الجندي المجهول
تزدحم الساحة الإرترية بلأحداث كثيرة وخطورتها أن ما تعتبره أمرا عاديا تجد أحابيل خارجية وداخلية كثيرة تلتف حوله حبكا لمكر أجنبي أو تغولا سلطوي ، وفيما يلي محطات ثلاث نقف عليها من هذه الأحداث .
المجلس الوطني
إستبشر الكثيرون بعد مؤتمر أواسا وعُلّقت آمال عريضة علي المجلس الوطني مع ما كان يستصحبه الجميع من عوائق مقدرة بتقدير المرحلة وخلفيات الدعم للمعارضة الإرترية عموما ، وذهب البعض الي أبعد مدى بمطالبته بتذويب الهياكل التنظيمية للمعارضة فيه ، ولكن اليوم كثر اللوم عليه وكثرت الإنتقادات وهي بالتأكيد تهدف الي التصويب والتصحيح ، ولا شك أن جميعنا يقرّ بوجود التقصير والإهمال مهما كانت المبررات ، مع إقرارنا أيضا أن تجاربنا في بدايتها لا بد أن تمر بمطبات وعقبات وأخطاء .
المجلس الوطني يجب أن نبقي عليه مع يقننا أن أدائه مثل أداء جمعية خيرية تبحث عن الدعم وتحصي وتعد المطلوب دعمه ، وليس أداء مؤسسة سياسية يجب أن نبقي عليه لأسباب كثيرة ، أهمها أنه أساس البناء الذي ننشده والخطوة الأولى في الإتجاه الصحيح نحو إيجاد مؤسسات وطنية جامعة لألوان الطيف الوطني .
نعم هناك علل كثيرة نحصيها عليه ، لكنها في إعتقادي تجسيد لطبيعتنا الإرترية ، وما تفرضه علينا أحوال خارج إرادتنا ومقدورنا ، وهي بالتالي شئنا أم أبينا مرحلة عمرية لا بد أن نمر بها ، مع ما نأسف له من أن طفولتنا السياسية ستكون طويلة جدا قياسا علي هذا النمو ، ولكن كما يقول المثل الإرتري “أم الضعيف تفرح إن رأته يتمنطق ” .
الحرص على بقاء المجلس يأتي خوفا من إذا أجهضنا هذه التجربة ، سنعود إلي المربع الأول نبحث عن مولود جديد ، وسيكون الأمر أشبه باللعب ، فوضى لا تعرف الجدية ولم تقدر المرحلة ومعانات الشعب ، ولذلك نوصي أخوننا في المجلس الوطني أن يرتفعوا الي مستوى المرحلة ومتطلباتها وأهميتها وخطورتها .
بهلوانية اسياس
يقال أن القذافي كان يتعمَد أحيانا الخبل للخروج من حرج بعض سياساته ، وهو ما نرى افورقي يفعله ، خاصة مع السودان ، فما يفعله افورقي يعلم الجميع ، ليس عبثا وبعفوية ونزاهة ، وقد تكرر دخوله مرات عديده بطريقته الخاصة ودون علم السلطات وقد إستوقف عند زيارته لبورسودان من أمن الحدود حين جاء عكس ما أتفق من زمن ومكان حتى جاء الإذن من الخرطوم بالسماح له ، وأبدى السودانيون إستيائهم الشديد لمثل هذا التصرف عبر الإعلام الصريح ، ولم يقف الأمر عليه بل قد فعلها عدد من رموز نظامه مرات عده في مدن الشرق وقراه ، ولذلك لا أحد يشكك أو يرتاب في الخبر الذي تناقلته بعض وسائل النشر منها عدوليس الغراء أنه قد زار قرية في ريفي كسلا دون علم السلطات في بداية ديسمبر الجاري .
لاشك أنه لا يشعر بالحرج لأن له أهدافا إستراتيجية في الشرق فماذا يبرر
– توزيع جنسيات إرترية على بعض سكان الحدود مع السودان .
– إيجاد فجوات محرجه بين السلطات المحلية والمركزية في الشرق من خلال تصرفه وبعض قياداته كأصحاب البلد بحضور وفود عليا من حكومة السودان كما حدث في همشكوريب وغيرها منذو فتره .
– إستباحة الحدود السودانية مرات عده من قبل قواته لأسباب تافهة أحيانا .
