أيها الإرتريون في كل مكان الأستاذ / أمير بابكر عبدالله يقول لكم لحظة من وقتكم الثمين

حكى لي أحدهم نقطة سياسية عن الرئيس الإرتري أسياس أفورقي تقول إن نظام الجبهة الشعبية (للديمقراطية والعدالة) وبعد أن غلبته الحيلة أمام أمواج الهروب الكبير والمتعاظم للمواطنين الإرتريين عبر الحدود للدول المجاورة  قرر أن يفتح أبواب الهجرة للجميع دون قيود وعندما أعلن النظام الحاكم ذلك إمتلأت إدارة الجوازات والهجرة الإرترية وأحتشد المواطنون في صفوف طويلة وقف في أخرها الرئيس الإرتري أسياس أفورقي وما أن حانت إلتفاتة من الشخص الذي يقف خلفه إليه حتى غادر الصف مسرعا وتكررت هذه العملية مع الجميع ليجد الرئيس نفسه أمام شباك مسئول الهجرة وحيدا وخلال فترة وجيزة ، فسأله الرئيس : لماذا أحجم هؤلاء عن المضي في إجراءات سفرهم ، فرد عليه المسئول : فخامتك إذا انت مهاجر من البلد ، لماذا يهاجر بقية المواطنين  إن قضية هروب المواطنين الإرتريين من بلدهم ( عسكريين ومدنيين ) تحتاج الى من أبناء إرتريا وقفة طويلة ، ولكن ما تحتاجه ( الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة ) ليس وقفة جادة وإنما فياغرا تساعدها على تدفق الدم في شرايينها السياسية وعقليتها الأمنية وإعادة قراءة لواقعها من مختلف الزوايا لتجاوز حالة العجز السياسي الذي يعتريها ، ولكن عليها أولا أن تمسك بالكتاب في وضعه الصحيح إن كانت لديها رغبة جادة في ذلك ، فالأعداد المهولة التي تمكنت من الهروب منذ إستلام الجبهة الشعبية للحكم ، تكاد تصل أو بالأحرى تجاوزت هجرة الإرتريين أثناء سيطرت إثيوبيا عليها وفي زمن قياسي وغير المواطنين بتلك الأعداد – نجد هروب من نوع أخر ، وهو هروب المسئولين في الدولة فما أن تسنح لأحدهم فرصة للخروج من إرتريا حتى يحمل أخف حقائبه ولا يعود ولكن أغربها وأشدها إبتكارا هو هروب بعض القيادات العسكرية الى إثيوبيا عن طريق عربات تخص بعض المنظمات الدولية المسموح لها بالحركة في منطقة الحزام الأمني بين الدولتين والذي فرضته إتفاقية الجزائر في العام 2000م يتم ذلك بإتفاق مع أحد السائقين الذي يحصل على مبلغ (معتبر) مقابل ذلك حتى سرت شائعة أن الحكومة الإرترية ستقوم بطرد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لأنها تستخدم طائراتها (الهيلكوبتر) في نقل وتهريب بعض العسكريين من ذوي الرتب الكبيرة الى خارج الحدود مستغلة مساحة الحركة التي تتمتع بها

هذه الحقيقة أكدتها الأيام الأولى لي في سجن ” أدر سار ” بعد ان كانت أقاويل نستمع إليها في مختلف منتديات أسمرا فمعظم المعتقلين لهم علاقة بالهروب أو محاولة تهريب مواطنين عبر الحدود ومعظم القادمين الجدد كذلك ، ولكل واحد مهم قصته ومحنته وأحيانا تجد مجموعة تتجاوز العشرة أشخاص أعتقلوا معا

ولكن قصة ( مالطا ) هي ماشدت إنتباهي اليوم لشدة نحسه ، ومالطا هذا – الذي لا أعرف له إسم غير هذا – إرتري على مشارف الستين من عمره ولكنه ذو بنيان  جسدي متين حتى تحسب أنه في الأربعين على الأكثر

فبعد يوم عمل شاق كسرت فيه مجموعة منا صخورا ضخمة وكان على البقية نقلها الى حيث يأمرها السجان

جلست أستمع إليه ومن حوله تحلق العديد من المعتقلين الذين لايملون قصته برغم كثرة ترديده لها

