الأحداث المأساوية في ماي حبار
بقلم / متكل أبيت نالاي
هذا ما قرأته في موقع مسكرم بتاريخ31/10/2000 كتبها شخص دون أن يذكر اسمه ولكن يبدو لي قريب من دفاتر المحكمة وإني فقط أنقل لكم ما قاله بتغرنية– لتأمل في البدايات المشكلة ومسبباتها والمنطق الحكومي المبني على الباطل. يقول:
أجابنا إحدى الآباء الكبار حينما سألناه بالتالي: كيف حصلت الأحداث الدامية في ماي حبار ومن هم الأيدي التي نفذوا هذه الجريمة الشنيعة. ؟
يأبني سألتني سؤال كبير هل لأنهم كانوا رفاق ضربك في الأمس القريب, أم لأنك فقدت فيهم من تعرف من معوقي جرحى حرب التحرير.؟ أياً كان السبب لسؤالك عليك أن تعرف كل يوم يقع الأسوأ في بلادنا ونحن دائماً نعيش 11حملي ونعاني قصص مثلها ولا يمكن فصل بينها, وهي قصص لا تنتهي قسوتها في حد معين حتى لو قصصتها لك يومياً يسحب فيها شعبنا نحو الموت المحقق,كما تبدو لنا قدرنا المحتوم جميعاً لا يمكن الفكاك منها قريباً.
على كل حال بات لنا أن نعرف هذا اليوم الأسود ويجب كل موطن أن يعرف الملابسات التي غلفت الأحداث, ولا يجب أن تنسى لحظة واحدة. فالعبرة الحقيقية لهذا النظام هو تذكير الشعب بشكل دائم جرائمه لكي لا يتكرر مرة أخرى. وباختصار الشديد لدي هذه الوثيقة القبيحة الصادرة من الحكومة الإرترية وأرفق معها السند الرسمي للمحكمة العليا الإرترية لكشف الحقيقة الزائفة.
1- نشأ موضوع 11 حملى 1994 حينما طالبوا أعضاء ديمقراطيون في المجلس الوطني الحكومة الانتقالية الإرترية(الجبهة الشعبية سابقاً) بدفع رواتب للمقاتلين. وإسياس الذي وجهته هذه الحقيقة لم يكن أمامه إلا التزام بما سمي( نفض التراب) وهي عبارة عن 500 بر أمكن في عام 1993 توزيعها لكل مقاتل. وكونه لا يرغب أن يلومه الشعب أو المقاتل في ما بعض, كان عليه أن يعتمد خطة التي بموجبها يصرح المقاتل في المقام الأول.وهي:
1- لمح لقادة الجيش أن يضغطوا على المقاتل طوعياً ولكن في الحقيقة هي إجبار يقر فيها المقاتل بموافقة إعفائه من الخدمة, خلافاً لرغبته. وكان هذا الشيء الذي لا نعرف له القانون ساري مفعوله ومثير للجدل عند البعض الأخر, ولكن سمعنا سمح لهم بهذه المحاولة إسياس أفورقي.
2- المناضلين الذي التحقوا بالثورة في عام 1990 اعتبروا قادرين أن يكيفوا وضعهم مع أي عمل أو بأي وسيلة وعليه كفوا بمبلغ وقدره 5000 بر لكل واحد وغادروا الجيش.
3- الجنود القدام الذي خدموا معظم عمرهم في النضال بحجة عدم التعليم وغياب المهارة, والصحة, والتقدم في العمر تم تصريحهم وأعطي لكل وحد منهم 10,000 بر وخرجوا من الجيش نهائي ليصبحوا عاطلين عن العمل تبخرت فيها أمالهم في إرتريا المستقلة.
4- المرأة المقاتلة الذي أنجبت في فترة النضال أو بعدها, كفئت بمبلغ وقدره 10,000 بر وغادرة الجيش دون أن تأخذ مكانها اللائقة.
5- الجنود الذي لحظ عليهم في عدة مناسبات اهتمامات نقدية للحكومة أو من تحوم شكوك حول أدائهم, إلصاق تهم بسيطة عليهم مثل غير أمين, لا يعتمد عليه, عدم الالتزام وطاعة ثم صرحوا وكان تعويضهم مبلغ وقدره 10,000 بر إثيوبي.
