أين الحل .. ما بين فرانكفورت ونيروبي..؟؟!!
قمعت العصابة في ارتريا كل استنارة تبزق وأحلام تنسج لتحرير الانسان والبلاد من التردي الكبير والتراجع الملحوظ لقيمة الانسان أصبح هو السائد .ما استطعنا أن نخرج أسوار هذه الاحداث ولا التأقلم معها لنعيش برضا المجبر العاجز ، وما ركبنا جواد التحرير ولا تراضينا بأوجاعنا لمخرج من الازمات التي نعيشها فأصبحنا مزق مبعثرة وهوان سكن ديارنا وأفق مسدود نحاول في كرة مرة أن نستجمع القوة ونتطلع إلى غد أفضل .
الاسابيع الماضية كانت حبلى حراك سياسي وجولات وجلسات توقيع على بنود فرانكفورت ولقاء تشاوري في نيروبي حركت المشهد الساكن وجعلت الساحة أكثر تفاعلاً وانفعالاً مع ما يطرح من أفكار نختلف أو نتفق معها لكنها في المجمل عكست بجلاء حوجة الفرقاء إلى الجلوس والحوار المتواصل حتى يصل الفرقاء إلى الحد الأدني من التوافق الذي يفضي إلى سلام وحرية دائمة في المستقبل القريب.
المشهد الارتري المتردي ورهان سقوط النظام إرهاصات وأحلام التي تنسجها القوى السياسية على حسب الخيال الجامع والاحلام المشروعة ربما هي من ساقت الموقعين على وثيقة فرانكفورت التي ما زالت خبايا ميلاد الفكرة نفسها مجهولة والثابت أن جهة ما طلبت من المركز فكرة الندوة وصاغت بنود الحوار ومحدداته .
في ظني لا نتقدم خطوة لحلحلة القضايا المصيرية لوجود خلل في مسألة التعايش وهي من أعقد المشكلات التي ألقت بظلالها الكثيف على مجمل قضايانا في ارتريا والصراع منذ سنوات طويلة بؤرته الضاغطة هي مسالة التعايش بين مكونين مسلمين ومسيحين صراع فرض الارادة من طرف واحد ما خبا يوماً رغم تجاهلنا له وعدم تسليط الآضواء والمصارحة والشفافية لعقود.حتى ظن الشريك بأن الأمر كله له استباح البلاد وظلامات لا يمكن حصرها، وإدعاء بعضنا بسلامة المسير.. وما تقوم به العصابة بمنهجية لتدمير (الشريك) بكل هيجان الدفع إلى نهايته.. الذي سيؤدي إلى افراغ الجهود في إتجاه السلمية إلى المواجهة لا سمح الله كما أن بروزالتنظيمات (المطلبية) التي ترفع السلاح في وجه العصابة بحرقة الظلم الواقع عليها إلاّ صورة من صور الاحساس بالظلم ، هذه الخيارات المجتزئة أصبح صوتها يعلو ويعلو في مقابل القضايا الكلية التي تهم كل مواطن بدأ يخبو ويضمحل –للأسف – ويضعف الشعور القومي للارتريين لكن خطورة الوضع أن نجد من لا يستشعر بهذه الخطورة وما يمكن أن يواجهه الوطن من مصير محتوم بالتلاشي .. بعضهم يريد أن يستمر هذا الخلل وميلان العدالة والحقوق لصالح فئة دون فئة حتى تجزئت الخيارات وتنازعت الرؤى فأصبح الكل يلهث في سباق محموم لنيل الحقوق حصراً عليه واصبحنا بلا رؤية كلية تحل المشكلة من جذورها.
من يحاول أن يتخندق خلف قناعات تخدم مصالحه الآنية (ومكتسباته) وينسى أن هذا الوطن يعيش فيه غيره له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات. والعاقل من اتعظ بغيره ونحن اليوم شهود على أحداث جسيمة في المنطقة سببها محاولة الاقصاء وعدم التوافق في قضايا الوطن ومصالحه الاستراتيجية حتى يعيش هذا الشعب كما يتمنى لا كما يخطط له البعض.
