التواطؤ والخيانة
الحلقة (6)
علقت البلاد بما يشبه حرب الداحس والغبراء
بقلم / متكل أبيت نالاي
إثر مقتل شنبل ياسين في معركة دمبلاس بدأت إثيوبيا في بحث في الرد القوي الذي يحل لها هذه المشكلة,وبعد نقاشات طويلة ودراسات متشعبة, توصلوا إلى قناعة بأن تسند إلى الكوماندوس فكرة المواجهة بدلاً من بوليس إرتريا, لتبقى البوليس للخدمات الشرطية فقط. وتكون الكوماندوس جيش مستقل تحت مسؤولية أسرات كاسا الحاكم العام وعينوا لها قائد إرتري الجنرال قيتؤم في أول الأمر الذي قاد معظم الجرائم تساعده عدد من الجواسيس. وتأسست فكرة جلب الخبراء الإسرائيليون لهذا الغرض. فتحمس كل قيادات أندنت ومن معهم واشغلوا حماس الكثير من أبناء المرتفعات بخدمة إثيوبيا التاريخية,وقالوا “هذه فرصة مرة أخرى لمن يريد أن يتعاون معنا ضد دقي متاحت(المنخفضات) وإثيوبيا تثق بنا وحدنا” وسوف نشرد كل من يتطاول في وحدة إثيوبيا. وفي سبيل دفعهم إلى ذلك سوف نقوم بإحراق قرى كثيرا عن بكرة أبيها, حتى لا يبقى لشفتا مكان يعيشون فيه. وهناك من قال منهم هذا أمل أن ترحل طروعا من كل المرتفعات. يبدوا أن هناك من راح يفكر بطريقة أخرى. والبعض اعتبر الزي العسكري والسلاح والنفوذ بمثابة مظاهر قوة تساعده في صراعاته الطائفية. والمرتفعات مهووس بالمناصب والرتب منذ القدم.
وفي البداية نشوئها لا يعرف بالضبط عددهم لكنه يقدر ببضعة آلاف قليلة(3ـ 4 آلف) عسكري تلقوا تدريبهم في قاعدة(قراع العسكرية) في دقمحري على أن تبقى أكثرية ساحقة دائماً للجيش الإثيوبي. واقتصر التجنيد على شباب المرتفعات المسيحيين ومن عوائل مخلصين خدموا إثيوبيا بالوراثة, ونفر قليل من قبائل المنسع والكوناما المعروفة( بالبندا) وكانت وراء كل واحد منهم, دوافع محددة للإقدام على هذه الخطوة,وكان جزء من المنسع مخلصين لابنهم زرأماريام أزازي قائد الكوماندوس ولذي حولهم إخلاصهم هذا لخدمة إثيوبيا. ومع ذلك كانوا تحت مجهر الشك دائماً وعملوا في حراسات المكاتب وسائقين.أما قوات البندا أثبتت إخلاصها لإثيوبيا متأثرة بالعنصرية الدينية, رغم تنامي الوعي الوطني في مناطقهم قاموا بكثير من الحرائق في بركة وقد انعكس ذلك في تحرير مدينة بارنتو التي تفاخر بصمودها أطنافو أباتي حينما نزل عليها وهي محاصرة على ضمانتهم.
وهكذا تلقوا تدريبهم على أيدي من الخبراء الإسرائيليون تدربوا كيف يمكن أن يخدموا في الجيش الإثيوبي, والمجند يعرف من اليوم الأول إنه سوف يقف في خط الهجوم الأول لإثيوبيا, وسيدخل في مواجهة مع الخارجين عن القانون (الشفتا) ويمكن أن يكون هذا العدو ممن يعرفهم ولكن أن يعلم في المقام الأول إنه ابن إثيوبيا وخادم العرش الإثيوبي ووحدتها, وأن لا يخون القسم للجيش الإثيوبي. ثم يتعرف على حرب نفسية فظيعة وعلى التقنيات الجديدة للتعذيب و الأدوات التقليدية الإثيوبية التي اعتادوا الإقطاعيون الإثيوبيون ممارستها على شعوب المقهورة كالضرب المبرح وبالهراوات والمغطس, والتعلق من الأرجل, ووضع أعقاب السجائر, ونزع الأظافر, وإدخالهم في برميل الماء البارد, ووسائل الاستجواب المحرمة والخطف وخنق بسلك آلة الموسيقى. الخ… وكانت الصدمات الكهربائية والوخز بأدوات حادة في الأمكنة الحساسة من الجسم كالجهاز التناسلي ضمن الأساليب الجديدة التي درستها إسرائيل لتعذيب الشعب الإرتري. ويشهدوا الإسرائيليون بأن الكوماندوس مارسوا بشائع ضد أبناء شعبهم تفوق بشائع إسرائيل في أحيان كثيرة. وبعد التحرير زار الصحفي يحيى العوض سجن “ماريام قيبي” وهو من جريدة الشرق فكتب عن مشاهد من داخل “زنازين” التعذيب هذا التقارير الصادر في جريدة نفسها بتاريخ الأربعاء 29 رمضان 1412 1إبريل 1992 ,
يقول: عندما زرت سجن “ماريام قيبي” في أسمرا. كانت تجربتي الأولى في مشاهدات أدوات تعذيب البشر.. بشاعتها تثير التقزز والاشمئزاز.. فالصور لا تعبر عن فظاعة تلك الأدوات فقط.. بل كأنها صممت من مواد شيطانية فهي تثير الخوف والذعر من مظهرها ناهيك عن مفعولها.. ولابد أن الشخص الذي يستعملها أو الذي ينفذ أوامرها ربما من طراز من المخلوقات بلا مشاعر ولا قلب.. لقد انتزعت منه كل صفات الإنسان ولا يمكن حتى مقارنته بالجلاد الذي ينفذ أحكام الإعدام.. على الأقل فان الأخير يؤدي مهمة قانونية توافرت فيها إدانة المحكوم عليه.. والذي يقوم بالتعذيب ينتزع اعترافاً قد يكون المتهم بريئاً ولا يجد مع قسوة التعذيب إلا انصياع لما يريدونه منه.. وحتى إذا أدى اعترافه المزيف إلى إعدامه فهو يفضل الموت على بشاعة ما يتعرض إليه من عذاب..