في عام 1994 الحكومة الإرترية المؤقتة تمكنت من تصريح عدد50 ألف مقاتل. ثم بعدها قالت إنها وضعت دراسة التي تساعدها في دفع رواتب المقاتلين ومن يخدمون في دوائر الحكومية وقبل إعلان المرسوم لتنفيذه قال الرئيس إسياس: تفرض علينا المصلحة العامة ترتيب أولويات القضايا المراد النضال لها, لهذا وضعت الحكومة حل لعديد من المشاكل ولآن تأخذ مسألة تصريح المعوقين حيزا كبيراً من اهتماماتنا ونتوقع أن تشهد حلول تنفيذية قريباً, بعدها تم توزيع تعميم قيل مكتوب بخط الرئيس إسياس أفورقي عمم إلى جميع الدوائر الحكومية والجهات الحزبية وفروعها, والشؤون التنظيمية و كافة القطاعات العسكرية مفاده” توجيه كل معوق حرب التحرير الذي يوجد معهم وإرساله إلى المركز الوطني للخدمات الصحية في منطقة 35 أسمرا وهناك يوجد له ارنيك(فورم) صحي يعرض بموجبه على طبيب مختص لتقييم حالتهم ثم يعبئ الطبيب رؤيته ويرسل إلى وزارة الدفاع, أما المقاتل يحاول إلى معسكر ماي حبار حيث يوجد مخيم جرحى حرب التحرير. وانطلاقا من هذا التعميم سوف تقرر خطة عمل قريباً والآن تعكف الحكومة في دراسة تصنيفات المشروع وعلى الجميع التعاون لإنجاح هذا المشروع.” كان هذا محتوى تعميم.
ولكن نوايا إسياس الغير واضحة أساس شكوك في تنظيم سري يسمى (النهضة الوطنية من أجل إرتريا الديمقراطية) وتحرك هذا التنظيم في محاولة لمعرفة ما يهدف منه إسياس وكان من أعنف القرارات التي يقودها إسياس في ذلك الحين وأمكن رصده مبكراً.
1- أولا ُكان يرى يتوجب عليه اتخاذ قرار بتصريح جرحى حرب التحرير(المعوقين) لنقل قضية المعوقين من الهم الحكومي إلى الهم العام وجعلها قضية تستحوذ على اهتمام جميع الإرتريين وجعل الشعب الإرتري يقوم بواجباته تجاههم,بالإضافة كان يراهم مزعجين تكثر وسطهم الأسئلة والمقاومة والمطالب.
راد فعل جرحى حرب التحرير( المعوقين) لإدارة (ج.م.أ) والتي اجتمعت بهم ونقلت وجهة نظرهم إلى من يهمه الأمر.
نفيدكم بأن جرحى حرب التحرير (المعوقين) بدوا يتساءلوا أسئلة كثيرة وقوية بالإضافة على ذلك يقولون بأن قيادة الجبهة الشعبية سواء كنا في الميدان أو بعد التحرير( 1991-1994) لم تشفق علينا يوماً وحداً ولم نتأخر يوماُ عن واجبنا, كنا كما عهدنا شعبنا والتزمنا وشاركنا في كل نشطات التي تعرف( بمأتوت) ولم يرحمونا ليوم وحد ,كنا نؤدي وجبنا رغم إعاقتنا حتى بعد التحرير قدمنا لبلادنا وشعبنا الكثير.
واليوم حينما فكرة الحكومة صرف رواتب أولا ما فكرة إليه هو إبعادنا نحن الذي صنعناهم من لا شيء وهل نسوا الذي ينعمونا به اليوم هو ثمن دماؤنا وثمرة جهودنا. رأيناكم يا قيادة الشعبية—بعد أن ملأتم الدنيا ضجيجاً وصراخاً وعويلاً باسم المعوقين بدأتم الآن تسيرون في عكس الاتجاه.
