إريتريا تعتمد على ثروتها المعدنية للخروج من العزلة
إريتريا – (ا ف ب)
في حفرة شاسعة تختلط فيها التربة الحمراء والحجر الابيض ومستنقعات المياه الخضراء، على بعد 150 كلم غرب اسمرة، تستخرج حفارات الذهب والنحاس من منجم بيشا، وهو أول منجم كبير الحجم في اريتريا، البلد الصغير الفقير والمعزول والمنغلق على نفسه في القرن الافريقي.
ويحتوي منجم بيشا الذي يعد اول استثمار دولي كبير في اريتريا على الزنك ايضا، ومن المتوقع ان يؤمن هذا المنجم الذي بدأ العمل به قبل ثلاث سنوات، مداخيل كبيرة لهذا البلد المدرج في اسفل التصنيفات على الصعيد الاقتصادي، في مجالي الثروة والتنمية.
ويعول نظام اسمرة الذي تعتبره منظمات الدفاع عن حقوق الانسان واحدا من اشد الانظمة القمعية في العالم، على هذا المنجم حتى يجتذب الى اريتريا استثمارات اجنبية اخرى غير موجودة فيه تقريبا.
وقال الاسدير سميث الخبير الجيولوجي النيوزيلاندي وخبير عمليات التنقيب في اريتريا ان “اقطاب صناعة المناجم هم اول من يقدم على المجازفات الكبيرة ويدفع اموالا طائلة”، واضاف ان “الصناعة المنجمية ستشهد فترة ازدهار وتساهم مساهمة فعالة في اجمالي الناتج المحلي، ثم ستتخطاها صناعات اخرى”.
وتمتلك 60% من منجم بيشا، مؤسسة “نفسون ريسورسز” في كندا والتي تستثمر هذا المنجم الوحيد في العالم، و40% الحكومة الاريترية التي استفادت من قرض صيني لتمويل استثمارها.
وتثير الموارد المنجمية في اريتريا اهتمام عدد كبير من الشركات الاجنبية في هذا المجال، وتنوي ثلاث شركات من استراليا وكندا والصين البدء في استخراج الذهب والبوتاس في السنتين المقبلتين، وتجري سبع عشرة شركة اخرى عمليات تنقيب في انحاء البلاد بحثا عن الذهب والنحاس والزنك والبوتاس.
وتؤكد الحكومة الاريترية انها ستستخدم العائدات المنجمية لتطوير قطاعات اخرى كالزراعة والصيد والسياحة، وتجنب اللعنة التي تنصب على عدد كبير من البلدان الافريقية الغنية بالموارد الطبيعية.
واكد وزير الاستثمار الاريتري ولادي فوتور الذي يعول على الصناعة المنجمية لاجتذاب استثمارات اخرى ان المناجم “ستكون قطاعا كبيرا في الاقتصاد الاريتري، لكننا نريد ان نقوم بكل ما في وسعنا حتى لا تصبح اريتريا اقتصادا يعتمد على قطاع واحد”.
ويقول البنك الدولي ان اريتريا التي يبلغ اجمالي الناتج الداخلي السنوي 430 دولارا للفرد فيها، هي من بين البلدان ذات المداخيل الضعيفة.
ونشرت مؤسسة “نفسون ريسورسز” رقم اعمال يبلغ 71,1 مليونا و54,8 مليون دولار في الفصلين الاولين 2013، ويعرب المدير العام للمنجم كيفين موكسام عن اسفه لتصنيف البنك الدولي اريتريا ثالث اسوأ بلد في العالم للقيام باستثمارات، وقال لوكالة فرانس برس ان “المخاطر في اريتريا هي في نظري اقل اهمية من اي مكان آخر” في افريقيا.
واضاف ان “الحكومة مهتمة بالامر فعلا، لأنها تريد ان ينطلق المشروع.. فهي تقرن الاقوال بالافعال”، معربا عن ثقته بأن ينشط نمو القطاع المنجمي انشاء شركات لقطاعات متممة ويؤدي الى استحداث فرص عمل تحتاج اليها البلاد.
وتجعل البنى التحتية التي ما زالت محدودة حتى الان، واحتياطات العملات الصعبة الضعيفة، والعقوبات التي تفرضها الامم المتحدة على اريتريا المتهمة بدعم مجموعات مسلحة في المنطقة، من الصعوبة بمكان استيراد المعدات.
واستحداث فرص عمل هو النتيجة الاولى لتطوير القطاع المنجمي، ويعمل في المنجم 1800 اجير يشكل الاريتريون 90% منهم، ويعرب هؤلاء عن ارتياحهم للحصول على رواتب اعلى من المتوسط الوطني واكتساب خبرات جديدة.
وقال اسميروم هابنت (47 عاما) سائق العربة والجندي السابق “اردت ان اعمل هنا لانه اول منجم ذهب يستثمر في اريتريا”، وراتبه الذي يبلغ 500 دولار يفوق سبع مرات كما يقول راتب الجندي الذي كان يتقاضاه، لكن من الصعب قياس صدق الاقوال في بلد يخشى فيه الناس اطلاق الانتقادات مخافة الاقامة في الزنزانة سنوات طويلة. وفي اسمرة يتساءل الناس عن طريقة انفاق العائدات المنجمية الاولى، ويواصلون الاعراب عن تذمرهم من النقص المزمن للماء والكهرباء وفرص العمل.
اما المنجم نفسه فيثير انتقادات جديدة في الخارج، ففي يناير اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الانسان، مؤسسة نفيسون ريسورسز باستخدام عمال بالقوة من الاعداد الكبيرة للمسجلين في الخدمة الوطنية الاريترية، التي يتعين على الشبان والشابات تأديتها، في الجيش ثم في اعمال ذات منفعة عامة، والتي يمكن ان تستمر مدتها الى ما لا نهاية تقريبا.
وترد نفسون ريسورسز واسمرة هذه الاتهامات، ويؤكد موكسام ان جميع عمال المنجم يعملون من تلقاء انفسهم “وكل من يعمل هنا يعفى من الواجبات العسكرية”.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=41324
أحدث النعليقات