حاوره/ أحمد محمود علي
ملبورن ـ 10 سبتمبر 2006
لم يكن الدافع من وراء هذا اللقاء إلا سؤالاً واحداً، ذلك المتعلق بغياب الأستاذ/ محمد نور أحمد من تشكيلة المكتب التنفيذي للحزب الديمقراطي الأريتري الذي عقد مؤتمره الثاني بإيطاليا في يوليو من هذا العام، وغياب فرد أو أكثر من قيادة حزب أو تنظيم معارض لهو أمر طبيعي لو تم في ظروف عادية وضمن عملية انتخابية نزيهة وعلي قواعد المعارضة وقياداتها أن يتقبلوا نتائج ذلك دون غضاضة إذا أرادوا أن يكرسوا نقيضاً لحكم ديكتاتور اريتريا اسياس أفورقي، بيد أن حالة الأستاذ/ محمد نور أحمد وهو شخصية تأريخية داخل الحزب كما يحلو للبعض وصفه، أثارت نوعاً من “الغمغمات” وذهب البعض الي التفسيرات السهلة والمريحة بوجود “مؤامرة” لإبعاده والتخلص منه بإعتباره “شخصية مشاغبة صريحة أكثر من اللزوم” وذلك علي خلفية تباين آراء بينه وبين رئيس الحزب المناضل/ مسفن حقوس في وقت سابق من عام 2004م لكن في هذه المقابلة ينفي مطلقاً وجود هذه المؤامرة ويتحدث عن أسباب أخري لإستقالته من المكتب التنفيذي ويشيد بحزبه، وبالطبع نفيه هذا يأتي إنصافاً لزملاءه في الحزب الذي تمكن في نهاية مؤتمره من تطعيم نفسه بقيادات شابة وأن يطلق النار علي الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة في عدة قضايا وطنية من بينها اللغة والأرض.
فوجئ المتتبعون لمؤتمر الحزب الديمقراطي الاريتري بخلو اسمك ضمن تشكيلة المكتب التنفيذي وقد دارت في ذلك عدة تكهنات كان أكثرها حدةً مازعم بوجود مؤامرة الي إقالتك علي خلفية تباين الآراء بينك وبين رئيس الحزب الديمقراطي، وإنتقادك له علناً في تقليد غير مألوف في الساحة الاريترية بشقيها الحكومي والمعارض وذلك في عام 2004 علي خلفية اصداره لبيان قال فيه أنه “يشاهد تراكم سحب حرب” بين إثيوبيا وارتريا، هل تمت إقالتك فعلاً؟
ـ منذ إنتهاء المؤتمر الثاني للحزب الديمقراطي الارتري واعلان أسماء قيادته بشقيها التشريعي والتنفيذي وعدم ورود إسمي ضمن الطاقم التنفيذي، ثارت كثير من التساؤلات عن الأسباب التي أدت الي ذلك. وأنتشرت شائعات وتكهنات بعضها من باب الشماته وبعضها الآخر من باب الحرص علي عمل المعارضة لأهمية إسهامي به والبعض يدفعه الاشفاق عليّ من التأثير النفسي الذي قد يتركه عليّ. أما الشامتون فلا يهمني أمرهم وأما المشفقون فأنا أقدر لهم هذا الشعور النبيل، لكن القضية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالتآمر ضدي والعمل علي استبعادي، مع أن العمل السياسي بصفة عامة لايخلو من مثل هذا السلوك، فحسب تكهنات البعض أن ذلك تم نتيجة ظهور بعض الخلافات بيني وبين زميلي في القيادة/ مسفن حقوس في فترة سابقة حول بيان كان قد أصدره عما أسماه وقتها “سحب حرب تخيم في السماء الارترية” وقد تكون هناك بعض الإختلافات الطفيفة في وجهات النظر وذلك أمر ليس فقط طبيعي وانما ظاهرة صحية اذا كان للحزب أن يتطور بشكل طبيعي نحو الأفضل. فنحن داخل الحزب لايمكن أن نكون نسخة من بعضنا البعض، وبما أننا نناضل من أجل تقديم البديل الأمثل، لما هو قائم في بلدنا وهو نظام الرأي الواحد