الافتتاحية: الذكرى الخامسة وألأربعون للرصاصة الشجاعة
البندقية هي الحل
يصادف اليوم الأول من سبتمبر الذكرى الخامسة والأربعون لانطلاقة الشرارةالأولى للكفاح المسلح بقيادة الشهيد البطل حامد ادريس عواتى ورفاقه الأشاوس، ولما كان الفاتح من سبتمبر محطة في تأريخنا الوطني لذا وجب الوقوف عندها لنراجع انفسنا ومسيرة نضالنا الديمقراطي ولنستشرف فيها المستقبل ، مستقبل حر من قيود الدكتاتورية واستبداد حكم الفرد ، كما نقف اجلالا واكبارا لشهدائنا ولابطالنا الذين سقطوا وهم يحاولو أن يصنعوا لنا وطنا ديمقراطيا حرا تتجلى فيه أرادة الشعب الارتري ، كما هو في نفس الوقت تأكيد على اصرارنا وعزمنا على مواصلة النضال من اجل انتزاع حق شعبنا في الحرية والديمقراطية.
تمر علينا ذكرى الفاتح من سبتمبر وشعبنا في ارتريا يعاني الأمرين من جراء حكم الفرد ، فالشعب الذي انطلقت شرارة سبتمبر من أجل تحريره فهو قيد الأسر والقتل والتشريد والاعتقال ، ان شعبنا في الداخل اليوم يحاكم كبار السن فيه ويستعبد اطفاله وشبابه في معسكرات السخرة ، أو تبتلعه الصحاري والمحيطات ، أو تفرد عليه الاتاوة والجزية من أجل أن يعمل في حقله أو يذهب الى متجره و يحتاج الى تصريح للذهاب الى أهله في المدن والأرياف، تهدم منازله وتجرف أراضيه ويطارد في كل مكان. هذا كله يجعل الثورة التي انطلقت من أجل تحقيق كل المعاني النبيلة والتي سرقت من جماهيرها لم تحقق كاملا ما أرادت تحقيقه ولهذا فان تكملة المسيرة والنضال من أجل احقاق العدل والفضيلة في ارتريا هو واجب وطني وفرض عين علينا والا فانها خيانة لأمانة شهداء سبتمبر.
ان الظروف التي تمر بها بلادنا اليوم هي نفس الظروف التي مرت عليها قبيل اطلاق رصاصة سبتمبر ، وان المرء ليسآئل نفسه أما أذن الوقت للاطلاق رصاصة أخرى لتخليص الشعب الارتري من براثن قبضة العسكر، الذين اغتصبوا حقوق الشعب الارتري وأذاقوه الأمرين ، وهل ان الكلفة البشرية والاقتصادية والاجتماعية سوف تفوق ما يدفعه الشعب الارتري اليوم من ثمن باهظ اذا انطلقت مثل هذه الرصاصة، ان الذي يحكم الشعب الارتري بقبضة الحديد والنار لا يجوز معاملته بغير اللغة التي يجيد. وان الوسيلة العسكرية مهما تحججت بعض القوى بعدم جدواها وارتفاع كلفتها البشرية الا انها أنجح الوسائل وأسرع الأليات لتغيير هذا النظام، وعلى التحالف الديمقراطي الارترى اعادة النظر فيها حتى يتم تبنيها ، لأن دبلوماسية الغرف المغلقة لا تأتي بتغيير سريع مطلوب في عالم ينام ويصحى على فرقعة القنابل ، وحتى الدول العظمى اليوم تستخدم المدفع والدبابة للاتيان بمثل هذا التغيير.
