إرتيريا وإدمان الخسارة في ملف معارضي دول الإقليم..
مركز الخليج 15 سبتمبر 2015 هروب الجنرال الإثيوبي المعارض "مولا اسقدوم" من إرتريا الدولة المضيفة للمعارضة الإثيوبية ... دفع بي اليوم إلى أن أنفض الغبار وأنشط الذاكرة مسترجعا ذكريات التسعينيات من القرن الماضي... أحداثاً كنت مولعا بمتابعاتها في تلك الفترة سواء كان دعم الحكومة الإرترية للمعارضة السودانية؛ أو إرسال القوات الإرترية إلى دول البحيرات والصومال في عام 1992 وأخيراً تطور الوضع باستضافة إرتريا للمعارضة السودانية والصومالية؛ والإثيوبية؛والجيبوتية؛ واليمنية. وقد مر عقدان من الزمان والنظام في اسمرا لازال يلعب بأوراق المعارضة التي أصبحت احدى مرتكزاته في التعامل مع الأخر. وبعد أقل من عام على استقلال ارتيريا في مايو من عام 1993 تبنت الحكومة الارتيرية أوراق معارضات دول الجوار.. وتمثلت اول محاولة من الحكومة الإرترية في إرسال قوات إرترية إلى الكنغو الديمقراطية لمساندة الرئيس لوران كابيلا" الذي كان يقود وقتها التمرد ضد الرئيس (مبوتوسيسيكو). وفي ديسمبر 1994 فتحت السلطات الإرتيرية أراضيها أمام معارضي الجبهة الاسلامية الحاكمة في السودان بعد توجيه الرئيس الارتيري اسياس أفورقي اتهاماته للحكومة السودانية بمحاولة الانقلاب عليه واسقاط نظامه بدعم من أسماهم بجموعات أصولية. وتوافدت قيادات سودانية معارضة إلى أسمرا التي استضافت( مؤتمر القضايا المصيرية) في الفترة من 15 الى 23 يونيو 1995؛بمشاركة كافة القيادات السياسية والنقابية والعسكرية والشخصـيات الوطنية المنضوية تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي وهي (الحزب الاتحادي الديمقراطي، حزب الامة، الحركة الشعبية؛الجيش الشعبي لتحرير السودان، تجمع الاحزاب الافريقية السودانية، الحزب الشيوعي السوداني، النقابات، القيادة الشرعية، مؤتمر البجة، قوات التحالف السودانية، وشخصيات وطنية مستقلة).ذلك المؤتمر الذي مهد لانفصال جنوب السودان في عام 2011 . وعرفت مخرجات (مؤتمر القضايا المصيرية) فيما بعد بمقررات اسمرا. حيث شارك في ذلك المؤتمر (الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان؛ وحزب الأمة القومي؛ الاتحاد الديمقراطي؛ القيادة الشرعية؛ قوات التحالف؛والحزب الشيوعي). وتطور الامر متجاوزاً الاطار السياسي بأن تورطت حكومة أرتيريا بفتح جبهة مسلحة في العام 1997 بشرق السودان تتكون من( الاحزاب التقليدية واليسارية إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان). وأعلنت الجبهة المسلحة المعارضة في وقت يسير من التكوين تقدمها نحو كسلا "في الطريق إلى الخرطوم". ونفى الرئيس الارتيري اساياس افورقي الاتهام السوداني حينها، وقال في اتصال هاتفي اجراه مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي انه (مستعد لاستقبال لجنة تحقيق ليبية عسكرية) سبق أن تم تشكيلها لمراقبة التحركات العسكرية في المناطق الحدودية المتاخمة للسودان. وتحركات الجبهة المسلحة تلك انعكست سلبا على الحكم في أسمرا وخسرت الحكومة الإرتيرية أوراق اللعبة التي كانت تمسك بها بعد انتقال الحركة الشعبية لحرير جنوب السودان بثقلها السياسي إلى نيروبي بكينيا. وانتقلت الحركة الشعبية إلى كينيا سجلت إرتريا غيابا عن مفاوضات سلام السودان التي توجت فيما بعد باتفاقية سلام عرفت بسلام( نيفاشا) التي شارك فيها كل رؤساء (ايغاد) باستثناء الرئيس الاريتري الذي سجل الغياب وكانت الخسارة الاولى لحكومة أرتيريا في اتفاقية (نداء الوطن) التي وقعت بين الرئيس السوداني عمر البشير والصادق المهدي زعيم حزب الامة القومي بجيبوتي في العام 1999 . حيث تبع ذلك تدهور في العلاقات بين اسمرا وقوى المعارضة السودانية وصل الى ادنى مستوياته بأن تصاعد خلاف أرتيريا مع (الحركة الشعبية لتحرير السودان) الى درجة أن عارضت ارتيريا استقلال جنوب السودان وتحالفت مع الحكومة السودانية موقفةً نشاط المعارضة السودانية بأراضيها . وقابل