الاتحاد الاروبي : مطاردة الضحية ومكآفأة القاتل ماهي الدوافع
فرجت : كلمة التحرير
في التاسع عشر من ديسمبر الحالي قام الاتحاد الاروبي بتقديم 200 مليون يورو الى النظام الارتري كمساعدة من الاتحاد لتمويل البرامج الاجتماعية والاقتصادية لفترة زمنية قدرها خمسة سنوات تنتهي في عام 2020 وقال المفوض الاروبي للتعاون الدولي والتنمية السيد نيفين ميمكا ” إن الاتحاد الأوروبي يشجع المشاريع التي تعود بالنفع على سكان اريتريا، بما في ذلك خلق فرص العمل وطرق أخرى لتحسين ظروف المعيشة”
وبرغم تحذيرات منظمات انسانية وحقوقية ومذكرات من منظمات مجتمع مدني ارترية الا ان الاتحاد لم يصغي لأى منها اكثر مما كان يصغي لطرق قبضات اللاجئين على ابوابه ويغلب عليه صوت المصلحة والتي سوف نحاول استكشاف بعضها في كلمتنا هذه.
منذ تفاقم ازمة اللاجئين وجدت اروبا مجبرة لغض الطرف عن الكثير من المبادئ التي بنت عليها ديمقراطياتها واتحادها المزعوم، في سعيها الحثيث لحل أشكال اللاجئين الذين يصلون الى شوطئها ومنهم بالطبع 40 ألف لاجئ ارتري هذا العام. حيث تدفعهم الظروف اللاإنسانية من العسف والاضطهاد التي يتعرضون لها لترك بلادهم الى أقرب نقطة على حدود الدول التي تحد ارتريا مثل السودان واثيوبيا وجيبوتي واليمن بأعداد يومية يبلغ مقدارها 300 شخص يوميا غير آبهين بالظروف الطبيعية القاسية والمخاطر المحيقة التي يتعرضون لها من الموت عطشا ونهش من قبل الحيونات المفترسة في الصحاري والغابات والموت رميا بالرصاص من قبل جنود النظام المتواجدين على المعابر الحدودية ونقاط التفتيش في أطراف المدن الى الموت غرقا أو سحلا من قبل تجار البشر.
ان وصول أرقام مهولة من اللاجئين الى اروبا من مناطق الصراع في الشرق الاوسط وافريقيا وضع اروبا أمام خيارات صعبة كان اصعبها احتمال تفكك الاتحاد الاروبي بعض تلميحات بعض الدول المؤثرة فيه بالانسحاب منه عبر استفتاء مثل بريطانيا ، وتنصل البعض، من بعض الاتفاقات ودعا البعض الى اجراء تعديلات قانونية أو استصدار قوانين أخرى تناقض المبادئ والاسس التي قام عليها الاتحاد.
وفي سبيل الخروج من هذه الازمة أصبحت اروبا تتحدث بأكثر من لسان واصبح لها اكثر من موقف واحد معلن للاستهلاك الاعلامي وآخر غير معلن خاصة فيما يخص ارتريا. فنجدها انها تتجاهل الكثير من التقارير الاممية المتعلقة بشأن حالة حقوق الانسان في ارتريا وتقارير منظمات حقوقية تتحدث عن قتامة الوضع الانساني في ارتريا وتصم آذانها عن هدير الجماهير الارترية تلك التي دقت أبواب برلمانها في بروكسل حتى وقت قريب.
