الحراك الشبابي الارتري الأفاق والتحديات.
بقلم/ فؤاد محمود عامر -لندن-
أنطلقت حركات التغييرالشبابية الارترية في كل أنحاء العالم بتأثير مباشر من الثورات العربية الشبابية او ما يعرف بالربيع العربي المطالبة بالعدالة والديمقراطية وإسقاط الأنظمة القمعية والتي ابتدأت في ديسمبر ٢٠١٠ وما زالت مستمرة حتى اليوم وأدت الى إسقاط عدة أنظمة استبدادية.
ولايمكن فصل الحراك الشبابي الارتري عن باقي الحركات الأحتجاجية الشعبية العربية من حيث التأثير والشكل ونوعية المطالب وأدوات التعبير عن هذه الأحتجاجات.
لذلك كان لزاماً علينا ان نعرج على حراك الربيع العربي قبل الدخول في الحراك الارتري.
فماهو الربيع العربي؟
أستقرت تسمية الربيع العربي على مجمل الحركات الاحتجاجية التي شملت معظم الدول العربية (بستثنا دولةء قطر والإمارات )
وهي حركات أحتجاجية شعبية سلمية شاملة بدأت أواخر عام ٢٠١٠ ومازالت مستمرة حتى اليوم.
ألأسباب؟
هناك عدة أسباب رئيسية أدت الى انطلاق هذه الحركات الاحتجاجية وهي اسباب مشتركة في هذه الدول
-فساد الحياة السياسية
-القمع والتفرد بالسلطة
-الاستئثار بالثروات لفئة صغيرة وانتشار الفقر
-انتهاك حقوق الانسان وتجاوز القوانين
-انتشار البطالة بين الشباب والغلاء المعيشي
-الحكم بالقوانين العرفية والعسكرية.
ألأهداف؟ ماهو الهدف أو الاهداف المرجو الوصول اليها من خلال هذه الحركات؟
الأسباب التي أدت الى قيام الحركات الاحتجاجية تعتبر انعكاس للأهداف التي تسعى اليها هذه الحركات ويمكن إجمال هذه الاهداف في عدة نقاط اهمها
-إسقاط الأنظمة الفاسدة
-تحقيق العدالة الاجتماعية
-تحقيق الديمقراطية والمشاركة السياسية
النتائج
أختلفت نتائج الحركات الاحتجاجية في الدول العربية بأختلاف المعطيات والمؤثرات الخارجية لكل دولة
ففي بعض الدول تحول مايعرف بالربيع العربي الى ثورات شعبية عارمة بينما في دول اخرى تحولت الى حركات مسلحة تقاوم عنف الدولة
في تونس تم إسقاط النظام
في مصر تم إسقاط النظام
في ليبيا حرب-إسقاط النظام- نزاعات مسلحة
اليمن تم إسقاط النظام – مع توافقات هشة
سوريا عنف عام وعدم استقرار قد يطول
البحرين قلاقل وعدم استقرار
هناك دول حققت نوع من التقدم على صعيد المشاركة السياسية مثل المغرب وسلطنة عمان
ودول تم فيها تحسين الأوضاع الاجتماعية مثل السعودية والكويت.
هناك ما يميز كل حركة شبابية أو حراك شعبي عن الأخرى في كل بلدان الربيع العربي الا أنه هناك خصوصية للحراك الشبابي الارتري عن باقي تلك الحركات لابد من تشخيصها ودراستها كي نتمكن من المضي قدماً بهذه الحركة المباركة والوصول الى ما نصبوا اليه وإسقاط النظام الاستبدادي في أسمرة.
هناك عدة نقاط ضعف يعاني منها الحراك الشبابي من منظوري الخاص قد يتفق معي في ذلك البعض وقد يرى أخرون غير ذلك، ولسوف أسعى الى تلخيصها في نقاط من غير توسع وكذلك حصر ما نراه من حلول في نقاط موجزة. لعلنا نتمكن جميعاً من ألأتفاق على برنامج عمل يجمع الجهود في مؤتمر عام للشباب الارتري.
اهم هذه النقاط هي:
أ-جميع الحركات الشبابية الارترية المطالبة بالتغيير والعدالة موجودة في المهجر.
ب-انقطاع الحراك الشبابي عن الداخل الارتري.
ج-عدم وجود تواصل عضوي بين مختلف الحركات الشبابية.
د-تباين الرؤى السياسية المؤدي الى انشقاقات في صفوف هذه الحركات.