للسيد “مالطا” قصة فيها من الطرافة مثلما فيها كثير من التراجيديا ، فهو إرتري قح من سكان المرتفعات تربطه علاقات وثيقة بالسودان فقد عاش بعض من سنوات عمره في ربوعه وتنقل بين العديد من مدنه مثله والكثير من الإرتريين الذين هربوا لجوءا الى السودان إبان سيطرت الحكام الإثيوبين على إرتريا وعمل السيد “مالطا” في مهن مختلفة ويقول إنه كان سعيدا بعمله هناك لدرجة أن تزوج وأنجب ويعيش أبناؤه في الخرطوم حتى لحظة معرفتي به هنا في سجن “أدر سار”

عاد كما الكثير من المواطنين الإرتريين – الذين تشردوا وقتها في بلاد العالم – عقب إعلان إستقلال إرتريا في مطلع التسعينيات من القرن الماضي يحدوه أمل كبير في الإستقرار في وطنه وتملأ دواخله نشوة عظيمة بعد تحقيق الأمل الذي سعى له جميع أبناء جلدته لأكثر من ثلاثين عاما وقدموا في سبيله ما قدموا من تضحيات ودماء ، وشرع السيد “مالطا” في البحث عن عمل يثبت من خلاله حبه لبلاده فبالإضافة للقمة العيش كان مشغولا بهواجس وطنه لا يألو جهدا في المساهمة من أجل البناء والتنمية ولكنه بدا بعد مرور السنوات الأولى – كما يقول – يشعر بأن الأمور لا تختلف كثيرا عن فترة الإستعمار الإثيوبي ، فالضغط عليه زائد كل صباح والدولة لاتشجع على العمل بضرائبها وإتاواتها الباهظة وهو لايجد ما يدفعه ينعكس عليه فالخدمات تتردى كل يوم والأسعار في إرتفاع متواصل ” كنت أفكر في إحضار أولادي لمواصلة تعليمهم هنا ، ولكنها مشكلة إن حضروا فلا أفاق أمامهم ، سينهون على الأكثر المرحلة الثانوية وبعدها سيقتادونهم الى ( أقلقلوت ) والأقلقلوت هو الخدمة العسكرية الإلزامية

وبدا بريق الإنتصارات  الثورية ما قبل الإستقلال يخبو قليلا قليلا داخل نفسه بمضي السنوات مثله مثل الأخرين بعد إصطدامه بالواقع ، وقرر السيد “مالطا” الذهاب للسودان ليفاجأ بأنه لايستطيع ذلك بالطرق (الرسمية) لتبدأ رحلة الهروب مرة أخرى ، قرر السيد “مالطا” الذهاب الى مدينة “تسني” الحدودية ومن ثم البحث عن طريقة يجتاز بها الحدود والوصول الى الخرطوم ، حيث أولاده وينجح بعد فترة وجيزة في تحقيق ذلك ليصل الى الخرطوم دون عقبات تذكر ليقضي أشهر عديدة بينهم ولكن تراوده رغبة الهجرة الى إيطاليا- وإيطاليا بالنسبة للإرتريين أول محطة يفكرون فيها عندما يقررون الهجرة فهي قريبة الى نفوسهم وتكاد ملامحها تكسو كثير من مظاهر الحياة ، بل وتتجاوز ذلك الى مرحلة اللغة حيث تسللت الى لغة ” التغرنيا ” التي يتحدثها سكان المرتفعات ، الكثير من من مفردات اللغة الإيطالية ، ومعروف أن إرتريا كانت إحدى المستعمرات الإيطالية لفترة طويلة الى نهايات الحرب العالمية الثانية وهزيمة دول المحور الذي كانت إيطاليا تشكل داخله ضلعا أساسيا إضافة الى لألمانيا واليابان ، ليعاد توزيع العالم ومستعمراته من جديد وفقا لرؤية الحلفاء ، لتصبح إرتريا تحت الوصاية البريطانية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ومن المناسب هنا ذكر أن قوات دفاع السودان كان لها القدح المعلى في معارك بريطانيا ضد القوات الإيطالية في إرتريا

