إلى أين تتجه سفينة القرن الإفريقي 1
تسارعت وتيرة التحرك السياسي والدبلماسي أخيرا في منطقة القرن الإفريقي ‘ منذ مجئ أبي أحمد رئيسا لوزاء إثيوبيا ، وأصبح عجل الحركة فيها الآن أسرع من ذي قبل وبشكل متقلب ومتموج ، وقد أربك الحراك الباحثين وأختلفت الآراء والتحليلات وتباينت التوقعات وذلك لأنه أصلا لا يبنى على أرضية معروفة ولاينطلق من قواعد ثابتة هو تماما مثل طائرة أقلعت مختطفة لا يعرف لها إتجاه ولا مرسى ولا مصير .
ويتبين ذلك إذا أسقطنا الفرضيات على المستوى الداخلي لكل دولة أو على مستوى دول الإقليم والعلاقات بينها أو حتى تعريف وتحديد الدول التي يشملها الإسم ” دول القرن الإفريقي ” نجد أن الصورة لم تكتمل والإطار الرسمي المتفق عليه غير موجود والمشهد فيه تجاوز لكثير من درج السلالم واختزال ودمج بل وقفذ على كثير من المراحل والمحطات الضرورية .
كذا وعلى المستوى الخارجي نجد أن أيد كثيرة قد نزلت على قصعة القرن الإفريقي فالسباق والصراع بين الصين وأمريكا وأوروبا واللاعبين الإقليميين يجعل من الإقليم فريسة تتنازعها الوحوش وهنا نجد التسائل من الذي إختطف الطائرة ؟ .
والأكثر من ذلك في الوقت الذي يملأ المنطقة ضجيجا واسعا ببشائر السلام وتجاوز المراحل السابقة وأحوالها والتطور والتكامل الإقتصادي نجد عزلا واضحا لبعض الدول الأساسية جغرافيا في المنطقة وهو ما يؤكد الدور الخارجي في الحراك ، كما نجد صراعا في مراكز القوة والزعامة .
وهنا وقفة ؛ حيث نجد منذ فترة سنين عروضا مقترحة لكيانات وتكتلات لم يكن لها ذكر من قبل مثل “القرن الإفريقي الكبير”أو “القرن الإفريقي والخليج العربي ” ويبد أن هناك شخبطة كبيرة في خريطة المنطقة سواءً السياسية منها أو الجغرافية لم تتضح معالمها بعد إذا قدر لها التجسيد أو التحقيق ؛ ولا شك أن هذه طموحات بعيدة المدى ولكن من باب ذكر التصورات المطروحة والرائجة .
وإذا إكتفينا بالقرن الإفريقي نجد أنه يمتط أحيانا ليشمل عند البعض حتى دول البحيرات العظمى أو الشمال الشرقي لإفريقيا مثل أوغندا ، وبورندي ، ورواندا، وتنزانيا ، إضافة إلى دوله الأخرى مع أن الدول المذكورة لا تكترث بما يجري في منطقة القرن الإفريقي ولا تلتفت للإنتماء إليها ؛ وقد أستبعد السودان وجيبوتي عن الأنشطة الأخيرة للحراك فاكتفى بإرتريا وجنوب السودان وإثيوبيا وكينيا ولم يتضح موقع الصومال حيث غاب عن قمة جوبا مع أن زيارة للرئيس الكيني قد تزامنت مع تلك القمة ؛ وهذه الزيارة تؤكد أن عضوية الصومال مقيدة بشروط إذا لم يكن بُلّغ بالإبتعاد .
ومن هذه الخلفية نرشح سؤالين أساسيين هما :
هل لهذا الحراك خطوات فعلية ونتائج عملية ترجى في جانبي السلام والتكامل الإقتصادي المبشر به أم هو جعجعة بلا طحين وسحابة عابرة ؟ .
والسؤال الثاني : هل للأصابع الخارجية نسج في هذا الحراك وما هي درجة أو مدى تأثير الريموت كونترول الخارجي في الدفع بالإتجاهين الداخلي والخارجي ؟.
لا شك أن إرساء السلام ، وإحلال لغة الحوار والتفاهم في حل الإشكالات وبناء كيان مستقل عن التأثيرات الخارجية ومتعاون بين دول المنطقة وإنشاء برامج تعاون إقتصادي لأمر يعبر عن نضوج سياسي وتقدير لمعانات شعوب المنطقة من قبل قادتها وهو أمر مفرح لكل معني بالمنطقة وشعوبها المتداخلة ، ولكن هل العنوان يعبر عن المضمون وهل المظهر يعبر عن الجوهر أو بمعنى آخر هل الشعارات المرفوعة مقصودة في ذاتها ومستهدفة بخطوات عملية جادة ؟ .