والرجل الواحد ـ صاحب الرأي الذي يأمر ويجب أن يطاع، وهو بديل نقيض يعكس تعدد الآراء في الساحة الاريترية وتحاورها وليس تنازعها، لأن التنازع لا يوصل الي نقطة اللقاء وصولاً الي الرأي الذي تقف الي جانبه الأغلبية بغض النظر عن صحته من عدمها، لأن التطبيق هو الذي سيبرهن علي ذلك ويحكم البت في أي رأي آلية يتم الاتفاق عليها سلفاً. فالمعيار الموضوعي لصحة أي رأي هو نيله التأييد من الأغلبية، لأن الآراء نسبية فهي منزلة من أفراد وهي بالتالي اجتهاداتهم والحكم في صحتها وعدمه متروك لغيرهم رغم أيمان أصحابها بها ودون أن ينتقص ذلك من قيمتهم. هذا هو البديل الذي نناضل لإحلاله محل رأي الفرد الحاكم المطلق والظلامي الذي سود حياة شعبنا وأحالها الي جحيم، مادام الأمر كذلك فمن باب أولي أن نبدأ بأنفسنا وأن نطبق ذلك داخل حزبنا من أجل تسوية خلافاتنا وقد حدث ويحدث ذلك بالفعل بشكل منتظم وهو الأسلوب الذي درجنا عليه دون أن يعني ذلك أنه لم تخف مصاعب في بعض الأحيان منذ مؤتمرنا الأول ولكنا أرسينا الي حد بعيد ماأتفقنا عليه وهو أن تحكمنا المؤسسية، وقد نجح الحزب الديمقراطي الارتري الي حد كبير الي تعميق هذا المفهوم داخله. لذلك ليست هناك خلافات شخصية بيني وبين/ مسفن حقوس أو صراع في السلطة داخل الحزب، فالعمل القيادي في هذه المرحلة ليس وجاهة أو تصحبه امتيازات انما علي العكس من ذلك مكلف ويتطلب التضحية. ماهو موجود انما هو إجتهاد برأي تحكم البت فيه قاعدة قانونية ينص عليها نظام الحزب الداخلي ألتزمنا جميعاً أعضاء الحزب بطاعتها دون أن يترك ويجب آلا يترك ذلك مراراة، أي مرارة، في نفس صاحب الرأي الذي لم يجد مساندة من قبل الأغلبية ودون أن يحرمه حق في إعادة طرحه من حين لآخر علي أنه يلتزم بتنفيذ رأي الأغلبية. أن معالجة الخلافات داخل الحزب بهذا الأسلوب هي التي أعطت هذا الإستقرار للأوضاع داخل الحزب وإتساع قاعدته الجماهيرية من مختلف مكونات المجتمع فضلاً عن تمسكه بالثوابت الوطنية منذ عهد الكتلة الإستقلالية التي أرست بعضها مثل اللغة الرسمية للبلاد وقد عبر عن ذلك مؤتمره الأخير.
بالعودة الي السؤال الذي يتصدر هذا الموضوع وهو سبب عدم مشاركتي في الجهاز التنفيذي للقيادة، فأنا الذي قررت ذلك لأسباب شخصية اجتماعية وليست سياسية أن لا أشارك عن أي مستوي قيادي في هذه المرحلة لكني لم أستطع الصمود أمام ضغط المؤتمرين فقبلت أن تنحصر مشاركتي في الجهاز التشريعي الذي لا يتطلب مني عملاً يومياً، وتلك قصة يمكن أن يحكيها أي عضو المؤتمر، وبتفاصيل أدق أن الشباب وقد توسعت قاعدتهم داخل الحزب أولي أن تناط بهم المهام التنفيذية فهم يتمتعون بطاقة حيوية ويمتلكون المعرفة ولكن قد تنقصهم الخبرة وهي تأتي بالممارسة اليومية وبالأحتكاك كما أن المستقبل لهم فعليهم أن يتصدوا له لصنعه بشكل أفضل وبما ينسجم مع طموحاتهم وذلك لا يعني أن يتخلي أصحاب الخبرة عن آداء واجبهم لكنهم يجب آلا ينفردوا بالمواقع القيادية ويجب أن يمزجوا خبراتهم ومعرفتهم بحيوية الشباب، بهذا فقط تستقيم الأمور من أجل تغيير النظام الجائر وبناء ارتريا المستقبل أو أرتريا الجديدة.