ويقع سجن “ماريام قيبي” في ضواحي أسمرا وكان في الأصل “مستشفى للولادة” فتم تحويله إلى مركز للتحقيق ونصبت له لافتة كبيرة تتحدث عن عدالة الاشتراكية وسيادة القانون.. ويتكون السجن من ثلاثة أجنحة رئيسية.. أهمها الزنازين حيث يحتجز المعتقلون في غرف ضيقة لا تزيد عن مترين في ثلاثة أمتار ويحشرون فيها أكثر من ثلاثمائة شخص لا يستطيع معظمهم الجلوس لذلك يتناوبون بين جالس وواقف.. وفي الحجرة نصف برميل يستعمل كمرحاض أمام الجميع.. ورغم قساوة الزنازين إلا أن المعتقلين كانوا ينتهزون غفلة الحراس وينحتون على الحائط شعارات وطنية وكثيراً ما يتعرضون إلى عقاب جماعي.. وبالقرب من الزنازين هناك غرف التعذيب.. الغرفة الأولى مكونة من حوض كبير إلى جانب بالوعة المجاري الرئيسية للسجن.. ويملأ الحوض الكبير من قاذورات البالوعة.. وتبدأ أول مراحل التعذيب بتغطيس رأس المعتقل في قاذورات الخوض ويطلب منه الاعتراف وتكرر عملية التغطيس إلى حد الاختناق والقيء المتواصل.. وعندما تفشل هذه الطريقة في انتزاع الاعتراف تبدأ المرحلة الثانية بتغطيس المعتقل بالمقلوب داخل بالوعة المجاري ويتم إخراجه وهو بين الحياة والموت ويرمى خارج الغرفة حيث يظل ساعات يتقيأ حتى يفقد وعيه.. وعندما يعود إلى وعيه يقاد مرة أخرى إلى حجرة التعذيب ويتم في هذه المرة ربط خصيتيه بقوالب من الطوب ثم تجري عملية تغطيسه مرة أخرى في الحوض الأول المليء بالقاذورات.. وبهذه الطريقة ينزف دما نتيجة للحمل الثقيل المربوط على خصيتيه وإذا لم يعترف المعتقل تبدأ المرحلة الثالثة من التعذيب وهي إلى جانب استمرار ربط خصيتيه بقوالب الطوب يتم صعقه كهربائياً عن طريق سلكيين عاريين موصلين بالتيار الكهربائي ويتركز الصعق في أعضائه التناسلية ويؤدي ذلك إلى إصابة جسده بالآم عنيفة مع إرتعاشات في جميع جسده تنتهي بحالة من الهستيريا ثم الإغماء,..
ثم يتلو ذلك المرحلة الرابعة من التعذيب حيث يساق المعتقل إلى غرفة جانبية ويفك قيده من السيور الجلدية وإلباسه قيدا حديدياً يحرم استعماله دولياً لأنه من مخلفات النازية.. له خاصية عجيبة فإذا حاول من يلبسه مد يديه ليرتاح قليلاً فان القيد يتحرك أوتوماتيكياً ليطبق بقوة أشد على اليدين وأية حركة يقابلها المزيد من ضغط القيد.. حتى يحس أن عظامه تتكسر..
ولا ينفعه الصراخ حتى يغمي عليه.. وبعد ذلك تبدأ المرحلة الخامسة من التعذيب.. فيتم ربط المعتقل على عمود من الصلب من يديه وقدميه ويكون في وضع أشبه بطريقة شواء الخروف.. ويتحرك العمود بشكل ملتو مما يشد اليدين والقدمين إلى حد التمزق ومع حركة العمود يجلد المعتقل بالسياط ووفقا لهذه الطريقة فان الضربات تتوزع على كل قطعة من جسده.. وبعد إيقاف دوران العمود يكون المعتقل بين الحياة والموت وتأتي مرحلة أخرى وهي حمل المعتقل وربطه من قدميه وإنزاله منكفئاً على وجهه داخل بئر عميقة تظل تسحبه إلى أعلى ثم تخفضه عدة مرات قبل انتشاله مرة أخرى وهو قد قارب على مفارقة الحياة وعندئذ تبدأ أخر المراحل فإذا يئس الجلادون من ضحيتهم وفشلهم في انتزاع ما يريدونه من اعترافات فإنهم يقودونه إلى غرفة تحت الأرض عمقها ثلاثة أمتار وعرضها ثلاثة أمتار ويغلقون عليه الباب فينعزل تماماً من العالم بلا ضوء ولا صوت ولا يعرف إذا كان في الليل أو النهار وغالباً ما تكون النهاية الموت أو الجنون.. قال هذا: لصحفي يحيى العوض السيد/ يقرماي محرات آب الذي أمضى سنتين وأربعة أشهر في هذا السجن بتهمة التعاون مع الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا وذاق طول هذه المدة كل صنوف العذاب لذلك لا يمل من شرح المؤثر لكل قاعات السحن.
