الاعتراف بالخطأ والاستمرار فى الخطيئة

عمر جابر عمر

ملبورن- استراليا

عندما يرتكب الفرد ذنبا ويريد ان يتراجع عن ذلك الخطأ فهناك خطوتين يسير عليهما :

1/ اذا كان المتضرر من ذلك الخطا فرد او جماعة فان مرتكب الذنب يقدم اعتذاره ويطلب الصفح.

2/ اذا كان مؤمنا فمن اجل ان يغفر له الرب فانه يتوجه اما الى الكنيسة ( اذا كان مسيحيا ) ويقر ويعترف امام القسيس واما ان يطلب التوبة والغفران مباشرة من الله ( اذا كان مسلما ) وربما يذهب الى الحج لغسل ذنوبه.

اما فى مجال السياسة والحكم فان من يرتكب الاخطاء لا مجال لتقويمه الا بالتنحى ومغادرة كرسى الحكم. فى التجارة يمكن ان يقوم التاجر المفلس بمحاولة ثانية وذلك بالاقتراض من البنوك او الاصدقاء ويبدأ جولة جديدة لاختبار حظوظه.

والسياسة ليست تجارة وعلى من يفشل ان يتوارى ويبقى  فى الظل.   

منذ سنوات كان النظام الدكتاتورى فى ارتريا لا يعترف باى خطأ ويبرر اخفاقاته وعجزه بعوامل خارجية ( ويانى والسودان الخ …) ويبدوا ان تلك الاسطوانة اصبحت مشروخة ولم تعد تقنع احدا حتى من تبقى مع النظام من المؤيدين والطبالين.

وامام هذا الاختناق السياسى الداخلى والحصار الاقليمى والدولى الخارجى قام النظام بارسال ابواقه الى السعودية وكندا وامريكا واوربا للاجتماع بقواعد حزبه ولارسال رسالة الى القواعد بان هناك تغير ما يحدث فى البلاد.

وخرج المؤيدون والطبالون من تلك الاجتماعات يهللون ويهتفون : نعم هناك تغير بدليل انهم اعترفوا بالخطأ!؟

وعندما تسألهم: ماهى الاخطاء التى اعترفوا بها ؟ لا جواب!!

وهذه لعمرى غيبوبة مستديمة يعيش فيها النظام جعلته لا يدرك ماذا يجرى حوله ولا يريد ان يفيق من احلام اليقظة التى حبس نفسه فيها.

هل اعترف بمواقف محددة اكتشف انها كانت خاطئة ؟ هل اعترف ان قرارات بعينها كانت خاطئة وان نتائجها كانت سلبية ؟

كلا .. كل ما قاله مندوبوا البلاط السلطانى : (نعم هناك اخطاء- ولا بد لمن يعمل ان يخطىء ولكن حكومتكم الرشيدة قادرة على تصحيح تلك الاخطاء )!!

تلك توصيفات يرددها عابر سبيل مثل ان تقول : لكل مجتهد نصيب – ومن سار على الدرب وصل دون مناقشة كيف ومتى؟ ملخص تلك الرسالة هو ( نحن باقون فى السلطة شئتم ذلك ام ابيتم .. واذا كانت هناك اخطاء فنحن الذين نحددها ونصلحها ..)!؟

لم يسأل المريدون عن الاخطاء- يكفيهم ان السلطان قال هناك اخطاء – فهو اذن بشر يمكن ان يخطىء!؟

الاخطاء التى يمكن ذكرها والتراجع عنها والوعد باصلاحها معروفة لدى القاصى والدانى لدى الارتريين والمراقبين – نذكر نماذج قليلة منها :

  • ·       احتكار السلطة والاستئثار بها بعد التحرير واقصاء جميع التنظيمات والقوى التى ناضلت فى مرحلة الثورة .
  • ·       الاعتقالات المتواصلة لكل معارض وصاحب رأى دون توجيه اتهام او محاكمة.
  • ·       انتهاك حقوق الانسان وجعل البلاد سجنا كبيرا الداخل اليه مفقود والخارج منه مهاجر منبوذ.
  • ·       افتعال حروب عبثية مع دول الجوار راح ضحيتها عشرات الالاف من شباب ارتريا وادت الى تجميد الطاقات الانتاجية للبلاد وتدهور الاقتصاد واعتماد البلاد على المعونات الاغاثية الدولية.
  • ·       تجميد عودة اللاجئين الى وطنهم واستمرار غربتهم.
  • ·       تجميد الدستور الذى كان بداية مرحلة للخروج من شرنقة التنظيم الواحد وهيمنة الفئة الواحدة.
  • ·       خوض معارك دون كيشوتية مع الامم المتحدة وامريكا واوربا بغير سبب ودون هدف . وهناك الكثير .. والكثير .. هل اعترف المبعوثون بواحدة من هذه الاخطاء ؟ كلا – ولكن حتى الاعتراف بها لا يمثل الا محاولة لصرف الانظار عن الخطيئة  الكبرى التى يواصل ارتكابها النظام – الا وهى الاستمرار فى السلطة دون شرعية ودون تفويض ودون قبول الشعب.

وكما يقول المثل المصرى : اليمشى فى سكة الحرام ما ينقيش!

ماذا يضيرهم اذا تعددت وتنوعت الاخطاء لطالما انهم منغمسون فى خطيئتهم الكبرى ؟

السلطة هى وجودهم وكيانهم وسلاحهم – وما تبقى لتذ روه الرياح !!

ومن يدمن الخطيئة تهون لديه الاخطاء ومن اصيب بالصمم العقلى لا يسمع الاصوته ولا يرى الا صورته ولا يجتر الا ما فى داخله.

 

كان الله فى عون الشعب الارترى


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6920

نشرت بواسطة في مارس 6 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010