الاٍرادة

مـراحـل تطـور اٍرادة العمـل الـوطنى الاٍرتـرى مابـين الأمـس واليوم والمسـتقبـل المنشـود ( آدم)

الاٍرادة

الاٍرادة هـذه الـدرة الغالـية التى تحـقق الآمـال والأحـلام وتحول الشـر المقـيت الى خيـر محـبب، والهـزائـم النكـراء الى نصـر مـأزر، الاٍرادة هـذه العظـيمة التى تجعـل مـن الجاهـل عالمـا يفـتى فى شـتى المنابـر، هى مـن يحـول الفقـر الى غنى والعـدم الى وجـود غيـر منتظـر، اذن مـامصـدرهـا .. ماهـو مصـدر هـذا الـذهـب المجمـر الـذى يـزداد لمعـانه ورونـقه كلمـا تقـادم او قـرب مـن نـور أو نـار، ماهـو مكمـن هـذا الكنـز العظيـم الـذى لا يقـدر بثمـن، ومـا سـره الـدفـين الـذى يخـلق المعجـزات ـ وكـيف البلـوغ الـيه مـن أقصـر الطـرق وأنجعهـا، الاٍرادة كم هـى ذات شـأن عظيـم لا يطاله الآ مـن تحـلى به سـلفـا وتسـربـل، الاٍرادة هـذا الشـأن العظيم بـل خـلاصة شـأن الشـأن الـذى ينشـده الجميـع لسـحـره البالـغ وتأثيـره الفعـال رغـم صعـوبة منـاله التى لاتتيسـر الآ لـذوى حــظ عظيـم، الاٍرادة هى حقـا العـز المكمـل الـذى لا يـذل ولا يهـان، فهى مـال لمـن خاصـمته الـدنيـا فأفتقـر، وهى مهـرة أصيـلة بقامة أعلى نخـلة باثـقة فى وادينـا المحتـل ـ بـل هى أم النخيـل التى تتعـدى الـربـوة لتقـارن بالجبـل الأشـم، وهى سـيف مهنـد لا يخـرج عـن غمضـه الآ على يـد فارس هـزم الهـزيمة داخـل نفسه فأعتلى صهـوة جـواد أصيـل ألـف سـاحات الـوغى منـذ ان كان مهـرا، بـل هـى السـلعة العـزيـزة التى لا تتوافـر فى الأسـواق الـرائجة، وان وجـدت لاتبـاع ولا تشـتـرى بأعلىّ ثمـن.

 

اذا كان لـكل الأشـياء مصـادر ـ اذن لاشـك ان للاٍرادة ايضـا مصـدر او مصـادر، حـيث يؤكـد البعـض ان مصـدرهـا الوحيـد هـو العقيـدة وكفى، ولـكن هنـاك مـن لا عقيـدة لـه ولـكنه يمـلك ارادة قـوية تـدفعه تـارة لعمـل الخيـر والخـلق والاٍبـداع واخـرى لفعـل الشـر بمختـلف انواعه البغيـضة، والبعـض الآخـر يقـول ان مصـدرهـا هـو العاطـفة وهـذه ايضـا لا تصمـد امـام الـرأى القائـل ـ مـاذا عـن الـذين يتخـذون القتـل مهـنة لهم حـيث لا رحمة ولا عاطـفة فى قلـوبهم الغليـظة، وثالـث ورابـع ومـن خـلفهم أرتـال مـن البشـر يـرى ان مصـدرهـا هـو الاٍيمـان والمـروءة والشـجاعة والشـرف، وعلى صـدارة مصـادرهـا هـذه تـقف الحقـوق بمختـلف انواعهـا ومسـمياتهـا، كأن نقـول حـق الاٍنسـان فى الثقـافة بمختـلف فـروعهـا، وحـقه فى التمـلك والتعبيـر والعمـل والـرأى والتعـاون والتكافـل وتحـقيق بعضـا مـن الاشـياء التى تضمـن اٍسـتمـرار حـياته على نمـط يـرضـاه لنفسـه دون المسـاس بحقـوق الآخـر …. ألخ، وبمـا ان الاٍرادة هى سـلاح  فعـال يتواجـد لـدى حمـلة الخيـر والشـر وكافة الأنضــاد على السـواء، اذن اٍمتـلاكهـا يـرجـع الى الشـخص نفسـه بغـض النظـر عـن ماهـيته وأهـدافه، ولابـد ان مصـادرهـا هــى مـزيج مـن كل ماذكـر ولـم يـذكـر، وهـذا يـعنى ان الاٍرادة تابـع يتولـد نتـيجة لوجـود أصـل هـو المصـدر وهـو الأب والأم اللـذان يـرجـع لهمـا الفضـل فى وجـودهـا.                         