ولكن اللجنة التي اجتمعت بهم قالت لهم لن نقدر أن نجاوب أسئلتكم ” وإليكم هذا التعميم الصادرة من مكتب الرئيس الموضوع مطروح في هذه الورقة عليكم قرأته ومراجعته” كان واجبنا قرأت هذا البيان أمامكم فقط. وعند سؤالهم من المسؤول من هذه الطبخة, نريد أن نناقش معه أوضاعنا تلكأت اللجنة أمامهم وفتشت لإيجاد مخرج لها من هذه الورطة ولكن المعوقين قالوا لهم أنتم عليكم إحضار لنا صانع هذا القرار فوراً. ثم راد عليهم المناضل تخلاي كيداني الذي كان يحاورهم, إنه ذاهب إلى أسمرا لإحضار لهم الجهة المسؤولة من استفساراتهم وفعلاُ التقى شخصياً بسياس أفوارقي وشرح له ما حصل ودخل معه في حوار في مجمل قضاياهم التي لها مردود سيئ على العمل السياسي وكان رده” أذهب وقول لهم كفوا عن الغوغائية والثرثرة( والوق واق) الكثير, وقل لهم هذا هو التعميم الإداري ” يقول لكم الرئيس, وعليكم التقيد به. وأبدى تخلاي كداني استغرابه من اللغة التي تحدث بها الرئيس والتي تنم عن أفق ضيق وتعنت باطل.
عاد تخلاي إلى ماي حبار وحينما سمعوا منه الإجابة أعلنوا رفضهم لهذه التسوية المطروحة وارتفعت أصواتهم بحدة وساحب ذلك انفلات وفوضى وسط المجتمعين وعمت حالة من الذعر والفزع من المجهول الذي يهدد وضعهم وأسئلة كثير قامت حول المستقبل الذي يكفل لهم المأكل والمشرب بالإضافة الغاية من القرار غير معروفة لهم ومع ذلك سببت لهم حالة نفسية مزرية للغاية, ثم قرروا أن يعبروا عن حقهم عبر مظاهرات سلمية.
كان محتوى التعميم لمعالجة هذه القضية يقول كأتي :
أولاً- كونهم معوقين حتماً إعاقتهم تمنعهم أن يكونوا منتجين ومع طول الزمن سوف يتعبوا وينهاروا, وبدون إنتاج يصعب على الحكومة دفع رواتب شهرياً لهم.
ثانياَ- هؤلاء المعوقون عقبة لابد من إيجاد حل لهم, وحسب النظام يجب على شعب تحمل هذه مسؤولية وليس الحكومة, ولا نسه إنهم تعوقوا من أجل الشعب علينا إحالتهم إلى الشعب.
ثالثاً- على الحكومة هناك مسؤولية فقط نحو من فقدوا رجلين أو عينين أو يدين أو نصف جسمهم ووفق هذا تصنيف التفصيلي التي أوجدتها الحكومة ينتهي الجدل بشأن من هو المعوق,أما الباقي كلهم سيشملهم التصريح مع أعطاهم مبلغ وقدره 10,000 بر إثيوبي كتعويض. كان هذا محتوى القرار الذي صنعه الرئيس وجعل من المعوق فئتين قلب فيها المقاييس المتعارف بها عند جميع الناس ووضع لها قانون يتعين على الشعب الإرتري الالتزام بها حتى ولو كانت تخالف قناعتهم.
هذه الأفكار الخادعة والخائنة والغير إنسانية وغير المسؤولة كانت من أهداف إسياس أفورقي وحينما أمكن للمعوقين تأكيد لهم نوايا الحكومة بما يدور حولهم والصعوبات التي سوف تحيق بهم وأثارها الخطيرة التي سوف تتركها على المجتمع نتيجة تصريح 8000 معوق بلا مصادر رزق وهم شبه من أسر معدومة , ومع ذلك المعوقين كانوا غير مقتنعين بما يسمعوا وما كان لينسجم مع قناعتهم بالتنظيم الذي أفنوا فيه حياتهم. واكتفوا بالقول سوف نلتزم حتى يأتينا القرار الحكومي الرسمي وعلى ضوء القرار سوف نحدد مواقفنا ومطالبنا, وحتى ذلك علينا بالصبر لكل شيء. وهذا موقف ناتج عن اقتناع كامل بالتنظيم.
