب للرأي العام في عصر الفضاءات المفتوحة، وثورة الاتصالات التي جعلت من العالم قرية صغيرة، نفترض ذلك وهو يعني بإجابته ما يقول، ويوصّف واقعا معاشا وليس مستقبلا مأمولا..

فهل فعلا (ليس هنالك أي مشكلة) مع إثيوبيا؟؟، وتم إنهاء الخصومة والقطيعة وحالة اللاحرب واللاسلم، واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية وتم تطبيع العلاقات، و ترسيم الحدود وإنفاذ قرارات التحكيم الدولي بشأنه، وتم تعويض المتضررين من السكان من الجانبين، وسمح بحرية التحرك لهم على الشريط الحدودي، وعادت إثيوبيا لاستخدام الموانئ البحرية الارترية بشروط ميسرة، وتسهيلات كبيرة، وتم الاتفاق على تخصيص نسبة من صادرات إثيوبيا لمقابلة الاحتياجات الداخلية لإرتريا، وعلى التعاون الاقتصادي الشامل بين البلدين، وهكذا طويت صفحة الحرب وتم تناسي كل تداعياتها وما خلفته من خراب ومآسي، وتم الاتفاق مجددا على كل نقاط الخلاف..

هل هذا هو واقع العلاقة مع إثيوبيا، فإذا كان ذلك كذلك، فالتوصيف له بأنه (ليس هنالك مشكلة) تعتريه صحيح، فهل فعلا (ليس هنالك مشكلة)؟ ؟.

إن الحوار مع (الأهرام) الالكترونية تضمن إجابات وإفادات فيها الكثير من المغالطات ومجانبة الحقيقة.. فكلها (مشكلة)!. لكننا سنفترض لدواعي التركيز على النقطة موضوع هذا المقال، أنه (ما في مشكلة)، فمثلا:

  • تنكره للوساطة القطرية في نزاعه مع جيبوتي، برغم أنف الوثائق.. ما مشكلة!.
  • سخريته من الديمقراطية والتعددية السياسية الحزبية، وولعه الانفراد بحكم ارتريا.. ما مشكلة..
  • تصويره للوضع الاقتصادي ومسار التنمية تصويرا أقرب ما يكون لاقتصاديات دول متقدمة .. ما مشكلة .
  • سخريته من الثورات الشعبية العربية ووصمها بالانفجارات، تقليلا من شأنها .. برضو ما مشكلة..
  • عنجهيته وحديثه في شئون الدول المجاورة بأبوية ووصاية .. ما مشكلة..
  • ·         وصفه لبرقيات (ويكيليكس) عن السفير الأمريكي في اسمرا  الذي يصنف الحكومة الإرترية بأنها ديكتاتورية؟. بمنتج الغباء والكراهية.. ما مشكلة..
  • ·         حديثه المضخم عن مؤامرة تستهدف زعزعة نظامه، ثم وصفه لها بالتافهة ولا تؤثر على استقراره وأمنه.. أيضا ما مشكلة.. 

المشكلة!.. المشكلة!.. أين المشكلة؟..

وعلى منوال الشاعر اسحق الحلنقي الذي يقول: (المشكلة ريدتك بقت هي المشكلة)!..  نقول: ( المشكلة اسياس بقى هو المشكلة) !.