هـ-اقتصار وأنحصار العمل الشبابي على النخب في ما بعد النصف الثاني من العام ٢٠١١
و-أثر التباين الديني (مسلمين-مسيحيين) في إعاقةالعمل.
ز-عدم وجود هيئات وأتحادات طلابية ارترية فاعلة في دول المهجر.
في اعتباري هذه هي أهم المعوقات التي تواجه الحراك الشبابي الساعي الى التغيير الديمقراطي والعدالة في ارتريا، سواءً على المستوى البريطاني أو العالمي.
أ-( الحركات الشبابية في المهجر)
يدرك كل المنخرطين في الحراك الشبابي بأنهم لن يتمكنوا وهم في المنافي النائية من أسقاط النظام الحاكم بشكل مباشر كما حصل في تونس ومصر، لكنهم يدركون تماماً بأنهم رافد أساسي وعنصر فاعل في هذا الاتجاه، وحملهم للهم العام وجعلهم للقضية الارترية من أهم أولويات الحياة لديهم هو واجب انساني وأخلاقي و وطني، وفي ذلك دلالة عظيمة على مدى وعي الشباب الارتري وقيامهم بواجباتهم تجاه أخوانهم وأهليهم في الداخل.
ب-(انقطاع الحراك الشبابي عن الداخل)
تعتبر هذه النقطة من أهم الأسباب التي يمكن ان تضعف وتحد من فاعلية الحراك الشبابي ولابد من ألألتفات لها وإيلاء عناية خاصة لإيجاد الحلول المثلا، والعمل الجاد في سبيل فتح قنوات اتصال مع الداخل خصوصاً في أوساط الطلاب وخريجي الجامعات والمثقفين والظباط الشباب الشرفاء في كافة افرع القوات المسلحة. ومع ان هذا الخيار يبدوا مستحيلاً نظراً لطبيعة النظام القمعي وتكوينه الامني والعسكري الصارم وعديم الرحمة، الا انه يبقى الحل الوحيد الذي يمكن التواجد من خلاله على ارض الواقع والتسريع في سقوط الطاغية ونظامه. بالأضافة الى ذلك يمكن التعويض جزئياً عن التواجد في ارض الوطن بأن تنشط الحركات الشبابية في مخيمات اللجوء على الحدود الاثيوبية والسودانية وإن بشكل سري في البداية.
فالنظام الديكتاتوري قام بعزل الشعب عن محيطه بفرض حظر عام على ألأعلام الحر والصحافة والإنترنت وقام كذلك بعزل الشباب في معسكرات التجنيد الاجباري ومع هكذا وضع يكون تأثير الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي محدود جداً ان لم يكن معدوماً لذلك يبقى الخيار الأنجع هو خيار فتح قنوات اتصال مع الداخل خصوصاً في المناطق البعيدة عن المركز كأسمرة ومصوع وكرن.
ج-(عدم وجود تواصل عضوي بين مختلف الحركات الشبابية).
انتشار الوجود الارتري الواسع في أصقاع العالم بقدر مافيه من إيجابيات وكسب للخبرات والتجارب وتطوير للمهارات الفردية فيه من السلبية ما يكفي على المستوى الجماعي ليس اقلها ضرراً على الحراك الشبابي انقطاع التواصل العضوي بين مختلف الحركات الشبابية مما فيه إضعاف لفاعلية هذا الحراك، لذالك نقترح :
١-عقد مؤتمرات عامة للحراك الشبابي في كل دولة.
٢-عقد مؤتمر عالمي للشباب الأرتري للأفراد والتنظيمات الشبابية.
٣-تكثيف التواصل بين مختلف الحركات على المستوى الشخصي او عن طريق الشبكة الألكترونية.
٤-عقد لقائات جماعية بأستخدام الأنترنت والاسكايب وغيرها من الوسائل.
٥-توحيد تزامن النشاطات المناهضة لحكومة اسياس خصوصاً المظاهرات على مستوى العالم. مما يعطيها اثر أكبر على الشباب والحكومة والأعلام العربي والاجنبي.
٦-تبادل ألأفكار والخبرات بين الحركات الشبابية بشكل اكثر فاعلية.