وعندما تأسست الكوماندوس بدأ الكره ينموا بينهم وبين, الجيش الأثيوبي (الرسمي الطورسراويت) وكان يلاحظ في احتكاكاتهم في أماكن, مثل البارات والموصلات العامة, لكنها كانت نسبياً بسيطة وغير موضوعية. وكان هناك عداء وما يستطيعون قوله للمسئولين منهم هي: مثل الظروف الذي تخدم فيها الكوماندوس غير إنسانية و الفوارق في رواتب والبدلات والمأكولات, مختلف بين القوتين. لماذا تتحرك الطورسراويت في أماكن أهدأ.؟ ودائماً مرتاحون. بينما نحن قابعين في مواقع القتال. ولكن حقيقة الخلاف كان بين الجنرال يرقتو تشومي قائد الجيش الثاني في إرتريا وأسراتي كاسا الحاكم العام في إرتريا في القسوة الهمجية التي يتصرفون بها الكوماندوس في إحراقهم للقرى بسبب أشياء فعلها غيرهم ونهب البهائم وبيعها في أسواق أو قتلها لتسلية وقتل أهلها الأبرياء. كان يقول: بأن الأوضاع لا تطاق في إرتريا, انتشرت المذابح في القرى والخطر الذي يشعر به الناس هنا مصدره الكوماندوس, مثلاً المنخفضات كله تحت القتل الذي لا يهدأ وكان يأمل من الحكومة الإثيوبية أن تجعل الكوماندوس تحت مسؤوليته ليعطي دفعة جديدة للأمن أولاً ثم بعد ذلك السعي الطويل لتغيير المشاعر في البلاد. والرجل يوضح في تقاريره دائماً لوزارة الدفاع عن الانحرافات الخطيرة التي نتج عنها الأحداث المؤلمة معتبره خطأ فادحاً على جميع المستويات الدينية والوطنية والأخلاقية والقانونية والسياسية. ويتساءل ما هي قصة هؤلاء الكوماندوس؟ ما هي دوافعهم؟ وماذا يريد أسرات كاسا منهم؟ وهل وزارة الدفاع تؤمن بما يفعلونه هو طريق الخلاص من الشفتا؟ ولما ذا أجاز أسرات كاسا توزيع أسلحة في المرتفعات المسيحي وهل تثق بهم الوزارة فعلاً.؟ وهو الآن يقنع بعض الإرتريين بضرورة التفاوض مع الحكومة ويرسل لهم مساعدات سخية و يقول يغرس عناصر في صفوفهم وهو على اتصال بمجموعة تتكون من أبراهام تولدي وإسياس أفورقي وسلمون ولدي ماريام وهؤلاء يتمركزون في ضواحي منطقة(عالا) ويسموا نفسهم (مجموعة الحكم الذاتي) بعد أن ابتعدت عن إ.ل.ف. وأسرت كاسا له قناعة بضرورة تسليحهم حتى يتمكنوا من الدفاع عن قراهم وهذه مخالفة صريحة تهدد الأمن الإثيوبي في المستقبل, وتخلق تناقضات بين كبسا والمنخفضات ونرى غير ناجحة إطلاقاً ولا ينبغي التسامح معها. ويلح في الوزارة الآن أن تعمل بالإقرار الأمن والنظام في الإقليم. و يقول أن جنوده في أرض المعارك هم في حاجة إلى مساحة عادلة للتحرك وسط الشعب المحافظة, التي تغلغلت في أوساطه الشفتا في كل الأرياف والقرى وحصلت قطيعة بين المسلمين والمسيحيين, بسبب كل رصاصة أطلقتها الكوماندوس عليهم والتي قتلت الأمن والخبز والقناعة بالإثيوبيا في المنطقة.
وحصلت الحكومة الإثيوبية على تعبير واضح من أسرات كاسا حينما قال: لعل من المؤلم حقاً للنفس وللضمير ولكل مشاعر المواطنة الصادقة أن يتحول هذا الجنرال إلى ملوث إنجازات بلاده. وكلامه مهين وضار وقاسي لثمن الدماء الذي دفعها جيش الكوماندوس,
الكوماندوس قوة ضاربة وضرورية لتحقيق الاستقرار في الإقليم, نشأت لدعم جيشنا من أكثر الموالين لإثيوبيا ولمنتسب إليها يفتخرون بشدة بهويتهم الإثيوبية وتقوم الكوماندوس بما يجب فعله, ومن أهدافها هو جلب السلام لشعبها في أقصر وقت ممكن, وعليه مصممة على كسر عزيمة أعداؤها وتلقين المعتدين الشفتا درساً لا ينسوه. وبالطبع لا توجد حلول سهلة لدى الكوماندوس, وهي تعمل بشكل أفضل.حققنا انتصارات أولية بسرعة مذهلة وبأقل الخسائر بالمقارنة بعمليات البوليس والطورسراويت السابقة. واليوم تقترب في إنجاز مهامها بالكامل. ولا خوف من تسليح المرتفعات الذي يتعاون معنا بدعم لا يتزعزع على تغيير الحقائق على الأرض في إرتريا. وهذا مبدأ حافظوا عليه من جدودهم, وهم إثيوبيون لا يقلوا عنكم غيرة على إثيوبيا مانحين الجيش الإثيوبي فرصة لتنفس من الضغط المتواصل عليه من جيراننا السيئين العرب. وأنا على يغين إنهم قادرون على إيقاف ذلك التهديد. وأنا مسرور بنجاحهم.
