الإيمان طريق الخلاص من أزمات الوطن
بقلم/ المهندس سليمان فايد دارشح
إن للإيمان أثراً عظيماً في حياة الناس أفراداً وجماعات فهو يقين وقر في القلب وصدق في القول والعمل، والإطلاع بالمسؤولية، ولكن في زمننا هذا يلاحظ أن كثير من الناس يعيشون في غفلة تامة من أمرهم، ولا يفهمون معنى الإيمان وقيمته ومقتضياته، وبالتالي ركنوا إلى الدنيا الفانية واطمأنوا لها، وأصبحت جلَّ همهم ومبلغ علمهم وأقصى أمانيهم، لا يؤدون واجباتهم الدينية والوطنية حق الأداء ولا يصونون الإخلاق والحياء ولا يجتنبون الظلم والفساد والسلبية والخيانة والإهمال واللامبالاة والكذب والزور والرياء والنفاق وأشبهاها من الرذائل والفجور.
وتنشغل قلوبهم بنوازع المنصب والجاه أو مغريات المال والسلطة والنفوذ ولهم في حماية أنفسهم ومصالحهم الدنيوية طرق وأساليب وخطوات شيطانية ..
ألا يعلم هؤلاء بأن الدنيا هي عبارة عن دار ابتلاء وامتحان، وأن متاعها زائل موقوت وأن كل متاع يفوتهم فيها امتثالاً لأمر الله وطاعته، سيعوض عنه في الآخرة متاعاً أعلى وأحق وأبقى … وإزاء ضعف إيمان هؤلاء بالله وباليوم الآخر وقصور نظرتهم وضيق أفقهم، يزين لهم الشيطان أعمالهم فيصدهم عن سبيل أي صلاح لهم ولمجتمعهم.
وهؤلاء لا بأس لديهم كما أشرنا آنفاٍ من اضطهاد وظلم وقمع المواطنين ما دام يحقق لهم منفعة ما !! وأكثر من ذلك لا يشعرون حرجاً إزاء أي فساد أخلاقي وإهمال أو إغفال وخيانة الوطن أو الشعب ما دام يصحبه نوع من بسط نفوذهم، وسلطانهم وذكائهم الشيطاني قد يقيهم من المساءلة أو يحميهم إلى حدٍ ما من العقاب في الدنيا، أما الذي بينهم وبين الله سبحانه وتعالى فهو في الواقع خراب.
من هذا الطراز في أرتريا كثيرون هم ضمور الإحساس بالمسئولية وإيمانهم بالآخرة وبالقيم الأخلاقية والإنسانية متدني إلى أبعد الحدود، وهم في الوقت ذاته سبب الأزمات والكوارث وكثير من المصائب التي لحقت بالبلاد والعباد…
ألا يعلم هؤلاء الطغاة الظلمة المتسلطين على رقاب الناس الأبرياء والمتقمصين رداء الحكم زوراً وبهتاناً، أن الحياة أنفاس معدودة وأن الموت آت لا محالة، وأن الناس بجميع دياناتهم ومللهم وأجناسهم وألوانهم حاكمهم ومحكومهم، غنيهم وفقيرهم سيبعثون ويعرضون على ربهم، ويحاسبون ويعاقبون على كل شر وكل خطأ وجريمة ارتكبوها في هذه الدنيا، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، هينة أو ضئيلة ، كل ذلك سيجدونه مكتوباً مسجلاً في صحائفهم أعمالهم.
لو أدرك هؤلاء الظلمة الجزاء الأخروي لأصبحت لهم قلوب يقظة وضمائر حية، ونفوس فاضلة تؤمن بالقيامة وتحذر الآخرة، وترجو رحمة ربها وتخاف عقابه يوم لا يجزي والد عن ولده شيئاً لا مهرب لهم ولا ملجأ يومئذ إلا بعمل صالح حقيقي عملوه في هذه الدنيا…
لو كانت الطغمة الحاكمة في أسمرا – الهقدف – التي ابتلى بها الشعب الأرتري تخشى الحساب والجزاء يوم القيامة وترى بعين اليقين أن الله سبحانه وتعالى سيحاسبهم على ما كانت ترتكبه من يوم استيلائهم على مقاليد الحكم في البلاد إلى يوم هلاكهم من أعمال القمع والتعذيب والظلم وسفك الدماء وإهدار مقدرات الوطن وإذابة الهوية الوطنية ورفض تداول الحكم وإغلاق أبواب الحرية الحقيقية وسد الطريق في وجه الوفاق الوطني وإلغاء حقوق الإنسان وملء السجون والمعتقلات دون وجه حق بمئات المواطنين الشرفاء الأحرار وزعزعة السلام والإطمئنان والأمان والاستقرار في البلاد… أكانوا يفعلون ذلك؟.
لو كان هؤلاء الجلادين يعرفون معنى الإيمان او معنى القيم الإنسانية والأخلاقية كمعاني الإخاء والمساواة والعدل والفضائل الإنسانية من تعاون على الخير والبر والإحسان… أكانوا يفعلون ذلك؟.
ولو كان هؤلاء يخلون إلى أنفسهم ويستحضرون عظمة ربهم ويتذكرون الآخرة وأهوال القيامة وحسابها العسير وراجعوا أنفسهم وخططهم الشيطانية … أكان هذا الليل يطول هكذا ثقيلاً ويبدو بلا نهاية؟!.
لو وقر في قلوب حكام أرتريا – الهقدف – مسلمين ومسيحيين، بأن الله سبحانه وتعالى يسمع كل شيء ويرى كل شيء وبأنهم محاسبون أمامه على كل أعمالهم، بلا استثناء لكان من شأن ذلك أن يحدث تحولاً لدى كثير منهم، نحو الإحساس بالمسؤولية وحينذاك يستضيء بنور الله عز وجل كثير من الضالين الحيارى ويهتدي بهدي الله كثير من الباحثين عن طريق الخلاص من أزمات هذا الوطن المعلق والشعب المنكوب…
وفي زمن اختلط الحابل بالنابل ولبس الباطل ثوب الحق، اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا اتباعة ، وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه…
ونسأل الله لنا وللمسلمين في أرتريا في شهر رمضان الكريم حسنات تتكاثر وذنوباً تتناثر وهموم تتطاير وآمال وطموحات تتحقق…
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34780
أحدث النعليقات