فإذا وضعنا كل دولة في ميزان المصداقية والجدية بمراجعة أحوالها الداخلية نجد :
إثيوبيا : في الوقت الذي يطرح فيه أبي أحمد السلام ” صفر مشاكل ” ويبشر بالوحدة بين دول الإقليم ليكون لها رئيسا واحدا ، نجد أنه لا يقف على أرضية ثابتة في بلده والإنتقادات تنصب عليه حتى من إقليمه الذي ينتمي إليه بينما صرحت قيادة إقليم التقراي وهو ذو وزن معروف معارضتها له وعدم رضاها بسياساته ؛ ومع أنه تعاقد مع دول وشركات عن الموانئ الإرترية نجد أنه لا يستند على معاهدات موقعة مع الجانب الإرتري مما دل على أنه يبني عمله على حسن النية والمغامرات هروبا من واقع إثيوبيا المتناحرة ؛ جاء في ترجمة خاصة من موقع مسكرم 28/2/2019 : ( في تصريح لرئيس مجلس النواب الإثيوبي ، أشار إلى أنه لم يتم توقيع أي اتفاقات مع إريتريا ، مؤكدا أنه إذا كانت هناك أي اتفاقات موقعة ، لكانت قد وصلت إلى الهيئات التشريعية الإثيوبية اولنوقشت وأقرت. ولم يحدث هذا التأييد بعد … )[1]
فهذ الخبر أكد أن ما يقوم به الرئيسان الإرتري ورئيس وزراء إثيوبيا خارج دائرة العمل الرسمي إذا صح التعبير نعم كل العمل الجاري من إستعمال للموانئ ورصف الطرق وغيرها خارج الصفة الرسمية لأنه لم يأخذ شرعيته من المؤسسات التشريعية الإثيوبية وإرتريا لا توجد فيها أصلا ؛ وهناك إشكالات لا يمكن تجاوزها بين النظامين ؛وهذا يعني بمالا يدع مجالا للشك أنهما يضحكان على بعضهما أو المشروع أكبر من ذلك ، وأفورقي يراها فرصة تنتهز وفق تقلب الأحداث بين البلدين وليس مستقبلا للمنطقة يشيد .
وبالجملة نجد أن أبي أحمد جاءت به توازنات سياسية في سدة الحكم وهذه التوازنات في طريقها للتحلل والتغير نتيجة عوامل داخلية وخارجية كعادة كل عمل سياسي ، وبالتالي بقائه وبقاء ثقله مرهون ببقاء هذه التوازنات ، أما في “الحراك ” فقد تمت إعادة برمجته وأصبح مسيرا ومساق من قبل أفورقي .
ونجد في إرتريا : أن النظام الإرتري يساير أبي أحمد في حال هو استدراج واضح وصريح وفي ذلك له هدفان الأول سياسي وتحققت معظم مطالبه وهو الخروج من العزلة والإنفتاح إلى العالم ، بعد رفع العقوبات الأممية عنه وتجاوز سجله اللا إنساني ؛ والثاني يتعلق بحرية الحركة داخل إثيوبيا واللعب في أوراق ساحتها المتشاكسة في إيجاد بديل للتجمع الحاكم وهو كيان مقطع الأوصال ، أو التأثير فيه وإعادة تكوينه بحيث تتم السيطرة عليه والتحكم ويتم توجيهه للسير وفق إرشاداته كما كان عند بدايته وقبل الخلاف والحرب .