وهذا الجنرال غريب الأطوار أثار الذعر بحجة لتحويل قيادتها إليه ويقول: من أجل تحقيق الاستقرار في الإقليم. فهو يعرف لماذا حصلت تلك الحروب, فما لم يغير طريقته ويحاول يتكيف مع طريقة الكوماندوس حتماً سوف يفشل مع الجيش الذي في يده. وهو الآن مشلول القدرة في المناطق الذي يسيطر عليها وأصبحت كرن منطقة يصعد فيها الشفتا حربهم والوضع الأمني بدأ يخرج بسرعة عن سيطرته. بسبب تشخيصه الخاطئ لداء.
. وفي نهايةعام1964 قفز النضال المسلح من مستوى المناوشات إلى مستوى الحرب التحررية وتجاوز عدد جيش التحرير الإرتري سبعة الآلف مقاتل مسلحين تسليحاُ حديثاُ ومدربين تدريباُ جيداُ بجانب المئات من الجان الشعبية الذين يحمون الثورة والقرى الإرترية من النفوذ الإثيوبي. وفي احدي الأيام دبرت السلطات الاستعمارية عن طريق احد عملائها في قرية (ماي مالح ) وضع السموم في وجبة طعام تناولته فصيلة من الثوار قومها أربعون مقاتلا. وهرعت القرى المجاورة بإسعاف الثوار بأدوية محلية. واستشهد في هذا الحادث واحد من الثوار. أما العميل وأتباعه فقد لقنوا درساُ قاسياُ إذ أعدموا بعد محاكمتهم وإدانتهم. وهكذا تحقق هذا القفز النوعي والكمي عبر مئات الكمائن والهجمات التي أجبرت البوليس الإرتري على سحب كافة مراكزه من الريف مما أجلى السلطة الاستعمارية من الريف الإرتري وجعلها تحت سلطة الثورة. ومن المراكز التي هجمت وصفيت مركز حلحل. هيكوته, شعب , قرورة, دماس, وقلوج وكانت الهجمات متزامنة في كل من أغوردات وكرن وبارنتو ومنصورة وتكومبيا وقونيا وحقات وعموم بركه ومن الجسور أيضاُ دمرت جبهة التحرير الجسور الإستراتجية الهامة في انقرني ,كعلاي ,كنيو وماي عطال.
وعلى الفور كلف أسرات كاسا الكوماندوس بمهمات تعتبر جرائم حرب بكل المقاييس إحراق القرى وإبادة البهائم وحرق المحاصيل الزراعية وقتل المواطنين, جرحاً واعتقالاً وإهانة وإذلالا.ً وقام جيش الكوماندوس بهذه المهمات بالروح أسرات كاسا نفسها بل زادوا من عندهم ما يثبت إنهم مخلصون أكثر من الطورسراويت. وبقيت أفعالهم هذه سراً من أسرار إثيوبيا حتى لو تغير النظام ألف مرة. وفي كتاب داويت ولدي قرقيس(Red Tears) أي الدموع الحمر, ذكر أفعال وممارسة الأجهزة الأمنية للجيش الإثيوبي وبطشهم بشعب الإرتري بيد مطلقة لا يردعها قانون ولا ضمير, ومن ضمن هؤلاء ذكر الفظائع الذي مارسها مسؤول الأمن حينها المدعو زنبي أسفاو رئيس المخابرات الإثيوبية في أسمرا وحده قتل الآلاف من شباب في سجن إكسبو بدم بارد. وهناك جنود وضباطاً متورطون في هذه الجرائم يقول داويت ولدي قرقيس إنه بلغ عن أفعالهم منجستوإ ولكنه حاول لفلفة الموضوع وإخفاء الحقائق عن الصحف وطمسه نهائياً, وأخيراً أمر بنقله إلى أديس أبابا.
رحلة شارون إلى الحبشة
من مذ كرات أريل شارون ترجمة أنطوان عبيد (مكتبة بيسان) ص.ب:13.5261 بيروت
فاصل أفريقي… الصفحة رقم (221-230 )… يكشف الرجل الكثير مما كان بين الإمبراطور وإسرائيل في وقتها حيث يعرض جزء من الوقع, ونحن نترك للقارئ الوصول إلى النتيجة التي كان يريدها الإمبراطور لنا ومساحة التدخل الإسرائيلي في شؤوننا مع كل الأنظمة التي حكمت إثيوبيا. وإليكم كما كتبه شارون وهي شاهدة شاهد لأخطر مذابح وجهها شعبنا بعد تأسيس الثورة بأربعة أعوام تقريباً. ويقول الكتاب:
في نهاية العام 1964 غادرنا تسافو و اتجهنا نحو نيروبي لنجتاز الحدود إلى الحبشة. غير أن فتنة قبيلة قرب الحدود الصومالية اضطرتنا إلى تعديل برنامجنا, وبدلاُ من السفر بالسيارة ركبنا الطائرة على أديس أبابا حيث رتبنا ما تبقى من برنامج سفرنا. في ذلك العهد كان هيلاسيلاسى لا يزال إمبراطورا مطلقاُ وكانت إسرائيل تلعب دوراُ لا ياستهان به في البلاد.فضباطنا يدربون الجيش الحبشي الذي تابع عددا كبيرا من كبار ضباطه تدريبهم في إسرائيل. وكان خبراؤنا الزراعيون أيضا يعملون مباشرة مع الفلاحين الوطنيين, فيما كان مهندسونا المعماريين والصناعيين يساهمون في إنماء البلاد.
