الإسلام والمسلمون فى إرتريا … النهل من كنز وثائق سماحة مفتى الديار الإترية
سماحة مفتي الديار الاريترية السابق الشيخ إبراهيم المختار أحمد عمر )رحمه الله(
من رموزنا الإسلامية والوطنية الاريترية الشامخة.
– كان عالما جليلا، عرف بغزارة علمه ، وجزالة حديثه، وهب حياته للعلم وجاهد بنفسه، ولسانه وقلمه وكان يسعى لوحدة صف المسلمين فى اريتريا.
– كان حصنا منيعا لرفع شأن الإسلام والمسلمين فى اريتريا وهو أحد المؤسسين لحزب الرابطة
الاسلامية وكان رجل الإصلاح ورائد النهضة العلمية والثقافية العربية فى اريتريا.
– كان مهتما بالتوثيق وحفظ الوثائق وترتيبها وقد ترك كنزا من الوثائق ومن المجلدات النادرة، عن التاريخ الإسلامي في اريتريا، الحركة الوطنية ، الرابطة الاسلامية، وعن الرموز الوطنية الاريترية.
– الشيخ إبراهيم المختار أحمد عمر، كان أول مفتى عام لإريتريا منذ عام ١٩٤٠م. وحتى وفاته في عام ١٩٦٩م. (رحمه الله)، كما كان قاضيا مقتدرا فضلا عن كونه مربيا ومؤرخا ورجلا وطنيا ترك بصماته الواضحة من خلال أنشطته ومواقفه الوطنية وأيضا من خلال سلطته الروحية والمعنوية في هذه الفترة الحرجة من التاريخ الإريتري. فقد واجه الشيخ إبراهيم كافة الضغوطات والصراعات الداخلية التي كان عليه التعامل معها بواقعية.
رحمة الله على شيخنا العالم والرمز الوطني وتقديرنا على القائمون على هذا الموقع (موقع المختار) القيم والتاريخي.
مقالات: السلطات الدينية في أرتريا قديما وحديثا.
كان من عادة سماحة المفتي أن يتناول بين الحين والآخر في محاضراته ومقالاته قضايا تاريخية ، وقضايا إدارية تتعلق بالمؤسسات الإسلامية ، وذلك بهدف نشر الوعي وتعريف الناس بالقضايا العامة. وهذه محاضرة ألقاها سماحة المفتي في جامع الخلفاء الراشدين ، ونشرت لاحقا في جريدة الوحدة في عددها الصادر في يوم 25 و 26 من نوفمبر 1965م.
تاريخ دخول الإسلام إلى أرتريا وإداراته الدينية
قال الله تعالى: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير”.
مزايا شهر رجب : نحن الآن في شهر رجب ، وهو شهر يمتاز عن غيره من الشهور بعدة مزايا تاريخية تالدة وقعت فيه بيناها ونشرناها مرارا في مثل هذه المناسبة من السنيين الماضية ، ومن ضمن تلك المزايا دخول الدين الإسلامي فيه إلى هذا القطر ، وبهذه المناسبة نتكلم عن موجز مما يتعلق بالإدارة الدينية الإسلامية في هذا القطر كما يلي.
هبوط أول بعثة إسلامية في باضع (مصوع): في شهر رجب سنة خمس من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وثمان قبل الهجرة النبوية الموافق سنة ستمائة وأربعة عشر ميلادية ، قد دخل الدين الإسلامي – قبل سائر المعمورة سوى مكة – إلى هذا القطر في شهر رجب ، حيث هبطت في التاريخ المذكور أول بعثة إسلامية إلى البلاد الخارجية مكونة من خمسة عشرة نفرا من مكة إلى جزيرة باضع (مصوع) برئاسة عثمان ابن عفان الأموي ، الصحابي ، صهر رسول الله ، وخليفته الثالث. وبعده بقليل أتت بعثة ثانية ، ووجدت ترحيبا عظيما في بلاط النجاشي ، حيث تلي القرآن في رحابه لأول مرة ، تلاه زعيم البعثة جعفر ابن أبي طالب إبن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سورة مريم ، ومن سورة العنكبوت ، ومن سورة الروم حتى تأثر النجاشي ورجال حاشيته من سماعه ، ففاضت أعينهم بالدموع ؛ ثم قام الدعاة من هذا القطر بنشر الدين الإسلامي الحنيف في المناطق الأفريقية المجاورة ، حتى وصل دعاتهم إلى ساحل الأطلنطي وخليج غينيا. وهذه الأسبقية التالدة الفريدة من نوعها تعتبر من أسمى المفاخر التي ينبغي أن يحتفل بذكراها مسلموا قطرنا على الخصوص في كل عام ، علاوة على الإحتفال العمومي بذكرى الإسراء والمعراج.
