الحكومة الارترية والخضوع لمطالب اللوبيات المسيحية
ياسين محمد علي
تناولت وسائل الإعلام الارترية في الأيام الماضية بأن السلطات الارترية سمحت في الحادي والعشرين من إبريل الجاري لأتباع الكنيسة الأرثوذكسية الارترية للمشاركة في عيد القيامة الذي يقام سنويا في شهر إبريل بمدينة القدس المحتلة ويطلق عليه أيضا عيد الفصح اليهودي.
و حسب المصدر فقد وصل عدد الأفراد الارتريين الذين يشاركون حاليا في هذه المناسبة حوالي (200)شخص ،ويترأس الوفد لأول مرة راعي الكنيسة الأرثوذكسية في إرتريا البطريرك الأب ديسكروس بالإضافة إلي أعضاء المجمع المقدس للكنيسة الارذوكسية في إرتريا،كما يشارك لأول مرة أعضاء من الجاليات الارترية التابعين للحزب الحاكم في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا في هذه المناسبة.
وقد استقبل الوفد في إسرائيل بترحيب كبير شارك فيه سفير دولة إرتريا في إسرائيل ديباس تسفاماريام ترستي وأعضاء من طاقم السفارة الارترية بتل أبيب.
كما سبق وأن أورد موقع شابيت الحكومي بأن الحكومة الارترية استضافت في الفترة مابين 28مارس حتى الأول من إبريل 2010م اجتماعات اللجنة التنفيذية لجمعية الكنائس بشرق أفريقيا ومنطقة البحيرات العظمي وحضر فيه ممثلون للكنائس من السودان ،يوغندا ،تنزانيا، روندا، كينيا، بورندي، وهذا يحدث لأول مرة،وقد حضر الجلسة الافتتاحية لتلك الاجتماعات التي أقيمت في فندق بلاس إنتيركونتال سابقا ممثلون للحكومة الارترية ، وقدمت في الجلسة الافتتاحية العديد من الكلمات التي أكدت بأن أتباع الديانات المسيحية والإسلامية في إرتريا يعيشون في سلام واحترام متبادل وأصبحوا نموذجا يحتذي بهم من قبل الدول الأخرى و استمرت الاجتماعات يومين وبعد ذلك قام الوفد الكنسي بزيارات موسعة شملت العديد من المدن الارترية حيث تم تفقد الكنائس الموجودة في إرتريا فضلا عن الأماكن المقدسة عند المسحيين في مختلف المناطق الارترية مثل منطقة (ماريام دعاري) بمدينة كرن ومناطق أخري في مدينة مندفرا ومصوع وغيرها ، كما تولت إرتريا في ختام الاجتماعات منصب نائب رئيس الجمعية التي يترأسها القس فريد نايبرا من الكونجو.
كما جاءت هذه التطورات بعد زيارة هامة قام بها وفد من الكنائس الارترية لإيطاليا في الفترة الماضية وأجري الوفد العديد من اللقاءات مع أعضاء من التضامن المسيحي العالمي والفاتيكان وركزت جلها في الاتهامات الموجهة للحكومة الارترية باضطهاد المسيحيين والتدخل في الشئون الداخلية للكنائس ،وبذل الوفد الارتري الذي يعتبر أفراده من رجالات النظام في داخل الكنيسة جهدا كبيرا لإقناع المعنيين بأنه لا صحة لما يقال من انتهاكات ضدهم وإنهم يمثلون المسيحيين في إرتريا ويمارسون حقوقهم بكل حرية كما ورد في موقع التضامن المسيحي العالمي وفي ظل هذه التطورات يمكن أن نقول مايلي:-
(1) أن هذه الخطوة تأتي في إطار خطوات عديدة سرية تحاول الحكومة الارترية من خلالها إرضاء الغرب المسيحي والتصالح معه بعد حملة الانتقادات الواسعة التي تعرض لها النظام ، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الدعاية التي تقوم بها أجهزة النظام الإعلامية الموجهة في الأساس إلي الخارج لإيحاء أن الحكومة الارترية لا تنتهك حرية المعتقدات الدينية وخاصة المسيحية ،وأن هذه التحركات تأتي بعد الضغط الكبير الذي تعرض له النظام الارتري وأنصاره في الغرب من اللوبيات المسيحية التي تتضامن مع الحرية الدينية للمسيحيين وقد أتضح ذلك من خلال عشرات التقارير والمقالات التي تنشرها تلك المجموعات.