مازال البعض ينتظر من الحزب الديمقراطي الاريتري اجراء نقد ومحاسبة الذات بإعتبار ان بعض من شخصياته كانت جزء من النظام وساهمت معه بشكل وآخر في إفراز الواقع المرير، آلا توافقني بأن النقد الذاتي وصولاً الي الإعتذار العلني كان سيعطي لحزبكم مصداقية أكبر أوساط الشعب الاريتري؟
ـ هذا الكلام أو بالأصح هذا السؤال يتردد في أفواه بعض الناس، والسؤال هنا عمّ يعتذر الحزب الديمقراطي؟ وتأتيك الأجابة بأن عناصره ـ هكذا بالجملة!! كانوا شركاء في السلطة وهم بالتالي شركاء في كل ماحاق بالشعب الاريتري من ويلات جراء سياسات النظام التعسفية ومغامراته العسكرية الحمقاء التي جرت وبالاً علي البلاد وقبلها اعتقالات المعلمين والمناضلين الذين طالبوا بمنحهم مرتبات بعد التحرير حيث أصبحوا جيشاً لدولة وليسوا مناضلين في جيش التحرير وبعد ذلك مذبحة جرحي حرب التحرير بين نفاسيت وأسمرا في عام 1995 عندما نظموا تظاهرة تطالب بتحسين أوضاعهم، كل ذلك حدث بالفعل وكان هناك أمل في تصحيح هذه السياسات الخاطئة لو سارت الأمور بشكل طبيعي ومارست مؤسسات الحزب والدولة مهامها كما كان يفترض فيها لكن اسياس وزمرته قاموا بما هو معروف في ليلة 18/9/2001 عندما شعروا بأن البساط بدأ ينسحب من تحت أقدامهم، عندما أضطرت مجموعة الخمسة عشر الي النزول الي الشعب من خلال رسالتهم المفتوحة التي تضمنت قضايا الساعة التي كان ينبغي علي المجلس الوطني مناقشتها والذي كان مقرراً إنعقاده في شهر ديسمبر عام 2000 والذي رفض اسياس دعوته، والقصة معروفة ولا داعي لتكرارها ولكنا أردنا التذكير فقط بأن نصف القيادة تم إعتقاله وما بقي خارج السجن أما كان مؤيداً للإنقلاب أو كان خارج البلاد، ومسفن حقوس عضو المكتب التنفيذي وحاكم أقليم الجنوب هو الذي نجا من عملية الإعتقال وهو أحد مؤسسي الحزب الديمقراطي ورئيسه منذ تأسيسه وحتي المؤتمرالأخير، أما بقية أعضاء الحزب ومنهم في قياداته فيأتون من خلفيات مختلفة بعضهم من الجبهة الشعبية وأن لم يكن في مواقع صنع القرار ومنهم من خلفية جبهة التحرير ولم تكن لهم علاقة بسياسات الجبهة الشعبية، لذلك ليس هناك مايعتذرون عنه. أما بالنسبة لمسفن أولاً أنه ينتمي الي حزب أدان نظام الحزب الواحد ويعمل من أجل إسقاطه أو اجباره علي التفاوض من أجل التغيير نحو الديمقراطية، كما شجب النظام سواء في لقاءاته الجماهيرية أو مع المواقع الإلكترونية أو المقابلات التي أجرتها معه إذاعة “صوت الحرية” التابعة للحزب الديمقراطي الاريتري، أعتقد أن في ذلك مايكفي لتحديد موقفه من النظام وليس من الضرورة من وجهة نظري أن يقول “أنا آسف لمشاركتي في النظام” كما يكفي أنه أقر بمسئوليته بكل الأعمال التعسفية التي قام بها النظام أثناء مشاركته فيه وأنه يقبل حكم الشعب عليه في ذلك ولننتظر حتي يقول الشعب كلمته بعد أن يكون قد تسلم الحكم.