ويوفر السيد “مالطا” مبلغا يمكنه من تغطية تكاليف رحلته عبر الصحراء الكبرى الى العاصمة الليبية طرابلس ، الطريق الذي إكتشفه الإرتريون – الذين لجأوا للسودان – للوصول الى تحقيق أحلامهم في إيطاليا ، وبعد معاناة شديدة وفق في بلوغ ليبيا ليبدأ العمل هناك أشهر حتى يوفر مايغطي له تكاليف رحلته حتى إيطاليا تبحر السفينة التي إستغلها السيد “مالطا” من الموانئ الليبية سرا ضمن فوج من المهاجرين الإرتريين وغيرهم وتمخر عباب البحر المتوسط ولكن عاصفة هوجاء تضطرها الى اللجوء الى الموانئ المالطية حيث تكتشفهم السلطات المالطية وتقوم بإحتجازهم جميعا بمن فيهم طاقم السفينة

تقرر السلطات المالطية ترحيل السيد “مالطا” وآخرين – خلال ثلاثة أيام – الى بلادهم (إرتريا) وتتلقفه أفواه المخابرات الإرترية المفتوحة وترمي به في سجن “تراكبي” بأسمرا ليقضي فيه بضعة أسابيع ، وتنقله منه الى سجن “نخرة” الواقع في إحدى الجزر على شاطئ البحر الأحمر الذي قضى فيه ستة أشهر من الآلام والتعذيب حتى تم ترحيله الى غرب إرتريا قبل أكثر من ثمانية أشهر ليقيم في سجن ” أدر سار” ويعاني مثله والآخرين من من إعتقال مع الأشغال الشاقة ليناديه السجناء والسجانين بإسم “مالطا” والسيد “مالطا” لايعرف إن كانت السلطات قد حكمت عليه ، ولكنه كغيره ممن تقول لهم إن محاكمتهم قد تمت من قبل جهاز المخابرات ، دون أن يقفوا أمام محكمة تدينهم او يتمكنوا من الإستنجاد بجهة لتدافع عنهم

يعتبر السيد “مالطا” سجن “أدرسار” نزهة ، رغم ثقلها ولكنها لاتضاهي سجن “نخرة”

بنى الإيطاليون سجن نخرة في إحدى الجزر الصغيرة في أرخبيل على البحر الأحمر إبان فترة إستعمارهم لإرتريا ، التي كانوا يعتبرونها إحدى الأقاليم الإثيوبية وقتها وكان يعتبر منفى للذين يناهضون الوجود الإيطالي وموقع لممارسة الضغط والتعذيب بعيدا عن أية أنظار ، وجدته المخابرات الإرترية مناسبا لها لتمارس فيه ذات الغرض الذي بنى من أجله

وأهم ميزتين يتمتع بهما سجن “نخرة” عن غيره من سجون المخابرات الإرترية ،
 أولاهما: الرطوبة العالية والحرارة الشديدة خلال أشهر الصيف ، ومعروفة طبيعة طقس شواطئ البحر في هذا الفصل من السنة ،

 أما الثانية : فهي الإستاكوزا هي من القشريات البحرية وهي من فصيلة السرطان والكابوريا ، وعادة ما تخرج الى الشواطئ الصخرية عندما يحل الليل وتكثر في الليالي المقمرة ، وهي تطلق أصواتا أشبه ببكاء الأطفال مما يثير الإضطراب في نفوس السجناء والمعتقلين

معظم سكان إرتريا يجهلون البحر وطبيعة كائناته ، حتى أن علاقاتهم بالوجبات البحرية وعلى رأسها الأسماك بدات متأخرة جدا ، لذلك عانى السجناء – ولازالوا – من هذا البكاء الذي يشق الصدور ويدفع الى اليأس ، بل قاد بعضهم الى الإنتحار أو محاولنه ، إنهم يجهلون تماما مصدر تلك الأصوات المليئة بالطفولة وهي تكاد تصم آذانهم ، لأنهم لا يخرجون ليلا من زنازينهم أو عنابرهم ، هذا ما ذكره لي السيد “مالطا” واكده لي رفيق رحلتي من سجن “تراكبي” الى سجن “أدر سار” يوناس الذي يعمل كجندي في القوات الإرترية وأعتقلته المخابرات لعدة أشهر في سجن “نخرة” قبل أن يتم ترحيله الى “تراكبي” ومن ثم الرحلة المعروفة التي رافقته – ضمن الآخرين – فيها،

 

الغولاغ الإرتري
 أمير بابكر عبدالله

ذكريات يوم ( 5 إبريل 2004م )

 

 