السلطات الدينية الإسلامية فيها قديما
ومن ذلك التاريخ قد انتشر الإسلام في هذا القطر ، والهيئات القائمة بنشره هي:
أولا: شيوخ الحلال والحرام ، وهم العلماء والقضاة ، الذين ألقوا على عاتقهم مهمة إرشاد الأمة إلى أحكام الشرع الإسلامي الصحيحة ، وتطبيقها على أمورهم الدينية ، وحوادثهم القضائية ، وكل مايرفع شأن الدين وشأن المتدينين به.
ثانيا: شيوخ الطرق الصوفية ، وهم الذين كانوا يمسكون زمام العامة بعهودهم ومبايعاتهم بالإلتزام بآداب الدين الإسلامي ، ودعوة أبناء الطوائف الأخرى إلى الدخول فيه.
ثالثا: شيوخ المدائح النبوية والأذكار بين القبائل والمجموعات ، وهؤلاء كانوا يتزعمون القيادة الدينية بين المذكورين بالتوارث عن أبائهم وأجدادهم ، وكل طائفة منهم كانت تختص شياخة القبيلة أو المجموعة ، وتلك الشياخة تكون قد نشأت عن أصل معروف بينهم ، مثل أن يكون جدها قد نشر الإسلام بين تلك القبيلة وأسلمت على يد جدها ونحو ذلك. والعامة تحوطهم بنطاق من التبجيل والإحترام ، وهم يقومون بينها بتنظيم حفلات الأذكار ، والمدائح ، والإستغاثات ، والدعوات في المواسم الدينية ، وحفلات الأفراح ، والمآتم. وكانوا يقتبسون المعلومات من الطائفتين السابقتين ، ويقومون بنشرها بين العامة لكونهم أكثر إختلاطا من غيرهم بأفراد الشعب.
السلطات الدينية الإسلامية فيها حديثا
وفي العصر الحديث ، وبالتحديد بعد عام 1360هـ الموافق عام 1941م ، فإن السلطات الدينية الإسلامية بأرتريا تنقسم إلى الهيئات التالية:
الأولى: الهيئة الإدارية العامة.
وهذه هيئة رسمية حكومية تتكون من مصلحتين: دار الإفتاء ، والمحاكم الشرعية. وقد أصيبت هذه الهيئة في العصور المتأخرة – بعد عام 1318هـ* – بهزات تدريجية طال أمدها ، حيث أضعفت كيانها ، وكادت تقضي عليها لولا مثابرتها على التمسك بحقها ، والذود عن نفسها ، حفاظا على تقاليد دينها ، وماضيها التليد.
ا- دار الإفتاء الأرترية:
أما المصلحة الأولى ، فدار الإفتاء الأرترية ، ورئيسها المفتي ، وهو المرجع الأخير لكافة الشؤون الدينية الإسلامية ، وله مختصات منصوص عليها في المراسيم الحكومية ، والبعض الآخر مشتق من التقاليد المحفوظة ؛ وقديما كانت مختصاته أوسع مما صارت إليه في العصور المتأخرة.
مختصات دار الإفتاء الأرترية:
ومن مختصاته المنصوص عليها في المراسيم الحكومية – كما في إعلان رقم 133 الصادر يوم 10 من سبتمبر 1952م – الموضحة فيما يلي:
1) بموجب مادة (5) فقرة (4) منه ، للمفتي حق الإشراف الإداري العام على المحاكم الشرعية.
2) بموجب مادة (8) فقرة (ب) منه ، له حق إختيار القاضي الشرعي.
3) بموجب مادة (28) منه ، له الحق الشورى ، كرئيس للمحكمة الكبرى في القسم الشرعي.
4) بموجب مادة (72) فقرة (ب) ، له حق الإشتراك في لجنة القوانين.
5) له الإشراف والمسؤلية العامة على كافة أوقاف أرتريا الإسلامية ، بموجب مرسوم حاكم عام أرتريا الصادر في اليوم الرابع من نوفمبر 1943م ، وتفاصيل واجباته موضحة في مذكرة قضاة عشرين محكمة شرعية أرترية ، المؤرخة يوم 9 من نوفمبر 1952م ، والمذكور فيها 14 موضوعا منها في صفحة 6 و 7 و 8.