أما لرئيس الذي درس أهدافه لغاية غير شريفة كلف بالأمر المقاتل/ أمانيئل محرت أب مسؤول الإغاثة وتصريح المقاتلين. أن يذهب إلى ماي حبار ويشرح لهم هذا المخطط الجهنمي ومعه التعميم الذي أصدره إسياس بهذه الخصوص وبهذا يكون البرنامج دخل حيز التنفيذ. وفوراً تحرك السيد/ أمانيئل إلى معسكر ماي حبار وكان في المعسكر ما يقارب 8000 من معوقي جرحي التحرير الإرتري وقام جمعهم للاجتماع العام, كان ذلك بتاريخ 9 حملي 1994 ميلادي ثم قراء عليهم التعميم الذي كلف به وكانت مفاجأة كبيرة للحضور ولم يصدقوا ما سمعوا” الخدعة نفسها التي سمعوها مبكراً” وبدوا يقولون لمصلحة من يتم هذا العمل وكيف سمحت لهم نفسهم بالإقدام على مثل هذه الخطوة المخلة لأمانة الشهداء والقيم الذي ناضلنا من أجلها. ورفعوا أصواتهم عالياً معاُ وقالوا له هذا ” غير عادل في حقنا ولا يجب أن يتم ونحن ندين هذا القرار ونقاومه بشدة ونرفض كل أشكال التسوية المطروحة بهذه الطريقة ” وفوراً جهزوا كتابات ولافتات التي توضح موقفهم ومطالبهم وقرروا التحرك بمظاهرة من ماي حبار إلى أسمرا لتعبير على هذا الظلم القاسي الذي وقع عليهم.
وعلى ضوء المعلومات التي وردت إلى مسامع إسياس, شعر منها إنهم قادمون بشكوى رسمية تفضح الحكومة الإرترية أمام شعبها وتشوه مكانتها بين العالم. الأمر الذي أرعب إسياس وقام فوراً لايهاتف احدي مفاتيح أزمته المدعو/ فطوم قبري هوت (ودي ممهر) الذي كان في مصوع حينها, وهو مسؤول الفرقة رقم 525 (الكماندو) وهو شخص غريب الأطوار ومفتون بالقتل ويدين بالولاء الأعمى لإسياس أفورقي بحثاً عن دور بطولي أجوف في مسرحية ماي حبار الشنيعة ليكون بطلها في أوراق المحاكم, وعلى كل حال قال له إسياس” المعوقون قادمون إلى أسمرا لفضحنا وتخريب صورتنا وتشويهها أمام الرأي العام الإرتري والعالمي وهو أمر ليس فيه مصلحة لأحد عليك أن تحاول معهم إذا أمكن لك حاول من فضلك منعهم أو إجبارهم بالعودة إلى رشدهم دون ضجيج وإذا لم يتثنى لك ذلك أسند إليك أمر تصفيتهم بالرصاص وهذا قرارنا للمعلومية والموضوع مطروح عليكم حله كما يجب بجدية وحزم, وعليكم الآن أتحرك بسرعة لإعادة الهدوء إلى المنطقة. كان هذا واحد من أقصي وأعنف القرارات الذي أقلق المقاتلين في فرقة الكماندو, ولكن ما صدق المسؤول العسكري الذي تسلم هذا القرار والمتسبب في هذه بلوه المدعو/ فطوم قبري هوت والملقب ب(ودي ممهر) حشد قواته من وحدات الكماندو القناصة حول طريق أسمرا نفاسيت وقفوا صفاً وشرح لهم المهمة فرداً فرده وطلب منهم تطبيق القرار حرفياً كما ورد إليه وشدد عليهم الضوابط العسكرية وعدم الاعتراض أو التردد ضد كل من تسول له نفسه للأساة إلى بلادنا وتنظيمنا كما يقول. ولكن بعضهم أنبهم ضميرهم وغير راضين بالحسم العسكري وانقسموا إلى فئتين.
