البيان الختامي للمؤتمر الثالث للحركة الفيدرالية الديمقراطية الإريترية
في ظل تسارع الأحداث والمتغيرات ذات المغزى العميق في منطقتنا، وفي ظل الانحدار الشديد والتصدع الكبير لنظام الشعبية المستبد في كل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وجدت الحركة الديمقراطية الفيدرالية الديمقراطية الإريترية في هذه الظروف المحيطة ببلادنا والمنطقة عموماًً، منعطف يحبل بالكثير من الدلالات، ويحتاج الى قراءة معمقة لوضع الإجابات العلمية والعملية التي تمكننا من التصدي الجدي للزمرة المستبدة والفاسدة في اسمرا، وإنهاء حياة الذل والدمار الشامل التي كرستها عبر السنوات العجاف الماضية .
وضمن هذا المشهد يأتي انعقاد المؤتمر الثالث للحركة الفيدرالية الديمقراطية الإريترية في توقيته المحدد وفق اللوائح التنظيمية ليشكل محطة وثوب قوية لمرحلة جديدة في مسير نضال الحركة
انطلقت أعمال المؤتمر الثالث في الأول من يوليو 2012م ، تحت شعار
(( فلنجعل من مخرجات مؤتمرنا الثالث ، تأمينا لمكتسبات نضالنا، ونقلة نوعية في مسيرة تنظيمنا! )) .
واستمرت جلسات عمله إلى الرابع من يوليو2012 وتصدى المؤتمر للآتي :
أولاً :
1 /عضوية المؤتمر :
مثل المؤتمر الثالث نقلة نوعية في حجم ونوعية تمثيل عضوية الحركة، وجاء ذلك نتيجة النشاط الملحوظ لفروع الحركة في مختلف الساحات التي يتواجد فيها الإريتريون ، ولقد كانت مساحة الشباب ملحوظة بين عضوية المؤتمر، كما كان تمثيل المرأة يجسد مكسباً نوعياً، هذا بالإضافة إلى مشاركة شريحة مستنيرة من حملة الشهادات من خريجي جامعات السودان، وبالعموم فقد كان لتلك العضوية
النوعية المشاركة في المؤتمر، الأثر الواضح في إثراء أعماله، وتعزيز نتائج مخرجاته، بزخم عبر عن عنفوان الشباب وطول مدى قدرتهم في مسيرة العطاء .
2/ الجانب التنظيمي :
لقد مثل المؤتمر فرصة للحركة لممارسة فلسفتها التنظيمية التي قامت عليها منذ تأسيسها، بضرورة تحويل الإطار القيادي إلى منصة مفتوحة، لأي كفاءة وقدرة تعتليها، عبر الانتخابات الديمقراطية الشفافة والنزيهة، وهي بذلك تؤمن على مبدأ بناء كل عضوٍ في الحركة، ليكون مشروع قائد من موقعه، وهي فلسفة أكد عليها المؤتمر، وترسيخاً لهذا المبدأ فقد انتخب احد عشرة عضواً كسكرتارية لإدارة وقيادة أعماله، كان ثمانية منهم من العضوية الشباب الذين يمارسوا هذا الدور لأول مرة، مع ثلاثة من الأعضاء المتمرسين . وتواصلاً مع هذا النهج فقد أكدت القيادات المؤسسة للحركة أنها لا تريد الاستمرار في مواقعه، مفسحة الساحة للأجيال الشابة والجديدة لممارسة دورها في تبوء الدور القيادي، وقد وضعت هذه الملاحظة في أذهان الجميع، وتُركتْ للمؤتمر حرية الاختيار، بعيدٍا عن وضع النصوص المقيدة التي ستفقد هذه الرؤية التنظيمية مضمونها العملي .
واستمراراً مع نهج الشفافية وحرصاً على إشراك كل إخوة النضال في هذا المؤتمر بآرائهم لإثراء مخرجات عملنا ، فقد دعى المؤتمر كافة تنظيمات التحالف الديمقراطي وعدد من التنظيمات الصديقة ومنحت عضوية مراقب في المؤتمر لممثلي تنظيمات :
– جبهة التحرير الإرترية
– الجبهة الديمقراطية للوحدة الإرترية
– حزب الشعب الديمقراطي الإريتري
وكان لمشاركتهم الأثر الكبير في اثراء الحوار ، وان الحركة اذ تبادر بهذه الخطوة فإنما تؤكد على أهمية، تقريب المسافات بين القوى السياسية، وتنمية مشتركاتها النضالية، على المستويين الآني والمستقبلي.
