التحالف يصاب بانشقاق عمودي
صراع السلطة يقسم التحالف إلى جزأين
هيئة القيادة تقيم مراسيم دفن التحالف
مركز “الخليج” GIC /فبراير25 2007م
انهار اجتماع هيئة القيادة للتحالف الديمقراطي الإرتري المعارض في يومه الخامس، وانقسم حول نفسه اليوم في أديس أبابا بعد أن اعترف الجانبين في الجلسة الصباحية بالفشل في تشكيل المكتب التنفيذي بعد خمسة أيام من المداولات شهدت فيها ثلاثة لجان لاختيار رئيس المكتب التنفيذي وقبل أن يجف الحبر الذي وقع به الميثاق في ختام مؤتمره الذي استغرق ستة أيام، وسقط القناع عن قيادات قوى المعارضة الإرترية إن أصل الخلاف هو على السلطة، ولم يكن في يوم من الأيام على البرامج السياسية بدليل تم التوافق على الميثاق والبرنامج السياسي للتحالف، وأنهار التحالف على خلفية اختيار رئيس المكتب التنفيذي لتكشف هشاشية مكونات التحالف والخلافات سياسية في الرؤية الاستراتيجية بين التنظيمات المكونة وهي تنظيمات علمانية التي شكلت تصور متقارب، وأخرى تنظيمات خليطة بين إسلامية وقومية ووطنية التي شكلت كتلة واحدة مقابل الكتلة الأخرى، وانفجرت الأزمة يوم الخميس الماضي في تسمية رئيس مكتب التنفيذي عندما ترشح حسين خليفة رئيساً لمكتب التنفيذي، وسجلت ثلاثة تنظيمات وهي جبهة الإنقاذ، والحزب الديمقراطي، والمجلس الثوري تحفظ على إعادة ترشيح خليفة، وبررت موقفها بأن خليفة أخذ دورتين متتاليتين، وطلبت إعطاء فرصة لمرشحين جدد، وتقدمت بمرشح جديد هو محمد نور أحمد، واستمرت المداولات بين لجنتين مكونتين من الجانبين لمدة يومين حتى وصلوا إلى طريق مسدود، وبعد جهداً جهيد تم سحب المرشحين وتأكد فشل الجانبين لإيجاد مخرج للأزمة، وتم تشكيل لجنة جديدة من الجانبين خولت ضمت من جانب الأول أدم إسماعيل وحسن علي أسد وأرهي حمدناك وتولدي قبرسلاسي، ومن الجانب الثاني ولديسوس عمار وعبدالله أدم ودكتور بيني وحاج عبد النور، أنيط لها إيجاد حل، وقدم الجانب الأول مرشح جديد لرئيس المكتب التنفيذي بشير إسحاق ، ورفض من الجانب الثاني مبررات كثيرة حسب رأي ذلك الجانب الذي قال إن شروط رئيس المكتب التنفيذي لا تتوفر على بشير إسحاق، وتمسك الجانب الأول بشير وثم قدم الجانب الثاني مقترح جديد يتضمن مرشحين للخروج من الأزمة اختيار واحد منهم لمنصب رئيس التنفيذية وهم حسن علي أسد وعبدالله أدم، وطلب الجانب الأول مهلة للتشاور مع تنظيماتهم وهم، الحركة الديمقراطية لتحرير كوناما إرتريا، التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر، الحركة الفيدرالية الديمقراطية الإرترية، الحزب الإسلامي الإرتري للعدالة والتنمية، جبهة التحرير الإرترية، الجبهة الديمقراطية الشعبية الإرترية.
وبعد يوم كامل أبلغت اللجنة رفضها لمقترح الطرف الثاني، وأرجعت الأسباب بالنسبة لـ حسن علي أسد مرتبطة بالوضع الداخلي لتنظيم جبهة التحرير الإرترية، وشرحت اللجنة بصورة مطولة نتائج تعيين حسن على الصعيدين وتم استبعاده، كما بررت اللجنة رفض عبدالله أدم رغم اكتمال المواصفات لأنه من الجناح الثاني الذي شرح إنهم قدموا مقترح لحل الأزمة، واختاروا شخص من الطرف الأول، وإن المبررات التي قدمت اعتبروها غير منطقية، وطلبوا إعطاء فرصة أخيرة لـ حسن، ونقل الثاني رؤيته وملاحظاته حول المرشحين من الجانب الاول مثل تولدي قبرسلاسي وقرنليوس عثمان وبشير إسحاق، وإنهم لم يجدوا شخص مناصب أفضل من حسن علي أسد في الجانب الأول، كما طلبوا منهم أن يختاروا أي شخص من الطرف الثاني، وبذلك وصلت اللجنة المذكورة إلى طريق مسدود بعد أن تمسك الطرف الأول بمرشحه بشير إسحاق، مما تحول الحوار بين الطرفين إلى حوار الطرشان، وعملياً اتفقوا على أن يقيم مراسيم الدفن للتحالف في مقره في أديس أبابا الذي شهد اجتماعات قيادة التحالف التي أخفقت في احتواء أزمة السلطة التي قسمت التحالف عملياً.