– تدوير كل مساحة الحدود السودانية بتهريب كل المنتجات والبضائع وتجاوز معاهدات التبادل التجاري بين البلدين ربما لتشجيع الفوضى وإرباك السلطات .
وغير ذلك أمور لاتحصى تدخل فيها المعارضة السودانية المسلحة وحراك الاستخبارات الإرترية والأجنبية ودور القواعد الأجنبية في أرتريا التي أحرجت السودانيين مرات عده إيرانية كانت أو إسرائيلية
والآن في ظل ظرف طردت فيه الحكومة السودانية قوات الامم المتحدة وتوقع السودان ضغوط مختلفة جاء أفورقي ، مما أوحى أنه يحمل رسالة من بين رسائل الضغوط الدولية .
وخبر آخر أنه زار مصر وقطر لماذا تراه زارهما ؟ .
– هل جاء مصلحا بين البلدين المتشاكسين ؟ .
– أم جاء لغرض خاص به لكل ٍ فيما يخصه هو ؟.
– أم جاء محملا بالرسائل لكل منهما يبلغه من آخرين ؟ .
– أم جاء ليحمل رسالة مصرية الى قطر ويؤكد ميله المصري ؟ .
– ترى هل الزيارة خاصة بأوضاع اليمن وتمكن حلفائه الحوثيون ؟. فهذه الأخيرة يدخل فيها إهتمام دول الخليج ومصر في ظل تأزم الأوضاع في الشام والعراق ودور إيران المتنفذ في عموم المنطقة ووجودها العسكري بقاعدتها المعروفة في ميناء عصب الارتري .
الجندي المجهول
مازالت لم تنتهي المعركة التي تدور في أروقة النظام لكن أصبح أخيرا ضحيتها الجند المجهول ، والجند المجهول أعني به هنا من لم يحسب في المعارضة فهي تحسبه علي النظام وإستهدفه النظام وإستفرد به .
رموز تاريخية للثورة الإرترية حين إستهدفت فيما مضى ربما فسرناه بالتصفية السياسية ، لكن بماذا نفسر إعتقال المناضل عماروا وما قبله وما بعده من منتسبي الشعبية ونحن نشاهد إستهداف الكوادر المسلمين ، ممن شيدوا صرحها ولم يكن ليتسنى لأفورقي ليرقى في البداية ويكون له القبول لولا وقوفه خلفهم وتمترسه بهم ، لم يراعى لهم كبر السن والشيخوخة ولم يشّفع فيهم ، إنهاك المرض وأحواله الإنسانية المؤسفة ، وكيف إذا إجتمعا كما هو حال أحد رموز الرعيل الأول المناضل عماروا .
ربما طالت عمليات النظام بعضا من رموزه المسيحيين ولكن ذاك صراع ربما علي الوليمة والغنيمة ومراكز الثقل وتقاسم السلطة ، لكن فجيعة المسلمين من أبناء الشعبية لا توصف ولا تقدر فالصرح الذي بنوه وكانو وقوده ودروعه إنهد على رؤوسهم ، وأصبح يصدق عليهم المفهوم اليساري ” الثورة تأكل أبنائها ” “والتطهير واجب وطني ” ، ومن المؤسف طبق عليهم برنامج الشعبية وسياستها المعروفة عند التنظيمات الإرترية التصفية على مراحل فمن ظن أنه نجا من حملة وحملات ، ساقته حملة بعد إطمئنان ، ليقول متحسرا: أكلت يوم أكل الثور الأبيض . ومن المؤسف أيضا قد أخذ وغيب هذا التطهير أعدادا كبيرة جدا ، وبشتى أنواع التصفيات وفي حال من صمت المعارضة والمنظمات الحقوقية ، ذات التمييز والتخصيص .
فتحية لكل جند مجهول سالت دمائه حرقة في أضلعه قبل أن تسيل على الأرض ، وتحية لكل جند مجهول ، تدمى عينيه ويديه في ظلمات الحفر وغياهب السجون ، ونسأل الله أن يصحي ويوعي وينجي من ينتظر مسيره المجهول منهم .
والله المستعان وعليه التكلان
صالح كرار 14/12/ 2014 salehkarrar@gmail.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=32226
أحدث النعليقات