د-(تباين الرؤى السياسية المؤدي الى انشقاقات في صفوف الحركات الشبابية)
من الامور الطبيعية اختلاف الرؤى السياسية والانتمائات الحزبية بين الشباب ولتفادي إحداث أضرار بالحراك الشبابي نتيجة لذلك نرا ما يلي:
١- ان يفصل كل شخص بين رؤيته السياسية الحزبية والغير حزبية وبين الحراك الشبابي الشعبي
٢-اختلاف التوجهات السياسية يجب الا تعيق عمل الحركات الشبابية من خلال التوافق على العام (إسقاط النظام) وترك التفاصيل المستقبلية (إدارة الدولة والتشريعات).
٣-الحوارات ألأخوية والودية يمكن ان تقرب وجهات النظر وتخفف من حدة الخلافات.
٤-عدم إسناد مناصب قيادية للمنتمين لأحزاب وكيانات سياسية.
٥-أحزاب المعارضة كيانات تكميلية للحراك الشبابي ولكن لابد من الابتعاد عنها لمسافة أمنة والتركيز على الشباب المستقل سياسياً.
هـ-(إقتصار العمل على النخب في مابعد النصف الثاني من عام ٢٠١١)
كان لتأثير الربيع العربي الدور الأكبر في تحفيز عامة الشباب الارتري للعمل العام سواء من خلال المظاهرات او المشاركة النشطة في وسائل التواصل الاجتماعي والتحرر من قيود الخوف من السلطة، والسبب الرئيسي في ذلك هو إحساس الشباب بأن الحراك الشبابي هو عمل غير ملتزم بكيانات أو احزاب سياسية معارضة تقليدية كان قد فقد الثقة بها، بل هو تعبير مباشر للمطالب الشعبية بالعدالة والديمقراطية.
بالتالي أدا ظهور كيانات ( تحت عدة مسميات شبابية) تحاول تمثيل الشباب، بطرق غير صحية وعدم إشراك عموم الشباب في عملية إنشاء وإدارة هذه الكيانات أدا ذلك الى نفور سواد الشباب الغير مؤدلج والرافض للأنضمام الى الاحزاب التقليدية وإنفضاضه عن هذه الكيانات بل وإنكفائه حتى عن المشاركة في شبكات التواصل الاجتماعي.
يضاف الى ذلك ظهور انشقاقات داخل هذه الكيانات ادت لتفريخ كيانات عنها وانشاء مواقع ومدونات الكترونية تنافس ولا تكامل بعضها البعض.
نتيجة كل ما سبق كان اقتصار العمل على النخب المثقفة فقط وبالتالي إضعاف الحراك الشبابي.
ونعتقد ان الحل يكمن في:
١-عقد اجتماعات ومؤتمرات شبابية عامة يحضرها اكبر عدد ممكن من سكان المناطق والدول من الشباب الارتري.
٢-الدعوة والحضورلهذه المؤتمرات بشكل أفراد أي أن يمثل كل من يحضر هذه المؤتمرات ذاته ورؤيته الشخصية لا تنظيمات وحركات ينتمي لها. كذلك عملية أنتخاب وتشكيل قيادات ولجان تقود العمل يكون على أساس أفراد لا كيانات وحركات قائمة قبل أنعقاد المؤتمر العام.
٣-إفساح المجال امام الشباب المتعلم والأصغر سناً من غير النخب والقيادات السابقة لهذه الكيانات لقيادة العمل العام.
٤-اقتصار المشاركة في الحراك الشبابي على من هم اعمارهم دون ال40 او ال45 عام حسب مايرى اهل كل دولة وكثافتهم العددية.
٥-الاحتفاظ بكل التنظيمات التي ظهرت خلال العام الماضي مع إنشاء كيان جامع يعمل كمظلة تؤطر وتنسق العمل فيما بينها.
و- (أثر التباين الديني (م-م) في إعاقة الحراك).
لعلاقة عدم الثقة بين المسلمين والمسيحيين اثر كبير في تشتيت وإضعاف العمل الشبابي شأنه في ذلك شأن جميع العلاقات السياسية والأجتماعية الارترية وزاد الأمر سوء ممارسات حكومة اسياس الغاشمة والغشيمة مما قد يؤدي الى مالا يحمد عقباه.
لذلك نرى:
١-جلوس جميع الأطراف في حوارات إعادة ثقة كما في مؤتمر أواسا.
٢-الصراحة التامة والوضوح، وأن يطرح كل طرف مخاوفه وشكوكه دون مواربة أو مجاملة على حساب الوطن.
٣-إشراك الطرفين في منظمات وحركات شعبية وشبابية مشتركة.
٤-المشاركة في نشاطات أجتماعية ورياضية لإعادة الثقة.
