ظل عدة آلاف من سجناء الرأي، وبينهم كثيرون احتُجزوا بسبب معتقداتهم الدينية، وآخرون احتُجزوا لأسباب سياسية، رهن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي بدون تهمة أو محاكمة لأجل غير مسمى، وبعضهم محتجز في أماكن سرية. وتعرض كثير من المعتقلين للتعذيب أو سوء المعاملة، وكان عدد كبير منهم محتجزاً داخل حاويات معدنية أو في زنازين تحت الأرض.
خلفية
لم تتخذ الحكومة أية خطوات لإقامة نظام ديمقراطي على أساس التعددية الحزبية حسبما يقضي دستور عام 1997 . وكان الحزب الحاكم، وهو “الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة”، هو الحزب الوحيد المسموح به، ولم يُسمح بأي نشاط معارض أو أي انتقاد للحكومة.
وكان ثلثا السكان يعتمدون على المعونات الغذائية من هيئات الإغاثة الدولية، ومن بينهم 70 ألف شخص يعيشون في مخيمات النازحين داخل الوطن منذ الحرب مع إثيوبيا، والتي دامت من عام 1998 إلى عام 2000، بالإضافة إلى لاجئين عادوا من السودان. وأوقفت كثير من الجهات المانحة برامج المساعدات من أجل التنمية بسبب تقاعس الحكومة في مجالات نشر الديمقراطية وضمان حقوق الإنسان.
ولم يُسمح للمدافعين عن حقوق الإنسان بممارسة أنشطتهم. وفي مايو/أيار، صدر قانون جديد يفرض قيوداً مشددة على المنظمات غير الحكومية، حيث لا يسمح لها بالعمل إلا في مشاريع الإغاثة وإعادة التأهيل من خلال الهياكل الحكومية. كما يلزم القانون المنظمات الدولية غير الحكومية بإيداع مبلغ مليوني دولار أمريكي في مصارف إريتريا، والمنظمات المحلية غير الحكومية بإيداع مبلغ مليون دولار أمريكي. ولم تتمكن أية منظمة محلية غير حكومية من التسجيل.
وما برحت الحكومة تدعم اثنتين من جماعات المعارضة المسلحة الإثيوبية التي تقاتل داخل إثيوبيا، وهما “جبهة تحرير أورومو” و”الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين”. وكان “التحالف الديمقراطي الإريتري”، وهو من جماعات المعارضة المسلحة ويتخذ من السودان مقراً له، يحظى بدعم إثيوبيا، ولكن لم يتضح ما إذا كان قد نفذ أنشطةً مسلحةً داخل إريتريا خلال عام 2005 .
مخاوف من اندلاع حرب جديدة مع إثيوبيا
دعا مجلس الأمن الدولي إثيوبيا إلى تنفيذ قرار “لجنة الحدود الإريترية الإثيوبية” بخصوص المناطق الحدودية، والذي يقضي بأن تؤول إلى إريتريا بلدة بادمي، التي كانت سبباً في اندلاع الحرب في عام 1998. ورفضت إثيوبيا الموافقة على ترسيم الحدود، ودعت بدلاً من ذلك إلى إجراء مفاوضات بشأن بعض القضايا. وطالبت إريتريا الأمم المتحدة باتخاذ إجراء ضد إثيوبيا لفرض القرار الخاص بالحدود.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، حظرت إريتريا الرحلات الجوية للطائرات المروحية الخاصة بالأمم المتحدة والرحلات الأخرى إلى نقاط المراقبة التابعة للأمم المتحدة، كما فرضت قيوداً أخرى على “بعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا”، وهي بعثة متعددة الجنسيات تتألف من 2800 فرد وتدير منطقة محايدة على طول الحدود. وكان البلدان قد أعادا تسليح قواتهما منذ عام 2000، وقاما بنشرها بالقرب من الحدود في أواخر عام 2005 . وهدد مجلس الأمن بفرض عقوبات على أي طرف يبدأ حرباً جديداً.
الاضطهاد الديني
استمر سريان الحظر الذي فُرض في عام 2002 على العقائد والأديان بخلاف الكنيسة الأرثوذكسية الإريترية والكنائس الكاثوليكية واللوثرية والإسلام. وصدرت أوامر للأقليات الدينية بتسجيل نفسها وتقديم بيانات عن أعضائها ومصادر تمويلها، ورفض كثير منها تنفيذ ذلك خشية التعرض لأعمال انتقامية. أما الجماعات التي تقدمت بطلبات للتسجيل فلم تتلق رداً وظلت محظورة.