(2) لا يمكن لهذه المغازلات التي يقوم بها النظام الارتري للغرب عبر التنسيق والتصالح مع اللوبيات اليهودية والمسيحية أن تغير من الواقع شيئا لأن الحكومة الارترية مازالت تواصل عمليات القمع الديني الذي بدأته منذ مطلع 2000م ضد المجموعات الدينية الإصلاحية المسيحية كما أن النظام لم يطلق سراح أي من المعتقلين من هذه المجموعات منذ بداية حملة الاعتقالات قبل عشر سنوات .
(3) أما السماح للذهاب الي إسرائيل يبدوا أن هذه المواقف المرنة تأتي في إطار تحسين وتعزيز العلاقات والروابط مع إسرائيل التي توترت العلاقة معها قبل أعوام عندما رفضت طلبا إرتريا بتسليمها للمهاجرين الارتريين في إسرائيل،مما جعل الجانب الارتري يبدي أسفه من رفض الحليف الاستراتيجي لطلبه مقابل موافقة أنظمة عربية أخري مثل ليبيا ومصر والتي العلاقة معها بالنسبة للحكومة الجبهة الشعبية هي مجرد علاقة مصلحيه انتهازية لا تجد نفس الاهتمام والأولويات التي يعطيها النظام الارتري لعلاقته مع إسرائيل .
(4) ومن المؤكد أنه وفي ظل التغييرات الكبيرة التي حصلت في المنطقة ومازالت مستمرة والتي مما لاشك فيه ستجعل النظام الارتري يفقد أهم حلفائه في المنطقة من الأنظمة الدكتاتورية الذي تشبهه في كل شيئ ،فضلا عن العزلة الدولية الواسعة التي يعيشها النظام الارتري بسبب ممارساته الخاطئة ودعمه للجماعات الإرهابية في منطقة القرن الإفريقي وسجله السيئ للغاية في مجال حقوق الإنسان والحريات الدينية وحرية التعبير، كل ذلك لم يبقي لأفورقي ومجموعته إلا اللجوء إلي الحضن الإسرائيلي الذي يعرفونه جيدا لأنهم يعتبرونه صمام الأمان الوحيد لهم للاستمرارية نظام حكمهم في إرتريا .
(5) إن الذي وقع خلال العشرون سنة الماضية في حق المسلمين في إرتريا من مظالم في الحقوق الأساسية وانتهاكات للحريات واعتقالات وإعدامات في داخل المعتقلات أكثر بكثير من الذي وقع علي شركائنا في الوطن ، لكن يبدوا أن أفورقي بدأ يشعر بالأخطاء الذي ارتكبها ضد الإصلاحيين من المسيحيين ولهذا علي الأقل في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها يحاول أن يظهر للخارج انه ليس ضد حرية المعتقدات الدينية من خلال الأعمال التي يقوما بها ،ولكن يبدوا أنه لم يحن الوقت بعض لكي يلتفت أفورقي للجرائم التي ارتكبها ضد المسلمين في إرتريا ،وهنا لابد من بذل كافة الجهود في مختلف المجالات الحقوقية والإعلامية والسياسية للضغط علي هذا النظام الدكتاتوري القمعي حتى نصل إلي بينة حول المصير المجهول للآلاف من المعتقلين من أبناء المسلمين في إرتريا.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=13198
أحدث النعليقات