|
أ قامت الجمعية الثقافية الارترية بالمملكة المتحدة ندوتها الثقافية الثامنة مساء السبت الموافق 11 مارس 2006 تحت عنوان الفيدرالية بين الواقع والطموح.
حاضر في الندوة التي أمها جمع غفير من الارتريين المهتمين بالشأن الثقافي الأستاذ عبد الرحمن السيد الذي قدم ورقة كان قد قدمها في إحدى الجامعات السويسرية في صيف العام الماضي. نالت المحاضرة استحسان الحاضرين الذين أثنوا على سلاسة الطرح وتماسكه من حيث السرد الموضوعي وترتيب أولويات الورقة.
بوبت الورقة إلى عدة فقرات أهمها التعريف بالطرح الفيدرالي أو ما يعرف بالنظام الفيدرالي كنظام حكم متبع، وقد عرج الباحث إلى عدة تعريفات في هذا الشأن، كما قدم عدة مقارنات نظرية بين النظم الفيدرالية القائمة الآن في العالم وتطرق إلى الفيدرالية في حياة المجتمع الارتري، وسرد في هذا الشأن الكثير من الأمثلة مثل أنظمة الإدارة الأهلية وكيف أن المجتمع الارتري قبل التعايش مع بعضه من خلال إيجاد صيغة فيدرالية، وفي سياق البحث تناول الأستاذ سيد الدستور الفيدرالي الإرتري الذي أقر في العام 1952م وكيف أنه حافظ على الخصوصية الارترية من خلال إقرار المفهوم الفيدرالي المتضمن في مواده.
تطرقت الورقة أيضا إلى مرحلة الكفاح المسلح التي تركزت في مقارعة المحتل دون التركيز الكافي على ثوابت نظام الحكم المراد إقامته بعد طرد المحتل الأمر الذي أفرز الواقع الحالي وتفرد الشعبية بمقاليد الأمور وبالتالي فان مرحلة ما بعد الاستقلال شهدت العديد من الظواهر السلبية كحالة الظلم الواضح لفئات المجتمع الارتري وعلى إثره ظهور التنظيمات القومية والاثنية في الساحة الارترية.
وأشار الأستاذ سيد بان المعركة القادمة في الساحة السياسية الإرترية ستتمحور حول وضع دستور وطني يكفل التعايش السلمي في ظل التنوع الاثني والثقافي من خلال تقسيم عادل للسلطة والثروة. وهنا أكد السيد عبدالرحمن أن قدسية الأوطان وشرعيتها تكتسب من خلال احترام حقوق وكرامة الانسان ومكونات المجتمع. ولتاكيد هذا المبدأ أشار الأستاذ سيد إلى أهمية إقرار دستور إرتريا القادم حق تقرير المصير كحق انساني تكفله الشرائع السماوية والوضعية وكذالك كرادع شرعي لكبش توجسات الهيمنة والظلم وكمؤشر حقيقي للوحدة الطوعية في مجتمع متباين الثقافات والاعراق.
كما أثار حديث الأخ عبدا لرحمن الجريء حول اللغة الرسمية في ارتريا نقاش مستفيض عندما أعلن موافقته على تبني دستور إرتريا القادم المساواة بين كل اللغات الارترية دون جعل واحدة رسمية وأخرى غير رسمية لأن مثل هذا الموقف يتعارض مع مبدأ المساواة والديمقراطية والفيدرالية. وأضاف قائلا انه ليس من العدل أن نقول – مثلا- لانسان الكوناما بامكانك أن تغني وترقص وتتحدث بلغتك في اطار قبيلتك او منطقتك ولكن عندما تأتي للتعامل مع الحكومة المركزية فعليك أن “تتقرن” أو “تعرب” حسب المادة الدستورية في هذا الصدد وهذا بالتأكيد يتعارض مع مبدء “الشراكة” والذي هو من صميم نظام الحكم الفيدرالي.
أما في ما يتعلق بأدوات التغيير فقد تناول المحاضر بالتحليل ليؤكد بأن مكامن الضعف للتنظيمات الارترية “المعارضة” لا ينحصر في الجوانب المادية فقط وانما يكمن ايضا في اختلاط اولوياتها واوراقها وكمثال لهذا تحدث الاخ عن التنظيمات التي تعطي الاولوية “لبرامجها السياسية” على حساب المطالب المشروعة لمكونات المجتمع الارتري واقامة دولة الدستور والقانون. فالناظر لهذه التنظيمات يجدها تتصرف وكأنها في انتخابات حزبية في ظل دولة بها دستور يشرع لتقاسم السلطة وقانون لتكوين الأحزاب وتسيير الانتخابات. بل أن بعضها يعتبر نفسه السلطة والدستور اسوة بحال نظام الشعبية يتمنن في مجرد اقرار او اعتراف بحقوق الاخرين ورفع المظالم المتراكمة عنهم. كما ضرب المحاضر مثال اخر في حركة الجهاد عندما تبنت هدف اقامة “الدولة الاسلامية” فأصبحت حركة مطالبة “بحقوق المسيحيين” بدلا من حركة تطالب بحقوق المسلمين المشروعة. وهذا كان واضحا في تخبط “الكوادر” الذين تحدثو باسمها وحددو وزارات “ليس لها سبقة دينية – كوزارة المواصلات” للمسحيين في معرض اجاباتهم للاسئلة التي كانت ترد عليهم من جمهور مسلمي ارتريا عن حقوق المسحيين.
وفي ختام الندوة كانت هناك مداخلات واستفسارات أثرت الموضوع المطروح ، بيد أن رؤية الحضور للطرح الفيدرالي في تلك كانت ايجابية وهو الشئ الذي كان جدير بالملاحظة في هذه الأمسية هذا وسوف تتواصل الندوات عن نفس الموضوع خلال الأيام القادمة.
أمانة الشئون الثقافية |
أحدث النعليقات