في تقديري أن كلمة الإعتذار لها وجهين وجه ربما يعكس حسن النية ووجه كيدي وهو نهج للأسف الشديد درجت عليه الساحة السياسية الأرترية لنيل القوي السياسية الارترية من بعضها البعض وتوجيه الأتهامات المتبادلة في محاولة لعزل الطرف الآخر والإنفراد بالساحة ويكون ذلك بالقوة عندما تتوفر وسيلتها، حدث ذلك منذ فجر الثورة الأرترية من أجل الإستقلال عندما أتهمت حركة التحرير الأرترية جبهة التحرير الأرترية عندما ظهرت الي الوجود في عام 1960 بالطائفية والقبلية والنظرة الضيقة فيما أتهمت الجبهة الحركة بالعجز عن معرفة الواقع وإختيار الأسلوب المناسب لمواجهة الإستعمارالإثيوبي ثم قامت بتصفيتها عسكرياً عندما آنست القوة في نفسها، وأتهمت قوات التحرير الشعبية عندما أنقسمت عن الجبهة في ظل القيادة العامة بالقبلية ومعاداة العروبية، بينما صنفت جبهة التحرير الأرترية في مؤتمرها الأول قيادة قوات التحرير الشعبية بخدمة مصالح القوي المضادة للثورة الأرترية، فكانت النتيجة الحرب الأهلية التي دفع ثمنها مئات الشباب الأرتري ثم جاءت الجبهة الشعبية ووصمت كل تجربة جبهة التحرير بالطائفية ومعاداة المسيحيين الأرتريين وكأن أعضاء جبهة التحرير كانوا مسلمين خلّص وما زال هذا المنهج يدرس في مدرسة “ساوا” للتدريب العسكري، في حين أتهمت جبهة التحرير الجبهة الشعبية بالعسكراتارية والطفولية اليسارية، هذه هي الدوامة السياسية التي عاشتها الساحة الارترية وما زالت آثارها باقية ولم يقدم أحد إعتذاره للشعب الارتري لأنه هو الذي دفع فاتورة هذا الصراع غير الموضوعي. وأخيراً جاء تنظيم الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة ـ وهي صفة لا تمت اليه بصلة ـ ليزج بخصومه في السجون بتهمة الخيانة الوطنية دون أن يقيم دليل علي ذلك وليس بمقدوره أن يقيم هذا الدليل وإلا لكان قطع رؤوسهم، الي ذلك يمكن أن نتذكربيان العشرين من يونيو عام 1991 الذي منع التنظيمات السياسية التي كانت تناضل من أجل الاستقلال من الدخول الي ارتريا بعد التحرير إلا بعد حل نفسها والدخول كأفراد فمنها من أستجاب ومنها من رفض وحرم الشعب الارتري من مساهماتها في مهام تلك المرحلة ولا ننسي أيضاً الإنقلاب الذي قام به/ عبد الله ادريس ومجموعته علي جبهة التحرير في تهداي وكركون مما أدي الي بعثرة الجبهة، رغم كل هذه الأحداث لم يعتذر أحد لأحد وسيترك كل ذلك للتقييم الذي ستقوم به الأجيال التي لم تعاصره وسيكون تقييمها موضوعياً ومحايداً، فلنترك لها الفرصة ولنهتم بالمهام الآنية التي أمامنا ولننقذ شعبنا من هذا الجحيم الذي يصطلي بناره ولا يتحقق ذلك إلا بحشد كافة القوي الديمقراطية وتعبئة الجماهير العريضة وتحريكها في مسيرات في كل مكان بالمهجر يتواجد به أرتريون ولينصب كل جهد المعارضة في ذلك ودونه ترف لا قبل للشعب الارتري به.