في الفترة من سبتمرنا الماضي الى سبتمبرنا الحالي مرت على شعبنا ظروف عصيبة كان أبرزها هذا التدفق البشري من الشباب والشابات الى حدود الدول المجاورة وما بعدها الى الصحاري والبحار والمحيطات هربا من بطش النظام، ولما كان لهذه القضية صدى واسعا في الأيام الماضية بوصول ما يربوا على خمسة الآف لاجئ من سواحل شمال أفريقيا الى جزائر الكناري الاسبانية ، وغرق البعض منها وعلى متنه بعض الشباب لارتريين ، برزت ليبيا كدولة عبور خاصة للاجئين الارتريين ، كما ذكر نية ليبيا في ترحيل بعض هؤلاء اللاجئين. النقطة التي نود أن نثيرها هي فشل تنظيمات المعارضة في استقطاب هؤلاء الشباب وكسب ولائهم وبالتالي توجيههم وتجهيزهم بحيث يخدم هدف ازالة هذا النظام بالوسيلة العسكرية أو بغيرها بالاضافة الى تجنيبهم خطر هذه المحاولة. الحقيقة المرة كل هذه التنظيمات بما فيها التحالف الارتري عندها حقيبة أو مكتب للاتصال الخارجي ودورها يجب ان يتجلى في دعم قضية هؤلاء الشباب عند المنظمات الانسانية العاملة في رعايتهم خاصة منظمات الأمم المتحدة وأن تلعب دورا مع دول الجوار بحيث يضمن سلامتهم وكرامتهم ورعايتهم الرعاية التي تليق بكل لاجئ تلك التي تكفلها له المواثيق والقوانين الدولية. ان مخاطبة ليبيا لهو أمر ضروري والتدخل لدى العقيد القذافي لمنع ترحيل اللاجئين الارتريين الى النظام المتعفن في ارتريا هودورا مناط على هذه المكاتب الخارجية ونتمنى أن نرى رسائل احتجاجها وبرقياتها على الوسائل الاعلامية مما سيكون له دور في اعطاء الأمل لهؤلاء الشباب.
كما ضمن العمل الدبلوماسي ودور المكاتب الخارجية اهتمامها بالجاليات الارترية في المهجر خاصة الشرق الأوسط ويأتي على رأسها العاملون بالسعودية والخليج ولبنان. ففي السعودية يتعرض العاملون الارتريون بها الى بطش سفارة النظام وزبانيته هناك الذين يستخدومون كل الوسائل لاهانة العامل هناك البطة التي تلد ذهبا للنظام ، فهناك يستخدم النظام مسائل تجديد الاقامات والجوازات والتوكيلات لاهانة هؤلاء العمال بفرض الاتاوات والتهديد والبلطجة ، ويستخدم مكاتب الجاليات بها ككازينوهات للعب القمار والاتجار في ا لخمور وتسهيل الدعارة.
ان التدخل لدى السلطات السعودية وبعض امارات الخليج لهو أمر ضروري لاعفاء العمال الارتريون من بعض الشروط التي تسهل عليهم تجنب السفارة أو الخمارة بتلك البلاد، كما تنظيم العمال في اتحادات عمالية لهو دعم للتحالف الارتري وتنظيماته ، كما هو قطع لمصدر دخل النظام من عرق هؤلاء .
ان نشاط المكاتب الخارجية سوف يلفت الى التحالف وقضيته الكثيرين من الشعب الارتري والشعوب الصديقة التي دوما كانت في عون الشعب الارتري ودعم نضاله ضد الاستعمار الاثيوبي كما يمكن ان تكون دعما له الآن لنيل حريته ودولته الديمقراطية.
في خضم أحداث لبنان الأخيرة تناسى الارتريون والمجتمع الدولي الارتريون في لبنان والذي يتكون معظمهم من المقاتلات المسرحات من الجيش الشعبي بعد التحرير ، والذي تم التخلص من اعبائهن بتسفيرهم الى لبنان والاردن للعمل كخادمات في المنازل وأدرت العملية على خزينة النظام مبلغ وقدره بالدولار الأمريكي، كما استمر النظام في تحصيل الاتاوة منهن بصورة شهرية فيما يسمى بضريبة الدخل وضريبة الانماء وضريبة كفالة ابناء الشهداء وضريبة الحرب الحدودية. ونتيجة لكبر عدد النساء وكبر حجم المبلغ المدر الى خزينة النظام اقام الدكتاتور سفارة بها في الوقت التي لا توجد فيه سفارة في سوريا؟ ولكن عندما دوت قنابل العدوان الاسرائيلي على لبنان لم يتحرك النظام حتى لاحصاء القتلى منهن ناهيك عن تأمين سلامتهنن بارسال سفينة لاجلاء رعاياها من لبنان والذين دفعوا ضريبة باهظة اثناء حرب التحرير من دمائهن وبعض التحرير من كرامتهن. ان معرفة مصير هؤلاء النساء واجبنا وواجب التحالف ومكاتبه الخارجية ونتمنى ان المنظمات الحقوقية الارترية ببريطانيا والولايات المتحدة ان تقوم بالاتصال بالصليب الأحمر الدولي ومنظمات الغوث لمعرفة مصير الارتريين بلبنان.
