إعداد مُذكرة تفاهم أم مُسودة دستور إنتقالي وتخفيف أزمة الثقة والخوف والتوجس
بقلم الأستاذ/ عبدالرحيم محمود
بين الشعب الإرتري وتأكيد الأمنفي ربوع الوطن وعدم “صوملة” الوطن بعد سقوط الحكم الظالم؟
لا شك بأن هناك أزمة ثقة، بين المجتمع الإرتري ككل. في كلا الجانبين وألأمرليس بهذه السهولة لِمن لا يعلم عن ماضي هذا الشعب وحاضره، وهو الذي يواجه اليوم تحدياتٍ جسيمة من أجل بناء مجتمعٍ تبددت أحلامه ووصلت به الإمورإلى ضياع نفسه وفلذات أكباده بين الصحاري وأمواج بحارالمعمورة، الكلُ يتسارع خارج الوطن
للنجاة بجلده هرباً من حكمٍ وحشيٍ لم يرى العالم مثيلُ لا في القريب ولا في البعيد من الأزمان.
ففي عموم المشكلة بأن هناك عدم فهمٍ بمجبات المواطنة، بأن الكل عليه أن يدلوا بدلوه حسب الإستطاعة بالمُشاركة الفعالة أو حتى بتقديم الرأي والإقتراح البناء.
ففي مقالٍ للأخ/ حسن أحمد التي صدرت له بتأريخ 20 من نوفمبرعام 2011، يتسائل فيها، هل هناك حوجة في إعداد مُذكرة تفاهم أم إعداد “مسودة دستورإنتقالي”، وما الأسباب لتلك الأهمية، فسبب ذلك بأن هناك “أزمة ثقة وخوفُ وتوجس”. ليس هذا من جانبٍ واحد فقد بل من الجانبين معاً. فما العمل إذن ما دام هناك أزمة ثقة والتوجس من أجل تخفها، حيثُ تعصف بالمجتمعات الإرترية في هذا الوقت؟ الأراء تختلف من شخصٍ لآخر، فمنا من يقول هذا وألآخرذلك، فبرغم أن التحدث في مصطلحات قانونية وإستعمال كلمة مثل “مُذكرة” أو”مسودة” وغير ذلك، فالواجب علينا هوأن نتسائل، من الذي يجب أن يُطالب أكثربتطبيق وبتثبيت “مسودة دستورإنتقالي” قبل المناقشة على موضوع خارطة الطريق ولِماذا؟
على الأرجح الجواب واضح وصريح وليس فيه لبس في وضوحهه، ولكن للأسف الشديد فإن الذي يُسارع في رفض فكرة إعداد “مسودة الدستورالإنتقالي” الذي يُعتبررئياً سديداً، هم ما نعتبرهم بألأغبياء والجهلاء من الجانب المظلوم، فبسبب تكرارهم لأقوالهم المُشينة والمُذلة، وكأننا نقول لهم بأن هذا “ثور” فهم ما زالوا يتعنتون بقولهم، “إحلبوه”، بمعنى آخرعلينا “وضع العربة خلف الحصان وليس أمام الحصان”، وللأسف فإنهم قد أصبحوا حماة ُ للظالمين ويعملون لأهداف الظالمين، وهذه هي مصيبة الجانب المظلوم! فالظالمون قد تمكنوا في كل شيئ فإنهم لا يحتاجون إلى مُحامين، ولكن يرتاحون لِمُطبلين لأن الإموركلها مُيسرة لهم ولأهدافهم وأنهم مُتحكمُون على كل شيئ دائماً وأبدأ، بل إنهم يستغربُون عند ما يرون مثل هذه الفئة الضالة وتصرفاتها بل أن هناك المناضلين منهم الأوفياء الذين يبغضونهم ويبغضون مواقفهم المُشينة في حينُ آخرخصوصاً أن بينهم مُنصفين يتطلعون للحلول السلمية إذا وِجدت.