يتميز حزبكم في أنه خرج من داخل أريتريا بعكس تنظيمات المعارضة الأخري التي هي امتداد لجبهة التحرير أو حركات وأحزاب جديدة نشأت في المهجر، وتبعاً لهذه الميزة قيل أن لديكم جذور في الداخل وتوقع الكثير بأن تقوموا بشيئ حقيقي يعجل من التغيير المرتقب لكن الواقع يتحدث علي أنكم لم تفعلوا شيئ، قلتم مقاومة النظام سلمياً وأنت كتبت مرةً بأهمية العمليات النوعية عوضاً عن حرب العصابات لكن لم نسمع بأن حزبكم قام بهذا أو ذاك ـ والآن لم تستطيعوا أن تؤكدوا أو تنفوا مانشر مؤخراً عن إستشهاد بعض من زملاءكم في مجموعة الخمسة عشروهذا أيضاً قصور آخر في الجانب المخابراتي ـ كل هذه المؤشرات آلا تدل علي أنكم لم تكونوا علي قدر ماتوقعنا منكم؟
ـ كون حزبنا خرج من الداخل فهذه حقيقة لا مراء فيها، لكن حزبنا تكون في الخارج من أفراد كانوا جزءً من النظام فتمردوا عليه، وكانوا جزء من تيار واسع تبلور إنعكاساً للهزائم العسكرية والمبادرات السلمية لحل النزاع والتي أهدرت بسبب صلف القائمين علي النظام وجهلهم بالقانون الدولي وقدرات الخصم لكن ذلك التيار لم يكن مؤطراً ولم يكن يملك رؤية واضحة للمشكلة التي كانت تمر بها البلاد وطريقة حلها ولم تضع القيادات التي تصدت للأزمة الاحتياطات اللازمة لأية مفاجآت قد تلجأ اليها المجموعة المتنفذة والتي كانت هدفاً للنقد، وكانت تعتقد بأن المسألة يمكن حسمها عبر الوسائل التنظيمية من خلال مؤسسات الحزب أو الدولة هكذا ببساطة فكانت النتيجة إنقضاض الطرف الأضعف علي خصومة في جنح الليل والالقاء بهم في السجون وحسم الصراع لصالحه دون أية مقاومة، لم تقم تلك المجموعة بتنظيم نفسها تحوطاً لأي طارئ ناهيك عن أن تتغلغل داخل القوات المسلحة والجهاز الأمني لحماية نفسها والأفكار التي كانت تمثلها فيما لو فكر اسياس ومجموعته للقيام بمثل ماقاموا به، هكذا سيطر اسياس علي زمام الأمور وتحصن وراء أدواته والمنتفعين من نظامه ضد اي محاسبة علي الويلات التي جرها ويجرها علي البلاد. انني أعرف أن الشارع العام وقطاع لا يستهان به من أفراد قوات الدفاع وعناصر الأمن يتفاعل مع حزبنا بدليل أن معظم الفارين من الخدمة العسكرية يسألون عن ” اندا ” مسفن حقوس! للحصول علي بطاقة الحزب ويحملونها للإحتماء بها من الحملات التي تقوم بها الشرطة السودانية في الخرطوم من حين لآخر ضد المتسللين عبر الحدود السودانية من تسع دول مجاورة، ولكن هؤلاء ليسوا علي إستعداد لحمل السلاح ضد اخوانهم في القوات المسلحة انما يتطلعون الي السفرالي أروبا أو أمريكا أو كندا أو أستراليا سواء للبحث عن فرص عمل لمساعدة أسرهم أو عن فرص تعليم لضمان مستقبلهم وهم لم ينالوا من التربية السياسية من مدرسة “ساوا” السياسية إلا جرعات من تأريخ تشويه جبهة التحرير الارترية والتعبئة ضد “الوياني” التي ملوها من كثرة التكرار، وأن 85% من قوات الدفاع الارترية حسب تقرير سبحت أفريم وزير الدفاع الارتري الي اجتماع المجلس الوطني في أغسطس عام 2000 يتكون من هؤلاء بينما البقية وعددهم 15% من المناضلين القدامي والذين أمتد بهم العمر وقد عزا نتائج الحرب مع القوات