فيئه ترى إعطاؤها زمن كافي لإقناع المعوقين وتعاملت معهم على أساس الإقناع والعودة والتعاطف وكانت تقول لهم ” أيها لرفاق يوجد بين يدينا قرار صريح لقتلكم الرجاء ثم الرجاء بالعودة إلى معسكركم في ماي حبار” بالإشارة لقرار الرئيس ودفعوا لحسن النوايا بمواسير ببنادقهم إلى الأرض لتهدئة الموقف كما طلبوا الهدوء من الفئة الأخرى التي كانت تتربص بهم لدفعهم باتجاه التصفية والتي كانت تعوق جهودهم المبذولة بقولها , ” لن يجدي معهم غير الرصاص دعونا ننفذ القرار ” واقتربت منهم فرقة التدمير جيش ودي ممهر ومن معه من المرحلة الحاسمة, هذا الشخص الذي لا يريد أن يهيئ لشيء غير الحل العسكري رغم توفر كل الخيارات أمامه, وفعلاً أقبلوا عليهم وفتحوا النار ونفذوا المهمة كما كانوا يريدوا لها أن تكون بأكبر وأكثر همجية وفظاعة, وخلال دقائق معدودة أسفرت عن قتل 3 من المعوقين وجرح 14 وأسر 15 كانت فأجعت إرترية مست مشاعرنا كلنا قلنا فيها لا يستحقوا منا هذا العمل الوحشي, ومازال يؤسفنا ويؤلمنا, ولكن حصل من أعلى سلطة في البلاد.
أما الأسرى أل 15 وضعوا في سجن طرطارات بتهمة التحريض وخلق بلبلة سياسية بتعاون مع تنظيم” النهضة الوطنية من أجل إرتريا الديمقراطية” وبعد التحقيق معهم تبين لوزارة العدل يوجد وسطهم أشخاص أبرياء لم يكونوا موجودين في قلب الأحداث ولم يشتركوا فيها وليس لهم صلة من بعيد أو قريب بهذا الموضوع كشفا للمحكمة عن خلفية التهم التي ألصقت عليهم. والأبرياء هم:
1- المقاتل طهاي هبتي
2- المقاتل أبراهام تولدي تسفاقبر
3- المقاتل سلطان قرزقهير قعلاي
4- المقاتل منصور محمد إبراهيم
أما الباقون هم من النوعية التي تحتاج عناية طبية يومية وخصوصاً الأخوة المقاتلين برهي ولدي زقي, وزميله المقاتل ضرار عقبا سلاسي, الذي أصيبوا في رأس وكانوا معرضين بتشنج والصرع (epilepsy) من 5 إلى 9 مرات في اليوم كانت تعتبر حالتهم من الحالات الصعبة للمراكز الطبية, ما بالك حينما تكون هذه الحالات موجودة في سجن مثل سجن طرطارات.
أيها الأخوة القراء
إليكم ما ألت إليه أوضاع معظم الأسرى
كانت المفاجأة حينما تسلم ملف التحقيق إلى أشخاص غير مؤهلين أكاديمياً اللهم لهم تجارب نضالية ومنظور عسكري وقدرة محدودة في تحقيق بعيدين كل البعد عن مجال القضاء والعدل بهذا يكشف لنا الرئيس ضحالة فكره المعرفية ومدى سقوطه الأخلاقي الذي ينحدر إليه بأساليبه الخادعة والماكرة والغير إنسانية. وهذا بحد ذاته مأساة أخرى تقع فيها البلاد. وللأهمية الموضوع نطلب من القارئ متابعة التحقيق الذي أجري بخصوص هذه القضية.
أولاً- كيف تقاضت الحكومة الإرترية هؤلاء المقاتلون؟
تبلغت المحكمة العليا الإرترية في أسمرا عبر مكتب العدل (المدعي العام) شكوه من الحكومة الإرترية تشتكي فيها الأسرى , وتطالب بموجب المادة 32/312/1 للقانون الجنائي الذي تقول انتهك هذا القانون نتيجة الأعمال الذي قاموا بها هؤلاء المقاتلون, تمثلت في تجمهر وإحداث فوضى وشغب والتحريض لتمرد والإخلال بنظام البلد بتواطؤ مع تنظيم ” النهضة الوطنية من أجل إرتريا الديمقراطية وتطالب بضرورة الاستعجال بمعاقبتهم لما تسببوا به من جرائم نكراء ضد شعبهم ووطنهم وليكون جزاؤهم مناسباً مع فعلتهم وذلك حسب خلفية المادة المذكورة إعلاء.
