ارتريا تنضم الى محور الشر
بقلم : سيم تاك ، جيوبولوتيكال
ترجمة : فرجت
خلال الأشهر الماضية تكرر ذكر ارتريا ضمن قائمة الداعمين للارهاب ، والبلد الذي لا يلتزم بالقانون الدولي أو بحقوق الإنسان. من خلال هذه الاتهامات وعدم قدرة ارتريا على نفيها قد تم تهميشها وتصنيفها ضمن مجموعة الدول المارقة التي نعرفها باعتبارها محور للشر. الحقيقة المهمة التي وضعت من اجله فى هذا المكان هو دعمها للجماعات المسلحة فى الصومال وعلاقاتها الوثيقة مع إيران العضو في قائمة محور الشر.
يمكن النظر الى ارتريا باعتبارها جزءاً من محور الشر منذ إدانتها من قبل الأمم المتحدة أواخر عام 2009 مما أدى إلى العقوبات في ظل شكل من أشكال فرض حظر على الأسلحة ، وتجميد الأصول وحظر السفر. ان تاريخ ارتريا العنيف باستمرار واهانته لبعثة الامم المتحدة ” اونمى ” جعلها فى موقف مهمش .ورفض النظام الدكتاتوري الحالي أي شكل من أشكال ضمان حقوق الانسان وسلامة اى شخص يحتجز بشبهة معارضته للنظام . ولارتريا ايضا علاقات قوية مع الدول المارقة ،ايران وكوريا الشمالية وليبيا. الادانة الأخيرة لارتريا كانت جوهرياً بسبب دورها في الصراع الصومالي ، حيث تتهم بتسليح وتمويل المتمردين الذين يقاتلون الحكومة.مصطلح محور الشر الذى صيغ في عام 2002 من قبل ادارة بوش ، كانت في الأصل تشمل العراق وايران وكوريا الشمالية ، وفي وقت لاحق شملت كوبا وليبيا وسوريا ، هذه الدول كانت مستهدفة لأنها تدعم الإرهاب أو تحاول الحصول على أسلحة الدمار الشامل.
الحقيقة ان خطط وأنشطة هذه البلدان لم تتاثر نتيجة لهذا التصنيف، ولكن بوصفهم كجزء من محور الشر يصبحون عرضة للعزلة والتهميش من المجتمع الدولي. الاكثر تطرفاً من تلك الدول تعيش في ظل التهديدات المستمرة من العقوبات والعمل العسكري. ومعظمها دول غير ديمقراطية يحكمها طغاة لا تهتم بالامن الانسانى لرعاياها.
النقطة التي نستطيع ان نحددها لتصبح ارتريا جزءاً من محور الشر هى قبل بضعة أشهر عندما اقر مجلس الأمن بالأمم المتحدة فرض عقوبات على ارتريا. الأسباب الرئيسية لهذه العقوبات هي استمرار دعم ارتريا للمتمردين في الصومال ، ورفضها الانسحاب من الصراع على الحدود مع جيبوتي. وتشمل العقوبات حظرا للأسلحة على البلد ، فضلا عن فرض حظر على السفر وتجميد الأصول المالية العائدة إلى القادة السياسين والعسكرين. على الرغم من ان ارتريا ترفض كل هذه الاتهامات وتؤكد انها تتمتع بعلاقات ودية للغاية مع جيرانها ، في واقع الأمر هؤلاء الجيران أنفسهم طلبوا من مجلس الامن الدولي فرض العقوبات على ارتريا من خلال الاتحاد الأفريقي ، وكذلك الايجاد وهى منظمة اقليمية كانت قلقة للغاية حول دور ارتريا في الصراع الصومالي.
ارتريا ليست معروفة جيدا في العالم ، بل في الواقع هى دولة حديثة نسبياً حظيت باعتراف دولي عام 1993. كانت موجودة قبل ذلك في الحقبة الاستعمارية ، ولكن بعد تصفية الاستعمار أصبحت جزءاً من اثيوبيا ، وبعد حرب الاستقلال الطويلة وإجراء استفتاء نظمنه الامم المتحدة سمح للشعب الارتري تحقيق استقلاله.
هذا البلد كان دائما فى حالة عسكرة بسبب التوتر المستمر مع الجارة اثيوبيا. بعد تصعيد للنزاع المستمر على الحدود عام 2000 تم نشر قوة حفظ سلام تابعة للامم المتحدة على طول الحدود الاثيوبية الارترية.وكانت تسمى بعثة الأمم المتحدة” اونمى “. ربما موقف ارتريا تجاه البعثة قد ساعد على وضعها فى ركن الدول المارقة. في النهاية اضطر بعثة الأمم المتحدة للانسحاب عام 2008 عندما فرضت ارتريا قيودا جعلت من المستحيل لبعثة الأمم المتحدة انجاز مهمتها.
