ارتريا تعيد تقويم سياستها فى الصومال
جورج سيباستيان : اى اس ان
ترجمة : فرجت
رصد تقرير جديد للامم المتحدة يعطي أدلة جديدة ومفصلة لدعم ارتريا للجماعات المعارضة المسلحة الصومالية. ارتريا تقول ان نواياها يساء فهمها ، ولكن البلاد وجدت نفسها في طريق مسدود واصبح لزاماً عليها إعادة تقويم سياستها .
من وجهة نظر ارتريا ، يبدو انه كل شى هو سوء فهم كبير ، أسمرا ترى بان وجوهتها السياسية والدعم المالي والعسكري للجماعات المعارضة المسلحة في الصومال كثقل موازن مشروع لعدوتها اللدودة اثيوبيا ، والتي غزت الصومال في أواخر عام 2006 بموافقة ومساعدة الولايات المتحدة ، ومن ثم تحويل ميزان القوى في المنطقة .
في وقت لاحق،وجدت إثيوبيا نفسها عالقة في مكافحة التمرد وثبت أنها غير قادرة على الانتصار ، ومنذ ذلك الحين دعمت الحكومة الاتحادية الانتقالية في مقديشو ، والتي يبدو انها أيضا محكوم عليها بالفشل ، بعد ان فقدت كل رأسمالها السياسي وعدم القدرة على توسيع نطاق سيطرتها على المناطق المحيطة بها مباشرة من القصر الرئاسي في العاصمة.
يمكن أيضا لارتريا ان تنظر لاجراءاتها ما يبررها ، في والوقت الذى يتزايد فيه الاعتقاد من جانب الخبراء الإقليمين والغربين بان حصر تقديم المساعدة الحالية ودعم الحكومة الاتحادية الانتقالية قد لا يؤدى الى الانتصار او ايجاد صيغة للحل أو حتى احتواء الحرب الاهلية.
لكن ليس هذا ما يراه الرأي العام الدولي ، الذى يرى ان ارتريا تساهم فى استمرار التمرد . وانها فشلت في إدراك أن الآراء المختلفة حول النزاع في الصومال الذى برز في المنطقة على نطاق أوسع ، وليس على الاقل بالنسبة لدورها في الصراع، ولكن كما هو الحال في كثير من الأحيان فان النظم السياسية الشمولية تجد صعوبة في التكيف مع التطورات الجديدة أو إبداء آرائها ومصالحها.
في الواقع ان ارتريا تصدرت عناوين الصحف في العام الماضي، باحتلالها المركز الثانى فى العسكرة عالمياً بعد كوريا الشمالية، وجائت فى المؤخرة بالنسبة لحرية الصحافة فى العالم ، وقيل انها الاول فى عدد لاجئين من أي بلد في العالم ليس في حالة حرب . مع سكانها البالغ عددهم 5 ملايين فآلاف يفرون من البلاد هي مجرد “نزهة” كما قال الرئيس الاريتري اسياس في مقابلة مع رويترز في أكتوبر الماضى.
أفورقي هو رئيس إرتريا منذ عام 1993 وزعيم حركة الاستقلال ، في أواخر العام الماضي اخذ على غرة عندما طلب الاتحاد الافريقي وفي خطوة غير مسبوقة من مجلس الامن بفرض عقوبات على ارتريا ، وهي عضو في الاتحاد الافريقي ، وهذا الحدث لا يمكن أن يعزى إلى تزايد نفوذ إثيوبيا وحدها في الاتحاد .
في ديسمبر الماضى فرضت الامم المتحدة حظر محدود على مبيعات الاسلحة الى ارتريا ووضعت الأساس لفرض عقوبات على بعض المسؤلين من خلال توسيع نطاق ولاية فريق الرصد المعني بالصومال من أجل الحصول على صورة أكثر وضوحا عن مشاركة ارتريا في الصومال.
في 5 مارس ، استشهدت افريقيا كونفدينشال عبر مصادر دبلوماسية ان فريق الرصد المعني بالصومال قد أوصى في منتصف عام 2009 بفرض الحظر على كل من رئيس المخابرات الارترية العقيد طعامى جويتوم ، وزير الإعلام علي عبده أحمد ، ورئيس قسم الشؤون السياسية للجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة الحاكم يماني غبراب.
منذ نجاح اللوبى الامريكى في الضغط من أجل مات بريدن الخبيرالاقليمى الشهير والمدير السابق لمجموعة الازمات الدولية لمشروع القرن الأفريقي في نيروبي فان فريق الرصد المعني بالصومال اصبح المسؤل الاقوى والموثوق فى الصومال .
وفقا لأحدث تقرير للجنة المراقبة نوقش بتاريخ 16 مارس الحالى في مجلس الامن ، “ان حكومة ارتريا واصلت تقديم المساعدة السياسية والمالية والعسكرية للجماعات المعارضة المسلحة في الصومال “.
ويصف التقرير بالتفصيل دور ارتريا المعروف في استضافة القيادة العليا للتحالف من اجل اعادة التحرير- أسمرا -ما بين نوفمبر 2007 وابريل 2009 وتفاصيل كيفية تشكيل ارتريا الحزب الاسلامي، التحالف الجديد للمعارضة الذي يرأسه حسن ضاهر عويس.
