أيام في قطر: كلمة لابد منها
بقلم/ كرار هيابو – الولايات المتحدة
Hiabu1_k@yahoo.com
تناولت الصحف القطرية ، وبعض الأقلام الارترية على مواقع الانترنيت ، أصداء مهرجان ارتريا الاول الذي عقد بدولة قطر في 23 يوليو الجاري ، حيث جرت فعالياته بالمركز القطري لأصدقاء البيئة ، ويعد المهرجان الاول من نوعه الذي تقيمه ارتريا في قطر على شاكلة المهرجانات الارترية الاخرى التي تقام في الخارج وهو ، بحسب كلمة السفير الارتري ، بداية لمهرجانات سنوية ستقام بدولة قطر
عرف الارتريون قطر كغيرها من مناطق الخليج منذ ايام الاحتلال البريطاني لها وقد قصدها الكثيرون منهم للعمل وما تزال بعض العائلات تعيش منذئذ في هذا البلد الصغير في حجمه ، الواسع في عطائه وكرمه ، وتتمتع الجاليات التي تعيش في قطر بهامش واسع من الحرية للتعبير عن نفسها من خلال تنظيم فعاليات ومهرجانات ترتبط ببعدها الثقافي أوالديني وتعكس من خلاله أنشطتها المختلفة ، وتشجع دولة قطر مثل هذه الانشطة من خلال تدريب الكوادر البشرية والمساهمة بتغطية نفقات الكثير منها ، ولا يتوقف الامر عند هذا بل تفسح الدولة قدرا كبيرا من المجال أمام المبدعين للتنافس على ارضها ، وحصد الجوائز القيمة ، نذكر على سبيل المثال استضافتها نجوم لعبة التنس العالميين قبل نحو اربعة أعوام ، ونجوم الملاكمة ، والعدائين الذين تفوق عليهم الاثيوبي /جبري سيلاسي ، ونجوم الفن العرب ، والأفارقة ومن بينهم فرق ارترية قدمت من اسمرا ، ومن هنا فان إقامة مهرجان ثقافي ارتري بدولة قطر لا يعد إنجازا للسفارة أو القائمين على الأمر ، وهذا ليس تقليلا من هؤلاء ، بل لأن الأمر لن يكلف سوى تقديم طلب للجهات القطرية يتضمن التفاصيل وسيجدون كل شئ جاهز ، حتى موضوع مشاركة الجماهير أمر مفروغ منه ، ويكفي إرسال بعض البصات السياحية الى عدد من المواقع التي يرتادها المقيمون من مختلف الجنسيات ، حينها سنجد أن موقع المهرجان قد إزدحم بالحضور وضاق بهم ، وهذه الحقائق تقودنا الى تأكيد حقيقة أخرى لا تقل أهمية ، وهي أن مستوى إقبال الارتريون على المهرجان من عدمه لا يغير في الأمر شئ ، طالما ان الدولة المضيفة قد تكفلت بأمر التكاليف ، لكن هذا لا يمنع من تشكيل لجان منظمة للمهرجان ، وإصدار تذاكر دخول ، وبيع مشروبات أو مأكولات ، فزيادة الخير خيرين كما يقال
لا أود التعليق على كلمات المسؤولين الارتريين في المهرجان بدءً من رجال الجالية وأسرة السفارة ومستشار الرئيس ، ولكن اريد أن اعرج على كلمات السفير السوداني وكذلك المسؤولين القطريين وغيرهم من المتحدثين الذين اثنوا على عروض المهرجان ، فالشعب السوداني يعرف أن نصف المجتمع الارتري وربما يزيد غائب أو مغيب عن المسرح السياسي الارتري وبالتالي فهو غائب عن جميع مسارح الحياة الارترية ، ولذلك فان تعليق السفير السوداني على الثقافة الارترية لم يكن موفقا ، ولا أعتقد أنه فات عليه تجزر الثقافة العربية في ارتريا وتوغلها منذ فجر الإسلام الى جانب بقية الثقافات الوطنية الأخرى ، ولكن ربما نظر الى الأمر في إطاره الضيق ، وبما تتيحه له ثورة التوجه الحضاري في بلده والتي يقودها مستشارو الرئيس الأرتري إسياس أفورقي ، أما بالنسبة للمسؤولين القطريين الذين علقوا على مشاهداتهم ، وحديثهم عن إحتواء الثقافة الارترية على العديد من العادات والتقاليد العربية ، فأرجو أن لا يؤخذ ذلك كنتيجة لإنفتاح النظام الأرتري على دول الخليج العربية ! بل هو قديم قدم الكيانات الارترية ذاتها
الجانب الآخر الذي يجب ذكره هاهنا هو دور المقيم الارتري في دولة قطر ، خاصة المثقف ، فعلى الرغم مما ذكرناه من تمتع الجاليات بقدر واسع من الفرص في جميع المجالات ، إلا ان الارتريين لم يوظفوا أنفسهم للإستفادة من هذه الفرص مثل غيرهم ، ولم يبادروا بتقديم أنفسهم للآخرين ، حتى الذين يطلون بين الفينة والفينة ، يُقَدَمون على انهم غير ارتريين ، وهي ظاهرة ربما أراد من خلالها البعض سد الطريق أمام تغلغل نشطاء (الجبهة الشعبية) ، وهذه معضلة أخرى تضاف الى إخفاقات قوى المعارضة الارترية التي لا زالت تتحسس معالم الطريق الى اسمرا ، وستظل كذلك الى أن يقبل الناس بعضهم على بعض ، يأطرون انفسهم في روابط إجتماعية او ثقافية او رياضية ، ولا بأس من ان يستفيدوا من التجارب السودانية ، فهي غنية في هذا المجال ، وعلى ذكر السودانيين فاني اختم هذه الكلمة بنقل فقرتين من مقال كتبته في أغسطس من العام 2005م يتعلق بذات الموضوع ، موضوع النشاط ، ونفس المركز ، مركز أصدقاء البيئة : ( قبل نحو عام (2004م) أو يزيد أقامت الرابطة الثقافية السودانية ندوة حول تراث البجا في مركز أصدقاء البيئة وهو مركز يفتح ابوابه امام الجاليات ، وكان المتحدث الرئيسي في الندوة المذكورة الفنان السوداني المعروف الاستاذ يحيى أدروب ، ولما كانت الدعوة عامة فقد يممت شطرها لأتفاجأ ان كثيرين من بين الحضور هم من (بجانا) لكنهم هاهنا ليسوا ضيوفا مثلي بقدر ما هم أهل دار ، وبقدر سعادتي لحضورهم لم أتردد في قبول دعوة راعي الندوة بأن أقدم مداخلة حرصت أن تكون بجاوية مائة بالمائة ، ثم غادرت المنصة وانا أتحسر على حال جاليتنا ، متخوفا من العودة لهذه المنصة مستقبلا للحديث عن تراث التيجرنية ، اذا ما سبقتنا اليه الرابطة الاثيوبية في ندوة مماثلة .
يقول العارفون ببعض جوانب اخفاقات الجالية (عندنا) أن من أسباب هذا الإخفاق عدم اكتراث الناس لأهمية وجود رابطة الجالية كتجمع فضلا عن السعي الحثيث لبعض الذين يعملون جاهدين من أجل إعاقة كل خطوة من شأنها قيام رابطة قوية ، فهم يرون ضرورة الا تكون هناك رابطة ، ناهيك من أن تكون قوية وفاعلة ، ويستنفرون لأجل هذا ، ويبذلون فيه كل ممكن ، ويبقى المبرر لهذه الظاهرة غير معروف للكثيرين
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39484
أحدث النعليقات