وشنت الحكومة حملات على الكنائس الإنجيلية (البروتستانتية)، مثل كنيسة “كالي هيوت” (كلمة الحياة) و”مولو وينغل” (الإنجيل الكامل). وفيما لا يقل عن 23 واقعة خلال عام 2005، ألقت الشرطة القبض على أكثر من ألف من أتباع نحو 35 كنيسة، في مدينة أسمرة وغيرها، وذلك أثناء تعبدهم داخل منازلهم أو حضورهم حفلات عرس. واحتُجز هؤلاء بدون تهمة أو محاكمة، وتعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، ولم يكن يُفرج عنهم عادةً إلا إذا تعهدوا بالكف عن حضور التجمعات الدينية. وأُجبر آباء الأطفال الذين اعتُقلوا على التوقيع على تعهدات بأن يكف أطفالهم عن ممارسة طقوس العبادة.
وبحلول نهاية عام 2005، كان لا يزال رهن الاحتجاز ما لا يقل عن 26 قساً وكاهناً، وما يزيد عن 1750 من أتباع الكنائس، وبينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى عشرات المسلمين، وذلك بسبب معتقداتهم الدينية، وقد اعتُبروا في عداد سجناء الرأي. كما اعتُقل عدد من طائفة “شهود يهوه” والجماعات الجديدة داخل الكنيسة الأرثوذكسية الإريترية ومن المسلمين بسبب معتقداتهم الدينية. واستهدفت الشرطة كنائس الأقليات المسيحية وداهمت بيوتاً تُتخذ أماكن للعبادة، وألقت القبض على أعضاء الكنائس واعتدت عليهم بالضرب والتعذيب في مراكز اعتقال عسكرية في محاولة لحملهم على التخلي عن عقائدهم. كما كان المسلمون المشتبه في أن لهم صلات مع الجماعات الإسلامية المسلحة التي تتخذ من السودان مقراً لها هدفاً للاعتقال سراً.
* ففي يناير/كانون الثاني، اعتُقل القس أوغبامايكل هيمانونت، من كنيسة “كلمة الحياة”، في أسمرة. وقد عانى من انهيار عصبي في معسكر ساوا التابع للجيش، نظراً لاحتجازه في زنزانة انفرادية لفترة طويلة، ووطأة العمل الإجباري والحرمان من العلاج الطبي. وقد أُفرج عنه في أكتوبر/تشرين الأول.
* وفي يوليو/تموز، أُعيد إلقاء القبض على سمير زيد، وهو محاضر في الزراعة بجامعة أسمرة وكان قد اعتُقل لمدة شهر، في يناير/كانون الثاني بسبب تعبده في كنيسة “الرب الحي”. وقد احتُجز في سجن كارشيل الأمني، ثم نُقل إلى سجن سيمبل المدني لقضاء حكم صدر عليه سراً بالسجن عامين.
وفي أغسطس/آب، أفادت الأنباء أن الحكومة جردت البطريرك أنطونيوس، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الإريترية، من سلطاته وفرضت قيوداً على تحركاته، ويبدو أنه كان معارضاً لتدخل الحكومة في شؤون الكنيسة. إلا إن الحكومة نفت تجريده من سلطاته.
سجناء الرأي وغيرهم من المعتقلين السياسيين
لم يتوفر سوى قليل من التفاصيل عن سجناء الرأي الذين اعتُقلوا بسبب آرائهم السياسية. وفي مارس/آذار، اعتُقل في أسمرة ثلاثة من النقابيين، وهم تويلدي غبريميدن وميناسي أنديزيون وهابتوم ولد ما يكل، وكانوا لا يزالون رهن الاحتجاز بدون تهمة بحلول نهاية العام.
وعلى مدار عام 2005، ظل ألاف من سجناء الرأي الذين اعتُقلوا في السنوات السابقة رهن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وبعضهم محتجز في أماكن سرية. ولم يُقدم أي من السجناء السياسيين إلى المحاكمة.
وكان من سجناء الرأي 11 من الوزراء السابقين المحتجزين سراً منذ حملة القمع في سبتمبر/أيلول، والتي استهدفت المطالبين بإصلاحات ديمقراطية. وقد اتُهموا علناً بالخيانة العظمى، ولكن لم تُوجه لهم أية اتهامات رسمية، ومن بينهم اثنان من وزراء الخارجية السابقين وهما هايلي ولد تناسي وبطرس سولومون، والنائب السابق لرئيس الجمهورية محمود أحمد شريفو.