جاء اتفاق فارنكفورت على خلفية موات المشهد في جانب المعارضة التي راوحت مكانها دون أن تتفق على الموضوعات الاساسية والمصيرية اتفاق يجمع كل الفرقاء ولا يستثني أحد تقف ضده بعض القوى لحسابات لا علاقة لها بالاستقرار ولا بالأحلام التي يتمناها الشعب في وطن يسع الجميع ، الذين ينادون منذ سنوات التوافق حول القضايا المصيرية حتى يكون على المحجة البيضاء حتى لا تستحوذ هموم التكويش والخداع في المرحلة القادمة كان ألأجدى الاتفاق فيها.
الفقرات التي تم التوقيع عليها في فرانكفورت ذهبت بعيداً في ترسيخ حالة الانقسام ومن حيث لا تدري مهدت الطريق لأن تكون العصابة حاضرة في روح النصوص وقد غازلتها بنود ترسم واقعاً جديدأ حينما تجاهلت بعضاً مما اتفق عليه في ميثاق المجلس الوطني الأخير 2011م. ما توصلت له قوى المعارضة في أواسا مجتمعة بكل أطيافها يٌعد اتفاقاً متقدماً جداً وشاملاً لكل القضايا على الأقل تراضت عليه هذه القوى، تحاول فرانكفورت الجديدة أن تبدأ من السفر في قضايا محسومة سلفاً ما السبب يا ترى..؟؟؟!!!
وليعلم الموقعين الموقرين أن اتفاق فرانكفورت يجب أن لا يمس بنوداً أساسية من ميثاق المجلس المجمع عليه – وإذا تم توقيع أي جهة على بنود جديدة يجب أن تعلن التزامها السابق وعدم نقضه تحت أي ذريعة اللهم إلا إذا أعلنوا رفضهم وتخليهم عن الميثاق الجامع،
بهذه الصفة الاتفاق الجديد جبّ ما قبله ولا أعتقد بأن الموقعون فاتهم هذا في زحمة المشاركة والحماسة على التوقيع تنفيذا لرغبة ملحّة (للقوى) الداعية بحسن ظن وطيب خاطر وربما تماهياً مع التيار الغالب الآن في المنطقة والبحث عن تموضع جديد يخدم تطلعات البعض.
بعض الذين حضروا أكد توقيعهم (نياتهم) التي ما أخفوها ونادوا لها منذ سنوات وهم رسل العصابة متخفين وراء شعارات واهية تقوم بجهد معلوم للحفاظ على كيان الشعبية الواهن بشتى الطرق وإذا عدنا لما تقوم به هذه المجاميع هو تبييض صفحاتها ومحاولة امتصاص غضب الجماهير من تصرفات العصابة وترسيخ مفهوم و إمكانية التعايش معها بل والتصالح معها والعمل مع من يؤمن بالحل السلمي وغيرها من الدعاية الكاذبة التي تحمي في مقدمتهم جرائم بعض هؤلاء الذين يتحملون مسؤولية الانتهاكات الجسيمة التي يعيشها الشعب الارتري.
والبند العاشر في الاتفاق ينص على ( دعوة القوة المرشحة للاصلاح ( بمعنى اخر من نعتقد فيهم الرغبة في الاصلاح داخل الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة للمشاركة في الحوار والانتقال السلمي.. نتساءل هنا : من له الرغبة لإخراج الوطن مما فيه..؟؟ غير صراع الافيال من قادة الجيش كل يستعد ليكون الأمبرطور القادم .. نزع بند اسقاط النظام بكل وسيلة خيرها وشرها وضع هذا البند لمسار السلم فرصة واحدة.إن ضاعت ضاع كل شيء..!
ثم إن حسم قضايا اساسية بمعزل عن القوى الآخرى في الساحة يجعل الاتفاق بلا سند يجعله صامداً في الساحة ، لمست في كثير ممن كتبوا في مواقع التواصل الاجتماعي استغرابهم بالخطوة واستهجان البعض لما تحمله هذه البنود.
هناك فئة تريد حلاً لأوضاعنا ولا نشكك في صدقها وبحثها الدائم للحل ولكن فئة أخرى تبيت امرًا بليل . وهي التي يجب الوقوف ضدها وكشف ألاعيبها القذرة.