3/ ذراع الحماية الشعبية للحركة
لقد مثل ذراع الحماية الشعبية للحركة الذي تأسس عام 2007م نقلة هامة في مسيرة نضال الحركة الفدرالية ، ولقد قام هذا الذراع المقاوم خلال الفترة الماضية بدوره في حماية مكتسبات الشعب ، وفي ذات الوقت التعامل مع آلة النظام القمعية وشل قدرتها المسلطة على الأبرياء من ابناء شعبنا الأبي ، وقد أشاد المؤتمرون بتقدير عالي لطلائع التغيير الديمقراطي التي قدمت كوكبة من الشهداء الشباب وهي تخوض مواجهات مع أدوات الطغمة العدوانية القائمة في اسمرا، وحرص المؤتمرون على توسيع إمكانيات صندوق الدعم المخصص لأسر الشهداء والجرحى ورعايتهم بما يجسد الوفاء والعرفان للشهداء الأكرم منا جميعاً.
ثانياً : الوضع الإرتري
1/ النظام القهري :
وقف المؤتمر بالقراءة والتحليل لواقع نظام الشعبية المستبد واستصحب في ذلك إفرازات السنوات الماضية، التي تسببت في إفراغ ارتريا من سكانها، خاصة شريحة الشباب التي سيلغي غيابها بظلاله المؤثرة على مستقبل البلاد في كل نواحيها، يضاف لذلك إفرازات السنوات الأخيرة المتمثلة في مواقف المجتمع الدولي والإقليمي، الذي اعتبر النظام الإرتري أطارا عدوانياً ومصدراً للأزمات وتصدير التخريب إلى دول الجوار الإقليمي، ولقد رأى المؤتمر في قرارات مجلس الأمن الدولي المتعاقبة منذ ديسمبر 2009م بفرض عقوبات الحظر الاقتصادي على عصابة أفورقي خطوة جدية لاقتراب المجتمع الدولي والإقليمي من تفهم دور المقاومة الوطنية، وبالتالي وجد أن فرصة وثوب المعارضة إلى مستوى متقدم في مواجهة النظام باتت أوسع من ذي قبل، وبنفس الدرجة وفي اتجاه معاكس، فإن الحلقات تضيق حول عنق النظام وبات يعيش في عزلة دولية وإقليمية لا تخطئها العين.
وانطلاقاً من ذلك فإننا نرى نظام الشعبية رغم مظاهر التماسك والقوة الزائفة المدعاة، فإن سفنه قد احترقت على شواطئ العزلة، ولا مجال لعودته إلى التأثير في أي ساحة خارج ارتريا، كما نعتقد انه لا يملك بدائل أو احتياط يمكنه من ترميم أو إصلاح تصدعاته الفادحة وفشله الذريع في إدارة عجلة البلاد في كل مناحيها، وليس أمامه سوى فرصة الرحيل والهروب الذليل من الحياة الإرترية. وفي هذا الصدد فإن المؤتمر توجه بمناشدته القوية لأفراد الإدارات المدنية بإريتريا والجيش الإريتري للانحياز إلى جانب قضايا شعبهم العادلة، وإنهاء معاناتهم الجارية ، والإسهام بدورهم التغيير الذي ينشده الشعب الإريتري قاطبا. ودان المؤتمر سياسات كمس الهويات الإريترية والتهجير والاستيطان التي تمرسها السلطة الشوفينية القهرية، لما تشكله من مخاطر تهدد أسس التعايش المشترك بين مختلف مكونات الشعب الإريتري, و بشأن اللاجئين الإريتريين ومعاناتهم، فإن المؤتمر يتوجه بالمناشدة إلى المجتمع الدولي وهيئاته الإنسانية للالتفات إلى معاناة اللاجئين الإريتريين في كل مكان، والقيام يواجباته نحوهم، خاصة وأن أوضاعهم تمثل مأساة إنسانية كبرى.
2/ المقاومة الوطنية :
إن ما ذكرناه أعلاه عن النظام هو ما ننطلق منه لتقويم أداء المقاومة الوطنية، وفي ذلك فإن المؤتمر وعبر مناقشاته المعمقة للبرنامج السياسي ومحاورخارطة الطريق التي سيسترشد بها للمرحلة القادمة ، فقد خرج بالآتي :
أ/ إن المقاومة الوطنية ،ونحن جزء منها والمتمثلة في التحالف الديمقراطي الإرتري قد اتسم دورها بالبطئ وانشغلت الى حد ملفت بوضعها الداخلي وهو ما أثر جلياً على تقدم وتفعيل برنامجها المقاوم للنظام .
ب/ لقد كان دور التحالف الديمقراطي الإرتري جدياً في توسيع اطر المقاومة ، حيث بدأت الخطوة التأسيسية في هذا المضمار في التحضير والدعم والرعاية لملتقى الحوار الوطني في اغسطس 2010م ومن ثم دعم وتعزيز دور المفوضية الوطنية الإرترية في التحضير للمؤتمر الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي .
ج/ ثم جاء منعطف عقد المؤتمر الوطني العام ليشكل حجر الزاوية لتأسيس هرم مقاومة واسع استوعب فئة الشباب كحلقة واسعة ومؤثرة تزيد من زخم مقاومة الشباب بالوسائل المرنة المتاحة أمامهم وفي مقدمتها الاستخدام الأمثل للشوارع والساحات، حيثما يتواجد الإرتريون لتحريك المسيرات السلمية، ولقد أشاد المؤتمر بدور شبابنا في مختلف مدن العالم الذين خاضوا مسيرات حاشدة خلال هذا العام والأعوام الماضية، وقد مثلت هذه المسيرات مشهداً حياً لإنبثاق آلية جديدة ومؤثرة في ساحة المقاومة، ومن مسؤولية كل التنظيمات والأحزاب الإرترية دعمها وتعزيزها .
إن القراءة الموضوعية لواقع المواجهة بين شعبنا بكل قواه من جهة والنظام البوليسي القهري وزبانيته من جهة اخرى تدعونا بجدية للعمل من أجل تفعيل دور المجلس الوطني الإريتري للتغيير الديمقراطي ، بما يعكس طبيعة ودور كل من مكوناته السياسية والمدنية والفئوية وغيرها، ويعمل على تطوير بنيتها إلى مظلات فاعلة وقادرة على إنجاز المهام المرحلية للنضال ، ويرسي أسس الصرح الديمقراطي المنشود في إريتريا القادمة. وبناء على ذلك فإن الحركة الفيدرالية ستعزز من دورها في كل من التحالف الديمقراطي الإرتري بصفته كيانا قياديا رائدا للقوى السياسية مرحليا ومستقبلا، والمجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي، بصفته المرحلية كأطار ينظم ويفعل أدوار كافة قوى النضال من أجل التغيير الديمقراطي، وحفظ أدوار كل منهما في كلا المرحليتين.
وفي الختام يتوجه المؤتمر الثالث للحركة الفيدرالية الديمقراطية الإريترة بالتحية والتقدير وجزيل الشكر إلى إثيوبيا شعوبا وحكومة للتسهيلات التي قدمتها للحركة الفيدرالية الديمقراطية الإريترية لعقد مؤتمرها هذا، وبصورة خاصة لحكومة إقليم تقراي الفيدرالي، ومدينة الحمرا الغراء، وإداراتها الرسمية وأهلها جميعا في استضافتهم الكريمة لمؤتمرنا، كما يتوجه بالشكر والتقدير لضيوف المؤتمر الذين تجشموا عناء السفر والمشاركة في مختلف جلساته بكلماتهم التضامنية مع المؤتمر، ومشاركاتهم الفاعلة في إثراء جلساته، وكذلك يتوجه المؤتمر بالتحية والتقدير لكل من التنظيمات السياسية والمدنية
والمواقع الإليكترونية والأفراد الذي بعثوا رسائلهم وبرقياتهم واتصالاتهم الهاتفية المتضامنة مع المؤتمر والحركة.
هذا وقد أجاز المؤتمر بين جلساته التقرير العام والتقرير المالي وخارطة الطريق المقدمة من القيادة الحركة، بعد نقاشات مستفيضة، كما صادق على النظام الأساسي والبرنامج السياسي للحركة، وبموجبه انتخب المؤتمر بطريقة ديمقراطية أعضاء المجلس الفيدرالي للحركة من 31 عضو عاملا، وأربعة أعضاء مرشحين، غالبيهم العظمى من الشباب المتوثب لتحمل مسئوياته. وفي خطوة تعد نموذجا لإتاحته الفرص أمام جيل جديد من القيادات المؤهلة ، طلب المؤسسان الرائدان المناضلان أرهي حمد ناكا والشيخ جلال الدين محمد صالح إعفائهما من إلتزاماتهما التنظيمية ، خدمة لشعبهم وقضاياه في المنابر التي بلغاها بسعيهم وجهدهم الشخصي، إضافة لنضالهما من أجل الحقوق المشروعة لشعبهم، وقبل المؤتمرون ذلك مهما، وكرمهم أعضاء المؤتمر بالمشاعر النبيلة التي عبروا عنها ، واعتبروها تضحية مرحلية من أجل إريتريا وخدمة قضايا وشعبها..! وذخرا لها في مراحل قادمة..!!.
النصر للمؤتمر الثالث للحركة الفيدارلية الديمقراطية الإريترية!
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار!
السقوط والعار للسلطة القهرية!
المؤتمر الثالث للحركة الفيدرالية الديمقراطية الإريترية
04 يوليو 2012مِ
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=24554
أحدث النعليقات