كانت العلاقات بين البلدين تتخطى مجرد التعاون التقني أو الزراعي. فالمعروف أن هيلا سيلاسي يلقب ب”اسد يهوذا ” يعتبرون أنفسهم منحدرين من الملك سليمان وملكة سبأ. وفي أحاديثنا معهم كانوا جميعهم يلمحون إلى هذه “السلالة ” من المثقفين إلى عامة الشعب فهذا التقليد مترسخ بعمق في وجدانهم الوطني.
ثمة علاقة خاصة أخرى لهويتهم: مزيج غريب من أناقة هي ثمرة مدنية عريقة ومن توحش أصيل. هذان الوجهان للحبشة يتعايشان في توازن مقلق , كما بدا لأعيننا حيثما حلت . على سبيل المثال , دعينا ذات يوم إلى زواج ملكة جمال الحبشة الجديدة . كانت الحفلة فخمة. وكان الرجال والنساء يتسمون بجمال أخاذ. وكان كل هؤلاء الناس يتحركون بأناقة ووقار يعزوان ظاهراُ على تقليد قديم. ولكن فوق موائد المأدبة المليئة بما لذ وطاب علقت أجسام. ضخمة معلقة بأكياس من الكتان الأبيض , فبدت كتماثيل مغطاة قبل حفلة الافتتاح. لم يكن عندي أي فكرة عما يمكن أن تكون هذه الأجسام. وعندما دخل المدعوون غرفة الطعام, سحب الأنذال بغتة الغشاوة الكتانية كاشفين عن شقق ضخمة لثيران مذبوحة حديثاُ, ودعي كل من الضيوف إلى اقتطاع ما يستطيبه من قطع لحم.
تقدم الحبشة مواقع عديدة جديرة بالزيارة : هرار,غوندر, أسمرة, كرن , وهما أسماء لا أزال اذكرها لفرط ما قرأتها في طفولتي في أثناء غزو الطليان للحبشة عام 1936 , وبعد ذلك عندما دخل البريطانيون السودان عام 1941 , محققين انتصارهم الأول في الحرب العالمية الثانية.
اتجهنا أولا إلى غوندر الواقعة في سلاسل الحبشة الوعرة. واجتزنا الجبال عبر طريق ضيق متعرج ذي منعطفات حادة, يتنقل بين سفوح حلوة وقمم يشرف شفاها على وديان عميقة تقطع الأنفاس.ويروي تاريخ هذه الطريق وأمثالها من الطرقات التي بناها الطليان في البلاد قصة آلاف العمال الحبشيين الذين سقطوا في المهاوي وماتوا. كنت أقود السيارة على هذه الطريق الخطرة ويداي تعرقان لمجرد قبضهما على المقود.
قابلنا على هذه المرتفعات القاسية آلاف الفلاحين الطولي القامة.كلهم كانوا يرتدون سراويل وأثواباُ, ويستندون إلى عصي طويلة, كأنهم يسيرون نحو هدف محدد.إلى أين هم ذاهبون في هذه المنطقة القاحلة ؟ وليست القرى والبلدات أقل كآبة من المشهد ,بأكواخها البائسة حيث عبثاُ يفتش المرء عن أثر ما للمدنية الحبشية لقديمة أو حتى عن أقل تأثير ايطالي كما في مناطق أخرى.
لكن بعض أولئك المواطنين الأصيلين في غوندر أثاروا اهتمامنا بنوع خاص : يقولون إنهم يهود. ولغتهم نفسها, الأمهرية , تتضمن كلمات ذات وقع عبراني ـ منها كلمة أمهرية نفسها,إذ أن بادئتها أم تعني “شعبا” في اللغة العبرية , وهار تعني “جبلا” ويطلق على قطاع الطرق الذين يعيشون فساداُ في هذه الجبال اسم شيفتا الذي يذكر بكلمة شيفيت العبرية ومعناها ” قبيلة ” حاولنا التحدث إليهم, بقدر ما استطعنا إلى ذلك سبيلا , نظراُ إلى الصعوبات الكبيرة في التخاطب معهم. وعندما علموا إننا يهود فوجئوا وتأثروا كثيراُ في آن ـ وهو تأثر مصبوغ بالحنين. احتاروا كثيراُ في أمرنا وجهدوا لكشف طبيعة العلاقات بيننا وبينهم. وأكثر ما أثار اهتمام فكرة وجودنا بين ظهراني قبيلة يهودية فصلت منذ آلاف السنين من الأرومة الرئيسية للشعب اليهودي, ومع ذلك ظل أفرادها يحتفظون بذكرى أصولهم ويوثقون علاقاتهم بماضيهم. ولقد ساهمت بعد عدة سنوات في إجلاءهم إلى إسرائيل. وهم كانوا يظنون أن البحر الأحمر إنما هو نهر قد يقودهم مباشرة إلى أورشليم.
غادرنا غوندر في اتجاه أسمرة ,عاصمة إرتريا, عبر طرق متعرج تقطعه تراكتورات فيات الضخمة قاطرة” تريلات ” محملة. وفي هذه البلاد التي تكاد تخلو من كاراجات يتعين على كل سائق أن يتحايل لتصليح سيارته, ومن وقت إلى آخر كنا نصادف احد هذه التراكتورات متوقفاُ في ما يشبه الفناء إلى جانبا الطريق , وسائقه يعمل بروية على إصلاح عطل ما فيه .
