الأمين عقد سمنارا فاشلا في ملبورن ، ومن لم يرى ذلك فهو أعمى البصر والبصيرة
فرجت: ملبورن 7 يناير 2006
كلنا تابع الفشل الذريع الذي منى به مهرجان هقدف هذا العام في استراليا اثر الملحمة الرائعة التي سطرتها الجماهير الارترية في ملبورن والتي هزت فيها أركان النظام ومريديه الذين لا يرون أو لا يرغبون في رؤية الحقيقة المجردة. ولهؤلاء البسطاء عديمي البصر والبصيرة نقول إن طلب الأمين التفاوض مع اللجنة المنظمة للتظاهرة وهروب الفنان الكس هو أكبر دليل على انقلاب المعادلة وان الجماهير الارترية سحبت البساط من تحت أقدام نظام هقدف المتآكل، وان العد التنازلي لهذا النظام قد بدأ، وهو زائل لا محالة.
لم ندخل المهرجان لأننا نعلم تماما إن الرقص على أنغام موسيقى تعزفها فرقة تُعامل “كالرهائن” على حد تعبير احد المتظاهرين، وفي زمن يعيش فيه شعبنا في سجن كبير الكل فيه يتعرض للمهانة والذل والتعذيب لن يجعلنا أناس “وطنيون” كما حاول الهقدفيون ترويجه لدفع الناس لحضور المهرجان، بل سيحولنا إلى دمي فاقدة الحس والمنطق لا علاقة لها بمعاناة شعبها ووطنها وهو أمر نرفض أن نقوم به طالما يعيش شعبنا تحت الحصار وتُعامل أمهاتنا بقسوة لم نشهدها حتى في عهود الاستعمار البائدة.
رغم فشل المهرجان وبشهادة الجميع، فان بعض مراهقي الكتابة خرجوا لنا بتقرير هزيل بعيد كل البعد عن التغطية الصحفية ولن نكون مجحفين إن قلنا انه أشبه بمحاضر الاجتماعات وهو ما نشكرهم عليه لأننا سنحاول إيضاح ما خفي عنهم من عوامل فشل الأمين والتي لم يروها أو لم يرغبوا في رؤيتها.
لقد برر الأمين تصرفات النظام الغريبة تجاه قوات حفظ السلام الدولية بالقول:
“نحن نعرف تماما تاريخ قوات حفظ السلام.. فعلى سبيل المثال دخلت القوات الدولية منطقة كشمير لفترة قصيرة ولكنها لا تزال قابعة هناك لأكثر من ثلاثون عام.. وكذلك في جنوب لبنان.. وفي قبرص…وفي كوريا وغيرها من مناطق كثيرة من بؤر النزاع في كافة أنحاء العالم… ولا يخفى عن أحد بأن المنظمة الدولية لم تعد تملك قرارها بعد أن تحولت إلى أداة في خدمة بعض الدول الكبرى”.
كان هذا تبرير الأمين لتعامل النظام الصبياني وغير المسئول مع القوات الدولية. ونحن نتساءل هل يعرف الأمين ما هي مهمة قوات حفظ السلام؟ في تقديرنا إن قوات حفظ السلام كما هو واضح من اسمها وكما تنص عليه القوانين والاتفاقيات التي وقعت بشأنها هي قوات لها مهمة واحدة، هي حفظ الأمن والسلم في منطقة النزاع التي تُبعث إليها بالاتفاق مع الإطراف المتنازعة وان بقاءها في أي مكان ما مرهون باستتباب الأمن والسلم. وإذا بقت القوات الدولية في مناطق مختلفة من العالم لسنوات طويلة فان ذلك حتما بسبب أن النزاعات في تلك المناطق لم تنتهي بعد، وعليه فان محاولته إلقاء اللوم على القوة الدولية في عدم تحقيق تقدم في العملية السلمية هو أمر قصد منه التضليل والتملص من التزامات النظام في تنفيذ الاتفاقيات التي وقعها لإنهاء النزاع، لان هذا النظام يعلم تماما كما يعلم الشعب الإرتري أن انتهاء النزاع مع إثيوبيا يعني نهاية النظام لان مبررات استعباد الشباب الإرتري بحجة” أن سيادة البلاد في خطر” ستفقد مصداقيتها، وان تحقيق السلام لن يجر على النظام سوى ثورة شعبية عارمة مطالبة بالديمقراطية وبسط الحريات وهو أمر لا يرغب في تحقيقه.
أما فيما يتعلق بموضوع الحريات والسماح بالتعددية الحزبية فان الأمين قال كلاما مضللا حاول من خلاله إظهار أن الجبهة الشعبية تؤمن بالنقد البناء وان هناك لجنة تدرس موضوع الأحزاب. ونحن نتساءل كم لجنة يحتاج الأمين حتى نرى التعددية الحزبية واقعا ملموسا في بلادنا؟ خاصة إذا علمنا أن آخر لجنة كانت تقوم بدراسة هذا الأمر لم يتثنى لها رفع توصيانها بل على العكس من ذلك ادخل رئيسها المناضل محمود شريفو السجن ولا يُعرف مصيره حتى الآن، وان اللجنة التي صرح الأمين أنها شكلت لتأسيس الأحزاب فإننا نعتقد أن رئيس النظام له رأي يختلف عن مبعوثه بشأنها، ولا نعرف إذا تابع السيد الأمين التصريح الذي أدلى به رئيسه خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع نائب الرئيس السوداني سلفاكير في اسمرا والذي كان يجيب فيه على سؤال يتعلق باللجان المشتركة لتحسين العلاقات بين البلدين حيث قال اسياس” إذا ارتدت أن تقتل أي عمل فحوله إلى لجان”. ولأننا نعلم أن اسياس هو من يسيطر على مقاليد الأمور في بلادنا فان تشكيل لجنة تدرس مسالة الأحزاب إنما يعني قتل هذا الأمر وان الحديث الذي أدلى به الأمين لا يعدو كونه كلاما فارغ المعنى والمحتوى.