للنظام الإرتري في إثيوبيا أهداف كثيرة ، فهي الخلفية التي تؤمن بقاءه وسلامته ، لوحدة المضمون والثقافة والتطلع الإستراتيجي ، وهي موطن الأجداد وموروث الأنساب عند أغلب القيادة الإرترية ، كذا والموروث الديني والثقافي الذي يرتبط به النظام مصيريا ويرى ضرورة الحفاظ عليه بكل غالٍ ونفيس ، وهو الثقل الديمغرافي الذي يتغلب به على تغيرات المناخ السياسي …
وقدعمل جاهدا في كل الظروف والأحوال ليمتلك الملفات الأساسية في إثيوبيا أو يكون له حضور فيها حيث يؤكد أفورقي في لقاءاته أنهم قد ساهموا في وضع دستور إثيوبيا بعد إنتصار الثورة فيها وأقنعوا شركائهم بضرورة وحدة إثيوبيا وإلغاء خيار الإنفصال ، و يرى الآن أيضا أن ما حدث في إثيوبيا من تغيرات له فيه يد فاعلة ونصيب عملي ؛ قال أفورقي في لقاء له مع وسائل إعلامه الداخلية في نهاية العام : ( فإن ماحدث بالأمس من تغيرات جديدة في إثيوبيا، هو برغبة من الشعب الإثيوبي ودعم من الشعب الإرتري، مما يعني ذلك بأن الشعبين لن يقبل بتكدير صفو العلاقات الحالية ولن يقبل بالدخول في صراعات وتجاذبات مستقبلية. )[2]
لذا لا يشك متابع وعارف بسياسة النظام الإرتري وتطلعاته الاستراتيجية في قناعتة الراسخة بضرورة تطهيرإثيوبيا وتصفيتها من كل شائب ومكدر بما في ذلك أبي أحمد نفسه ؛ وكل التطلعات التي بدأت تظهر في رغبة شعوب إثيوبيا المسلمة لأخذ دورها وإسترجاع حقوقها ، فضلا عن رغبتة في تأديب بعض القوى الحاكمة من المسيحيين الذين يرون ضرورة منح الحريات للشعوب الإثيوبية وإشاعة الديمقراطية وتحكيم الشفافية والوفاق والحفاظ على استقلالية القرار الإثيوبي من التاثيرات الخارجية للحفاظ على وزنها السيادي والإقليمي ، يضاف الى ذلك طرد المعارضة الإرترية التي يتخذ جميعها الأرض الإثيوبية مركزا لنشاطها .
كل ذلك يرغب النظام الإرتري الوصول إليه عبر ركوبه موجة أبي أحمد للوصول إلي ترسيم مسار لحراكه وتحديد إحداثيات سيره في المنطقة ؛ فخريطة أبي أحمد تختلف من خريطة أفورقي حيث كانت له رغبة جامحة لضم جيبوتي والسودان : ( حيث ذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية أن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، لديه رغبة في تشكيل دولة قوية في منطقة شرق أفريقيا، وذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية “إينا” أن آبي أحمد أعرب عن أمله في توحيد كل دول القرن الإفريقي (إثيوبيا واريتريا والسودان والصومال وجيبوتي وجنوب السودان) من أجل تشكيل دولة قوية في المنطقة. )[3]
كما
هو ملاحظ لم تذكر كينيا ضمن مقترح أبي أحمد حينها ، بينما كان السودان ضمن
إهتماماته الأساسية كما هو مبين أدناه :
( وبحسب الوكالة، فقد ناقش رئيس الوزراء الإثيوبي هذه الفكرة مع الرئيس السوداني،
عمر حسن البشير وقال آبي أحمد: “ناقشت معه أن الناتج المحلي الإجمالي لكل من
إثيوبيا والسودان على حدة أقل من الناتج المحلي الإجمالي لدول شرق الأوسط،
وبالتالي لو توحدنا بدلا من التفرق سنكون أفضل منهم”.
وذكرت الوكالة أن الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، قبل الرأي قائلا: “سنناقش ونتشاور في هذه القضية”. )[4]
ولذلك كان السودان أيضا مبادرا بتكوين هذا التجمع منذ إبريل 2018م بعد حل أزمة القطيعة بين إرتريا وإثيوبيا حيث نقلت جريدة السوسنة : ( والإشارة الثانية لإرتريا جاءت من السودان الذي تقدم بمقترح مطلع هذا الإسبوع لإنشاء تجمع إقتصادي لدول القرن الإفريقي الخمس ( السودان ، إثيوبيا ، إرتريا ، جيبوتي ، الصومال ) بل وبلغ إهتمام الرئاسة السودانية بهذا المقترح أن شكل لجنة عليا برئاسة وزير الدولة برئاسة الجمهورية مدير مكاتب رئيس الجمهورية حاتم حسن بخيت للترتيب لقمة تجمع رؤساء هذه البلدان خلال إبريل الجاري . )[5]
ولكن حال أفورقي بين أبي أحمد وبين مشروعه الأساسي وجاء بكينيا ، وذلك في خطوات مشهودة أخرها منع أبي أحمد من مقابلة الرئيس السوداني بعد إعلانه عنها ثم إلغائها والتوجه إلي جوبا بمعية أفورقي ؛ كذا تتضح رغبة جيبوتي في التجمع الإقليمي في القرن الإفريقي من سياق مقال لسفيرها في الرياض جاء فيه :( ومما سبق ذكره، يمكننا أن نستنتج أن جيبوتي دولة تجمع ولا تفرّق، وأن من توقع أنها ستكون خارج دائرة جهود السلام في الحراك الدبلوماسي الراهن في المنطقة، كان مخطئاً في تقديراته، حيث لا يعرف جيبوتي وطبيعة شعبها وقيادتها التواقة للسلام والمصالحات، والسعي الدائم لحل الخلافات والنزاعات في المنطقة .)[6]
يبد أنه قد تبين جليا أن جيبوتي أيضا أبعدت كما أبعد السودان .