أما أنا في أثناء قرأتي لهذا الكتيب (الغولاغ الإرتري) وذكريات الأستاذ(أمير) المريرة والتي مر بها على مدار شهر واحد فقط  طرحت على نفسي سؤال ماذا لو كنت قد مررت بمثل هذه التجربة البشعة المكتنزة بالقبح وبالقسوة والطافحة بالغل واللآ أدمية هذه التي يمارسها أفورقي وزبانيته في بشر خلقهم الله كراما ؟!! ، وقلت أف له من تساؤل سطحي إفتراضي بينما تملكني شعور تضاءلت على إثره في نفسي الى أقل من إنسان عندما تذكرت حال أولئك المخفيين في غياهب سجون إرتريا ، من الأبرياء ، نعم لا أحد يصغي  لصراخ وأنين أولئك الذين بقوا في معتقلات أسياس الطاغية الأقسى والأظلم من( الظلم والظلام )على الإطلاق في تاريخ إرتريا

 بقوا يئنون لمدد طويلة تجاوز عمر بعضها العشرون عاما ، ولا أحد منا يكترث لحالهم ، وفي أي السجون يقبعون ؟!! وكيف ينظرون إلينا عندما يسمعون تلك الأصوات التي ذكرها ” أمير” أصوات الإستاكوزا في سجون “نخرة ” وعندما تغلي الأرض من تحتهم بالحرارة والرطوبة ؟!! ولا واحد من قرابة الخمس مليون إرتري الذين هم سكان إرتريا الحزينة الذي يأبى الحزن مفارقتها حتى اللحظة يستشعر حالهم ووضعهم ،

 كانت هذه الأسئلة وغيرها تطاردني وأنا أكتب هذا الكلام فأما أنتم (فكل واحد حر في نفسه)

كانت تلك الأسئلة تحاصرني عن أيماني وشمائلي ومن فوقي ومن تحتي ومن أمامي ومن خلفي تشرنقني تكبلني وتقول لي  نعم لا مهرب لك أيها الأناني؟!! منذ متى وجدناك يا أيها المتولي يوم الزحف ؟!! يا أيها الذي يجبن عن قولة الحق حتى في المعتقلين ظلما؟!! أفبعد هذا تدعي بأنك رجل ، يا أيها الذي أضحت وطنيته وإنسانيته على المحك ؟!! يا أيها الذي يدفع الضرائب لجنرالات أسياس لكي يشتروا بها أدوات التعذيب وناقلات المعتقلين وحفارات تعميق وتوسيع سجون نخرة تحت الأرض ، بل يا أيها الذي يتبادل الأكتاف رقصا فوق جماجم ضحايا التعذيب ورفات الأبرياء من إخوانه وجيرانه الذين فاضت أرواحهم  في زنازين من تحت الأرض بيد زبانية أسياس وبيده أحيانا غيلة وغدرا وخسة وترقص فوقهم وعلى صحة أفورقي وزبانيته والخ…..  

قلت ليتني لم أقرأ هذا الكتيب !!

