ارتريا .. ونكبة الاستقلال
بقلم .. يس معلم
من مفارقات القدر ان تنال ارتريا كامل استقلالها وسيادتها من المغتصب الأجنبي علي يد الجبهة الشعبية (الهقدف) والفضل يعود اولا وأخيرا لجُهود وسواعد ارترية خالصة سطرت خلال ثلاث عقود من الكفاح المستمر أروع وأنبل البطولات التي باتت مضرب مثل في القارة السمراء.
ليصبح هذا البلد في ال ٢٤ من مايو ١٩٩٣ واحدة من الدول المعترف بها ضمن المنظومة الدولية (الامم المتحدة) وهذا الاعتراف السياسي كما هو معروف ينطوي علي تمتعها بالسيادة المطلقة علي ان تمارس بنفسها كافة صلاحياتها الدستورية علي ان يكون في راس اولويات اول حكومة توفير الأمن والاستقرار ونهضة البلاد الاقتصادية والارتقاء بالانسان الارتري الذي خاض رحلة طويلة من الكفاح المسلح، ووضع حد لغطرسة اكبر إمبرطورية في افريقيا التي كان يهابها الجميع.
الا ان الجبهة الشعبية ومنذ ان اعتلت سدة الحكم في البلاد بددت هذه الأحلام وقضت عليها وأفرغت كلمة الحرية والاستقلال من معناه الحقيقي، لان الواقع اليوم يبرهن أنه لا علاقة ولا معني ل ٢٤ مايو من الاستقلال لا بالنصوص ولا بالنوايا، والارتريون سقطوا في براثن استعمار من نوع جديد، لايختلف عن الاحتلال الاثيوبي المباشر.
ولا مجال هنا لسرد كافة ممارسات هذا النظام الطائفي البغيض وما قام به منذ فجر الاستقلال حتي هذه اللحظة،
لكن يكفي ان نشير الي انه كشف لنا عن سوأته منذ بداية عهده عندما قتل معاقي حرب التحرير امام مري ومسمع العالم، كما نظم حملة استهدفت الدعاة والمشايخ وإغلاق المعاهد الدينية التي تمثل رمزية لاكبر مكون في ارتريا دون اي وجه حق او تقديم محاكمات عادلة، كما تسلط علي مقدرات البلاد الاقتصادية والتضيق علي الشعب من خلال ممارسات غير شرعية متمثلة في تقيد حريته والتجنيد الإجباري دون تميز وتجيّش الارتريين في الخدمة الوطنية، وفرض ضرائب وعتاوات بذرائع واهية الأسباب في الداخل والخارج، والاعتداء علي الملكيات عبر التهجير الممنهج لبعض السكان من مناطقهم الإصلية الي جهات اخري بهدف خلق وضع ديموغرافي جديد علي أساس طائفي بغيض، وللتاريخ ان نذكر نزوح الارتريين من جديد في ظل ما يسمي بالاستقلال بكميات لم يعرفه الارتريين مثلها إبان الاستعمار الاثيوبي.
ولذلك من العبث الاحتفال بهذا اليوم الذي تنظمه الجبهة الشعبية والتي تهدف من وراء هذه الاحتفالات التسول عبر سفاراتها الهزيلة المنتشرة في الخارج، من خلال ابتعاث فرق موسيقية مهمتها جمع الاموال من الارتريين الذين تستلهمهم مشاعر التحرير والوطنية المنقوصة الأركان.
ومن الغرائب والعجائب لهذا النظام في الوقت الذي نستنكر فيه بشدة مشاركة الارتريين بالمال في مثل هذا اليوم التاريخي (الاستقلال)، يقوم عبر ما يسميه الجالياته الوطنية تقديم دعوات مشاركة للجاليات الصديقة منصوص عليها أسعار وفئات التذاكر المتوفرة للدخول الامر الذي يجعلك تشعر بالخجل من هذا الإجراء، وكان حري بأصدقاء الارتريين المشاركة دون مقابل مادي بل كان من المفترض ان تكرم هذه الجاليات علي حضورها.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=41745
نشرت بواسطة فرجت
في مايو 23 2017 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
أحدث النعليقات