ذلك أن كافأ السودان حكومة أرتيريا بإيقاف كافة انشطة المعارضة الارتيرية .. و من هنا خسرت ارتيريا اوراق اللعبة في ملف المعارضة السودانية باستثناء ماعرف بملف الشرق . و لم تقف خسارة حكومة ارتيريا في حدود السودان بل لحقت خسارة حكومة أرتيريا (ملف المعارضة الصومالية ) بعد أن استضافت مؤتمر المصالحة للمعارضة الصومالية في العام 2006 واستقبلت قادة المحاكم الشرعية الذين خرجو من مقديشو بعد دخول القوات الاثيوبية في العام 2005. وتبنت حكومة ارتيريا بقوة حينها المعارضة الصومالية وسرعان ما توترت العلاقات بين المحاكم الاسلامية بقيادة الشيخ( شريف شيخ احمد) في العام 2008 الذي اتهم الرئيس الارتري بممارسة الوصايا على الصومال وكان ( شريف) قد أعاد التحالف مع الرئيس الجيبوتي ورئيس وزراء اثيوبيا الراحل (ملس زيناوي) . وأصبح (شريف) بذلك شاهداً في مجلس الامن الدولي ضد الحكومة الارتيرية التي أُتهِمت بدعم حركة الشباب التي تمردت على الشيخ( شريف) وحكومته بعد عودته الى مقديشو . حيث اتهم( مجلس الامن الدولي) ارتيريا عام 2009 في قراره رقم 1907 بدعم حركات ارهابية ومعارضي الحكومة الصومالية وزعزعت الاستقرار في الاقليم وتصدير الاسلحة الى الصومال. وفرض (مجلس الامن) عقوبات وحظر لا زالت ارتيريا تُعاني من تبعاته. كما نجد جيبوتي تتهم ارتيريا أيضا بدعم معارضيها منذ العام 2008 حيث قامت ارتيريا بعملية انتقامية اثر انتقال الملف من اسمرا الى جيبوتي التي استضافت (مؤتمر المصالحة الصومالية) الذي خرج بانتخاب الرئيس شيخ (شريف شيخ احمد) وعودة العلاقات الطبيعية مع رئيس الوزراء الاثيوبي الراحل (ملس زيناوي) .. حيث قامت الحكومة الارتيرية في تلك الفترة بالهجوم على جيبوتي ولا زال التوتر بين البلدين مستمراً على الشريط الحدودي.. وأخيراً نجحت الحكومة الصومالية والجيبوتية بفرض عقوبات من (قبل مجلس الامن الدولي )على ارتيريا عبر منظمة الايغاد الاقليمية . واستمرت ارتيريا ممسكةً بملف المعارضة الاثيوبية حيث تبنت منذ العام 1998 (اثر اندلاع الحرب الارتيرية الاثيوبية) اوراق المعارضة الاثيوبية وكانت الورقة الاولى ورقة (جبهة تحرير أرومو ثم جبهة تحرير أوغادين؛ اقليم بني شنغول؛ واقليم العفر الاثيوبي). وعبر حوارات ومفاوضات سرية تمكنت الحكومة الاثيوبية من الوصول خلالها الى اتفاق بموجبه تمكنت من العودة تنظيمات اثيوبية معارضة بارزه خلال العشر سنوات الماضية .. إلى أن فتحت الحكومة الارتيرية مؤخرا ملف المعارضة الاثيوبية المتمثل في حركة (غنبوت سبات) أسست (جبهة قدامى المحاربين الاثيوبيين) وهم مجموعات من حملة افكار الانظمة الاثيوبية السابقة بدءا بـ (الامبراطور هيلي سلاسي ومينغيستو هيلي ماريام) وهذه الجبهة لديها واجهة اعلامية قوية ومحطة فضائية تصل الى مسامع فئات من الاثيوبيين.. و نجد هذه المحطة تعمل في تلميع الرئيس الارتيري من خلال حوارات ولقاءات وتقديمه كمناضل وتصفه ببساطة المحارب والسياسي والقائد المتواضع. على حد وصفهم... وهذه المرة نجد النظام في اسمرا ( مهندس تصنيع المعارضات) في القرن الافريقي نجده ( اكتوى ) بنفس النار التي أراد منها إحراق بيت الأخرين حيث دست له المخابرات الاثيوبية السم في العسل ونجحت اثيوبيا في اختراق المعارضة الاثيوبية التي هي في ضيافة أرتيريا بحسب بيان رسمي اصدرته الحكومة الاثيوبية الأحد الماضي اكدت فيه بان الحكومة الاثيوبية نجحت في القضاء على المؤامرات التي دبرها النظام الارتيري ضدها .. وانها ستنقل كافة المستندات والأوراق التي من شأنها أن تدين النظام في اسمرا مؤكدةً عملَه في زعزعة الاقليم ونشر الارهاب باثيوبيا ودول الاقليم إلى(). وتظل التساؤلات قائمة عن اسباب عدم استفادة الحكومة الارتيرية من تلك الدروس التي كلفت الكثير لنظام اسمرا خسائر متتالية سواء من قبل المعارضة السودانية أو الصومالية وصولاً الى المعارضة الاثيوبية بالأمس القريب.. يوم أن كان ملف المعارضة السودانية بيد قيادة الجبهة