واجد نفسي أتفق مع التقييم الجيبوتي لأبي أحمد : ( فى المذكرة التى أرسلتها الخارجية الجيبوتية لسفاراتها ، والتى وصفت رئيس وزراء إثيوبيا ( بالطائش المتسرع )[7] .
وللنظام الإرتري أيضا ملفات داخلية وأخرى خاجية من طبيعتها لا تسمح له أن يتشكل في قروب أبي أحمد ؛ ففي الداخل تختلف فلسفته للإنفتاح والحريات الديمقراطية والكثير من المفاهيم من هذا القبيل وحتى التكامل الإقتصادي على طريقة أبي أحمد غير مقبول ولكن عند الصباح ستتبين ملاح الوجوه ، وقد أقفل معبري زالمباسا وطرونا عمليا وفتح معبر أم حجر لأنه لايعبر منه إلا من شاء النظام ولذلك أصبحت الحركة من جانب إرتريا شبه مقيدة ، وقد رفعت البضائع الإثيوبية التى أغرقت البلاد عناء كبيرا عن كاهل الشعب وغلاء فاحشا ولكنها خصم على شركات الحزب الحاكم المحتكرة للبلاد فهي إذن سيل مؤقت وموسم لامحالة زائل.
كذا وعلى مستوى دول الجوار يُبقي النظام الإرتري علاقته المكدرة كما هي فالصلح مع جيبوتي لم يغير في أصل الخلاف شئ وقد سكت أفورقي في لقائه السنوي عن خلاف الحدود مع جيبوتي في قضية جبل وجزيرة دميرة فهي مازالت معلقة وهو ما يعني أن ملف النزاع والحرب في القرن الإفريقي والبحر الأحمر لم يقفل بعد عند أفورقي ؛ خاصة إذا أضفنا قضية حنيش مع اليمن التي يؤكد عدم قانونية حلها ، فاليمن الذي يعتبره البعض واحدا من دول القرن الإفريقي ربما تنتظره حرب أخرى مع النظام الإرتري ، يقول أفورقي في لقائه السنوي : ( والمدهش في الأمر، والذي لا يلاحظه كثير من الناس، هو كيف نشأت قضية حنيش، وكيف نشبت الحرب بسببها، وبعد ذلك كيف تم إحالة القضية لقرار المحكمة الدولية، وإصدار القرار فيها. فالقرار لم يكن عادلاً. وإذا رأينا كل الأوراق والوثائق المتعلقة بهذه القضية ،نجد بأنها قضية معقدة بشكل كبير . والأغرب من ذلك، ومن أجل أن تستمر هذه المشكلة، تعمدوا جعل إرتريا رهينة لأزمات بشكل متواصل، وتم منح جزيرة حنيش لليمن،إلا أنه في النهاية، تم الإقرار على السماح لإرتريا بدخول الحدود المائية السيادية لليمن. فكيف يمكن
لدولة ذات سيادة أن تتعدى على حدود سيادة دولة أخرى؟ . ويمكن أن نقول بأنه تم منحنا فرصة أو نوع من الحقوق، إلا أن الرسالة من وراء ذلك كانت من أجل جعل إرتريا رهينة الأزمات بدلاً من قفل الملف و إنهائه بصورة قانونية. )[8]
وعلى العكس من ذلك يقر الحل في قضية بادمي قائلا : ( لذا لم تكن قضية بادمي موضوع منازعة على الإطلاق … ويمكن قراءة القرار من أبعاد متعددة. إلا أنه في نهاية المطاف، يمكننا القول بأنه تم إيجاد مخرج لهذه القضية. )[9]
ولإثيوبيا مع السودان ملفات ساخنة بدأت تتطور سلبا هذه الأيام .
ولإرتريا مع السودان ملفات لا حصر لها خاجية وداخلية يغطي عليها الصمت المتبادل بين النظامين والقطيعة طال أمدها هذه المرة ؛
إذن إرتريا ليس لديها الإستعداد لإقامة كيان متكامل في القرن الإفريقي حيث أبقت إشكالاتها مجمدة فهي تساير ولا تجاري المشروع المعلن .
