الأغنية التي تصدعت على رؤوس النظام
كنت أشاهد وأستمع إلى الأغاني الإرترية القديمة التي تغنوا بها الفنانون الإرتريون من بداية انطلاق الثورة وحتى بعد التحرير وفي الحقيقة كلها أغاني تاريخية كاملة تعبر عن حقائق الثورة وترصد فترة هامة من زمن الكفاح المسلح حتى اننا نستطيع من خلال استماعنا لتك الأغاني أن نؤرخ بكل دقة زمن الصراع وماتلاها من أحداث إبان حروب التحرير. والحقيقة أن الأغنية الإرترية كانت تعبر بصدق عن حب للوطن والوفاء والكرامة الإنسانية, والجبهة الشعبية أيضاً كانت ومازالت تستخدم الأغاني كسلاح في المعركة وقدمت مخزون من الأغاني الوطنية وكان لها السواد الأعظم من الفنانين كان دورهم كيف يشرحوا انتصاراتهم بالأغاني والعديد منهم تغنوا بإنجازات الثورة وسخروا من الجيش الإثيوبي و أطلقوا أغاني كثيفة وساخنة في ساحة الإرترية. للأسف بعض هذه الأغاني بقيت في وجدان المستمع سنين وبعضها تبخر من أذان المستمع. مثلاً أغنية أيبالناندو التي ملأت أسماعنا بكلماتها القوية والبليغة وهي أغنية معروفة محفزة على مقاومة و تدعم صمود المقاتلين وفيها يتجلى التضحية والمواقف البطولية لهذا كنا نشدوا بها كلما أردنا أن نتباها بالنصر على اثيوبيا وكان لها مفعول سحري لافت يلهب المدرجات في كل مكان وفي الميدان أيضاً صنفت ضمن الأغاني ذات المستوى العالي في قيمتها ومضمونها الوطني .
أما الآن لا أعرف ماذا حل بها. ؟ لقد مر وقت طويل على اختفاء أخبارها ،
منذ الحرب الإثيوبية سجلت هذه الأغنية غياب شبه كامل في إعلام الإرتري وأصبحت كلماتها محرجة لا تتناسب مع تلك الكارثة التي حلت على شعبنا. أغنية أيبالناندو الذي نفخ فيها النظام من روحه الشريرة تصدعت على رؤوس الإرتريين وفقدت توهجها وضاع عصرها الذهبي في أول معركة مع اثيوبيا
و أصبحت سيئة ومحبوسة عند علي عبده الذي أ درك مغزى كلمتها مما دفعه تجميد عرضها على التلفزيون والإذاعة, ظناً منه بأن البلاد تعرضت للحرب والتدمير والهزيمة من اثيوبيا. ربما شعر بأن هذه الغنية كل بطولاتها وفرضياتها تكسرت في أول حرب واجهتها مع اثيوبيا وفقدت قيمتها بفعل مغامرة اسياس أفورقي في الحرب الإثيوبية الثانية وأصبحت أغنية باهتاً وغير صادقة وتآلفة نسبياً لعدم امتلاكها ديمومت الخلود.
ولكي تعود هذه الأغانية الى حقبة الأغاني الوطنية تحتاج البلاد إلى مصالحة مع اثيوبيا والا أصبحت معلقه في الهواء ولا أحد سوف يبالي بما حصل لها… لأن خلف هذه الحروب مئات الآلاف من الشهداء والمعاقين لهذا الكثيرون لا يريدون أن يستمعوا لأغاني تغذي غرور وامراض الديكتاتور وتعمل على تلميع وجهه القبيح وتحول الهزيمة الى نصر والباطل الى حق والتخاذل والاستسلام الى عزة وكبرياء، ، ومع ذلك نجدها حية ومتجددة ومتألقة في مكان آخر، وهذا ما يكشفه لنا الاعجاب الكبير الذي تحظى به هذه الأغنية في زال أنبسا وأوريب وبادمي, لم يعد أحد يعرف عن موطنها شيئاً ولكن تمَّ قطعها بالساطورعلى خلفية أحداث المنطقة. ربما جاء الزمن الذي يغنوا فيه الإثيوبيين على نحو ساخر من النظام وعلينا أن نصغي لهم.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=314
أحدث النعليقات