أين المعتقل: علي كرار (موظف السفارة الأمريكية)
يعتبر صاحب السيرة الذاتية التالية نموذجا للشاب المُجد في عمله، الطموح في مستقبله، مثلما كان أيام دراسته، حيث كان أحد موظفي السفارة الأمريكية في أسمرا، قبل انضمامه إلى قائمة معتقلي الضمير القابعين تحت الأرض، الذين تمارس بحقهم جرائم لا تكفلها أي شريعة في الدنيا ولا تقبل بها الفطرة الإنسانية السليمة، ناهيك أن تكون حكومة تتلاعب بمصائر البلاد والعباد.
فلم يشفع له المؤهل الأكاديمي الذي حصل عليه من جامعة أسمرا بدرجة البكالوريوس، حيث لم يكن ضمن المراقبين لكونهم تلقوا تعليمهم الجامعي في دولة عربية كما هي تصنيفات المنظومة الأمنية في إرتريا، ولم يشفع له أيضا تميزه كموظف في السفارة الأمريكية بجانب إجادته الفائقة للغات العربية والانجليزية والتجرينية، بجانب طيب الأخلاق وحسن المعشر الذي يصفه به جيرانه وزملائه وكل من تعامل معه.
إنه المعتقل: علي الامين علي كرار، من مواليد أسمرا ومن سكان حي أخريه بالعاصمة. قبل اعتقاله في صبيحة الحادي عشر من كتوبر 2001 في مطار أسمرا، كان يلاعب طفليه (الأمين وسعيد) ويسعى لإسعادهما وأمهما وأسرته الكبيرة، وذلك قبل أن يفقده الجميع (أسرته وأصدقائه وزملائه) بما في ذلك سفارة الدولة العظمى، التي لم تستطع تبني قضيته في ظل نظام اللا دولة واللا مؤسسات، فقد كان قبل اعتقاله أيضا مرشحا لجائزة أفضل موظف سفارة أمريكية عن أفريقيا، ليتم تكريمه فعلا ولكن بغيابه – أي بعد بضعة أشهر من اعتقاله للأسف الشديد.
فسفارة الدولة العظمى تفاجأت بخبر اعتقال أفضل موظفيها من المطار، ولم تحصل على أي معلومات مهمة بشأن حالته الصحية ووضعيته القانونية، سوى بعض التطمينات التي كانت تتوفر لديها وتمررها إلى أسرة المعتقل (علي كرار) وذلك خلال العام الأول من الاعتقال، وبعد العام 2003 كادت المعلومات تكون شحيحة إن لم تكن معدومة، حاله كحال الآلاف من أبناء الوطن الذين تم تغييبهم قسريا، لا لشي الا لأنهم لم يرقصوا على ألحان الدكتاتور ومشاريعه الطائفية، التي باتت تتجلى كل يوم في كثير من ممارسته الوحشية.
وما أيسر تلفيق التهم على أشخاص بسطاء ليتم تصويرهم على أنهم يتآمرون مع الخارج ويتجسسون على الدولة ومتورطون في دعم حركات متمردة، إلخ.. خصوصا إذا كانت الوظيفة – ولو مجرد وظيفة – داخل أسوار سفارة الدولة التي تُجاهر الحكومة الإرترية بعدائها وتسعى ما أمكنها ذلك لخطب ودها ورضاها سرا.
أما آخر تواتر الأخبار التي تصل إلى مسامع الأسرة المكلومة، فكانت أنه في سجن “عدي أبيتو” سيئ السمعة ما بين عام 2005 الي منتصف عام 2007، ومن هذا التاريخ – أي قرابة 10 سنوات لا توجد أي أخبار عنه، سواء كانت تتعلق بمكان اعتقاله أو التهمة الموجهة إليه، أو مدة محكوميته، وهذا لعمري هو حال جميع معتقلي الرأي والضمير في إرتريا الحزينة.
في الختام:
نعلم ان لدى معتقلينا أحلام بحجم الوطن وأشواق الأهل والرفاق ولكن سقف المعتقل الموحش، يحجب عنهم أشعة الشمس وضوء القمر، كما يحجب عنهم ضوء الاحلام ويبدلها بكوابيس الجلاد، يقتلهم بشوقهم للحرية والسير في طرقات الوطن دون قيود، يحرمهم من دفء الأصدقاء ويحطم بداخلهم كل الصور، إلا أن سنة الله في الارض باقية وسيهلك الطغاة لا محالة، وسيشع ضوء الحرية من جديد.
رسالتي للمعتقلين :والله إننا لم ننساكم ولن نتناساكم يوما .. نعلم مدي صلابتكم لتجاوز الإحن والمحن وبرغم تعاظم الأمور عليكم إلا أنكم أقوياء وأبناء شرفاء، وستتجاوزون هذه المحنة بإيمانكم وصبركم، وغدا نحن وأنتم سنبني وطننا أنتم تدفعون فواتير حريته الآن.
ورسالتي الأخرى لشركاء الوطن :أوجهها لقلوبٍ وعقولٍِ لم تغسل بعدُ بنار البغض والحقد، لكل إنسان صاحب فكرٍ حر وقلم حر ومبدأ حر لا تنسوا ما يعانيه إخوانكم من ويلات في سجون الدكتاتور، المجرم بحق الإنسانية والوطنية، فنحن وأنتم في نفس المركب ولن يتم خلاصنا من هذا الظلم إلا بوضع الأيدي الشريفة فوق بعضها، والسلام.
كتبه لحملة يوم المعتقل الإرتري- 2017
ماجد أشواك – ابن أخت المعتقل – المملكة المتحدة
تنسيقية يوم المعتقل الإرتري
المعتقلون الإرتريون ضَميرٌنا المٌغيّبْ
14 ابريل يوم المعتقل الإرتري
ســـــــــــيرة معتـــــقل
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=41458
أحدث النعليقات