أضواء على زيارة قيادة الحركة الفيدرالية
ملبورن , فرجت 15-08-2005
نالت الجماهير الارترية في استراليا حظا وافرا من زيارات قيادات سياسية بارزة في معسكر المعارضة الارترية، في محاولة جادة من قبل هذه القيادات لتلمس نبض الجماهير الارترية في المهجر، وخلق قنوات تواصل معها وكسب ودها ودعمها. وكانت هذه هي الأهداف الرئيسية والخطوط العريضة لزيارة قيادة الحركة الفيدرالية الارترية. ورغم ان التكهنات التي سادت احاديث المدينة قبيل وصول الوفد الى مدينة ملبورن باستراليا، بأن الزيارة لن تختلف في مضمونها عن ما تلمسته الجماهير في زيارة قيادات سابقة من حيث نوعية المواضيع المطروحة كذالك الأسلوب والأداء. بالاضافة الى أحاديث عن مدى جدية قيادة الحركة وطروحاتها وساهم في هذه الحالة ما كان ينشر في المواقع الارترية على الشبكة الدولية من نقاشات حادة كان برنامج الحركة محورها.
الا ان كل الأراء السالبة تغيرت كثيرا بعد الاجتماع الأول والذي يعتبر ثاني اكبراجتماع جماهيري يعقد بالمدينة ،فأسلوب الطرح وأثارة المواضيع التي تمس الهم الارتري، وتفعيل الجماهير بصورة ايجابية ليس كمتلقي فقط ولكن كمشارك في الحوار وابداء الرأى المغاير واستحداث افكار مماثلة لطرح الحركة في المعنى العام وتخالفها في الشكل والطرح والموضوع . خاصة في الاجتماع الثاني والذي كان من المفترض ان يكون ورشة عمل تتناول عدة أوراق، ولكن لوصول أعداد جديدة لم تكن في الاجتماع الأول التي دفعها حديث الناس في المدينة عن الاجتماع السابق بالحضور، لهذا قرر القائمون على ورشة العمل ان يعطى الخيار للحضور لتحديد اتجاه الاجتماع، فقرر الحاضرون ان يخصص جزء من الزمن الى مواصلة الندوة السابقة بالاضافة الى عقد ورشة عمل مصغرة تختزل الأوراق التي اعدت لهذا الغرض، وصمد الحضور الى حين انتهلء جدول الأعمال والذي استمر الى خمسة ساعات وهذا نجاح في رأينا يحسب لجماهير الحركة وقيادتها.
برزت الحركة الفيدرالية على السطح السياسي الارتري ممثلة للنخب المثقفة – وهذا باعتراف قيادتها – وأغلبية طالها النظام بالاقصاء والتهميش والاعتداء المستمر على حقوقها الشرعية، لهذا نرى انها لابد وان تبذل الجهد الكبير للوصول الى العامة والى المواطن العادي. نعم الخطاب السياسي للحركة الفيدرالية خطاب حديث ومستحدث ، ويختلف اختلافا كبيرا عن الخطاب السياسي الارتري التقليدي والذي هو امتداد لخطاب التنظيمات الارترية في مرحلة التحرر الوطني. ولكن ليس كل جديد محبوب! فمنذ نشوء الحركة وهي تواجه معارضة شديدة من قبل ممثلي الخطاب السياسي القديم الذي مازال يستخدم أدواته القديمة في أحرازالتغيير السياسي المرغوب. والذي مازال يعتبر أن كل برنامج سياسي يحوي في طياته مسألة التقسيم الجغرافي هو ذريعة للفشل ولا يمكن ان تتقبله الجماهير ، لأن تجربة المناطق مازالت عالقة بعقلها الباطني. بينما جماعات ثقافية أخرى ترى ان الفيدرالية الجغرافية وقضايا المجموعات الأثنية “تابو” ممنوع الاقتراب منه وان فيدرالية تترتكز عليه لا محالة فاشلة ، وترى ضرورة التركيز على تشابه الأوجه الثقافية واللغوية في برنامج الحركة، نرى هذه المجموعات تتناول مشروع الحركة الفيدرالية وفي ذهنها مشروع ( سراج وشلته) والذي تبنته نخبة ثقافية أخرى في عهد الدرق بمطلب محدد وهو الحكم الذاتي لمناطق المنخفضات وعارضته الشعبية في حينها بشدة بل أصدرت أحكاما بالاعدام بحق من تبنوا هذا المشروع. منذ ذلك الحين أصبحت هذه المواضيع تابو يخاف الكثيرين الخوض فيه ومن فعل فهو خارج عن الاطار المألوف والروتيني وهو الخطاب السياسي القديم. فهل ما كان غير مألوفا في السابق نراه اليوم يمارس علنا، على سبيل المثال بروز طائفية النظام وشوفينيته بصورة كريهة، محاولاته لتجرنة المجتمع الارتري وشروعه في تغيير طبغرافية الأرض . بروز حركات سياسية ارترية بل ومسلحة برنامجها السياسي يحمل في طياته الوجه القومي والاقليمي والديني، مع التسليم بالفارق الشاسع بين برنامج الحركة الفيدرالية وهذه الحركات، لهذا نرى ان هذا التخوف العالق بالتفكير الجمعي الارتري من تناول قضايا التقسيم الجغرافي لا اساس له وان المساحة تتسع للآخرين ايضا. كل في سعيه من أجل تحقيق العدالة والديمقراطية للشعب الارتري.
فمهما يكن من أمر في رأينا ان الحركة الفيدرالية أصبحت حركة ذي ثقل سياسي لها وزنها في ساحة المعارضة الارترية، رغم كل الهجوم المركز عليها من كل الاتجاهات وبلا استثناء، ونرى في المرحلة القادمة أن تنزل الحركة الى القاعدة الجماهيرية ببرنامجها وخطابها السياسي الغيرمألوف كما فعلت في مدينة ملبورن ومحاولة مخاطبة هذه الجماهير بدلا من محاولة ارضاء النخب الثقافية الى درجة الدخول معها في جدل بيزنطي لا نهاية له والذي يخلق حالة من التشويش والتشكيك.
نثمن جهد الحركة الفيدرالية في التفاتها الى الجماهير واشراكها لها في مناقشة قضاياها الاساسية وايمانها بها كقوة فاعلة للتغيير، كما نشكر في الوفد الزائر صراحتهم وشجاعتهم في تسمية الاشياء بأسمائها الحقيقية وفي تناولهم للمواضيع التي يتناولها الآخرون خجلا أو همسا في مجالسهم الخاصة. كما نهنئ قيادة فرع الحركة في الاعداد والاخراج الجيد لهذه التظاهرة السياسية.
فرجت
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5729
أحدث النعليقات