وفي الجلسة الصباحية عقد اجتماع هو الثاني لهيئة القيادة بكامل أعضائها بعد أن اقتصرت في الأيام الماضية في أنشطة اللجان، وطرحت أزمة السلطة في الاجتماع، حيث تمسك الطرف الاول بمرشحه ورفض الطرف الثاني الذي قدم مقترح أخير بتشكيل هيئة القيادة تتكون من ثلاثة أعضاء لإدارة التحالف تتولى إدارة التحالف وتحاول احتواء الأزمة من خلال اتصالاتها مع دول تعاون صنعاء والتنظيمات المكونة للتحالف. ورفض الطرف الاول، وقدم اقتراح بتشكيل المكتب التنفيذي من أغلبية التنظيمات التي تدعم الجانب الاول، واعتبر الجانب الثاني المقترح الجديد بأنه خطوة نحو تعجيل إنهاء التحالف ودفعه نحو الإنقسام، وتمسك الطرفين بمواقفهم للتخلص من شراكة السلطة بين التنظيمات تحت مظلة التحالف.
وسجل حزب النهضة موقف وطني عندما رفض عملية تقاسم السلطة وتدمير التحالف، ووجه رسالة مكتوبة بالتجريينة والعربي تتضمن تجميد عضويته في التحالف حتى إيجاد مخرج للأزمة التي تؤدي إلى تقسيم التحالف إلى جزئيين وحاول حزب النهضة في الأيام الأربعة الاخيرة اتخاذ موقف الحياد، وقام بمهمة الإطفاء، إلا أن إمكانية الإطفاء كانت صعبة بعد أن اشتعلت الحرائق واستعرت النيران في كل النواحي بعد أن فضفض كل الأطراف ما في جعبتهم، مما يؤدي إلى استحالة السير معاً نتيجة الاختلافات الاستراتيجية بين التنظيمات التي كانت تتبادل التمثيل في السنوات الماضية وصلت إلى قناعة ليس أمامهم سوى ان يعملوا ككتلتين سوى كان داخل التحالف أو خارجه، وعبر رئيس حزب النهضة نورو إدريس عن أسفه للنتائج التي توصل إليها التحالف في تقاسم السلطة وقال ما حدث كان صدمة لحزب النهضة، إلا أنه اختار تجميد عضويته في التحالف، وقال أن النضال سيستمر بالتنسيق مع كل قوى السياسية، ودعا إلى تجاوز الانتكاسة والنظر إلى المستقبل.
وكشفت مصادر عليمة إن إحدى التنظيمات قد سجلت موقف مماثل لحزب النهضة، وسجلت تحفظ في اختيار المكتب التنفيذي من جانب واحد، ورفضت المشاركة في المكتب التنفيذي. وإن مشاركتها ستقتصر في هيئة القيادة.
ومن المتوقع أن يعلن عن تشكيل المكتب التنفيذي من خمس تنظيمات زايد واحد. سجل تحفظ ويستمر معهم في مظلة واحدة، فيما لم تعلن التنظيمات الثلاثة عن موقفها، وقد شكلت منذ عامين فريق عمل واحد .
ويلاحظ المراقبون إن التنظيمات التي تشكل منها التحالف فشلت في إقامة كيانات للتنظيمات المتقاربة وإن التقسيم الذي حدث كان متوقع، لان التناقضات في برامج السياسية لتكل التنظيمات كانت واضحة، وإن الاتفاق في برنامج الحد الأدنى كان مجرد كسب الوقت في الصراع والخلافات بينهما كانت قائمة، وكان يأخذ جزء من وقت وجهد تلك التنظيمات في معارك جانبية، وإن ما حدث حسب المراقبون كان مسألة طبيعية ومتوقع حدوثها، حيث وقفت تنظيمات برامجها متقاربة في معسكر واحد.
ويعتقد المراقبون إن توقيت تفجير الأزمة مع انعقاد قمة تعاون صنعاء كان خطأ كبير يكشف عن ضبابية الرؤية للعناصر التي عجلت في تفجير الصراع القائم منذ ميلاد التحالف، إلا أن البعض يعتقد أن ما حدث كان لا بد منه وإن تعجيل قد يكون لمصلحة الشعب الإرتري حتى تنظم التنظيمات المتقاربة رؤاها وبرامجها وتشكيل تكتلات سياسية كبرى بدلاً من استمرار تحت مظلة التحالف “جسم بلا رأس” لم يحرك الساكن في السنوات الثامنة الماضية.