لأنهم يؤمِنون بأنه لا يُمكن أن يحكم الظالم لوحده مهما عظم شأنه ولأنهم يرون حقيقة حراك التغيرات الواقعية والمستجدات التي تظهربين الحينة والفينة، وإستحالة إستمرارية الظلم والإضطهاد، والتأكد من التكهنات بأن الربيع الإرتري لابد أنه آتي مهما طال وقته، وأنهم يعلمون جيداً بأن الحقيقة تُوحي، بأن الذي يجمع المجتمعات الوطنية في إرترية أكثرمن الذي يُفرقها دينيةً كانت أم وطنية، ومن ذلك نأتي في خلاصة ألأمرفي الصراع الدائراليوم أن نتحدث في “إعداد برامج الغد” قبل أن يأتيَ الغد بمعنى أن “إعداد مسودة دستورإنتقالي” هو”الحصان” وأن “خارطة الطريق” تُعتَبَرالعربة، وهوإسقاط النظام، والإسقاط لابد أن يأتي بعد العداد والإستعداد وليس ونحن في حالة الفوضى الذي عادة ما يتبع في حالات سقوط الدكتاتورين، فلا يجب أن نتكلم عن إسقاط النظام إلاعند التأكد من وضع الآلية التي سوف نُسيرُبها الإموربعد إسقاط ذلك النظام البغيض الذي وضع العراقيل أمام أي نظامٍ يأتي بعده مستقبلاً، فألأمريتطلب التريث ملياً قبل التهور، فلابدا من النظرإلى الهاوية التي امامنا قبل النظرإلى الأبعد التي تلي وهي سقوط النظام اللعين، ومن هنا أُناشد المؤتمرون بضرورة إرساء القيم والعدل والحرية والكرامة ووضعها وتثبيتها في”مسودة دستورٍإنتقالي” وتعميم هذه المفاهيم بإسلوبِ ثقافي واضح بنقلها أولُ بأول إلى المجتمعات المظلومة لِإسعاد الشعب الأرتريُ بها وإحيائها بين مُجتمعاته التي تنظرإليكم بقلوبٍ ملهوفة بحيث يعرف إلى أين هوذاهب.
حتى يطمئن المُجتمعات المختلفة وبذلك يتأكد الجميع فيما يتعلق مستقبلاً بالسلم الأهلي والتعايش الديني والمراهنة على الشعب الإرتري بالكثيرمن المرجعيات الطيبة إعتماداً على نماذج من تاريخه الناصع في وحدته وإحترامه لها وتلاحمه أمام المخططات الخبيثة من المستعمرين سابقاً والفاسدون المجرمون في الحاضروالحرس على المُستقبل المجهول.
فمن المُسلم في ألأمر، على كِلا الجانبين أن تتجاوزعلى الثقافات والمفاهيم الخاطئ، إلى ما يُنظربالسلبية والدونية، بإعتبارذلك من أكثرالأمراض النفسية التي طالما تغنى بها البعض في تعظيم وتضخيم الذات والبرامج المتبعة لتقزيم الآخروسلب حقوقه، وهنا يحتم علينا طرح الحقيقة المُرة، فالطرح يأتي من الجانب المظلوم في أن يُبادرالجانب الظالم بالإعتراف والإعتذاربالجرائم التي أُرتُكِبَت، وعلى الجانب ألآخرقبول الإعتذار.
هذا هو عين النضج والكفاءة والشعوربالمسئولية بين المجتمعات الإرترية المشهود له إن جاد التعبير من التجارب السابقة أيام النضال. والآن ايضاً نأمل أن يستلهم الشعب الأرتري ككل الإموربالقيام بطرح المطالب العادلة ثم يأتي الجانب الآخربالقيام بتقديم المبادرات والبرامج التي تُوحي بالحلول الشافية ثم قيام الجانبين بتفعليها وتنمية المفاهيم المشتركة والقيام بمعالجات منطقية وحيادية الذي يُمكن أن يُقرب ويجمع المُجتَمَعينِ الظالم والمظلوم أكثروأكثرلأن الذي يجمعنا أكثربكثيرمن الذي يُفرقنا مهما كانت صعبتها وإستحالتها.
وما أستغرب عليه هو، لِماذا وكيف يتخوف أو يتوجس الجانب الظالم؟ رغم إمتلاكه وإمكاناته وسيطرته على كل النفوذ والمقومات الوطنية منذ أمدٍ بعيد؟
لربما يتوقع الكثيربأن الجانب الآخر هو فقط الذي يتخوف ويتوجس! ففي نظري ومعرفتي الجيدة، فإن الجانب الآخر أيضاً يتخوف ويتوجس كثيرا ً، والسبب هو:-
لأنهم يمتلكون حقوق غيرهم، فخوفهم هوأكثر، لأن وقت الجد فإنه سوف يُنتزع منهم ذلك الحق الذي سلبوه، و هذه النقطة الهامة التي يتوجس منها، ولفهمه هذه النقطة أكثروتأكيد ذلك من واقع الأمرعلينا العودة إلى “وثيقة إبراهيم المختار” وهو ما حصل في خلال العشرون عاماً العِجاف، وعلينا ايضاً النظرعلى نصائح ما سُرِد في “وثيقة المعلم” إلى المؤتمرون في أديس أبابا، “أواسا”.