أجل أيها الشباب الإرتري الحر بدءا بمصر وفي كل مكان

 أيها الإرتريون في أروبا وأمريكا الشمالية وكندا وأستراليا والسودان والخليج العربي يا أيها المتنعمون!! والرافلون في ثياب المتع الزائلة هل تخيلنا وتخيلتم يوما كيف عاش ويعيش هؤلاء؟!! وكيف يقضون نهارهم ويبيتون ليلهم ؟!! كيف تمضي عليهم الساعات والثواني؟!! بينما نحن تشغلنا التوافه وتستعبدنا قشور الأمور والأفكار المخرفة والكسل والبخل والأنانية والجبن عن قول الحق نسكت عن الحق الصراح كأن مصير حياتنا وموتنا بيد أفورقي ، 
نحيا أسرى لأوهام العصبيات القبلية والطائفية والخلافات الحزبية والجهوية وتسيطر على عقولنا قيم الإستبداد والإستخفاف وإهدار حق الأخر التي نكره أسياس بسببها ولكن لاحرج إذا مارسناها نحن في كياناتنا ونضق زرعا بالرأي الأخر ونتشاقق وننشق على كيفنا لأنه (حلال حلال حلال )علينا، ونكون دكتاتوريين على كيانتنا لأننا في مرحلة خطيرة يمر بها الوطن في الظرف الراهن تماما كما يقول أفورقي ولا تطرف لنا عين على هذا التناقض الصارخ لأنه أتي منا ، واما غاية مفهومنا للوطن هو ان نتعامل معه كأنه عذبة لمن غلب ولمن له القوة فقط سواء كان هذا الغالب نحن أو غيرنا وليس ككيان مقدس تقدس بدماء الشهداء الذين كانوا من كافة أبناء إرتريا ليعيش فيه الكافة بالعدل والمساواة ولكل الإرتريين ، بل أضحت إرتريا في عرفنا كالفريسة التي تتناهبها السباع والكل سواء في هذا سواء كان حاكما أو محكوما ( القاتل والمقتول في النار ) وهذا الفهم هو الذي جعلنا أضعف الضعفاء أمام أسياس لعشرون عاما ، لو كنا نقاوم كأصحاب حقوق لن نفرط فيها مهما كان جبروته لطردنا أسياس بين عشية ضحاها
 إذا كان أسياس أقام الإستبدادية على تراب إرتريا فالكثيرين منا الا من رحم ربي قد أقاموها في عقولهم وأفئدتهم على أسس أبعد ماتكون عن العدل ، في إنتظار أن تقوم على أرضهم ولأن المذنب والمحمل بالخطايا لايستطيع الحديث عن أخطاء الأخرين بملئ فيه ، جاءت مقاومتنا لباطل إسياس الأبلج مهزوزة ومرتبكة تفتقر الى الرؤية الواضحة والعصامية والإستماتة في تحقيقها وإفتقدنا حب الحق الذي الموت في سبيله أفضل مليون مرة من الحياة في  الذل والهوان التي نلهث خلفها        

عند إستقلال إرتريا وكنت في الصف الرابع الإبتدائي أذكر جيدا لم أسمع حينها الا حملات التخوين التي كان يتم تبادلها بين تنظيم الجيهة الشعبية والتنظيمات الأخرى بينما كانت الأولى تنصب لهم أعواد المشانق في ساحات إرتريا قبل ان تجف منها دماء الشهداء وتجردهم من سائر الحقوق ، كانت الأخيرة تنتقص من عملية التحرير وتقول (طلع الأمحراوي ودخل التيجراوي) وهكذا لم أسمع وقتها أي كلام يتصف بالعقلانية والتسامح وبعد النظر يعني كلام ناس سياسيين ، بلاش كلام ناس حتى  فاهمين عاقلين عن مستقبل ارتريا وبدل من أن يسود وقتها الحديث عن كيفية تحقيق صناعة إرتريا الجديدة وعن ضمان الحريات العامة للمواطن الإرتري تم إستدعاء صراعات الماضي ودوامة الصراعات الشخصية بين من تصدروا القيادة في فترة الكفاح المسلح فإنقسم السياسيون الإرتريون بخلاف الجبهة الشعبية الى قسمين قسم تعامل معها أي (الجبهة الشعبية) بمبدأ العين بالعين ورفض الإعتراف بشرعيتها وقسم رضي بالأمر الواقع وذهب الى أسمرا متنازلا عن حقوقه ولا أدري ما الذي كان سيقدمه هذا الفريق للشعب الإرتري وهو قد تنازل حتى من حقوقه ولم يكن الفريق الأول بأفضل من هذا لأنه بقى في أرض المهجر والشتات بعيدا عن دائرة التأثير فإذا كان الفريق الأول قد كرس التنازل عن الحقوق وتلك كانت مصيبة المصائب وضاهية الضواهي وعملوا تحت إمرة إسياس بطريقة مهينة لا حس ولا صوت ولا رأي لهم والأغرب من ذلك كانوا غير مقتنعين بالنظام ولكنهم نفذوا سياسات الجبهة الشعبية بحذافيرها وكانت تجربة غير موفقة زادت الطين بلة مما كرس فلسفة التماهي مع أخطاء وخطايا النظام( ومع هذا لقد قتل النظام بعضهم وشرد الأخريين ) ففقد الشباب القدوة المضحية التي تموت على مبادئها وتقود النضالات المدنية وتعمل على توعية الشعب بحقوقه وتغرس فيه ثقافة المقاومة للباطل وتبتكر الوسائل والطرق من أجل ذلك ، لكنها لا تبارح ابدا الوطن مهما كان ثمن التضحيات ، فكان هؤلاء في نظر الشباب مجرد مجموعات تبحث عن مصالحها الخاصة فنفروا عنها ليبدأ الشباب هو الأخرللأسف مسلسل الهروب الكئيب عندما وجد نفسه بين مطرقة أسياس وسندان فقدان القدوة والمثل الأعلى  
أما الفريق الثاني وإن كان يحسب له رفضه لتوجهات النظام الإستبدادية الآ انه أيضا لم يدرك فلسفة ومتطلبات المرحلة وطريقة ووسيلة النضال السليمة المجدية التي يحتاجها شعبنا من أجل الحرية و العدالة