يمكن الاشارة الى تناقض الموقف الاروبي في المحاولات الفردية والجماعية من قبل دول الاتحاد. تلك المحاولات التي اجملت اسباب ودوافع اللجوء في ارتريا الى اسباب اقتصادية فقد صدر تقرير من قبل احداها يرسم صورة وردية للوضع في ارتريا ويعزي اسباب اللجوء الى الفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة وان لا حرج من اعادة اللاجئين الارتريين الى بلادهم فليس هنالك من مخاطر يتعرضون لها جراء عودتهم ليتضح فيما بعد في فضيحة اخلاقية ان التقرير مفبرك؟. كما قام مكتب الخارجية البريطانية باصدار موجهات فيما يخص اللاجئين الارتريين ويصنفهم بأنهم لاجئين اقتصاديين ويمكنهم العودة الى بلادهم دون ان يترتب على ذلك تعريض حياتهم للخطر؟
ثم بدأ موسم حجيج الوفود الاروبية تتاقطر الى العاصمة الارترية اسمرا. وغير مطلوب من رأس النظام الارتري سوى تغيير القميص والصندل الذي يرتدي ؟ كان آخر هذه الوفود وزير التنمية والتعاون الاقتصادي الالماني على رأس وفد رفيع المستوى لاستشراف أفاق التنمية والتعاون الاقتصادي والشراكة مع النظام الارتري. وبالطبع فان رأس النظام انتهز هذه الفرصة وقال ما يطرب له الوفد الزائر وأروبا كلها حيث قال كما هو وارد في موقع اعلام النظام “وأوضح الرئيس اسياس بمزيد من التفصيل السياسات والبرامج التي تسعى الحكومة الارترية في المهام السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأبعاد بناء الأمة. وفي هذا الصدد، أعرب الرئيس اسياس استعداد إريتريا والرغبة فى تعزيز العلاقات متينة للشراكة مع ألمانيا في تحقيق هذه الاهداف.
وأكد الرئيس اسياس استعداد إريتريا أن يناقش مع ألمانيا والشركاء الآخرين وجهات النظر بشأن التطورات السياسية بما في ذلك المسائل المتعلقة بالنظام السياسي الديمقراطي وحقوق الإنسان التي تتشابك مع مهام وتحديات بناء الدولة. ”
كان ذلك في يوم 15 ديسمبر وتم الموافقة على منحة الاتحاد الاروبي البالغة 200 مليون يورو بعد رحيل الضيف الزائر أى في 19 من ديسمبر؟
ان الغرب الذي يتعامل مع جميع القضايا بمنطق الربح والخسارة يريد ان يضرب عصفورين بحجر واحد ايقاف تدفق اللاجئين ووضع يده على الموارد الاقتصادية لارتريا ، فمعظم الشركات الاروبية خاصة في مجالي الطاقة والتعدين تحاول ايصال رسائل الى النظام الارتري من خلال و ساطة سياسين اروبين وابداء استعدادها الى غض البصر عن الاوضاع الحقوقية اذا ما سمح الاستثمار في ارتريا ، وسوف نضرب أمثلة على ذلك.
كلنا تابعنا ما نشره القائم باعمال السفارة الامريكية اسمرا السيد لويس مازيل في مقال له تحت عنوان ” زيارتي لمنجم بيشا ” تجده في صفحة السفارة على الفيس بوك أو في موقع تسفا نيوز التابع للنظام. وقد اصطحب السيد لويس مازيل بجانب نائبته السيدة لوري داندو وزوجها ودبلوماسين غربيين من كل من كندا ، وبريطانيا ، والمانيا ، وجنوب افريقيا والاتحاد الاروبي والامم المتحدة كان ذلك في يومي 21 و22 من نوفمبر الماضي اى قبل شهر من تاريخ المنحة الاروبية. المثير في زيارة السيد مازيل بجانب اسلوبه ” التريفاسكسي ” حيث ارتدى هو ونائبته الزى المحلي واشتراكهم في رقصات بالسيف! ولكن ما كان مثيرا حقا هو الاسلوب واللغة والمواضيع التي كتب فيها حيث كان مقاله ذلك رغم بساطته براءة ذمة للنظام وشهادة سير حسن وسلوك ، برغم معرفتنا من شيطنة النظام لامريكا ولومها على انقطاع الكهرباء في العاصمة اسمرا بالاضافة الى تفريغ البلاد من الشباب .
