الجاليات الإرترية في الغرب بين النجاح والإخفاق
بقلم: محمد جمعة
في سنوات التشرد واللجوء التي عمّت بلادنا الحبيبة تدفق عدد من الإرتريين الي الغرب وخاصة فئة الشباب، وكان يراود الجميع أحلام العودة الي الوطن الغالي، وتسمع في كل محفل ومجلس والشفاه تردد المثل القائل[اللي ترك داره قلّ مقداره ]
ولم يكن أمام هذه الجاليات في ذالك الوقت إلا النضال بكل ماتملك من أجل تخليص البلاد من المستعمر الذي ظل جاسما علي صدر البلاد بالحديد والنّار،
وقد سلك كل واحد من أجل تحقيق هذا الهدف الوسيلة التي يراها مناسبة لنصرة قضيته وتحرير أرضه، فتجد هذا في جبهة التحرير وثاني في الشعبية وثالث في الحركة الإسلامية……الخ .
وما أظن قد مرّيوما أسعد علي تلك الجاليات من اليوم الذي دحر فيه المستعمر ورفرف علم بلادنا في كل المحافل الدولية ، وبدء الكثير يحزم حقائبه للعودة الي الوطن الغالي بعد سنين من التشرد المر والمعاناة الرهيبة ،
ولكن للأسف كانت الفرحة التي لم تتم ! فبدلا من أن يقابل ذالك المنا ضل الذي أعطي قضيته كل مايملك اذا به يقابل بالتضييق والسجون والمعتقلات !!!
وكم كانت الصدمة عنيفة علي النفس عند سماع خبر إهانة وإعتقال المعلميين في معاهد كرن الإسلامية وأناشيد الحرية وأهازيج [ أهلا أهلا بالحرية] لم تجف في أفواههم بعد وكانت الشعارات والرايات التي حملوها لم توضع من أعناقهم .
ومن ذالك اليوم الذي تحول من لحظات فرح غامر الي أحزان بدأت تحاصر الجميع وخاصة مئات من ابناء الأسري والعتقليين ، وما يحزّ في النفس أنّ الكثير قد نسيي مآساتهم والإجحاف الذي وقع عليهم ، وينبغي أن تكون قضيتهم قضية الجميع ،وأقصد جميع المعتقليين بلا إستثناء .
كانت هذه الأسباب الرئيسة التي بخّرت أحلام الجميعفي العودة حيث أصرّ نظام الجبهة الشعبية أن يكرر أخطاء حكام إفريقيا خلال الحقبة الماضية ، من التضييق والمعتقلات وحكم الفرد المتسلط ، وكان ينبفي أن نبدأ من حيث إنتهوا هم ولكن لاحياة لمن تنادي
فربما كان الحكام في القارة السمراء يضييق صدرهم بمن يعارضهم أويزجي لهم النصيحة أما حاكمنا الهمام فقد حشي أذ نيه بالكرفس وجعل علي قلبة الأكنان وعلي بصره غشاوة من السحاب الأسود وقرر رفض الجميع من أول يوم ، ولله في خلقه شؤون !!!
للأسباب سالفة الذكر وقد يضاف اليها الوضع الدولي المتأزم وربّ ضارة نافعة
فقد بدأت الجاليات الأرترية في الغرب تنهض من ثباتها الذي أصابها بالشلل في الفترة التي أعقبت التحرير وبدأ العمل السياسي والإءجتماعي والإعلامي يشهد قفزات نوعية وخطوات جريئة يظل البلد في اشد الحاجة اليها.
ولكن سوف أقصر حد يثي اليوم حول الجاليات المسلمة في الغرب .
أولا- النضوج الفكري: كانت هذه الجاليات في الماضي تعاني كثيرا من الإضطراب الفكري والمنهجي حيث كانت الناس ترد موارد متعددة ومشارب مختلفة وصل أحيانا الي حد النعرات والعصبيات التي كانت ترشح من منابع الجهل بالتعاليم الربانية الداعية الي التماسك والوحدة وإعتبار الأخوة فوق كل المصالح الشخصية ، ولكن بفضل الله تعالي بدأت الجاليات تتحرك نحو الإنسجام والعمل المؤسسي الهادف الذي يحمل بذورا من الخير( وعين الحسود فيها عود)
ثانيا- الإعتدال والتوسط: حيث كان يغلب في سلوك وممارسات ومفاهيم بعض أبناء الجالية الميل والنزوع نحو التشدد وتزعم بعض الفتاوي الطاردة نحو المجهول ورفع شعارات ( حرمة البقاء في ديار الكفر) مما أدخل كثير من أبناء الجالية في عدم الإستقرار أين يذهب؟ الي بلده حيث تنتظره المعتقلات والسجون أم الي الخليج الذي فرّ منه؟ الي اين؟ الي اين ؟؟؟ وينطبق علي أصحاب هذه الفتاوي المثل القائل ( لاتهرف بما لاتعرف ) ولكن الحمد لله نري اليوم بدء الجميع يضع الأمور في مواضعها ويبتعد عن التأويلات الفاسدة ولي أعناق النصوص وخلط الأمور والتعاون علي المرجوح إن كان يحقق مصلحة راجحة وإهدار الراجح ان كان يضيع فريضة محتومة اعتدل الخطاب وأصبح الجميع يدعوا الي الإستقرار وبدء الجميع يتلمس مواضع الخلل ولم يعد من يؤلمه رأسه يفرك رجليه .
ثالثا- الإنفتاح والتطور: قد يتفق معي البعض وقد يختلف ولكنني أعتقد أنّ الأرتري أحيانا يميل الي الإنكفاء في داخله مما يحرمه من الكثير من المعارف والتجارب ، ولكن الملاحظ في السنوات الماضية الإنفتاح المتوازن علي الأخرين ربما بقدر ما يحقق المصالح ويخدم مستقبل البلاد ، وكم أسعدني عندما كنت مدعوا في العام الماضي في مؤتمر الرابطة الإءسلامية في السويد ( جمعية تضم جميع المسلمين في السويد والبلدان الأسكندنافية الأخري) ورأيت الجالية الأرترية أكثر الجاليات حضورا ومشاركة بل كان أبناء الجالية أكثر الناس مشاركة في الإعداد والتقديم والخدمة ، مما اكسبهم إحترام الجميع وقد برزت فيهم شخصيات زاع صيتها اليوم علي مستوي الساحة الأروبية ، بل تجد المشاركة والتعاون بين الجاليات الأرترية في كل المناسبات التي تعقد وفي كل مرة أشارك فيها في مخيمات الجاليات أجد اخوة بأبنائهم وأسرهم يشاركون من أقطار مختلفة ، وفي مؤتمر جمعية النهضة الأخير( في ألمانيا ) تنادي ممثلي عدد من الجمعيات لدراسة التنسيق والتعاون فيما بينهم ، وهذا ما تسعي اليه مجموعة من الشباب الأفاضل في بريطانيا وإنشاءالله سوف تكلل تلك المجهودات بنجاح وتوفيق من عند الله .
هذه بعض الومضات المضيئة في مسيرة ونضالات ومجاهدات هذه الجاليات
ونسال الله أن يلتقي الجميع ويساهم ويبني في وطن تظلله القيم والحرية ولتسقط الدكتاتورية التي حرمت ألوف القلوب المتشوقة من العودة الي بلادها ن فما من شدّة إلا ويعقبها فرج والي الأمام دوما.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6346
أحدث النعليقات