الاثيوبية الي هذا الواقع، أما القيادات العسكرية العليا فأنها تحمي النظام لأنها الأكثر إستفادة من بقائه لأن امتيازاتها رهينة ببقائه، من هنا لايمكن أن نتوقع من الحزب بانقلاب عسكري أو حتي شق القوات المسلحة وخلق مواجهة بين الموالين للنظام والمعارضين له داخل القوات المسلحة، أما مانسبته اليّ عن العمليات النوعية فأنا أنطلق من تجربة جبهة التحرير الأرترية في بداياتها عندما قام فدائيوها بتصفية بعض عناصرالأمن المتشددة فخاف الآخرون وأرخوا قبضتهم عن رقبة الشعب مما أتاح فرصة العمل السري واقامة الخلايا داخل المدن وهي في إعتقادي عملية مهمة اذا كان للمعارضة ان تحرك الجماهير لممارسة دورها في العمل السياسي سواء كان عصياناً مدنياً أو مظاهرات سلمية أو اضرابات أواعتصامات أو توقيع عرائض أو توزيع منشورات أو الكتابة علي الحائط للتحريض والتصدي للنظام لإسقاطه أو اجباره علي الجلوس علي المائدة مع المعارضة للخروج من الأزمة والدوامة التي تعيشها البلاد، وفي تقديري أنها الأسلوب الأسلم لمواجهة هذا النظام. أما الكفاح المسلح عن طريق حرب العصابات فقد سبق وان قلت رأيي فيه في مقال تفصيلي في مناسبة سابقة.
أما عن موقف الحزب مما نشره أحد المواقع عن وفاة تسعة من سجناء الضمير في معتقلهم فأنا لست الناطق الرسمي بأسم الحزب، أما رأيي الشخصي فأن علي الحزب وكل قوي المعارضة أن تتحرك لإستنهاض الجماهير الأرترية في المهجر والرأي العام العالمي لإدانة هذا العمل، أما مسئولية تكذيب الخبر فهي علي عاتق الحكومة أن كانت تريد أن تبرئ ساحتها وليس ذلك عن طريق بيان ينشر أو يذاع عبر وسائل اعلامها وانما بإظهار هؤلاء الأشخاص علي الشاشة وهم يتحركون وأن تسمح لمنظمات حقوق الانسان الدولية باللقاء بهم والتأكد من حسن معاملتهم في المعتقل بغض النظر عن أسباب الاعتقال الظالم غير المبرر والمنافي لكافة الحقوق والحريات الأساسية التي أقرتها الشرائع السماوية والاعلانات العالمية عن حقوق الانسان.
بعد خمسة عشر عاماً من معارضة النظام أخفقت المعارضة الارترية في تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في إسقاط النظام أو إجباره علي التفاوض، وقد يعزي اخفاقها لعدة أسباب دولية واقليمية وأخري خاصة بالمعارضة وبالنظام، لكن هناك قصور تتحمله المعارضة علي وجه الخصوص مثل اخفاقها في صنع معارضة موحدة تعكس المكونات الارترية ومثل فشلها في تجسيد مداولة السلطة والقيادة داخل تنظيماتها وأحزابها، بالرغم من أنها تلوم اسياس أفورقي في عدم مداولة السلطة علي مستوي البلد، لقد لاحظنا مؤخراً عقد عدة مؤتمرات تنظيمية وحزبية ـ بما فيها مؤتمر حزبكم ـ ثم كانت النتيجة تكرار ذات الأشخاص في القيادة بشكل عام، بالاضافة الي هذا بدأ البعض يشير الي أن ازمة العمل المعارض برمته تعود الي وجود قيادات تنقصها المؤهلات المعرفية والقدرات التعليمية والرؤية المستقبلية الشاملة، بالرغم من اننا لا نشك في وطنية هذه القيادات وتضحيتها ونفترض حسن النية في كثير من عملها، بحكم أنك واحداً من هذه القيادات ماذا ينقصكم؟ وهل أنتم مؤهلون لقيادة التغيير وقيادة البلد مابعد التغيير؟