اذا حاولنـا اسـقاط تحصيـل حاصـل كل ماذكـر آنفـا ـ على شـعبنـا الارتـرى ومسـيـرته الطـويـلة التى مـرت بمحطـات الاٍنتصـارات والاٍنكسـارات وتـراوحـت ايقاعاتهـا مابـين السـرعة القاتـلة والبـطئ الممـيت، فى هـذه الحـالة مـادور الاٍرادة فى مسـيـرتنـا الوطـنية المبـاركة، وقافلتنـا مـازالـت تتكاسـل وتتبـاطأ وتتثـائـب فى الطـريق وأطفالنـا الجيـاع فى اٍنتظـار مقـدمهـا، أليـسـت اٍرادة التحـريـر هـى الـتى دفـعت بنـا بالأمـس قـادة وشعـبـا وشـيوخـا وشـبابـا الى سـاحة النضـال، أليـسـت هـذه العـزيـزة هى مـن دفعنـا لخـوض الصعـاب والسـيـر بنـا نحـو أتـون الحـروب نحمـل الأكفـان والعـزيمة والبنـادق العتـيقة جنبـا الى جـنب، أليـسـت اٍرادة البحـث عـن الحقـوق الضائعة تـلك التى أغتصـبهـا الغـازى الأجـنبى هـى التى فطمـت أطفالنـا على دفاعـات بارنتـو ووادى نبى قـدى وجبـل قـدم وصحـراء بيلـول، ألـم تـكـن اٍرادة الشهـامة الوطـنية وشـمـوخ الآبـاء همـا اللـذان كانـا معيننـا الـذى أجـج النفـوس فـأزداد هياجهنـا كلمـا تـأزمـت الاٍمـور، ألـم تـكن اٍرادة الشـرف هـى التى دفـعـت بشـيـوخ القبـائـل فى بـركا وأكلى قـوزاي وكافة الأرض الارتـرية ـ اولئـك الـذين تصـدوا لأمـن أفـورقى وجيوشـه بالسـيوف والفـؤوس والعـصى مـن أجـل شـرف الأمة وعـذراواتهـا الطاهـرات، نعـم والـف نعـم اٍرادات متعـددة دفعـت بشـعبنـا وفـرسـانه الأشـاوس الى الجحيـم مـن أجـل اٍسـتـرجاع آلاف الأشـياء الثمـينة المعـروفة بالحقـوق، أمـا الـذى جمـع شـملنـا ووحـد طـريقنـا وجعلنـا نتلاحـم ونتماسـك ونتقاسـم المصـائب فى الأحـراش والسـهول والوديـان والغابـات والجبـال ـ هـو وحـدة العقيــدة على مختـلف مشـاربهـا، فالعقيـدة الـديـنية وتعاليمهـا كان محـركنـا ومحفـزنـا الـذى لا يـزول بـزوال المؤثـر، والعقيـدة بحاجتنـا الى أرضنـا السـلـيبة التى لا نسـغنى عنهـا ولا نسـتبـدلهـا بـأية مـكان آخـر، ولسـاننـا المحجـور علـيه وهـو كمـا تعلمـون يحمـل حـروف ثقـافتنـا وخيـارنـا التاريخى كمـا يحمـل ثقـافتنـا لعقـدية، وايضـا عقيـدة الوثـوب الى تأمـين مسـتقبـل أبنائنـا وأحفادنـا، هـل هـذا الـزخـم المـرغـوب أبـدا، كان واعـزنـا الـذى لا يهمـد الآ بتحـقيق الأهـداف، ولابـد ان يظـل الحـال هـكـذا حتى نتمـكن مـن اٍحقـاق الحـق او نمـوت دونه ـ ولـكن بعـزة عـزيـزة وكـرامة لا تخـدش وشـموخ مـوروث سـيسـألوننـا عنه الآبـاء اذا فـرطنـا فيـه.              