كيف بالله عليكم يقول اسياس (ليس هنالك مشكلة) مع إثيوبيا!. وقد :-

  • خاض معها حربين ضروس خلّفت آلاف الشهداء واللاجئين والنازحين، والخراب والدمار.. وعرّض سيادة الوطن للانتقاص والخطر، ..
  • وقّع اتفاقية الجزائر للسلام لوقف الحرب مع إثيوبيا، بعد أن أشعل فتيلها، ورضي بالتحكيم الدولي بشأن الحدود المتنازع عليها، ولم يتم تنفيذ قرارات ترسيم الحدود، حتى اللحظة؟!.و يعيش البلدان حالة اللاحرب واللاسلم..
  • رفضت إثيوبيا قرارات التحكيم الدولي وترسيم الحدود قبل إجراء حوار جديد تقول هو ضروري لبحث كيفية التنفيذ على الأرض ومراعاة روابط سكان المنطقة، وتقول ارتريا إن طلب الحوار من إثيوبيا، هو محاولة للحصول على المزيد من المكاسب.. والوضع متأرجح بين الموقفين!..
  • دأب على التعبئة في شتى وسائل الإعلام ضد ما اسماه استهداف ( الوياني) لاستقلال ارتريا، ومواصلة حملات التجنيد الإجباري والتي لم تستثني حتى المسنين.. وحالة التعبئة والاستنفار الدائم التي وضع البلد فيها، حتى لا يلتقط أنفاسه ويلتفت إلى الإنتاج والتعمير، والمطالبة بالحريات والحقوق المختلفة..
  • ابتعث دوريا الفرق الغنائية إلى مهرجانات التسول بالخارج لجلب الدعم لمواجهة الأطماع المزعومة (للوياني)، وفرض ضريبة الدفاع على المغتربين بنسبة 2% من الدخل، وتعسف في جبايتها!.
  • استضاف معارضة إثيوبيا، وعمل على تدريبها وتسليحها ودفعها إلى العمق الإثيوبي للقيام بعمليات عسكرية.
  • درّب من قبل وسلّح المعارضة الصومالية، لمواجهة إثيوبيا في الساحة الصومالية، وفي تقاطع مع سياسة إثيوبيا، عرقل مساعي الحكومة الصومالية المؤقتة للسلام والمصالحة، وكذلك مساعي الحكومة الجيبوتية للمصالحة بين الفرقاء الصوماليين في مؤتمر (عرتا) الشهير،… حتى صدرت بحقه العقوبات الأممية: قرار رقم (1907).
  • هدّد ملس زيناوي رئيس وزراء إثيوبيا بتغيير النظام الارتري بالقوة العسكرية، واستدرك قائلا: عبر دعم المعارضة الارترية، ردا على دعم اسياس للمعارضة الإثيوبية المسلحة، في حين زادت إثيوبيا ميزانية الدفاع والجيش، وحملت الأنباء أنها اشترت (200) دبابة أوكرانية وطائرات بدون طيار لدعم آلتها العسكرية.. (موقع حزب الوفد نقلا عن صحيفة “ديلي مونيتور” الإثيوبية اليومية 11 يونيو2011م).
  • ·      كان آخر تصريح لمسئول إثيوبي، هو وزير الدولة للصناعة في إثيوبيا تاديس هايلي (للبيان) في حوار معه بتاريخ: 24/6/2011م : «إذا ما أطاح الشعب الاريتري بالقيادة وتشكلت حكومة ديمقراطية جديدة فإن إثيوبيا ستدعم الحكومة الجديدة». واصفاً النظام الإريتري الراهن بـ«الوحشي»، مشيرا إلى أن «رحيل القيادة الإريترية سيسهم في استقرار إفريقيا بشكل عام».

 

كل ذلك (وليس هنالك مشكلة)؟!. إذن أين تكمن المشكلة؟؟.

ألم أقل لكم: ( المشكلة أنه أسياس بقى هو المشكلة)!..

في اعتقادي هناك ثلاثة احتمالات وراء رد اسياس المقتضب حول العلاقة مع إثيوبيا بأن قال: (ليس هناك مشكلة):

الاحتمال الأول: أنه يحاول إخفاء نية مبيتة للقيام بعمل عسكري، يعدُّ له العدَّة مع المعارضة الإثيوبية، وحتى تكتمل الاستعدادات ويحين التوقيت المناسب، حاول صرف الأنظار بهذا الرد البعيد كل البعد عن توصيف الواقع.. وهو يحسب أنه رد دبلوماسي سيخفي نواياه!.!.

الاحتمال الثاني: أن هناك محادثات سرية بين الطرفين بوساطة طرف ثالث، سبق وأن عرضت النرويج التوسط، وفي الأذهان رد مليس زناوي على سؤال محرر صحيفة (الشرق) القطرية عن العلاقة مع قطر حيث قال نتطلع لعلاقة طيبة، واثني على جهود قطر الدبلوماسية في التوسط لحل بعض النزاعات في المنطقة،.. علاوة على التحركات الشعبية لرجال الدين المسيحي ومنظمات المجتمع المدني ومؤتمرات السلام التي موّلها ورعاها (باولوس ودي تبعتاي)، لترميم العلاقة بين الشعبين (الشقيقين)، ويندرج تحت تلك الجهود الضاغطة والدافعة، مواقف بعض القوى السياسية الارترية ذات الخلفية الثقافية والاثنية المشتركة، ..

إذن ربما هناك مفاوضات متكتم عليها، وتسير بخطى حثيثة لنهايات ترضي الطرفين، ولا يريد اسياس التشويش عليها، فاستخدم عبارة (ليس هنالك مشكلة) حتى لا يصد الوصول إلى اتفاق، ويتَّهم بإفشالها!.

الاحتمال الثالث: لم يكن الرئيس اسياس في كامل قواه العقلية، ربما عاودته نوبات الحمى الدماغية، أو ربما أفرط في الشراب الذي أصبح ملجأه مؤخرا هربا من المشاكل التي حاصرته من كل جانب.. أو ربما لم يستوعب السؤال جيدا ولست واثقا تماما من لغته الانجليزية والحوار كان بها..

 

ختاما: دعونا نرأف بالرجل ولا نتهمه في قواه العقلية، ونراهن على الاحتمالين الأوليين.. فأيهما مرشح للظهور هذا ما ستكشف عنه الأيام، ولنتجمل بالصبر، والله يحب الصابرين.

 

علي عبد العليم:alialawe2000@hotmail.com   

      

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=16117

نشرت بواسطة في يوليو 5 2011 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010