أما جنوب السودان والصومال فلكل منهما ظروفه وملفاته الداخلية المشكلة وبالتالي وجودهما في مثل هذا التجمع مرهون بأمل المساعدة في الأحوال الداخلية مع أنه ليس هذا نفي لوجود أسباب أخرى ، وإذا كان الصومال يساير ويتوافق مع إثيوبيا فإن جنوب السودان نسخة مستنسخة من النظام الإرتري وهناك خبراء لوجستيون من قبل إرتريا يسيّرون ملفات خطيرة فيه وهي علاقة ممتدة بدأت قبل إنفصال الجنوب حيث النظامان بصدد إقامة تمثال ” للشهداء” الإرتريين في الجنوب بمدينة جوبا .
أما الحضور الكيني فيلفه الغموض ففي الوقت الذي يلاحظ أن كينيا غير متحمسة وغير ناشطة في قضايا القرن الإفريقي مثل بقية دول البحيرات إلا أننا نرى تحركا ولو محدودا هذه المرة مع الحراك الموجود مع ملاحظة الإستعلاء والتباطئ مما يؤكد أن كينيا مدفوعة من قبل من يحرك حجارة الشطرنجي ليزيح السودان وجيبوتي ويأتي بها وجنوب السودان وهي لا تخفي رغبتها في أخذ دور السيادة والأبوية كما شاهدنا عند زيارة أفورقي لنيروبي سابقا ، وفي طواف الرئيس الكيني الأخير للمنطقة وهودور يدعيه أفورقي ويدعيه أبي أحمد . ( وأعلنت الخارجية الكينية خروج الاجتماع الذي جمع كينياتا مع زعيمي إريتريا وإثيوبيا بتفاهمات جديدة نحو تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي )[10]
مما سبق يمكننا تلخيص استنتاجاتنا وفق الفقرات التالية :
- كل الدلائل تؤكد أن الحراك مسير من جهات خارجية وليس مخير .
- هناك بون شاسع في رغبات دول الحراك المطروحة وواقع العلاقة بينها عمليا .
- الحراك يتعجل في تنفيذ بعض أهدافه البعيدة مثل عزل الإسلام والعرب في المنطقة وتحجيمهم .
- هناك خطوات هامة كثيرة بين إرتريا وإثيوبيا لم يتضح معالمها هي التى ستحدد نجاحهه أو فشله وهي عقد خطيرة لا يمكن تجاوزها بسهولة .
- المشروع كبير وخطير إذا تحقق ويستهدف الهيمنة الكاملة على محيط القرن الإفريقي والسيطرة على البحر الأحمر .
- – دراسة جدوى وأهداف المشروع مكتملة قبل مجئ أبي أحمد ، وليس هو إلا حلقة وصل فيه مثل دور رمضان محمد نور في قيادة الشعبية ، وفي إعتقادي هو ليس مرشح في فريق تنفيذه وتحقيقه .
والأهم عند الإرتريين هو أن المشروع يستهدف إعادة تنظيم المنطقة وإعادة تحديد أطرها السياسية ربما ليس بنفس المفاهيم التقليدية ولكن مهما كان شكله ستسمي الماء ماء يقول أفورقي في لقائه مع وسائل إعلامه في نهاية السنة الماضية : ( وفيما يتعلق بفترة الإنتقال المتعلقة بالسلام ،وحتى يتم الالمام بخلفية الامور ، ان المرحلة التي ندخلها ليست فرصة سهلة ، لأن ما حدث في عام 1991 له ظروفه وله خصوصيته ، اما الان في مرحلة مختلفة تماماً عن تلك المرحلة )[11] . لو قال عام 1998 عام الحرب لما كان في الأمر عجب ؛ إذن عليكم أن تفهموا إن كنتم لا تفهمون أن 1991م عام الجلاء الإثيوبي ، عام “الإستقلال ” تختلف ظروفه عن اليوم ،.
سنناقش في مقال تالي إن شاء الله الشق الثاني من الأسئلة وهو حول دور التدخل الخارجي في الحراك .
والله الموفق .صالح كرار 18/3/2019 salehkarrar@Gmail.com
[1] http://www.meskerem.net/
[2] إرتريا الحديثة 6/11/2018
[3] https://www.akhbarak.net/articles/33610176-
[4] https://www.akhbarak.net/articles/33610176-
[5] جريدة السوسنة السودانية 7/4/2018
[6] https://aawsat.com/home/article/1392581
[7] https://www.alnilin.com/12958988.htm
[8] إرتريا الحديثة 6/11/2018
[9] إرتريا الحديثة 6/11/2018
[10] https://alarab.co.uk
[11] إرتريا الحديثة 6/11/2018
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43846
أحدث النعليقات