كنـا بالأمـس نتقاسـم الخيـر والشـر قسـمة عـادلة، فقـد أنهمـر مـن جـبين شـيوخنـا وشـبابنـا سـيـل مـن العـرق السـاخـن، كمـا سـالـت دمـوعنـا ودمائنـا الممـزوجة بالكبـريـاء والشـرف، حتى تمكنـا مـن قهـر الأعـداء ـ ولكننـا فشـلنـا على قهـر نـزواتنـا، ممـا ادى ذلك الى تفـكك وحـدتنـا واٍختـلاف أهـدافنـا التى تحولـت الى ذرات بعـد ان كانـت شـأنـا عظيمـا عـرفه وتفاكـره الأعــداء والخصـوم قبـل ان يـذكـره صنـاعه، حينئـذ فقـدنـا اٍرادة العمـل الموحـد فتـلتهـا كافة الاٍرادات، وأصـبحـت النتـيجة ضـعفـا وقـلة حيـلة ومـن ثـم ضيـاع الـوقت الثمـين فى المعـارك الصغيـرة التى ان كانـت لهـا فوائـد تـذكـر فهى فوائـد تصـب فى حـوض الخصـوم والأعـداء، نعـم فوائـد غيـر أصيـلة قـللت مـن شـأننـا وكسـرت كبـريائنـا، وان لـم نتحـرك عاجـلا سـتبـدل تاريخ الشـموخ الـذى ورثنـاه مـن آبائنـا وأسـلافنـا الـذين ذهبـوا قبـل يـرون أفعالنـا التى تخجـل كل مـن يعـرف تاريخنـا الـذى يعتبـره الآخـر مثـلا مشـرفـا يتمـنى ان يقتـدى به حتى مـن فقـد شـاة جـربـاء.

 

بالأمـس حاربنـا معـا ورسـمنـا خارطة موحـدة للكيـان الـوطنى الارتـرى، بالأمـس كانـت مناكبنـا تتـلامـس بـل تحتـك ببعضهـا البعـض، وخطانـا كانـت مسـرعة نحـو الهـدف الموحـد باٍرادة قـوية لا تعـرف التـراجـع والخـذلان، فـأزدحمـت بنـا الـدروب السـالكة والوعـرة، حـتى البحـار عبـرناهـا مناضلـون قبـل ان نعبـرهـا لاجئـون او مهـاجـرون، وبالاٍرادة والعـزيمة هـزمنـا الأعــداء مثلمـا سـبق ان هـزمنـا تـرددنـا وتخازلنـا وكافة أمـراض الكسـل والتواكل والشـيخوخة المبكـرة، ولـكن يبـدو ان الاٍرادات المعاكسـة توالـدت فكثـرت، ودروب الضيـاع والشـتات تعــددت، والأهـداف الكبيـرة صغـرت وتبايـنت ممـا ادى بنـا الى مانحـن فـيه الآن.

 