ضمنت هذه (القوى )بأن مجموعة من أعضاء المجلس الوطني وبعض منظمات المجتمع المدني – كما تسمي نفسها – اتفقت على بنود من العسير أن تجمع عليها القوى الاخرى بما فيهم الاسلامين. هذا اختراق جديد كسبته إذا قُدر للاتفاق أن يستمر في ظل رفض كثيف للقوى غير المشاركة بطبيعة الحال وحتى الذين شاركوا بدأت بعض الانتقادات العلنية الرافضة لمحتوى الاتفاق وبنوده وأخرى بدأت تكتب وتنتقد غير بيانات ممهورة عن الاحزاب والقوى الاسلامية التي لخصت رفضها للاتفاق في أنها:
1- ترفض مبدأ الاقصاء المقصود أو غير المقصود
2- لا يمثل هذا الاتفاق إلا الموقعون عليه.والقوى الاسلامية في حل عنه.
3- ترفض مبدأ فصل الدين عن الدولة ، إذ لم تتفق عليه ابتداءً في ميثاق المجلس ولا مقرراته الملزمة للجميع.
بالنظرة الشاملة لموضوع الاتفاق نجد أنها لم توفق ليس لأن الاسلامين وبقية القوى غير ممثلة فيه لكنها تجاوزت على اتفاق ساري- على الأقل- حتى جلسات المؤتمرالمزمع عقده. وربما يكون هذا الاتفاق والتسويق له قصد منه أن يكون قبل المؤتمر حتى يجد مناصرين محتملين وجس نبض بقية القوى في الساحة.
والريبة التي تتلبس المشهد كله كانت هناك قضايا معلنة للنقاش قبل بدأ الورشة ليجد المشاركون شيئاً آخر كما قيل.
والناس في زحمة النقاش لمخرجات فرانكفورت جاء لقاء نيروبي الذي دعت له(مدرخ) هذه المرة وجهت الدعوة لكل القوى إلا من أبى.. رغم أن لقاء فرانكفورت لم تكن (مدرخ) بعيدة عنه سواء الدعوة والتخطيط للقاء أو الدفع لمخرجاته..! لكن أمراً مازلت ابحث له عن تفسير يريحني وهو أن (مدرخ)لما لا تبذل تلك الجهود في تقريب وجهات نظر القوى الوطنية داخل أروقة المجلس الوطنى الارتري؟؟ إذا كان هدفها هو لملمة شعث المعارضة بكل أطيافها، إلا يلبي المجلس تطلعات الجميع وقد صنع على عين القوى وبمحض إرادتها بحماس وتفاؤل كبيرين في أواسا..
السواد الأعظم من المشاركين في اللقائين (فرانكفورت ونيروبي) هم أعضاء المجلس الوطني ولم تأتي بجديد اغلب القضايا التي تناقشها قتلت بحثاً ونقاشاً في كل مداولات المجلس السابقة ، إذاً لما الأصرار لمحاولة اللعب بعيداً عن محراب المجلس..؟؟
هل جاء لقاء نيروبي على خلفية امتعاض قوى اساسية لم تتم دعوتها في فرانكفورت أم يأتي في إطار معرفة آخر التصورات لدى القوى السياسية ربما لتهيئة أجواء التغيير القادم التي يشتم بعضهم ريحها..!!
لماذا لم تقدم(مدرخ) بنود الاتفاق كما اوعزت في فرانكفورت و وقفت خلف الاتفاق وبنودها المثيرة.
الغريب اقتصر لقاء نيروبي على نقاشات وعرض اوراق من القوى المشاركة دون التوقيع على أي بنود كمخراجات له غير الاتفاق على عموميات ثلاث هي:
1- كيفية توحيد جهود المعارضة والعمل المشترك،عبر وضع برنامج حد أدنى
2- التسريع في تغيير النظام الحاكم في إرتريا،ووضع الآليات لذلك.
3-العملية الإنتقالية وكيفية إدارتها.