ويعتقد الخبراء استطلعهم المركز إن ما حدث كان شيء مأساوي وإن كانت المأساة الكبرى أن تستمر تلك التنظيمات مع بعضها في إقامة الحوليات السنوية التي تضر بمعسكر المعارضة أكثر مما تخدمه، وكان يستغرب البعض من تجمع تنظيمات عرقية ودينية وعلمانية وقبلية في مظلة واحدة ومختلفة في كل شيء إلا أنها تتفق في كراهية النظام، وإن كان أغلبية الشعب الإرتري أكثر من المعارضة نفسها ضد النظام، فلن تؤثر انقسام تلك القيادات على مسيرة التغيير الديمقراطي، لقد تعود الشعب الإرتري على سلوك بعض القيادات التي تتفق وتختلف وهو جزء من تركيبتها وثقافتها تجتمع على السلطة وتتفرق عليها.
وتشير تلك الأوساط إن انهيار قيادة التحالف لن يؤثر على مشروع تغيير النظام الذي أصبح بين قاب قوسين أو أدنى، كما يقال الحشاش يملأ شبكته، فالطرفين عليهم أن يرسو تقاليد جديدة إذا أخفقوا في تقاسم السلطة التي لا أساس لها على أرض الواقع وعليهم أن يحترموا الخلافات التي دفعتهم بأن يركبوا خطتين معاكسين ، فما يجمع بينهما مواجهة النظام فعليهم أن يقدموا تقليد جديد أن يحترموا كل منهم الطرف الأخر. وأن لا ينقلوا معارك السلطة إلى المواقع ويشغل الشعب الإرتري من معارك جانبية، وإن كانت أمام الجانبين فرصة تاريخية أن يشكلوا كل منهم كتلة قوية بعد أن فشلوا من خلال مظلة التحالف إقامة آليات دبلوماسية عسكرية إعلامية لإسقاط النظام من خلال التكتلات الجديدة التي سوف تحدث انقلاب في خريطة التحالفات السياسية واختزال التنظيمات الصغيرة التي ظلت تتغذى من التناقضات والصراعات.
وتشير تلك الأوساط إلى مقولة الإمام أحمد حاكم اليمن سابقاً، اليمن دولة وأمريكا دولة، وهذه القاعدة تنطبق على ما شاهدناه داخل التحالف تنظيمات هامشية صغيرة الحجم تتساوى مع تنظيمات كبيرة بل بعد المتحدثين في اجتماعات هيئة القيادة وأعضاء تنظيمهم متواضع العدد والتاريخ مع ذلك لم يخجلوا بأن يقارنوا أنفسهم مع تنظيمات لهم سند شعبي ورصيد نضالي، مما يشير تنبؤات المراقبون بأن إقامة تكتلات كبرى قد يكون مخرج من أزمة التحالف الذي لم يستطيع الاقتراب من الشارع نتيجة التناقضات الذي حملها في داخله وانفجرت صباح اليوم في مقره ليدخل التحالف عملياً في أزمة جديدة انتهت إلى انشقاقه عمودياً لتبدأ مرحلة جديدة في مسرح السياسي الإرتري، وستتضح الرؤية خلال الأيام القادمة. ويذكر أن التحالف أنشأ في مارس عام 1999، وثم تطور في أكتوبر 2002، وتغير اسمه من التجمع إلى التحالف. وفي فبراير 2005 انضمت إليه ثلاثة تنظيمات رئيسية هي الحزب الديمقراطي، والحركة الشعبية، والمجلس الثوري، والبعض يعتبر إن انضمامهم كان خطأ تاريخي نتيجة اختلاف في الرؤية والبرنامج مع عديد من التنظيمات العرقية والدينية التي تختلف مع تلك التنظيمات، وإن ما حدث في اجتماعات اليوم يعكس مدى التباينات والخلافات بين الجانبين الذين اتفقوا على دفن التحالف مع ميثاقه الجديد لتبدأ مرحلة جديدة من التحالفات قد تقوده، أما إلى بر الأمان أو العكس.
وفي الختام يعبر مركز “الخليج” عن أسفه لما وصل إليه التحالف من التباينات التي تطورت إلى الإنقسام الواضح ويدعو إلى ضبط النفس والبحث لنقاط الالتقاء والخلاف ليس نهاية المطاف، فأمامنا تجارب عديدة أخرها فتح وحماس تقاتلوا واتفقوا، فالخلاف في داخل التحالف خلاف بسيط يسيء إلى تلك القيادات التي لم تستطيع إيجاد مخرج لهم وليس هناك أزمة كبيرة بقدر ما خلاف في السلطة قد يتم تجاوزه مع إيجاد حل لهم، فنوجه النداء إلى كل المواقع والوطنيين عدم تأجيج خلاف السلطة الذي يعتبر جزء من تركيبة ثقافة الصراع في إرتريا.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=40656
أحدث النعليقات