٥-صياغة بيانات وأوراق شعبية تسجل فيها المواقف العلنية من أحداث واشكاليات خلقتها حكومة اسياس من حيث المعتقد والارض والهوية.
ز-(عدم وجود هيئات واتحادات طلابية ارترية في دول المهجر).
لاشك بأن أجواء الخوف وعدم الثقة التي أشاعها نظام اسياس وزبانيته بين الطلاب والشبيبة عن طريق الجاسوسية والبعثات الأمنية في سفارات وجاليات الارتريين ادت الى تعثر عمل الاتحادات والمنظمات الطلابية وانفراط عقدها لانها أصبحت معطلة ولاتمارس دورها في الدفاع عن الطلاب والشبيبة وحماية مصالحهم ولم تعد منابر حرة ينطلق منها الشباب لممارسة دورهم في المجتمع وتنمية مهاراتهم السياسية والاجتماعية.
وسيكون من المفيد للحراك الشبابي القيام بالتالي:
١-انشاء كيانات واتحادات طلابية موازية ومتحدية لتلك التي يديرها شبيبة الهقدف.
٢-تأطير ودعم الطلاب الارتريين في المهجر (خصوصاً في اوربا استراليا امريكا ماليزيا الهند ومصر) على مستوى الجامعات والمرحلة الثانوية.
٣-إشراك الشبيبة في دورات تكوين قيادات ودورات تأهيل سياسية لصقل قدراتهم ورفع مستوى الوعي العام لديهم بقضية ارتريا، وسيشكل ذلك نوع من الموازنة ضد دعاية الهقدف التي يبثها بين الشبيبة في الداخل والخارج.
٤- إعطاء الطلاب والشبيبة مواقع قيادية في الحركات الشبابية.
٥-الوصول الى اكبر عدد ممكن من الشباب الارتري في شرق السودان ومخيمات الاجئين في اثيوبيا ودعمهم لأنشاء كيانات شبابية وطلابية.
أفاق الحراك الشبابي
أثبت احداث الربيع العربي عامة والحراك الشبابي الارتري منذ احداث العام الماضي بأن المستقبل هو مستقبل الشعوب وليس الحكومات. وبأن التغيير لم يعد يقتصر على الحركات التقليدية مثل الانقلابات العسكرية وأحزاب المعارضة والثورات المسلحة.
فالتطور الذي أحدثته وسائل الاتصال الحديثة وخصوصا الانترنت والسوشيال ميديا أعطت الشعوب القدرة على التأثير في مسار الاحداث بل وصناعتها.
فلا بد ان يعي الشباب الارتري بأنهم اصبحوا اليوم عنصر فاعل في عملية التغيير في ارتريا
وأنهم يمتلكون من الأدوات مالا تمتلكه الكيانات التقليدية مثل الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني
فالحراك الشبابي لديه عامل السرعة في مواكبة الاحداث وسرعة التجاوب معها لانه يمتلك المرونة في تركيبته بعكس الهيكلية الحزبية التي تفرض عليه نوع من البطئ وليس فيه تركيبة إدارية مثل مؤسسات المجتمع المدني.
والحراك الشبابي حر من التقيد بلوائح تنظيمية تفرض على النشطاء فيه الالتزام بها عند التعاطي مع المجتمع و وسائل الاعلام او الجهات الرسمية.
والاهم من ذلك هو عدم وجود عقيدة او مبادئ حزبية تقيد الشباب الفاعلين وتلزمهم بالتقيد بها فكل شاب حر في اتخاذ المواقف المناسبة لرؤيته الشخصية فالمهم هو الوصول الى الهدف المتمثل في ازالة الظلم .
والنشاط على المستوى الحراكي يؤمن للشباب خبرات في المجال السياسي من خلال الاحتكاك بالتغيرات اليومية وتعريض أفكارهم للمناقشات الجماعية وأكتساب معرفة واسعة بالساحة السياسية الارترية مما يؤهلهم في المستقبل لدخول المعترك السياسي الملتزم.
اذا لدى الحراك الشبابي أفاق مفتوحة يمكن العمل فيها بكل حرية لتحقيق أهدافه وكذلك تعطيه مساحات للأبداع والمشاركة في تحقيق رفع الغبن عن الانسان الارتري والاستمرار بعد ذلك لتحقيق لتحقيق دولة العدالة والقانون.
أخوكم
فؤاد محمود عامر
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=24474
أحدث النعليقات