في أوغندا وكينيا كان في تصرفنا سيارة أوستن ميني ,أما الآن فنسير في فولسفاجن بيتل عتيقة , أعارتنا إياها السفارة الإسرائيلية في أديس أبابا.وعندما طرأ عطل عليها وعجزنا عن إصلاحه أشرنا إلى شاحنة قطرتنا. صعد أبراهام يوفيه رئيس الأركان العامة سابقاُ والذي عين بعد التقاعد مديراُ للمحميات الطبيعية والمنتزهات الوطنية في إسرائيل. صعد إلى مقصورة السائق وبقيت أنا وراء مقود الفولسفاجن لتوجيهها.
كان لا يزال من السهل قيادة السيارة المقطورة في الغسق.ولكن مع اشتداد الظلمة صارت القيادة عملاُ شاقا. مرت ساعة ثم أخرى فشعرت بغثيان ناجم عن غاز عادم الصوت.وبعد ذلك أعطيت البطارية علامة الاستنفاد وأخذت الأضواء الكاشفة تخف تدريجاُ قبل أن تنطفئ تماماُ.لم اعد أرى شيئاُ أمامي. وكنت الشاحنة تنعطف تارة إلى اليمين وطوراُ إلى اليسار وفق متعرجات الطريق, مما كان يضطرني إلى حشد كل حواسي للمناورة وراء المقود و ” الالتصاق ” بقطر الشحنة. حولت تنبيه يوفيه إلى وضعي الحرج باء طلاق المنبه, فلم يصدر عن منبه السيارة سوى أزيز ضعيف ما لبث أن تلاشى بدوره. في تلك الأثناء كانت الشاحنة تزيد من سرعتها, وبدا الآن إنها تتدحرج كالبرميل في نزلة مسلطة. قاومت بكل قواي حتى لا استسلم للذعر الذي اخذ ينتابني ـ أنزلت زجاج النافذة وصرخت بكل قواي فيما الغبار وغاز العادم يغمرنني, ولكني عبثاُ. لم يسمعني احد. لم أكن أفهم ماذا رأى يوفيه. وبعد برهة كففت عن الصراخ توفيراُ لقواي, مكرراُ على نفسي وجوب المحافظة على رباطة جأشي. وهكذا تابعنا السير على هذا المنوال من منعطف إلى آخر فيما كبل القطر يرقص الفولسفاجن على شفا ما بدا لي إنه الهاوية. وانصبت كل جهودي حينذاك على عدم فقدان السيطرة على القيادة, قائلاُ في نفسي أن لشاحنة لا بد أن تتوقف في النهاية. لكن هذه الكتلة الضخمة من الحديد كانت تندفع بقوة في قلب الليل البهيم, ساعة في أثر أخرى.
كنا بدأنا السير في الخامسة بعد الظهر , ولما توقفت الشاحنة في أسمرة كانت الساعة قد بلغت العاشرة ليلاُ. خرجت من السيارة مرتخي الساقين منهكاُ ثائر الأعصاب إلى أقصى حد. وما كاد يوفيه يفتح الباب حتى صرخت في وجهه : ” ماذا جرى يا أبراهام ؟ ” فارتسم على وجهه الذهول والارتباك الشديد. “اريك شكراُ لله انك بخير . كنت تعباُ جداُ. ومع ذلك ظللت مستيقظاُ … إلى أن غلبني الرقاد”.
أمضيت اليوم التالي في غرفتي في الفندق حتى استعيد زمام أمري. وصبيحة اليوم التالي زرنا مدينة كرن , على بعد قرابة مائة كيلومتر غرب أسمرا. هناك قرب الحدود السودانية, دخل البريطانيون الحبشة للمرة الأولى في 1941, قصدنا ميدان المعركة وحاولنا أن نتخيلها, بفضل ما اتسم في ذهنينا من صور بعد قراءتنا وصفا لها في السنوات الماضية. كذلك دخلنا المقبرة البريطانية هناك , وهي واحدة من مئات المقابر العسكرية التي تنئ عن أوج الإمبراطورية البريطانية قبل انحطاطها. ووجدنا بين القبور شواهد جنود من اللواء الإسرائيلي “أرض إسرائيل ” الذين قاتلوا في وحدة المغاوير الأخير في وطنهم.
بداية التدمير
وبعد هذا العام وجدت الثورة الإرترية دعم سياسي في مؤتمر رابطة الدول الإسلامية جاء في قرارات المؤتمر الإسلامي العام في دورته الثانية المنعقد بمقر رابطة العالم الإسلامي في مكة اعتبارا من 15 ذي الحجة 1384 الموافق نيسان (ابريل)1965 ما يلي.
1- يقرر المؤتمر أن الأمر الصادر في 14 نوفمبر 1962 من قبل حكومة إثيوبيا باحتلال إرتريا عسكريا وإلحاقها بممتلكاتها يتعارض مع قرارات الاتحاد الفدرالي بينهما والذي وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2 ديسمبر 1950 وان الاحتلال العسكري لإرتريا هو اعتداء صارخ على شعب أفريقي مسلم مسالم.
2-يستنكر المؤتمر بشدة المظالم التي ترتكبها حكومة إثيوبيا ضد الشعب الإرتري المسلم الذي يطالب بحريته,واستقلاله,ويناشد الضمير العالمي للتدخل السريع ووقف المجازر وحملات الإبادة الجماعية والأعمال الوحشية التي ترتكبها القوات الإثيوبية,وانتهاك حرمة الأماكن الدينية, وحرق المنازل والمزارع, وتشريد الأهالي من بيوتهم وهو أمر ينافي الإنسانية ويناقض ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حقوق الإنسان.
