التأسيس لفكر بديل قادر على المنازلة الحكومة الشاردة(Roage Paviah State)
بقلم / متكل أبيت نالاي
هناك ثمة إشكالية في بعض الولاءات الخاطئة, تنضوي داخلها قوى وفصائل من شرائح المجتمع, وتدخل فيها نخب وفئات بشكل مباشر, لتغطي السواد الأعظم من تلك التكتل, ولكن على الرغم من ذلك, تظل هناك فئات وشرائح وربما نخب أخرى لا تجد لها مكانا تستظل به, أو جناحاً تنضوي تحته.. وتصبح هذه الفئات هامشية في المجتمع خارجة عن نطاق الرؤية, وبعيدة عن قرون الاستشعار.. وهذا الخروج عن ظلال الرؤية ليس بسبب هامشية المكانة, أو ضبابية النظر, بل لأن لوجستية التكتل, وأقلمة القضايا, وأحادية الرؤية لهذه القوى الفاعلة هي التي تبدد أفاق الإنصاف, وأفقية النظرة وتساويات الجغرافيا لأنهم يمنعون الوصول إلى حقيقتهم ويرفضون القرب منهم حتى لا تقرءا الناس خواطرهم المذهلة, كما يوجد لهم أناس يتمركزون على بواباتهم, يصدرون قوائم الحرمان والشكوك, يحترفون فتن, قد تجرك أن تقف بين الناس والناس أو بين التاريخ والحاضر وبين الصمت والكلام, كما يفرضوا عليك الواقع الذي يملكونه..
هذه الأمور هي التي لا يقرها كل المجتمع الإرتري, بل تعيش معها البلاد أسواء الاحتمالات, تتراوح بين النهب والحرب الأهلية والهروب من الوطن. ومن جانب أخر يقابل هذه الأوضاع في بلادنا, التزايد المستمر من السامعون للخطابات العنصرية, ليهزموا المصلحة العامة, أو لتنتصر المنفعة الذاتية, هؤلاء يقفون ضد التاريخ, وضد الحياة, وضد الإنسان الإرتري وأرضه.. هؤلاء يعبثون بأوراق المجتمع الإرتري, ويمزقون وحدته, وينشرون نقوش الحقد والكراهية في المجتمع الواحد.
ولم يدر في خلد هؤلاء يوماً, إنه ممكن أن يكون هناك أرضيات مشتركة تتسع لتعايش والتقارب والتفاؤل الإيجابي بين الناس, لهذا نقول لا يفيد رسم جديد, أو كلام مفيد, أو قلم رصين, أو حق مبين, إلا من خلال الحوار الذي يبدد الحواجز بين الناس. وهذا بدوره طبعاً, يحتاج إلى عمل يتوفر فيه المعرفة والخبرة ضدا لتعبئة الخاطئة, واطمئنان, وبناء جسور الثقة, وطرد هاجس التصفية,وإسقاط الآخر, والعمل الدءوب الذي يزيل الاحتقانات, والتهميش, والنظرة الدونية للأخر,وكل هذه التصورات علاجها هو الحوار الموضوعي الذي يفكك الذهنيات المضطربة عند الناس ويبطل مفعول الآراء المدمرة, التي تتجاذب الناس وتخترق وحدتهم.
ولا يعود الحق ولا يصرخ التاريخ. إلا بالحوار, وهنا توجد فرصة في داخل عملية الحوار تجعلك تقارن بها مواقف الأفق الضيقة, مع مساحة الوطن الكبيرة, وترى فيها هموم الناس على إنها أصدق تعبير وأنبل غاية, علينا جمعا أن ننتصر لها, ولن نكون إلا ما نريد أن نكون, إرتريون أحرار, ننتفض في وجه كل من يقفز على الحقائق الإرترية.وعلى أعداؤنا أن يعرفوا أن إرتريا وحدة جغرافية أشترت كل بوصة من ترابها بدماء أبنائها, لذلك فأن إرتريا بأسرها تراث لنا يجب الاستيلاء عليها من جديد من الطائفة الحاكمة العنصرية.
أن التعدد الثقافي تراكم للمفاهيم الإرترية, وبالتالي يعتبر قيمة إرترية, وكذلك الديانتين المسلمة والمسيحية في سياقهم التاريخي ومعطياتهم الروحي ساقوا مفاهيم كثيرة في حياتنا الاجتماعية لهذا نعتبرهم إحدى قيمنا الإرترية, وأيضاً الدستور هو قيمة إرترية, فيه توجد رؤى الشعب وتصوراته ومحصلته التاريخية. والمشكلة كيف نوفق بين هذه القيم ونحافظ على التوازن فيما بينها, ونحقق في ظل هذه القيم وحدة وطنية شاملة. وللأسف بعض هذه القيم أخذت أوضاع مأزومة وأصبح التعامل معها هو أخطر ما تواجه إرتريا, نتيجة القهر الذي ينطلق عليهم من الجذور الثقافية للدولة ومن مثلها السياسية.