ب – المحاكم الشرعية:
أما المصلحة الثانية فهي المحاكم الشرعية ، وهي هيئة رسمية حكومية أيضا تشرف على جميع الشؤون الدينية الإسلامية سواء كانت قضائية أو غيرها ، تحت المراقبة والإشراف العام للمفتي ، وكل قاضي في منطقته يعتبر مديرا عاما للشؤون الدينية الإسلامية ، والقانون الحكومي يصرح بأن القاضي الشرعي هو المعين لتطبيق الشرع الإسلامي بنص مادة (22) فقرة (ج) من قانون إدارة العدل – المحكمة الكبرى لعام 1953م.
قوانين المحاكم الشرعية :
وهذه المحاكم تطبق أحكام الشرع الإسلامي في جميع القضايا الواقعة بين المسلمين في غير الحدود ، والقصاص ، والشتائم والنزاعات السوقية العادية ، طبقا لمادة (42) من القانون القضائي لمستعمرة أرتريا الصادر يوم 30 من مايو 1935م ، ونصوص الباب الثاني من قانون المحاكم الشرعية رقم (2) لعام 1365هـ الموافق 1946م ، الذي وضع بناءا على طلب رئيس مصلحة القضاء للمحاكم الأرترية بخطابه رقم (266) عمومي المؤرخ 27 نوفمبر عام 1945م ، والموافق عليه من تلك المصلحة بموجب خطابها رقم (266) عمومي المؤرخ 14 من ديسمبر 1949م ، بعد مراجعات دامت قرابة خمس سنوات بين تلك المصلحة ودار الإفتاء ، ثم المعترف به بمادة (8) من قانون إدارة العدل – المحكمة الكبرى لعام 1958م ، وهو المنشور في الغازيتة الأرترية رقم (5) في 23 من مايو 1958م ، وهو الجاري عمله الآن في المحاكم الشرعية الأرترية بموجب مادة (6) من الأمر الإمبراطوري رقم (27) لعام 1962م.
الأحكام بالمذاهب الأربعة :
والقضاء في هذه المحاكم لايختص بمذهب معين ، وإنما يحكم القاضي جميع ما يعرض عليه على حسب مذهبه حنفيا كان أو مالكيا أو شافعيا ، وعند الإستئناف تنظر محكمة الإستئناف في الحكم على حسب مذهب القاضي المستأنف منه فقط دون بقية المذاهب ، كما تنص على ذلك مادة 192 من قانون المحاكم الشرعية ، ولذلك تعتبر أعمال هذه المحكمة أشق من أعمال محاكم الإستئناف الأخرى. وقبل العصر الإيطالي كان الحكم بالمذهب الحنفي فقط ، كما كان الحال في جميع الولايات التابعة للخلافة التركية.
مؤهلات القاضي الشرعي :
وقضاة هذه المحاكم يختارهم المفتي من ذوي المؤهلات التالية :
أ- حملة الشهادة العالمية من المعاهد الدينية الخارجية.
ب- المشتغلون في القضاء الشرعي مدة ، دون أن تثبت عليهم أي جناية.
ج – الناجحون في الإمتحانات المحلية بإشراف المفتي.
د- شخص ذو أهلية ولا رغبة له في القضاء ، ولا يوجد في جهته من هو أحسن منه ؛ فالمفتي بإمكانه أن يرغبه في تولي القضاء واختياره للمنصب كما حصل في إختيار قاضي عدي وقري في عام 1946م ، وقاضي عدي خواله في عام 1952م ، وقاضي عصب في عام 1964م.
ملاحظات المفتي عند إختيار القاضي :
المعتاد أن ينظر المفتي عند إختيار القاضي في مذهبه ، وأخلاقه ، ولغته ، وبيئته ، وعلى الأخص في قضاة القبائل والمراكز ، ويراعى ذلك مع الأحوال الموجودة في منطقة حكمه ، ويقدم من كان له تجانس مع أحوال سكانها على غيره ، تحقيقا للألفة بين الحاكم والمحكوم. ويوجد أيضا تمييز بين قاضي المديرية وقاضي المركز في الكفاءة ، ففي الأول تراعى المقدرة العلمية ، والحنكة العملية ، والجد والشجاعة ، أكثر من مراعاتها في الثاني كما هو مسطر في البند (5) من مذكرة المفتي ، المؤرخة 25 شعبان 1385هـ الموافق 11 من شهر فبراير 1961م ، المعنونة : إلى رئيس المحمكة الكبرى ، والمرسولة صورتها إلى رئيس الحكومة ، ورئيس الجمعي
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=18272
أحدث النعليقات