3- يحث المؤتمر الدول الإسلامية والدول الحبة للسلام وخاصة الدول الأفريقية المستقلة بتأييد الشعب الارتري في نضاله المشروع وتبني قضيته أمام الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية على جلاء القوات الإثيوبية وتمكين الشعب الارتري من ممارسة حقه في تقرير مصيره ويلفت المؤتمر النظر إلى أن استمرار الاعتداء وسكوت الدول الأفريقية عليه يعطي الاستعمار الأجنبي حجة في الاستمرار مادامت بعض الدول الأفريقية تستعمر أشقاءها من الشعوب الأفريقية المجاورة وتنكر عليها حقها في تقرير المصير بينما تدعي في الوقت نفسه مطالبتها بحق تقرير المصير للشعوب التي لم تتحرر بعد في أفريقية.
4-يوصي المؤتمر جميع الدول الإسلامية والدول الصديقة المناصرة لحرية الشعوب بان تجند جميع وسائل النشر والإعلام لديها من أجل تنوير شعوبهم و شعوب العالم وإفهامهم حقيقة النضال الاريتري.
وفي جانب أخرى كما ذكرنا سابقاً, كانت قوات البوليس بقيادة شنبل ياسين واقفة ضد الثورة بل تعيش في هذه المناطق فسادا فقد حرقت جنوده أكواخ كثيرة وقيدوا أبرياء بسلاسل من حديد ورموهم في المحارق ,كانت بداية سياسة القهر الذي تولدت منها الكوماندوس وحاولت الثورة تحذيره عدة مرات وأخيراً جرت معركة في دمبلاس كان هو فيها بين القتلى بعدها رفعت إثيوبيا استعداداتها الأمنية وتأهبت للقتال نشرة في المنطقة العملاء والجواسيس ثم بدأت أول مجازر الكوماندوس من مدينة أم حجر ثم منصوره ضد المدنيين الأبرياء وأصبحت تطال فظائعهم وجرائمهم كل السكان الآمنين لقتل الروح المعنوية لشعب الإرتري وقد راح ضحية هذه السياسة التي تعامل الإرتريين كما تعامل قطعان من الماشية. الكثير من الأبرياء والفلاحين وعلماء الدين وأئمة المساجد. وسرعان ما امتد هذا الحقد إلى مناطق أخرى. وأصبحت من المشكلة الأساسية التي ظلت تعيق أبنا المرتفعات من التحاق بالثورة الإرترية في مراحله الأولى فقد حاول هيلي سلاسي جاهداُ تشويه طلائع الثورة وتعبئة الرأي العام ضدها بإطلاق الشائعات والنعوت التي من شأنها أن تظهر الثورة في موقف معاد لمصالح الشعب الإرتري بصفة عامة, ومصالح المسيحيين الإرتريين بصفة خاصة ,وإثارة التهم ضد الثورة مدعياُ بأنها مجموعة من المسلمين المتمردين وقطاع الطرق تحركها الدول العربية ضد رغبة وإرادة المجتمع الإرتري الذي ظل يطالب بالانضمام إلى إثيوبيا. ومما لاشك فيه أن هذه الدعاوي الباطلة للنظام الإثيوبي كانت لها تأثير في كثير من المناطق خاصة في المرتفعات الإرترية ذات الكثافة المسيحية والتي لم تتمكن الثورة من الوصول إليها والتأثير فيها إيجابياُ في مراحلها الأولى.
ومن جانب أخر كانت طائفة الانضمام قد شعرت إنها تسلمت أطباق من الذهب كون حزبها انتصر, فتحمس الجميع في سبيل الاستفادة من الوضع الجديد وخططت الصفوة منهم في استدام السلطة لهم بعد الوصول بها إلى سدتها. فبدوا يبحثوا في المناطق القرارات الإرترية استقطاب بعض الو لاءات العمياء فوضعوا لذلك حجر الأساس ليكون الخيار من القوم الذي تشربوا من الماضي البعيد للتاريخ الإثيوبي وتوطدت في أذهانهم مفاخرها التاريخية مثل شانبل ياسين بشير والجنرال قيتؤم الذي كان أول قائد لجيش الكوماندوس قبل زرأماريام أزازي وتخلي نكئيل, وقنبوت وأشبر أبرها وبلاي وقبار وأسمالاش قويتوؤم وعلي إفرنجي ,والعقيد عبي إدريس, وكولونيل فيقادوا وهو من تغراي, والمقدم عندوم والعقيد أدحنوم كفلي زقي,والكولونيل بلع طاعوا و تسفازقي( عباي كبدو) و كداني كلب, والنقيب كحساي مدير الأمن في أغوردات والكولونيل بلو قائد مجزرة أم حجر وأغوردات والعقيد جبري كدان تسفاي مدير الأمن في كرن والعقيد ولنا جما, والمجرم كولونيل زنبي أسفاو وهو إثيوبي مدير الاستخبارات مدينة أسمرا والمتسبب الأول في قتل الشباب ( هؤلاء كانوا وراء كل طموح سياسي إثيوبي ومن أبرز أقطاب الكوماندوس والطوسراويت ولهم اليد العليا في إبادة الكثير من المناطق الإرترية. ) كما منحوا الكثير من زعماء القبائل الرتب ولألقاب لتغذية الأحقاد والوشاية بين الناس. وبذلك بذرة البذرة الأولى لظلم والبشاعة خالطت الحابل بالنابل وأصبحت فيها الأمور أشبه بمهزلة احتار كل المنخفضات