اولا يشير الى حالة التوظيف بالمنجم حيث يقول مازيل ” ان المنجم يوفر اكثر من 1400 فرصة عمل للقرى والمدن المجاورة وان لمنجم يدفع اعلى الاجور في البلاد وان امرأة بدأت حياتها العملية في المنجم كعاملة نظافة ولكنها اليوم تقوم بقيادة شاحنة كتربيلا ضخمة؟”
يواصل مازيل في سرد فصول المسرحية الهزيلة قائلا ” كانت محطتنا الأولى خلال الزيارة دورة تدريبية لقسم الأمن بالمنجم في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك المبادئ الطوعية على الأمن وحقوق الإنسان في مجال الصناعات الاستخراجية كما وضعتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وقد طور فريق الأمن الذي يعمل في المنجم علاقات جيدة مع مسؤولي الشرطة والأمن المحلي ويعملون بطريقة تعاونية. الحراس في منجم ليسوا مسلحين ولم تكن هناك أي حوادث أمنية في المنشأة منذ إشراك السكان المحليين.”
ويستمر مازيل قائلا عن سياسة التوظيف بالمنجم ” كما تم اطلاعنا على كيفية التوظيف بالمنجم واختيار موظفيه، وقيل أن المنجم يضمن أن جميع موظفيه تم تسريحهم من الخدمة الوطنية ويحتفظ بشهادة الإفراج في الملف.”
فهنا مازيل ممثل الشيطان الذي كانت تنسب اليه مصائب الشعب الارتري بكل بساطة يبعث عبر تجربته هذه رسالة تطمينة الى العالم الغربي ويبرئ النظام من ثلاثة اشياء توفير فرص العمل للشباب وتحسين اسباب وظروف المعيشة ، قضية حقوق الانسان والتي هي بمعايير شبيهة بكل من الولايات المتحدة وبريطانيا ، ونفي قضية السخرة وعدم استخدام افراد الخدمة الوطنية قبل تسريحهم.
من جانب آخر ان المنحة المقدمة حزت على موافقة جميع دول الاتحا الـ 28 بما في ذلك فرنسا التي ذكر رئيس جمهوريتها أولاند في قمة الاتحادين الافريقي والاروبي بأن ارتريا دولة بلا شعب ، ولكنه في نفس الوقت لا يتردد في مكافئتها بـ 200 مليون يور.
ربما قرأتم في العام الماضي خبر تم نشره في فرجت عن زيارة نائب وزير الخارجية الايطالي لابو برستلي الذي قام بجولة في كل من ارتريا واثيوبيا والسودان وتمحور جل موضوع زيارته حول التعاون الاقتصادي ومحاربة الاتجار بالبشر ، زيارة انتقدتها منظمات حقوقية وكان لها خفاياها غير المعلنة ، حيث قام بهندسة مؤتمر الخرطوم لمحاربة الاتجار بالبشر وجعل النظام الارتري أحد اللاعبين الاساسين فيه متغاضيا بذلك على تقارير اممية ربطت بين النظام الارتري وقضية اتجار بالشر.
في يونيو هذا العام وتزامنا مع صدور التقرير الاممي المكون من 500 صفحة تم تعين نائب وزير الخارجية الايطالي نائب رئيس لشركة البترول الايطالية ENI وهي متواجدة في حوالى خمسة عشرة بلدا افريقيا ، حيث تم انتقاده من كتلة اليسار في البرلمان الايطالي التي اتهمته بتضارب المصالح وان ربما خطط لهذا وهو مازال في منصبه السياسي.