هل كان لقاء نيروبي أقل أهمية حتى تكون مخرجاته بهذا التواضع ولم تناقش القضايا الحساسة رغم شمولية ونوعية المشاركين..؟؟؟؟!!!!!!!
لن تنجح دعوات (مدرخ) الظاهرة والمستترة لحل قضايا الوطن وهي تتخندق خلف ستار الجبهة الشعبية ما نسيت (حبها الأول) وكل ما تفعله لـتعيش دورة حياة جديدة بعد إجراء مساحيق لامعة.
ولن ترضى عنها قوى المعارضة وشركاء الوطن طالما تمسكت ببرنامجها الجديد القديم. يجب أن تعترف بحق الشريك واصالة اللغة العربية ولن يفيد غمزها ولمزها واستهذائها المتكرر لكل ما هو مسلم ولكل ما يتعلق بحق الشريك في الوطن.
الامر المهم الذي نستخلصه من هذه اللقاءات والمشاورات:
1-مدرخ ليست جادة والاستفزازات التي سودت لقاء نيروبي خير مثال
2-المكاسب الآنية تستهوي بعد الفرقاء أكثر من الحلول الناجعة لمشكلات الوطن
3- ما عاد المجلس الوطني الارتري يشكل أي مرجعية لمدرخ وصويحباتها.
4-مدرخ تبحث عن إنشاء كيان سياسي جديد على أنقاض المجلس الوطني على مقاسها.
في ختام المقال نؤكد على حساسية مشاكلنا وحوجتنا التنادي المخلص يجعل قضايا الوطن ومستقبله أولوية قصوى ومحاولات البحث عن اتفاق شامل لكل القضايا المصيرية دون إقصاء لأي جهة هو العاصم من الوقوع في الزلل. مهم جداً أن تتماسك القوى الوطنية لحل المشكلات بالحوار لا الأملاءات وفرض الإرادة التي لا يمكن أن تأتي بالاستقرار سواء استمر الحال كما هو أو ذهبت العصابة إلى غير رجعة.
البحث عن التوافق في كل القضايا هو الذي الحل من الوقوع في أخطاء جسيمة ستقضي على البقية الباقية من الوطن.
أسال الله أن يعصمنا من الزلل وأن يكون خلاص البلاد قريباً.
بقلم/عبده يوسف أحمد
البريد الألكتروني/ayae1969@yahoo.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=36014
نشرت بواسطة فرجت
في ديسمبر 4 2015 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
مقال يلامس الواقع — جزاك الله خيرا
يوجد الحل في عدم الاقصاء والقبول بالثوابت وعلى رأسها اللغة العربية والارض بدون أي نقاش — ينبغي على كل مسلم يقبل بالحضور أي مؤتمر أو لقاءات تفاكارية أن يقدم هذا السأل: هل تؤمن هذه المجموعة التي تود الجلوس معها بأن اللغة العربية لغة رسمية لإرتريا والارض ملك لأهلها أم لا؟ إذا كان الرد بالرفض أو المراوغة يجب الخروج فورا من مثل هذه المؤتمرات أو اللقاءات — مشكلة اللغة والثقافة والارض بالنسبة للمسحيين محلولة ولكن مشكلتهم تبقى مع رأس النظام وحاشيته — لذلك كل من نتفاكر ونلتقي ونوقع معه يجب أن يعترف صراحتا لا لبس فيه بأنه يعترف بهذه الثوابت وطرحها للنقاش يعتبر خيانة للوطن بما تسببه من إنقسام بين أبناء الشعب الارتري — كل من ينكر هذا الحق يعتبر خائن للوطن وسوف يحاسب عليه في المستقبل أمام محاكم العدالة الانتقالية
مطالبنا ليست موائد للنقاش وكل من ينكر على الشعب الارتري المسلم هذا الحق علينا أن نحتفظ بما يكتبه ويقاله ذلك الشخص أو التنظيم لمقاضاتهم في الوقت المناسب — والمواقع الارترية عليها أن تتحمل مسؤوليتها وأن لاتنشر مقالات أو تعليقات تنكر الثوابت الوطنية التي ذكرت بأن إنكارها يعتبر خيانة وطنية