ـ أتفق مع معظم ماجاء في سؤالك هذا وأنا أضيف أن في داخل المعارضة قوي تحترف العمل السياسي وسيلة لتعيش وقد كانت في عهد الثورة كذلك ومنها من أختزن أرصدة في البنوك ومن أنتقي شققاً سكنية في المهجر لكن تلك فئة هامشية بالنظر الي القوي الحقيقية التي تبذل التضحيات من أجل إسقاط النظام لكن في وسط هذه من يغلب الدعاية الحزبية عليه فيقف عقبة أمام توحد قوي المعارضة حول رؤيا مشتركة تعطي الأولوية لمهام المرحلة والاكتفاء بالاتفاق علي العموميات في مهام المستقبل، لنترك تفصيلها للمشرع الذي سيختاره الشعب في النظام الديمقراطي الذي سيقوم علي أنقاض النظام الديكتاتوري الحالي، واحدي العقبات الرئيسية في مهام المرحلة هي الاتفاق علي اسلوب مواجهة النظام وتحديد استراتيجيته وتوحيد أدواته ومركز ادارته.
يدور الحديث الآن حول مؤتمرالحوار الوطني الاريتري الذي سيعقد بمشاركة التنظيمات والأحزاب المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني وإذا كانت هذه الأخيرة تعني المجموعات الإعلامية والثقافية والمهنية وجماعات الدفاع عن القضايا وجماعات الحقوق وهي موجودة خارج أريتريا وتقوم بعمل منظم وطوعي وأنشطة مشهودة تدافع من خلالها عن قضايا الحريات والتعددية وحقوق الانسان لكن سمعنا بأن البعض يشك في وجود هذه المؤسسات وقد قيل أنت واحداً من هؤلاء، دعنا نسمع رأيك حول ذلك؟ وكيف تري مساهمة مؤسسات المجتمع المدني في العمل الاريتري المعارض؟
أنني أتفق مع التعريف الذي أوردته في سؤالك لمنظمات المجتمع المدني وهي موجودة بالفعل في دول المهجر ونشاطها في مجالات تخصصها ملموس ومشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني ضرورية أن كان لهذا المؤتمر أن ينجح في تحقيق أهدافه بأستقطاب أوسع للقطاعات الشعبية الأرترية في مواجهة النظام أو وضع أسس للبديل الذي سيملأ الفراغ في حالة إنهيار مفاجئ للنظام مروراً بالمرحلة الإنتقالية ووصولاً الي المحطة التي يجب أن يستلم فيها الشعب زمام أموره أو الجلوس علي مائدة المفاوضات مع النظام لحل الأزمة السياسية الأرترية التي خلفت هذا الوضع المأسوي للبلاد. كان اختلافي مع التحالف الوطني في هذه القضية حول تعريف من هي منظمات المجتمع المدني ومن هم الشخصيات الوطنية المستقلة؟ وما المعيار الذي ينطبق عليهم ليكونوا مؤهلين للمشاركة في التحالف الوطني وأنتهي هذا الأخير وقام علي أنقاضه التحالف الديمقراطي الارتري الذي يشارك حزبنا في عضويته، علي القوي السياسية فقط، وما زال السؤال قائم ولهذا الغرض شكل التحالف الديمقراطي الارتري لجنة للإعداد لمؤتمر التحالف الذي ستشارك فيه منظمات المجتمع المدني كعضو مراقب وأخري لإعداد تصور للقوي التي ستشارك في ملتقي الحوار الوطني الشامل وبشكل متكافئ ومنها منظمات المجتمع المدني. ووضع المعايير الدقيقة بالعودة الي مراجع دولية بالنسبة لتعريف منظمات المجتمع المدني وتجارب الشعوب التي سبقتنا في التعامل مع الشخصيات المستقلة والواجهات الدينية والاجتماعية ان كانت ثمة تجارب في هذا الصدد. |
أحدث النعليقات