الحاكمة في أرتيريا التي تحدثت كثيرا عن العلاقات التاريخية بين الشعبين ( الارتيري والسوداني ) وتم تبرير دعم المعارضة السودانية باعتباره ردً للجميل للقوى السياسية المعارضة والشعب السوداني ... وسرعان ما انتقل ملف المعارضة السودانية الى المؤسسة الامنية و من ثم اصبح ملكية خاصة للجنرال( تخلي منجوس) ... وكذلك ملف الصومال الذي أقام الدنيا على أرتيريا ولم يقعدها بعد ... العلاقات التاريخية بين الشعبين ( الصومالي والارتيري) ودعم الصومال للثورة الارتيرية ومواقفه التاريخية ... كل ذلك تحول الى ملف امني يشرف عليه الامن الخارجي؛ الذي دخل في مواجهة مع قادة الفصائل الصومالية الذين اعلنوا من( اسمرا) بانهم لن يقبلوا بالوصايا التي سبق أن رفضوها من قبل الغرب واثيوبيا ... وكذلك تمردوا على الرئيس الارتيري ... وهكذا افورقي يخسر آخر أوراق اللعبة اليوم بخروج الحركة الديمقراطية لشعب تجراي من أراضي أرتيريا بكامل أسلحتها... فالجبهة الديمقراطية لشعب تجراي كانت تدور حولها الأقاويل بانها قوات حماية خاصة لافورقي ... وضخمت هذه القوات .. وكادت ان تلقي دور المؤسسة العسكرية الارتيرية ... خسارة هذه القوى اليوم تعتبر ضربة موجعة على الاطلاق لا تقل من الضربات التي تلقاها نظام اسمرا من المعارضات السودانية والصومالية . وبحسب المعلومات الأولية فإن الجنرال الإثيوبي مولا اسقدوم الذي وصل بقواته إلى إثيوبيا قادما من إرتريا عبر السودان نقل معلومات هامة إلى لجنة العقوبات الخاصة بإرتريا التابعة للأمم المتحدة وسيصبح كشاهد ملك على تورط نظام أسمرا في دعم معارضي دول الإقليم. وتكشف تلك المعلومات أن لجنة العقوبات ستقدم تقريرها إلى مجلس الأمن الدولي في 17 من شهر سبتمبر الجاري لبحث المزيد من العقوبات على إرتريا. كما تضيف أن لجنة تقصي الحقائق الخاصة بالانتهاكات في إرتريا التابعة لمجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة هي الاخرى ستقدم في الاسبوع الأخير من سبتمبر الجاري تقريرها إلى الجمعية العامة للامم المتحدة. وتفيد تلك المعلومات أن مجلس الأمن الدولي بموجب تقارير اللجنتين سيعمل على استمرار العقوبات ضد النظام في اسمرا الذي حاول الخروج من عزلته عبر بوابة الأزمة اليمنية من خلال محاولته لقلب التحالفات. إلا أن تطورات الأحداث الإقليمية والدولية والتحركات الواسعة للجاليات الإرترية في المهجر؛ قد تحول دون استفادة محاولة النظام من الأزمة اليمنية. ويأتي في هذا الاطار تنظيم النشطاء الإرتريين في الـ29 من سبتمبر الجاري تظاهرة كبرى أمام مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة.حسب مصادر متابعة. ومعظم الشخصيات المعارضة التي استضافها نظام أسمرا من السودانيين والصوماليين تشهد ضد النظام فمنهم من وصف النظام بالقمعي وأخر من ندم على علاقاته بالنظام والفترة التي قضاها في أسمرا وقال الجميع في النظام بأنه نظام لايؤمن لشعبه أبسط الحقوق والعيش الكريم لايمكن أن يكون نصيراً للشعوب المظلومة. وهناك أخطاء لنظام اسمرا التي لاتقتفر ضد الشخصيات المعارضة حيث احتجاز اسر تلك الشخصيات كرهائن وهو اسلوب بدائي مارسه النظام مع موظفيه وخاصة العاملين في السلك الدبلوماسي والمسألة الأخرى هي تحديد السياسات لقوى المعارضة التي يستضيفها في بلاده.والخطأ الأخير الذي لايقتفر ا الفجور في الخصومة من النظام ضد كل من يختلف مع النظام في أسمرا من تلك الشخصيات المعارضة.وحجم المأسات تكشفها المعرك الأخيرة التي انتهت بمواجهات عسكرية بين الجيش الإرتري وقوات المعارضة الإثيوبية. والسؤال الذي يطرح نفسه بعد عقدين من الزمان هل النظام استفاد واستوعب الدرس أم سيواصل دفع فاتورة حرب الوكالات التي تخصص في صناعتها بمنطقة القرن الأفريقي ..وليس في كل مرة تسلم الجرة
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35442
نشرت بواسطة فرجت
في سبتمبر 16 2015 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
أحدث النعليقات