بالإضافة إلى ذلك يصف التقرير كيفية تسهيل ارتريا لعودة عويس الى مقديشو في 23 ابريل 2009 ، بما في ذلك القصة الغامضة لتاجير الطائرة ، والإعداد لضم قوات الحزب الاسلامى وحركة الشباب فى الصومال.
دعم ارتريا شمل كافة الجماعات المعارضة المسلحة الرئيسية فى تحالف أسمرة من ضمنهم الحزب الاسلامي وتنظيم الشباب.
ويشير التقرير إلى أنه بالإضافة إلى الدعم العسكري والدبلوماسي ، فان ارتريا استمرت فى تقديم الدعم المالي للجماعات المسلحة ، مع دفعات شهرية إلى كل مجموعة 40000 – 50000 دولار ، بالإضافة إلى أموال إضافية للعمليات واسعة النطاق.
جاء في التقرير “توفير النقد سمح للجماعات المعارضة المسلحة لشراء الأسلحة من القوات الحكومية ، وبالتالي تسليح أنفسهم بالاضافة لنزع سلاح خصومهم ،”.
ويشير التقرير إلى أربعة من كبار الشخصيات المعارضة الذين حصلوا على مساعدات نقدية خلال عام 2009 وهم يوسف محمد سياد أحد (وانضم لاحقا إلى الحكومة الاتحادية الانتقالية كوزيرا للدفاع) ، عيسى “كامبونى ” (رئيس قوات كامبونى ومنطقة جوبا السفلى ، اعتقل في كينيا في أواخر عام 2009) ؛ مختار روبوى (تنظيم الشباب) ، ومحمد والى شيخ احمد نور (حزب الإسلام ، منطقة غيدو).
وفقا لمصادرهم ” ارتريا تواصل إرسال الأسلحة إلى الصومال في سفن صغيرة عبر ميناء لاسجوراى بشمال الصومال لشحنها إلى قوات الشباب في جنوب الصومال” ، وفي مايو 2009 ارسلت ارتريا شحنة اسلحة خفيفة واسلحة مضادة للدبابات اوكرانية الصنع لحزب الاسلام عن طريق ميناء كيسمايو.”
بالإضافة إلى ذلك ارتريا تحتفظ بمعسكرات لتدريب الجماعات المعارضة الصومالية المسلحة بالقرب من عصب فى الشرق، وكذلك بالقرب من تسني فى الغرب ، في بعض الاحيان ترسل مدربين و مستشارين عسكريين داخل الصومال لمساعدة المجموعات المعارضة المسلحة.
نجاح الضغوط الدولية؟
ارتريا في وضع دفاعى صارم ترفض كل الادعاءات وتطالب بأدلة دامغة. في حين أن بعض المحللين يخشون من ان العقوبات الحالية قد تؤدي الى المزيد من استياء أفورقي وتفاقم شعوره بالعزلة ، فأسمرا بالفعل تعيد تقويم سياستها تجاه الصومال على الرغم من الانحرافات الخطابية.
وفقا لفريق الرصد “بحلول أواخر عام 2009 وربما استجابة للضغوط الدولية ، طبيعة الدعم الارتري إما قد تقلصت أو أصبحت أقل وضوحا ، ولكنها لم تتوقف كليا”.
تفسير آخر يمكن أن يكون مقنعا هو ان علاقة ارتريا مع المجموعات المعارضة المسلحة الرئيسية فى الصومال أصبحت تمثل عبئا متزايدا على مصلحة البلاد.
وخير مثال هو تصريح الشيخ مختار – مسؤول كبير في حركة الشباب – علناً بارسال مقاتلين الى اليمن لمساعدة تنظيم القاعدة هناك في قتالها ضد القوات الاجنبية. حتى ولو كانت هذه مجرد دعاية فإنها تعرض العلاقات الإريترية مع اليمن للخطر ، وهذا ربما يفسر سرعة انتقاد افورقى للحركة ونأى بنفسه عن تنظيم الشباب.
بالإضافة إلى ذلك فان علاقات حركة الشباب والحزب الاسلامي الذى يشوبها الانقسامات ليست عشائرية بين القبائل فحسب ولكن استمرار المعارك حول المنشآت الاستراتيجية مثل مدينة كيسمايو الساحلية ، التي تشكل ايرادات الدخل الهامة لاقتصاد الحرب في الصومال، في تلك البيئة فايديولوجية والتحالفات تأتي في المرتبة الثانية بعض المال . ارتريا سرعان ما أدركت أنه يمكن أن تجد نفسها محاصرة بين قوتين في محاولة لدعم جماعات المعارضة المسلحة الرئيسية في البلاد.
ليس لارتريا اىى مصالح سياسية حقيقية في الصومال لكنها تراها مجرد أرض معركة لمواجة اثيوبيا والانخراط في حرب بالوكالة على الأراضي الصومالية وبالتالي حصرت دعماها للحزب الإسلام ، والذي تعتبره عنصرا فاعلا فكريا وأقل تطرفا.
في النهاية ارتريا ترغب في الحصول على حصتها عند التوصل إلى تسوية سياسية محتملة في مقديشو باى شكل من الاشكال. مع الأخذ بعين الاعتبار عدم قدرة أسمرة الماضية على التواصل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية في الصومال وهذا ما قد يبقى رغبتها مجرد تمني.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=2591
أحدث النعليقات