قال الأمين أن هدف النظام هو تحقيق التنمية ورفع مستوى الاقتصاد وتامين الحاجات الأساسية للمواطن. إن مثل هذا الكلام النظري قد يكون مقبولا من شخص يحاول طرح برنامج انتخابي وليس من نظام يمارس السلطة منذ خمسة عشر عاما، وكلنا يعلم كيف تحولت ارتريا من دولة كانت تتمتع باستقرار اقتصادي ووفرة في المواد الغذائية إلى إحدى أكثر الدول التي تحتاج إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وان التدهور الاقتصادي والنقص الحاد في الغذاء والدواء الذي تشهده ارتريا اليوم إنما نابع عن سؤ الإدارة والفساد والسياسات الخاطئة للنظام بالإضافة إلى الحروب العبثية التي جرنا إليها. والكل يعلم كما يعلم السيد الأمين أن القطاع الاقتصادي لهقدف هو المسيطر اليوم على الحياة التجارية والاقتصادية في ارتريا وان معظم التجار إما تعرضوا للحبس وإما سحبت رخصهم التجارية بحجة أنهم لا يسهمون في تطور الاقتصاد أو هم ليسوا بتجار حقيقيين وإنما “تجار شنطة” كما سماهم السيد الأمين في سمناره عندما سئل عن سبب سحب التراخيص التجارية وتضييق الفرص عن المواطنين.
إن إهانة المواطنين والتقليل من شأنهم أمر درج عليه نظام هقدف منذ زمن طويل لتبرير الفظائع التي يرتكبها بحقهم، ففي إحدى المرات برر راس النظام اعتقال الصحفيين دون جرم لأكثر من أربعة أعوام بأنهم ليسو بصحفيين حقيقيين وإنما هم هواة للكتابة. واليوم يردد الأمين كلاما مشابها بوصف هؤلاء المواطنين “بتجار الشنطة”. وهذا الازدراء الواضح لشعبنا يجعلنا نتساءل بمرارة بأي حق يحدد لنا الهقدفيون من نحن وأي الأعمال نمارس؟ إن نزول مسئولي نظام هقدف إلى هذا المستوى المتدني من المغالطات يبين لنا ضحالة تفكيرهم وهشاشة منطقهم ولا نعتقد أنهم يحملون أهداف نبيلة أو مشروع سياسي للرقي ببلادنا.
حول العقوبات الجماعية التي يتعرض لها أولياء الأمور بسبب هروب أبناءهم من جحيم هقدف قال الأمين” من غير المعقول أن يتهرب أبن التاجر أو المسئول عن الخدمة الوطنية في وقت أن أبناء الفقراء يؤدون الخدمة الوطنية.”
وإذا كان كلام الأمين صحيحا عن هروب أبناء التجار لان ابائهم دفعوا مبالغ مالية لتهريبهم، من البديهي أن نتساءل لمن دفع هؤلاء التجار أموالهم؟ أليس الهقدفيون هم من يحكمون البلاد والعباد وأنهم يأخذون الرشاوى خفية ويعتقلون الناس علانية؟ ومن الذي أفشى وأشاع الفساد في البلاد؟ أليس نظام هقدف الذي نشر قيم وتعاليم لم يعرفها شعبنا طوال سنوات نضاله ضد الاستعمار؟ ثم كيف يعاقب الاباء على جرائم لم يرتكبوها ولماذا لا يقدموا إلى محاكمات إذا خالفوا القوانين؟ ولماذا يُطالبون بدفع فدية تفوق قدراتهم لإطلاق سراحهم؟ الا يعد ذلك سرقة لأموال الناس؟
لقد تعود الهقدفيون ترديد الكثير من الكلام غير المنطقي لمعرفتهم التامة أن اجتماعاتهم التي يعقدونها لا يحضرها سوى أتباعهم البسطاء الذين لا يناقشونهم فيما يرددون من ترهات وحتى وان وجد من يتحداهم يتم إسكاته كما حدث في مناسبات عدة.
لقد كان الأمين خلال سمناره الأخير في ملبورن نموذج آخر من النماذج الهقدفية التي تثير الضحك والشفقة لان عقول الارتريين اكبر من أن تنطلي عليها مثل خرافاتهم فاقدة المنطق والمعنى التي ملها حتى أتباعهم. وان من يعتقد أن الأمين عقد سمنارا مميزا نشاركه الرأي لأنه تميز بفقدان المنطق والتضليل والاستخفاف بالشعب الإرتري.
فرجت
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5663
أحدث النعليقات