ظل هذا الفريق يمضغ نظرية موأمرة أسياس وصحبه ضدهم و أبى أن يقتنع أن تلك كانت مرحلة وعدت بصرف النظر عن أي شئ (الكورة غالب ومغلوب) وأنه ما زالت الفرص أمامه لكي يقدم الكثير لهذا الشعب ولكنه لم يحاول أن ينال مصداقية الشعب الإرتري وينقذ ما يمكن إنقاذه حتى ولو بالحد من تشرذماته وإنشقاقاته التي صارت مضرب للأمثال بين الشعب الإرتري وظل يناضل بالأسلوب الخطأ وتحت الرايات الخطأ هكذا نشأ الشباب الحالي في مشهد ( إما أن يركع المرء لأسياس أو أن يعارضه من على البعد أو عبر الهروب الذي يلاقي أحيانا الإستحسان من صفوف تلك المعارضة) ،

 وعندما يبلغ أحد منا مأمنه في أوروبا وأمريكا وحتى الى إحدى دول الشرق الأوسط يبدأ ينظر ، من يقول لابد من حمل السلاح ، ومن يقول التغيير لايكون الا من الداخل ، وهو لم يستطع حتى أن يمتنع عن حضور حفلات الرقص التي يقيمها النظام ، فضلا أن يرفع السلاح ومن يقول لك المظاهرات في الخارج غير ذات جدوى وحتى الذين ينظمون تلك المظاهرات لم يقنعوا بعد الا العدد القليل مثلا في القاهرة (200 من حوالي 5-6 ألف)  إرتري ، ليس هذا فحسب عشرات الالاف من الإرتريون قد تسودنوا ومثلهم تسعودوا وإن بطريقة غير رسمية هكذا رسمنا بملايين الأيادي الإرترية (أغرب فانتزيا) ، وعندما يسمع سكان معسكرات اللاجئين في دول الجوار والذين كان حظهم أعثر وأتعس شوية مننا ليعيشوا  في معسكرات لاتتوفر فيها أدنى أدنى مقومات الحياة في كل من السودان وإثيوبيا واليمن أو داخل معتقلات تلك الدول هذا الكلام يبتسمون إبتسامة لاعهد لهم بها ويسمحون لها بأن ترتسم على وجوههم ولو كان مبعثها السخرية مما يسمعون وربما (كلام عادل إمام)

في ختام هذه  الهاذا أقول:

يا من سترقصون في حفلات النظام بإرادتكم يا رب  تدور عليكم الدائرة وتشربون من نفس الكأس!!

يا من تتنعمون في أوروبا وأمريكا وأستراليا والخليج العربي وتدفعون الإتاوات والتبرعات للنظام دون أن تضطرون الى ذلك إضطرارا وأنتم تعلمون أن هذه الضرائب كيف تعود للمواطن في تلك البلاد التي تعيشون فيها في شكل خدمات ولا تنبثون ببنت شفة لأسياس وكيف أن تلك الشعوب تنعم بالديمقراطية وكافة الحريات ولا تطرف لكم عين الرحمة لشعبكم المكبل أقول يا ربي يهديكم أولا وإن أبيتم ربي ينزعها منكم يا رب يا قادر يا كريم 

إتقو الله وتذكروا إخوانكم في سجن نخرة الذي يتعذب فيه الإرتريون لأكثر من 120 عاما ( هذا النخرة مفروض كان يتم ردمها يوم 24 مايو 1991م (ولكن أه من ولكن…)

تذكروا مع أمير بابكر صديق سجن تراكبي وسجن أدر سار وكل السجون الأفورقية

لسا عندي كلام  كتير ما قلته ،،،،

                                                             هذا مع كل التقدير

امان يسن

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=20783

نشرت بواسطة في فبراير 24 2012 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010