والزعيم الحالي للبلاد ، الرئيس أسياس أفورقي ، تولى السيطرة على البلاد باعتباره زعيماً لتشريع انتقالي. الدستور الذي تم الموافقة عليه لم يضع في العمل لحين إجراء الانتخابات ، رغم أنه تم التصديق عليه عام 1997. الانتخابات الموعودة التي كان من المقرر عقدها عام 2001 تم تأجيلها لأجل غير مسمى. وهذا ترك للرئيس أسياس أفورقي السيطرة الكاملة على البلاد ، وخصوصا انه هو أيضا زعيم الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة ، الحزب الوحيد المسموح له قانوناً فى ارتريا. والمعروف ان الرئيس أفورقي يعيش حياة جيدة ، ويرتاد النوادى الليلية في حين ان ثلثي السكان على حافة الموت جوعا. أفورقي في الآونة الأخيرة سحب نفسه وانتقل الى فيلته في مصوع الساحلية ، حسبما ورد، خوفاً من الهجمات التي تستهدف حياته بدلا من العاصمة اسمرة.
فى حين تتهم ارتريا بافتعالها العديد من النزاعات ودعم الارهاب ، فانها ايضاً تحمل رقماً قياسياً في مجال الأمن البشري. والمجاعة تدور رحاها الآن في جميع انحاء البلاد في حين أن النظام لا يسمح لوكالات الاغاثة الدولية لتوزيع المساعدات الغذائية لأولئك الذين يتضورون جوعا. كذلك تاريخ طويل من الاعتقالات للمعارضين لسياسة افورقى وكذلك الصحفيين وغيرهم من المنشقين. وفقا للتقرير الاخير لوزارة الخارجية الامريكية أيضا انتهاك حقوق الانسان بشكل ممنهج عبرعمليات القتل غير القانونية من جانب قوات الأمن.
احد الاسباب الرئيسية التى يمكن بسهولة تصنيف ارتريا ضمن محور الشر هى علاقاتها مع العديد من البلدان التى هى بالفعل على القائمة .
خلال السنوات القليلة الماضية بدأت ارتريا العلاقات الدبلوماسية مع ايران ، وتعاونت مع ايران على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي. التقارير تشير بان ارتريا هي موزع الاسلحة الايرانية وانها تدعم جماعات مسلحة عدة في افريقيا والشرق الأوسط.ولارتريا أيضا علاقات وثيقة جدا مع كوريا الشمالية التي تبيع معدات عسكرية الى هذا البلد الافريقى. عندما تم التصويت على فرض عقوبات عليها في مجلس الأمن بالأمم المتحدة حصلت على دعم من ليبيا ، البلد الوحيد الذي صوت ضد فرض العقوبات. وبتحالف ارتريا مع هولاء ،عمليا قد عزلت نفسها عن المجتمع الدولي وانه مجرد مسألة وقت لتكرار الأعمال التي تقوم بها القوى العظمى .
ويشير التقرير المقرر تسليمه الى مجلس الأمن في الأمم المتحدة تورط ارتريا كدولة مؤيدة للارهاب والمتمردين الصومالين. وفقا للتقرير إرتريا قدمت تبرعات نقدية لعدة جماعات متمردة صومالية من بينها الشباب من خلال مختار روبو منصور ، وهو القائد الذى دعا الشباب لارسال مقاتلين الى اليمن.
كل الصراعات فى اليمن والصومال يتم تغذيتها عبر تهريب الاسلحة الايرانية من خلال ارتريا ، وهذا التقرير ينطوي على المزيد عن ارتريا باعتبارها اللبنة الرئيسية للتهريب ولدعم المتصاعين. والتقرير يشر على أنه بحلول أواخر عام 2009 تقلص او اصبح اقل وضوحاً الدعم العسكرى المباشر من ارتريا، ولكن لا يزال الدعم الدبلوماسي والمالي مستمراً . إذا استمرت ارتريا على هذا الحال فإنه من المرجح أن تلقي كمية متزايدة من المقاومة ، وخصوصا من الولايات المتحدة التي تدعم الجانب الآخر في الصراع حول كل ما تسانده ارتريا. وفي نهاية المطاف ستكون ارتريا معزولة مع حلفائها فى المجموعة ،ايران وكوريا الشمالية ، وستناضل من أجل بقاء النظام على حساب شعبها.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=2615
أحدث النعليقات