في تفسيرها, كان ينالهم الأذى والشر من جميع الأطراف من البندا وتغراي والبندا هي مجموعة من أبناء الكوناما السذج تم تضليلهم وتسليحهم لتقاتلوا لهم الثورة في منطقة القاش أو لشق المجتمع الإرتري على أسس دينية وثقافية وعرقية لصرف الإرتريين عن الكفاح المسلح و توريطهم في محاربة بعضهم بعضاُ وكان هذا هو امتداد لذات المخطط الذي اعتمد عليه هيلى سيلاسي في فترة تقرير المصير في تفتيت وحدة الشعب الإرتري من خلال استغلال للانتماءات الدينية والعرقية حتى تم له إنشاء حزب عميل من الوسط المسيحي الإرتري يدعو لانضمام إرتريا إلى هذه الدولة البربرية. وعلى كل حال هكذا إرتريا تحولت بكل أطيافها المتنوعة في حماية الإمبراطور في صورة مبهرة خلقها لهم (الكوماندوس) وعليه تأهبوا للقتال ضدنا حاشدين لنا الانتهازيين الإرتريون والمولودين من سليل الخيانة خصوصاً تلك الطبقات التي نشأة في كنف ألقاب إثيوبيا أبناء القرزماش وقنازماش وفيتوراري وديجيات , ورأس وهي من أسخف الألقاب المتداولة في البلاد ترمز كلها إلى توارث الخيانة العريقة وكما يعرفها الجميع ليس هذه ألقاب جامعيه وللأسف يتفاخر بها أصحابها إلى يومنا خصوصاُ من ولد على أنغام أفضلية قومه على غيرهم حامل عقدة العلو تلك الطائفة من القوم الذي فضلوا الانحناء للإمبراطور هيلي سيلاسي كما تقضي التقاليد الأثيوبية كانوا يصفونا بأسماء الخارجين عن القانون وشفتا(قطاع طرق) ودقي ماتاحت وهم الذي يمارسوا الإرهاب صباحاُ ومساء سمموا علينا الجو بالكراهية فقدنا فيها الكثير من حقوقنا السياسية والثقافية فبقيت مناطقنا قياسا بمناطقهم متخلفة ومحرومة من الخدمات والمدارس والمرافق الصحية. وبقي أهلها بدوا وتم عزلهم من كل الحقوق الوطنية شبه كاملة وهم الذين سوغوا تقليص وجودنا في دوائر الحكومية بحجة مناطقنا معادية لإثيوبيا. بل جعلوا هذه المناطق مسرحاُ لنشاطهم أباحوا فيها قتلنا واقتلاعنا من أرضنا ضماناُ لبقائهم متفوقون ليتمتعوا وحدهم بالمزايا والحوافز الأثيوبية وقتلوا من قتلوا وجرحوا من جرحوا وبقى الأمر سنوات طوالاُ يمثل لنا المعاناة والمآسي والحرمان والتشريد لا يمكن فهمها حتى الآن. فالحقد أعمى بصيرتهم مما جعلت من هذه الاختلال أمر واقعا في المنخفضات فصار هذا الواقع وما تبعه من ظلم هو الأصل وما عده في مناطقهم هو استثناء ملكي فلا أحد يلتفت لآلامنا ومواجعنا دافنين آمالنا وأحلامنا لهذه الطائفة الذي أغلقت علينا كل الأبواب إلى يومنا هذا . أما حماة النظام تذوقوا طعم السلطة وتسلقوا مراكز القوى, ورقصوا محزمين العلم الأثيوبي وكانت الموت في سبيل الإمبراطور أسمى أمانيهم شعروا إنهم بالغوا الثقة الملكية وأصبح مصير الشعب الإرتري تحت يدهم وتحرك المرتفعات وراء هذا نوع من الرزق بقناعة هائلة يعترفون ويوقرون جذورهم الإثيوبية . وظهروا كحركة سياسية متحكمة بمسيحي مرتفعات إرتريا, تربط أحلامها بإثيوبيا وتهدف هزيمة المسلمين. وظلوا طول تأريخهم يقولون لهم بأن الهجمة على أرضي المسلمين هو الضمان الأعظم لمستقبلهم ليحكموا هذا الأرض بأمرهم. وهو أسلوب دعائي يقوم على الإنكار الحق الإرتري وينسبها لنفسه. وللأسف كانت قوتهم هذه تأتي من ضعف الوعي السياسي لشعب الإرتري فوجدت هذا الشعب فريسة سهله لأهوائهم ومصالحها الشخصية يتصادم لها في تصور قريب وبعيد عن أهدافهم تقودهم أناس لم يخلصوا للوطن الإرتري, بل يحملون أفكاراُ وطموحات ونوازع كثيرة, أدخلوا بها البلاد في فوضى هائلة بحروب تزيد في عمرها عن حرب البسوس بعشرة أعوام ومازالت مستمرة تربي أولادها وتجند أتباعها على معانيها وتطبيقاتها التي تهدف الانقضاض على الغنائم بنفس الروح والنهج القديم الذي أمعنت فيه قتل الأبرياء الإرتريين.إنه فكر متجدر في عقلية المرتفعات يخاف من الجهول بل انتهت بهم أن لا يقبلوا الإرتري كما هو. وعليه يخوضون حروباً مفتوحة بكل كوارثها وأزماتها في هذه المنطقة البائسة الذي استفحلت فيها جرائم ضد الإنسانية بسبب تطاحن هذه العقلية في حروب بلا أهداف ضد شعب أمن ومسالم, تثير لنا دائما التساؤل بحكاياتها وضحاياها في المنطقة.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6369
أحدث النعليقات