نعـم بالأمـس هـزمنـا الـدهـاء والمكـر وكل ماظهـر ومـابطـن مـن سـياسـات أعـدائنـا، هـزمنـا مكـره وسـياسـاته قبـل ان نهـزم آلـته الحـربية، وعـرفنـا قيـمة الاٍنسـان قبـل ان نأسـر الآلاف مـن ضبـاطه وجنـوده ممـا جعلنـا نطـلق سـراح اولئـك الأبـريـاء السـذج، هـزمناهم لأننـا كنـا نتسـلح بالاٍرادة القـوية الموحـدة التى مكنتنـا مـن اٍجتيـاز حاجـز التـردد والتواكل والخنـوع، ألـم يتـرك رجـال الـرعيـل الأول أبنـائهم فى العـراء مـن غيـر معيـل او معيـن الآ الله، ألـم يقـرر عشـرات المناضلـون الشـباب العـزوف عـن الـزواج بقيـادة الشـهيـد عبـد الله ادريـس ديجـول والمناضـل الصامـد أحمـد اسـماعيـل سـويـرة حتى يتحـقق التحـريـر والاٍسـتقـلال، لاشـك انهـم فعلـوا ذلك بـاٍيحـاء مـن الاٍرادة القـوية التى حـولـت الـرجـال الى اسـود كاسـرة لا تهـاب الحـرب ولا تخشى المـوت ولا تضـعـف أمـام الـزوج والولـد، فقـد قتلـوا هؤلاء الـرجـال المـوت فى دواخلهم قبـل ان يبـدؤوا القتـال ضـد الأعـداء، فسـارت العـدوى الى كافة شـباب الفـداء الـذى مـلأ السـاحة حتى ضـاقـت بهم الأرض على وسـعهـا، فتحـقق النصـر وسـقطـت الهـزيمة تحـت أقـدامهم المغبـرة وصـارت البنـادق طـيعة فى أيـديهم الثابـتة التى لـم تـرتعـش يومـا أو تخطئ أهـدافهـا، ومـن هنـا تحـقق النصـر، أمـا أهـداف الختـام ظلـت معلـقة حتى يجتمـع شـعبنـا البطـل ليقـرر كـيف يحـكم وطـنه المتميـز بتعـدد الثقافـات والأعـراق، ولـكنهـا ظـلت معـلقة وسـتظـل هـكـذا الى ان نسـتعيـد اٍراداتنـا التى فقـدناهـا مقابـل لا شـيئ.

 

 الآن شـعبنـا البطـل مقيـد بقيـود مـن خيـوط متقـطعة بالـية، وممنـوع مـن الوصـول الى سـاحة الجمـع حتى لا يتمـكن مـن تـريـيب أوضـاعه او تحـديـد اٍتجـاه مسـيـرته، ونحـن قابعـون هنـا على الحـدود او هنـاك فى المـلاجئ والمهجـر، وفى أغلـب الظـن اننـا مشـغولـون بمعـارك صغيـرة لا تسـمن ولا تغـنى مـن جـوع، قــد يقـول بعضنـا مجـازا ان الـذى أصـدر فـرمـان المنـع هـو أبليـس اللعـين المـدجج بأنـواع السـلاح، ولـكن شـعبنـا سـبق ان أنتصـر على الشـيطان الأكبـر ممـا يـدل انه قـادر على تحطيـم أفاعيـل أبليـس وزمـرته التى تتسـلح بـاٍرادة الهـدم، فـاٍن لـم يـكن السـبب ابليسـا مـاالـذى حـدث حتى يـقف ,, حمـار الشـيخ فى العقـبة،، …؟؟ . يبـدو ان بعضنـا لـم يتجـاوز بعـد اٍنكسـارنـا الـذى عـفى علـيه الـزمـان منـذ عـام 1981م، والبعـض الآخـر مـازال مأخـوذا بنشـوة النصـر الأول منـذ عـام 1991م ولـم يـفق منهـا رغـم انهـا تحولـت الى اٍسـتغـلال بغيـض، يحتمـل ان هـذين الموقفـين قـد أفقـدانـا سـلاح الاٍرادة التى كانـت مـن وراء اٍنتصاراتنـا المتكـررة، هـذه هى الحقـيقة ـ غابـت الاٍرادة لسـبب مـا ولعله اٍهمالنـا، فغـيـبت معهـا البوصـلة والعـدة والعتـاد، ولـكن الشـباب مازال واقفـا على كل الـدروب والطـرقات وهـو فى اٍنتظـار الهـبة الكبـرى التى تعيـد الميـاه الى مجاريهـا، فهـؤلاء الشـباب هـم الاٍرادة والبوصـلة والعــدة والعتـاد، اذن فالنصفـق لهم ونهـتف معـا، ولننـادى قائـد المسـيـرة المظفـرة عــــواتى .. عــــواتى .. عــــواتى، وشـبابنـا كلهم عــــواتى والنـار مازالـت قابلة للاٍشـتعـال ان لـم يهتـدى ابليـس اللعـين فيتـوارى قبـل ان يصـيبه شـررهـا والسـهـام.

 

جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم

آدم محمـود حامـد    

 

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6762

نشرت بواسطة في أغسطس 1 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010