واحتُجزت عشرات من سجينات الرأي، ومن بينهن أستير فيسهاتسيون، العضوة السابقة في اللجنة المركزية في “الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة” والتي قُبض عليها في عام 2001، وأستير يوهانس، بطرس سولومون، والتي عادت من الولايات المتحدة طواعيةً في عام 2003 لتكون مع أطفالها، وقد اعتُقلت لدى وصولها في مطار أسمرة، بالرغم من تعهد حكومي سابق بضمان سلامتها.
ومن بين سجناء الرأي الآخرين زعماء سابقون في “جبهة التحرير الشعبية الإريترية” (وهي الحكومة الحالية)، مثل بيتودود أبراها، وهو ضابط سابق في الجيش برتبة لواء وظل معتقلاً بشكل متواصل تقريباً على مدى 13 عاماً ويعاني من مرض عقلي نتيجة لذلك، حسبما ورد؛ بالإضافة إلى موظفين حكوميين ومهنيين وحوالي 300 من طالبي اللجوء الذين أُعيدوا قسراً من مالطا في عام 2002 ومن ليبيا في عام 2003 .
وفي غضون عام 2005، أصدرت محكمة أمنية سرية أحكاماً غيابية بالسجن بشكل غير قانوني على عدد من سجناء الرأي. وقد حُرموا من الحق في تقديم دفاع قانوني أو استئناف الأحكام أمام محكمة أعلى.
التجنيد العسكري
ظلت الخدمة العسكرية إجبارية لجميع الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً، وإن كان الحد الأقصى لسن التجنيد بالنسبة للإناث قد خُفض إلى 27 عاماً. وحُرم المعترضون على الخدمة العسكرية بدافع الضمير من حق الاعتراض المعترف به دولياً.
* ففي غضون عام 2005، اعتُقل ستة من طائفة “شهود يهوه” لرفضهم تأدية الخدمة العسكرية، مما يزيد عدد المعتقلين إلى 22 شخصاً. ومن بين هؤلاء باولوس إياسو، ونيغدي تيكلي مريم، وإيزاك موغيس، وهم محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي في معسكر ساوا منذ عام 2004 .
وفر مئات الشبان إلى خارج البلاد لتجنب الخدمة العسكرية، كما فر كثير من المجندين من الخدمة العسكرية وسعوا إلى طلب اللجوء في الخارج. وفي يوليو/تموز ونوفمبر/تشرين الثاني، اعتُقل بعض أقارب الفارين من الخدمة العسكرية في منطقة دبوب في جنوب البلاد.
الصحفيون
أُطلق سراح اثنين من سجناء الرأي. ففي مطلع عام 2005، أُفرج عن سعدية أحمد، وهي مذيعة تليفزيونية في القناة الحكومية الناطقة باللغة العربية وقُبض عليها في عام 2002 . وفي منتصف العام، أُفرج عن أكليلو سولومون، وهو مذيع في المحطة الإذاعية الدولية “صوت أمريكا” وقُبض عليه في عام 2003.
وانتهى عام 2005 ولا يزال رهن الاحتجاز بدون تهمة أو محاكمة 10 صحفيين آخرين ممن قُبض عليهم في عام 2001 عندما أُغلقت جميع الصحف الخاصة، بالإضافة إلى اثنين آخرين قُبض عليهما في عام 2002 . وكانوا جميعهم محتجزين سراً بمعزل عن العالم الخارجي.
* وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أُطلق سراح داويت إيزاك، وهو مالك صحيفة “سيتيت” ورئيس تحريرها ويحمل الجنسية السويدية وقُبض عليه في عام 2001 . وقد أُفرج عنه لأيام قلائل لتلقي علاج طبي ثم أُعيد إلى السجن.
التعذيب والمعاملة السيئة
تعرض أشخاص اعتُقلوا بسبب آرائهم السياسية أو معتقداتهم الدينية للتعذيب أثناء احتجازهم في مراكز احتجاز عسكرية، حيث كانوا يتعرضون للضرب وتكبيل الأيدي والأرجل في أوضاع مؤلمة، ولاسيما بالأسلوب المعروف باسم “الطائرة المروحية”. كما كان المجندون يُعاقبون بنفس الطريقة.
وكثيراً ما كان السجناء لأسباب دينية أو سياسية يُحتجزون في ظروف قاسية دون أن تُوفر لهم رعاية طبية تُذكر، أو لا تُوفر على الإطلاق، ودون ما يكفي من الطعام والمرافق الصحية. واحتُجز بعضهم في زنازين تحت الأرض أو في حاويات معدنية.
المصدر: http://ara.amnesty.org/report2006/eri-summary-ara
أحدث النعليقات