وأن القيم الاجتماعية هي أشياء التي تكون ذات قيمة معينة عند جماعة من الناس مجتمعين أو موزعين.فأن القيم الاجتماعية عادة تنبت عن طريق الرأي الجمعي لهذه الجماعة,أي أن هذه القيم لا يمكن أن تفرض من نظام حاكم على الجماعة فرضاً,ولكنها تتولد من الظروف المعيشة التي يحياها الناس وتكون مقبولة, ومعترف بها عندها, وعن طريقها يعبر الناس عن اهتماماتهم في أسلوب فكري معين فأفكار العدل والصدق والمثل العليا والمبادئ وأساليب تقويم هذه الأفعال هي قيم أخلاقية إرترية كان يجب أن نعرفها ونقراها ونحفظها.
وهناك اعتقاد بأن الإيمان بالحزب هو خيانة للمبادئ الإرترية.لأن الحزب هو الذي يشكل سياجاً عازلاً يحول بينك وبين أن تكون موطناً إرترياً مستقلاً له شخصيته الإرترية, تنطلق من ثقافته, وتجاربه, ورؤاه, وقناعاته الوطنية. والحزب هو الذي يجعلك تناضل بمواصفاته الخاصة للوطنية الإرترية, ويحيل عقلك إلى عقل حزبي جمعي له رؤية ومصلحة واحدة, لهذا لا يفكر الحزبي إلا بما يفكر به حزبه ولا يقول إلا ما يقوله حزبه. فالسجن والتخوين هو حلوله في معالجة الأمور الوطنية. هكذا ننسج بأيدينا كتلة كبيرة ثم نشكو من ظلمها. وفي ظني الآفة تكمن كذلك في تلك الفئة التي لا يخلو منها أي مجتمع, وهي تلك الشخصيات النمطية التي لا تتمتع بأي موهبة سوى إنها لا يحلو لها, إلا أن تعيش طفيلية في كل العصور والعهود, وتحت كل القيادات ومع كل شخصية نظيرة لها!! وهم لا يساهمون في الانجاز الذي يتحقق, ولكنهم فقط يستفيدون منه ثم ينسبونه لا نفسهم ,أو يعظمون دورهم فيه, بينما لا دور لهم فيها بتاتاً.
إذا تفحصنا الأمور حولنا جيداً سنجد حول كل مسؤول”جوقة” من النافقين والمطبلين.. والسماسرة.. وهم الذين يمشون بالفتن بين الناس والحكومة.. يزينون للمسؤول, الباطل ويشوهون الحق. فهؤلاء الطحالب هم الذين يعوقون المسار, لأن تأثيرهم مع الأسف قوي جداً. وهم السبب في أن يهرب الشرفاء من ساحات الوطن,هؤلاء الأبطال الذي يعشقون إرتريا, ويتفحصون المعادلات الاجتماعية فيها, ويرفضون تقديرات الخارج, ثم يخرجون من ظلال السيطرة وأجنحة المخابرات وغيابات النفي والضياع بمشاعر وطنية جامعا لكل الناس, ومع ذلك ظلت محاولاتهم يصيبها الفشل ويحبطها هؤلاء المعوقون حتى يعيشوا فوق رغبة الشعب وعلى مستوى الهيمنة الدائمة, وللأسف حتى لو تغير الرئيس والنظام في البلاد كله. هؤلاء باقون ينتظرون القادم ليستحوذوا عليه بذات الطريقة السابقة. ومنذ الخمسينات خسائرنا معهم فادحة, وبسبب هؤلاء ظلت إرتريا تخسر فرصة العبور إلى المستقبل الأفضل.
إننا نخطئ في مجمل نزاعاتنا , نعقد أوضاعنا بأيدينا, نعشق التصفيق للمنافقين, وعن جهل نبلع الطعم الذي يطمس حقوقنا, نقتل من أحببنا,ونتمنى الموت لمن قاتلوا معنا, قتلنا أخواننا في حفر ضيقة, بلا نعي, بلا ذكرى , بلا وداع.كما دسنا بأقدمنا المسجونين الشرفاء, وعلى الأرض رأينا الدماء والجثث, وكلنا نعيش تحت ركام ثقيل من المآسي وأوضاع الغير سوية, ولكن حكامنا يعرفون كيف يبيضون لنا هذه التوحش, بل يعرفون كيف يجعلونا نرقص وسطها.
نحن أمام تاريخ مكشوف يدون تحت سلطته المنتصرة معايير, وخلائق قانونية, وغايات وأهداف للخروج بنا من الواقع الإرتري المعلوم إلى الحد الذي يحقق منه وجوده ومصالحه وصفة الدوام لأفكاره العنصرية. ولأنهم لم تهيئوا إرتريا بطريقة سليمة تقود الإرتريين إلى النجاح ,ستظل هذه الطائفة مرعوبة تبحث عن الأمن جيلاً بعد جيل من دون جدوى. وعليكم أيها الإرتريون أن تحددوا معي مسؤولية من هذه “الوكسة”؟ رجاءاً.
إنني أومن لابد أن تخلق هذه المزالق المميتة صوت العقل, في مكان ما من الضمير الإرتري.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6436
أحدث النعليقات