مثال صارخ آخر يمكن تلخيصه في زيارة مايكل هورد عام 2014 الى ارتريا وهو رئيس حزب المحافظين السابق ويشغل حاليا منصب المدير العام لشركة سومال للبترول والغاز. ففي مارس عام 2014 قام وفي معيته مجموعة من رجال الاعمال البريطانيين بزيارة ارتريا لاستكشاف فرص اسثمارية في ارتريا. ومن المعروف عنه ايضا ان شركته قامت برشوة المسؤولين الصومالين للحصول على تراخيص للبحث والتنقيب عن البترول امام السواحل الصومالية؟
اذاً , ما الذي يثير لعاب الدول والشركات الاروبية في ارتريأ؟ نعم قد أكدت بحوث جديدة الحقيقة التالية ان ارتريا تتمتع بجانب الموارد الكبيرة من المعادن المتمثلة في الذهب والبوتاس والنحاس والزنك ، بكميات كبيرة من البترول والغاز على شواطئها ولكن أغلب الكميات البترولية تقع في الياسبة اى على الارض.
يقول التقرير الاستراتيجي الذي نشرته ” أويل برايس مايلي والرجاءالانتباه الى اسماء الشركات : ” حتى ألآن ليس هنالك كميات تجارية تم اكتشافها وان كانت كل من ENI الايطالية و Anadarko Petroleum الامريكية ، Perenco الفرنسية ، و CMS Oil and Gas الامريكية كل هذه الشركات قامت بجهود بحثية واستكشافية في السابق ولكنها تخلت عنها ولكن في 2008م قامت الحكومة اتفاقيتين مع شركة Defba Oil Share Company الارترية الصينية لاسكشاف مناطق شاسعة بالقرب مع السودان , كل من اكسون موبيل وشل وتوتال يقومون بتسويق وتوزيع المنتجات النفطية في البلاد. اليوم، التنقيب في الساحل الإريتري هو الى حد كبير لقمة سائغة، ولا تزال غير مستكشفة إلى حد كبير.”
هذا هو التقرير بالاضافة الى تصرف النظام الارتري وكأنه يدير دولة بترولية حيث شاركت وفود ارترية في فبراير 2015 قمة البحر الاحمر للغاز والبترول ، في اشارة واضحة الى شركات المختصة بأن الابواب مفتوحة للاستثمار فى ارتريا.
اذاً هذه هي الدوافع الحقيقية للمنحة الاروبية التي لا تأخذ في اعتباراتها قضايا حقوق الانسان وانما قصد منها ايقاف تدفق اللاجئين وفتح الابواب امام شركات الغاز والبترول الاروبية وما يؤكد ذلك ان المنحة تخلوا من اية شروط ووسائل للمتابعة والمراقبة.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=36179
الاخوة ادارة الموقغ
احييكم على هذا التحليل الرائع والمدعوم بالادلة والوقائع من تصريحات سابقة ولاحقة لمسؤولين اوربيين ، ارى ان يتم نقل المعركة للراي العام الاوربي واستغلال المناخ الديموقراطي فيها لتأليب رأيها العام عليها . والتعاون مع المنظمات الاممية والضغط عليها لتطبيق ومتابعة قراراتها الدولية ومايتم من خروقات من قبل دول الاتحاد الاوربي . فااليأس يعني اعطاء عمر جديد للنظام الشوفيني .
طوابير الشعب السوري إلى أوروبا وضعتهم في محك وكشفت عن زيف إدعاءاتهم بحقوق الانسان والتحضر والوحدة — هذه الثعالب التي نراها في الصورة أمامنا هي مجردة من الانسانية — هي ذئاب تبحث فقط عما يشبع بطونها وفي هذا لا يختلفون عن وحوش الغابة بل وحوش الغابة أفضل منهم لأنها لا تنقض على فرستها إلا عندما تكون جائعة
ينبغي أن تكون عند الانسان الانسانية أولا ثم بعد ذلك تأتي المصالح ولكن عند هؤلاء المصالح أولا وأخيرا — إن لم تكن هذه هي عقيدتهم فما يبرر مكافئة المجرم الذي ينكل بشعبه ويشرده