ان دور المنظمات الأهلية في الخارج والذي تمثل في رفع المذكرات ومخاطبة الدول الأروبية والولايات المتحدة والمنظمات الحقوقية ، وكان آخرها مسيرة الحرية التي انطلقت من نيويورك الى واشنطن والتي كان لها الدور الكبير في ابراز معاناة الشعب الارتري خاصة السجناء ، لهو دور مكمل لدور هذه المكاتب وليس بديلا لها . وان أخذ زمام الأمر في مثل هذه الأمور سوف يدعم التحالف الارتري ويقوي مركزه. ان رفع المذكرات الى المنظمات الاقليمية مثل الايجاد والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية ، والمنظمات الدولية مثل البرلمان الأروبي ومنظمة الأمم المتحدة والكونجرس الأمريكي هو دور يجب أن نراه في قادمات الأيام من قبل المكاتب الخارجية للتحالف الديمقراطي الارترى.
من ضمن العلامات الفاصلة في الفترة الماضية كان التقارب بين النظام السوداني – والنظام الارتري والذي ترك شرخ في العلاقة الأخوية والنضالية بين الشعب الارتري والسوداني ، وكثيرين من الشرفاء في السودان يشاركوننا الرأى بأن هذه العلاقة ليست في صالح شعبينا والنظام الارتري والذي يتلاعب بورقة المعارضة السودانية ليس في نيته اصلاح الشأن السوداني بقدر ما يطمح بأن يرى السودان مجزء الى دويلات قومية صغيرة لا حول لها ولا قوة ولا دور في صنع القرار في منطقة القرن الأفريقي ، وان هذا النظام أثبت بالتجربة الفعلية بعض اليد المدودة اليه بالخير، وكم عانى السودان من جراء ذلك. ان الشأن السوداني هو شأن بين السودانيون أنفسهم ، ويمكنهم اصلاح هذا الشأن اذا توافرت الشروط اللازمة وصدقت النية والعزم على ذلك ، وليس بين هذه الشروط ، شرط رعاية النظام الارتري للمفاوضات بينهم. نحن لا نرمي بالللائمة على أخوتنا واصدقائنا في السودان ولكن هذه الخوة تحتم علينا نصحهم وتبصيرهم بالحظر المؤكد عند التعامل مع النظام الارتري.
ان عدم تمكن منظمات المعارضة الارترية من عقد مؤتمراتها بين قواعدها في السودان ترك طعمه المر على شفاه الأغلبية المظلومة من الارتريين. ففي الوقت الذي سمح فيه النظام الارتري عقب عودة النائب الأول للرئيس السوداني وقبل رفع موائد الزيارة ، لأحد الفصائل الدارفورية بتجميع قواه وعقد مؤتمره في أسمرا، بينما رفض السودان لأكثر من فصيل ارتري من ان يعقد مؤتمره التنظيمي بالسودان ، وهو تكرار لتجارب قديمة حسمت فيها الحكومة السودانية أوراقها لصالح الشعبية وضد التنظيمات الارترية الأخرى ونتمنى الا يلدغ السودان من ذات الجحر المسموم للمرة الثانية لأن السياسة الخارجية لارتريا خاضعة لامزجة الرئيس المعلول صاحب ملارية الدماغ التي لا ينفع معها ” كنين ” الكرم والسماحة السودانية.
في الوقت الذي يمكن تفهم الظروف الدولية الضاغطة على السودان ونحن على ثقة بأنه قادر على تجاوزها بارادة الشعب السوداني ، ولكن المعاملة بالمثل يجب ان تكون القاعدة وليس الاستثناء، وان تقديم التنازلات لهذا النظام لايخدم مصلحة السودان ووحدته، وان ابراز ورقة المعارضة الارترية هو احدى طرق المعاملة بالمثل وان اعتلال العلاقة السودانية – الارترية كان أحد اسبابه هذه الورقة فلا يمكن تجاوزها بينما النظام الارتري يراهن ، ويضع الشروط ويخط المواثيق فيما يخص المعارضة السودانية. ويرسم خارطة السودان على حسب هواه ومصالحه الخاصة.