وهذا القانون أثار أزمة وقلقا بالغاُ للمحكمة, وبدأت اختلافات قانونية حوله, يروا خبراء القانون إنه قانون قديم استعماري قاصر كان يتم تداوله في نظام الإثيوبي البائد. وهذا القانون يرمي بتهمة الخيانة العظمى وتنص مواده على الإعدام, وهذه أحكام عقابية ثقيلة, مما يجعل هذه المادة غير متوافقة مع أوضاعهم وكان الأجدر للمحكمة أن تبحث في حلول أخري انطلاقا من معطيات ورؤية سيكونها التحقيق مما اقتضى من شهر 7/1994إلى 2/ 1996 جدل كبير يدور بين الأسئلة والأجوبة أمطرت المحكمة بمشاكل كثيرة واتهامات عديدة.
أقوال شهود الحكومة الإرترية أمام المحكمة العليا
حضر كشاهد أول للحكومة الإرترية هو القائد الأعلى للقوات الخاصة المعروفة( بالكماندو) المقاتل/ فطوم قبري هوت الملقب ب( ودي ممهر) كمنفذ مسرح الجريمة وفي جلسة استجوابه تطرق إليه القاضي بسؤال لتوضيح ملابسات الحادث والإجراءات التي اتخذت لتطويقه, وما سبب فتح النار عليهم,؟ ولكن كانت صيغة السؤال تقول كالأتي : عما إذا كان استنفذ كل المحاولات السلمية لإعادتهم إلى معسكرهم, ولم يبقى أمامه غير هذا الحل,؟ وطلب منه أن يكتفي في الإجابة بنعم أم لا. وهذا الصيغة أصلاُ لا يجوز أن يساءل بها القاضي, ومع ذلك كانت المفاجأة من جانب المقاتل ودي ممهر حينما رد عليه وقال له: هذا غير صحيح, كانت لنا القدرة الكافية لإرجاعهم من حيث أتوا, وما حدث هو تنفيذاً لأوامر عسكرية صدرت لنا من السلطات العليا في البلاد. دون أن يذكر اسم من يقف وراء القرار كاشفاً النقاب على من تحوم الجريمة. وكان أحرى على القاضي أن يساءل عن اسم هذا الجهة لإيضاح الجريمة, ولكن ربما خاف من الإجابة التي سوف تزلزل رأس النظام أو ربما ثبت للجميع من هو هذه الجهة؟ عموماً لم يساءل القاضي عن اسم الفاعل ولا يرى ضرورة النطق بمن يقف خلفها, وصرف السؤال إلى الأسئلة أخرى للفلفت الموضوع.
أما الشهود الباقون هم المقاتل/ تخلاي كداني والمقاتل أمانيئل محرأت أب ومعهم عدد 34 مقاتل شهود عيان ممن كانوا بقرب من الأحداث, وكلهم أعطوا معلومة وسرد لدوافع ما حدث والافتراضات التي ممكن حل الموضوع بها وكانت تشهد لصالح عدالة قضية الأسرى.
وفي نهاية أحلت القضية لتاريخ 21/2/ 1996 ورأت المحكمة أن الوضع غير سليم والدلائل غير كافية لإنهاء هذه القضية وتم تميع حق الأسرى بأسلوب مهين للعدالة من أجل إسقاط عار الجريمة من كاهل المجرم. وأخراً أصدرت المحكمة قرارها اعتبرت فيها القضية من المنظور القضائي أمراً طارئا وأحداث سطحية, وبهذه الطريقة طويت الملف وتم الإفراج عنهم وأنتهي المشهد الأخير بعد أن كانوا مثار جدل, للقانون الجنائي الإثيوبي, وانتهى الأمر في لحظات وكان شيئاً لم يكن.
أساسا وضعت بالتغرنية في موقع مسكرم ولأهميته ترجمة إلى العربية لفائدة القارئ العربي , ونرجو أن تقرا وتوثق ضمن الجرائم السابقة لنظام الدكتاتوري الحاكم في البلاد.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6430
أحدث النعليقات