اخريا عنوان الصمود والكرامة
بقلم يس معلم
عندما بدأت الأحداث الاخيرة والفريدة من نوعها بالعاصمة الإرترية اسمرا وبالتحديد في حي اخريا تابعتها كغيري من الارتريين المتعطشين للحريّة، بكل شغف وحماس منقطع النظير، ولكنني لا أخفيكم أنني لم أكن أتوقع
حدوثها بهذه الطريقة رغم الاستياء العام وسياسية التنكيل بالمواطنين التي تقوم بها حكومة اسمرا منذ اعتلائها سدة
الحكم وتحويل البلاد الي معتقل كبير، وإجبار الاغلبية ومن كل الفئات علي الفرار بجلدهم من وطن سالت فيه دماء
طاهرة للآباء والاجداد لثلاثة عقود،
لكن لقد حدث ما لم يحدث منذ ٢٦ عاما من عمر هذا الاستقلال الّذي ولد علي يد غير آمنة، ويمثل هذا الحدث تحول
نوعي وتاريخي في مسيرة التحرر ومقارعة الاستعمار الجديد سجله ببسالة الشيخ موسي محمد نور رئيس مجلس إدارة مدرسة الضياء الاسلامية عندما رفض بقوة قرار الحكومة بتسليم إدارة المدرسة لوزارة التعليم، بحجة ان (الضياء) لاتسمح
بالاختلاط بين الذكور والإناث وان طالباتها يرتدين الحجاب والتعاليم الدينية وغيرها من وصايا الاستعلاء والهيمنة. وفِي أعقاب ذلك قامت عصابة النظام باعتقال الشيخ التسعيني الذي كان يعلم تماما تبعات هكذا موقف لاسيما
في بلد لا يعرف القانون الا انه لم يضع له اَي اعتبار لانه وموقف ينم عن الكرامة والثبات في المبدأ أو الموت اوالاعتقال
دونهما، وكان دفاع الشيخ موسي عن حق أبناء شعبه في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية تامة في ظل قانونيكفل للجميع
بذلك، وهذا ما اعتاده شعبنا وتربّى عليه عبر تاريخه العريق.
ولم يترك النظام اي خيار امام الطلاب سوي المواجهة، ما أدى إلى اندلاع شرارة المظاهرات في يوم ٣١ أكتوبرالماضي
وخروج طلاب المدرّسة في مشهد أسطوري وبطولي مواجهين بوليس القمع ورصاصه ألاثم المستبد أسياسافورقي بصدور
عارية في صمود خرافي قل له نظير في تاريخنا المعاصر، مطالبين الحكومة بإطلاق سراح والدهم ومعلمهم فورًا ولسان حالهم يقول (أنّ الكرام إذا ما ذُلّوا ذَلّوا) وشهدنا بذلك وشهد التاريخ اول ثورة احتجاجية بقلب العاصمة بعد أن ظننا جميعاً ان الأمل انقطع وبلغ بِنَا الياس حد الاستسلام والرضوخ للواقع، ولم تعد هناك اَي إمكانية عسكرية كانت أو سياسية تخلصنا من هذا النظام.
لكن لم يعرف اليأس طريقه الي طلاب مدرسة الضياء الاسلامية من تحقيق (أحلامهم) رغم بساطتها المتمثّلة فيحرية التعليم
والمعتقد كحق مشروع في جميع بلدان العالم، كاسريين بذلك حاجز الخوف الذي عمر طويلا في نفوسالارتريين الذين لم
تتجاوز احلامهم في الأساس الحد الأدنى من الحياة الكريمة في ظل وطن يسع الكل وتصان فيهآدميتهم.
ولعل من أهم الدروس المستخلصة من احداث اسمرا الأخيرة هي مدي التماسك والترابط بين النسيج الارترية بكل اطيافه المختلفة، وتفويت الفرص علي نظام افورقي الذي يسعي مرارًا إليّ اذكي نار ألفتنة بين المكون المسلم والمسيحي اثر اَي أزمة تهدد بقاءه في السُلطة، وأخيرا الإحساس الوطني لدي الارتريين بعمق وحجم الأزمة والاوضاع المتردية التي تشهدها بلادهم ووطأة الاستبداد الذي يعيشه منذ ان استولت الجبهة الشعبية علي مقدرات البلاد.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=42394
أحدث النعليقات