ان عدم تطوير العلاقة بين السودان وتحالف قوى المعارضة الى علاقة استراتيجية وعلاقة شراكة متكاملة تتحد حولها الأهداف كان عاملا في اندفاع السودان الى اتخاذ خطوة متسرعة مثل هذه ، لظرفه الخاصة التي تمر به، وان عدم امكانية التحالف الى تجاوز خلافاته الثنائية والا عتباطية و تفعيل ادواته منها العسكرية لخنق النظام الارتري عسكريا ودبلوماسيا كان خطئا تدفع المعارضة الارترية ثمنه الآن، ان أهمية السودان الاستراتيجية لنضالنا ضد نظام هقدف لا يخطئها كل ذي بصيرة وان الشراكة بيننا وبين النظام السوداني في الاهداف والطموحات كان أمر ولا بد. ولهذا فان التحالف ايضا يتحمل وزر ما حدث وهو يدرك ذلك، ولكن أملنا في أن يعي النظام السوداني حجم الخسارة ان لم يستخدم ورقة المعارضة الارترية ويعامل النظام الارتري بالمثل.
ان الدعوة الى مؤتمر الحوار الوطني والذي صدر عن اجتماع التحالف ، لهو ضرورة لا غنى عنها خاصة للظروف التي نمر بها ، وان وضع الأسس السليمة لعقده لهو ضمان النجاح ودفعة لنضالاتنا نحتاجها في هذه المرحلة، وباعتبار التحالف الديمقراطي صاحب الدعوة الى هذا المؤتمر يجب ان يعقد اجتماعات جس نبض قبل توزيع رقاع الدعوة أو تحديد العضوية و أجندة المؤتمر وذلك للاستماع الى أراء قطاع واسع من الجماهير والناشطين الذين لا يحملون بطاقة انتماء الى أحد فصائله ، وان ضم قطاع واسع الى خندقه لهو مكسب وليس خسارة للتحالف ، ولهذا فان من الضروري ان تضم اللجنة التحضيرية الى مثل هذا المؤتمر منظمات أخرى غير تلك تحت لوائه للتحمل معه الاعباء التحضيرية والمالية ، وان استخدام مثل هذه المنظمات الغير متوفرة في التحالف وشبكة اتصالاتها الواسعة لهو مكسب لا يمكن تجاهله. ومن ضمن المهام الاساسية للجنة التحضيرية ان توضح الغرض والهدف من المؤتمر وتحضير لوائحه ونطمه الداخلية وأجندته بالتشاور مع الجماهير واللجنة التنفيذية للتحالف باعتباره صاحب الدعوة. مثلا ما الغرض من المؤتمر؟ هل خلق تحالف جديد مثلا ؟ هل تبني خيارات معينة ومن ضمنها الخيار العسكري أم مناقشة الخيارات المتوفرة واتخاذ قرار بشأنها ؟ أم تعديل ميثاق التحالف ؟ تحديد المحصلة النهائية لهو أمر ضروري حتى لا يتحول الى مولد! ثم تحديد عضويته كيف تتم هل اعضاء التحالف فقط؟ أم التحالف والمؤمنون بالتحالف ولكن ليس بالضرورة اعضاء فيه؟ هل اعضاء المؤتمر منظمات فقط؟ أم منظمات وأفراد؟ هل يمكن ادراج منظمات غير منضوية بالتحالف أم لأ؟
رغم ايماننا ان من حق التحالف وضع هذه الأسس لانجاح المؤتمر الا انفراده بوضع البعض منها سوف يقوم بوأد المؤتمر قبل ميلاده ، لهذا كان من الضروري احتواء اللجنة التحضيرية على أمرأة مثلا شريحة غائبة او مغيبة ، احتواء على واحدة من منظمات حقوق الانسان الارترية وواحد من المواقع والمراكز الاعلامية ، واحد التنظيمات الغير منضوية تحت لواء التحالف ، وأفراد ناشطون ورجل دين مسلم ، ورجل دين مسيحي حتى يمثل المؤتمر كل التنوع في النسيج الارتري.
ان انفراد التحالف بوضع الاسس والشروط لهو مفهوم ومقدر باعتباره صاحب الدعوة ولكن الاستماع الى الرأى العام فيه بعض الحكمة والصواب.
في الختام لايسعنا الا أن نحي الرعيل الأول الذين على اكتافهم قامت ثورة الفاتح من سبتمبر ، والمجد والخلود لشهدائنا الابرار والموت والعار لنظام الفرد المستبد . والنصر لجماهير شعبنا في الداخل والخارج . وطلقة سبتمبر ستستمر والبندقية هي الحل.
فرجت.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5650
أحدث النعليقات