فإعادة هذه الثوابت المسلوبة إلى أهلها تُخيف الشريك، وتُنقصه طبعاً، ومع ذلك فالتنازل من جانب الظالم وقبول الآخروالعمل المُشترك حتماً سيؤدي نحوالتقارب التأريخي الحقيقي بين المعنيين وإبعاد القضية الوطنبة عن التسيس الذي هو آفة الخلافات وأما العمل على الملف من خلال الإعتراف والإعتذار ثم القبول الوطني والشعبي سيؤدي حتماً إلى الألفة والوحدة وهوالحل الأصوب وهوالطريق في تحقيق السلم وطمئنة كلا الجانبين من الهواجس والتخوف وقفل الأبواب والمنافذ في وجه المجرمين والمنافقين الذين ما زالوا يعملون في وضع العراقيل والمخططات الخبيثة أمام عجلة التفاهم والتقارب للوصول للحل الشافي لقضية الوطن والمواطنين.
إن ما يجري اليوم من توافق وتحاورفي المؤتمرالوطني الكبيرالذي يجري اليوم لهو إعلان خيرُ لمجتمعاتنا المقهورة والمسلوبة وشبابنا المُشردة من قِبل الظالمين وهي فاتحة خيرٍ وإعطاء الأمل في سُرعة زوال حكم الفساد والمُفسدون، حيثُ وصلت المُجتمعات إلى حالة من النضج لوضع إستراتيجيات ومُخططات للإعداد ابرامج التصحيح والحفاظ على معاني التغييرالحقيقي الكبيربوضع الأساسيات ومستقبلها لإدراة نظام الحكم الرشيد وتداوله عن طريق السلم وتقسيم الثروة والسلطة على الوطن والمواطنين من خلال آلية “المسودة الدستورية الإنتقالية” المُعدة مُسبقاً وإعداد الآليات المستحقة في كيفية حفظها وحراستها وإدارتها خلافاً لِما فرطنا عليه في المرة السابقة في عهد الفيدرالية.
فما ندعوا إليه اليوم ما هو إلا ترتيب الأوضاع ورسم المستقبل قبل التحدث في عملية الشروع في إسقاط النظام، لأن م سألة سقوط هذا النظام أمرُ مفروقُ منه، إذا رُتِب للمستقبل بوضع الآلية في كيفية التحكم في إدارة البلاد وهي إعداد “مسودة الدستورالإنتقالي” ولا شيئ قبل هذا الطرح مهما عظم المطالب به على الإطلاق، وإلا ستفلت ألأمر من بين أيدينا ونجد أنفسنا في حالةٍ غير محمودة لا قد الله.
وبهذه المناسبة أُناشد المؤتمرون أن يحملوا الأمانة وهي آمال ومآسي مجتمعاتنا المقهورة والمسلوبة وإستعادة حقوقهم، كما أُناشد أصحاب الأقلام من الكُتاب والصحفيون والسياسيون والمفكرون أن يركزوا على هذه النقطة، لأن كل شيئ “مرهونُ” بمسودة الدستورالإنتقالي”، ولإثبات هذه الفكرة بأنه هو الطريق الصائب، بأن البريطانيون قد وضعوا “مسودة” للإرتريين بعد إصدار القرار الفيدرالي ولم يقول بأن ذلك هو من إختصاص الشعب، فلابد من وضع “مادة” لذلك الشعب يحتكم بها حتى يمكنه أن يُناقشها للتعديل والتصحيح فيها أوالحذف منها والزيادة عليها حسب المُتطلبات والتوافق، فإن لم يكن هناك “مادة” تسهل علينا وتقودنا إلى برالأمان فالخوف كل الخوف من “صوملة” الوطن المكلوم بعد سقوط النظام الذي لابد منه طال الوقت أم قصُر.
فسيروا على بركة الله أيها المؤتمرون وحافظوا على ألأمانة التي حملتموها والعهد الذي قطعتموه إلى المجتمعات الوطنية التي تعيش تحت وطئة الإضطهاد والتشرد والتشتت والملاجئ والسجون ومُعانات الأحوال المعيشية النكدة والغربة الأبدية المُرة التي نفهما جميعاً. وتذكيراً بألأمانة التي تحملوها وصعوبتها، أختم قولي بآية من كتاب الله عزوجل، ” إناعرضنا الأمانة على السموات والأرض فأبين أن يحملنها فأشفقنا منها وحملها الإنسان إنه كان ظلموماً جهولا”، صدق الله العظيم، وفقكم الله وسدد خطاكم في كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39703
أحدث النعليقات