” الخيمة الملعونة ” عندما يكون الرحيل حتمياً
قصة قصيرة
بقلم : علي هلال عجيز
تألمتْ الجبالُ السبعُ المحيطةَ بمدينة ” تبيجيا ” من أصوات الموسيقي الماجنة المنبعثة من تلك الخيمة في أطراف المدينة ، صاحبت القهقهات قرع كؤوس الخمر ، وقع أقدام النساء الراقصات .
إستفاقت شمس الصباح في حنق وغيظ ، إشتد حرها منذ أستنشق النهار أنفاسه ، لسان حال الطبيعة في تلك المنطقة كان اللعن في عبيد الخيمة ، لقد حبي الخالق مدينتهم بكل ما هو جميل ؛ شؤاطئ المدينة ساحرة و نخيلها كعملاق من أرض كنعان ، تربة الأرض خصبة كرحم أنثي الأرنب و زروعها طيبة كقلب متعبد في محرابه ، جداول الماء العذبة كأنها نجوم في السماء ، جبال ” تبيجيا ” تصد عنها غزوات القبائل الهمجية ، كيف لبلدة طيبة أن تبتلي بمثل هؤلاء ، ألا يسبحون ! ألا يشكرون ! أليس فيهم رجل رشيد !؟ .
واسعة كساحة حرب ، مضاءة بسبعة أقمار ، رداؤها الحرير ، فيها سرر يشتهيها الأكاسرة ، وموائد الفاكهة تحمل ما لذ و طاب ، الخمر قد شق لنفسه مجري بين طيات عقول الزائرين و المقيمين ، تم إختيار نسوة الخيمة بعناية فائقة ليسرقن ألباب و أفئدة الرواد ، لم تكن الطبيعة من حول ” تبيجيا ” تعلم أن قليل من أهل المدينة هم من منعوا أنفسهم من دخول تلك الخيمة العفنة ، معظم أهل المدينة كان يحج إليها كل ليلة سرا و جهرا ، كيف لا و كل ما تشتهيه النفس من ملذات كان متاح و مباح في الخيمة .
تمتم أحد المخمورين في أذن صاحبه ساخرا من وجود شاب ماجن بين ارجل النساء ، مندهشا من كونه فاسقا و والده رجل صالح ، يدعو الناس ليل نهار إلي ترك الذنوب و إتباع طريق الحق ،وصل إلي أسماع الشاب بواسطة فتاة تعمل بالداخل ما قاله الرفيقان في زاوية من الخيمة ، لم يقو علي الذهاب إليهم او حتى الدخول في مشاكسة معهم ، الخمر جعلت منه شبه حي و النساء إمتصصن قوته و الغناء قد ذهب بصوته أدراج الرياح ، رغم صلاح والده فقد عاقر حياة الماجنين رافضا إتباع نهج والدة و إتهم والده بالجنون .
وسط المدينة العابثة الواعية ، الفاسقة المستقيمة ، جلس الرجل الصالح يدعو المارة إلي ترك عبادة الشهوات ، حذر الجميع من غضب خالقهم ، سخر البعض منه ، تبادلوا الطرائف حول ملبسه ، أهانه صغار العقول ، سألوه عن ولده العاصي وهم يضحكون ، لم يستطع أنصار الرجل الضعفاء أن يحموه من ألسنة القوم قبل أيديهم ، جلس يبكى علي حال الناس و إبنه بعدما إنصرف عنه سفهاء القوم ، ساعده أنصاره في الدعاء لهم بالهداية ، إبتهلوا إلي ربهم و تضرعوا لينقذهم مما يلاقونه ، حتى جاء رجل من أقصي المدينة و أخبره بأن ابنه قد عاد إلي البيت . انصرف الرجل الصالح إلي بيته كى يستميل قلب الفتي .
مرت الساعات ببطء و كاد القلب أن يموت حزنا و جف اللسان من الرجل الصالح و الفتى متكبر ومتجبر ، لم ينتبه إلي كلام والده ، أصر علي عناده و أخبر والده أنه سيحمي نفسه اذا ما نزل بالمدينة عذاب .
حينما تأكد الرجل من إستحالة إصلاح ولده ولا معظم أهل المدينة ، أخبر أنصاره بأنه سيرتحل بهم في اليوم التالي إلي مكان آخر ليس فيه مثل هذة الأبناء ، الناس ، و الخيمة الملعونة .
” يتبع الجزء الثاني من القصة “
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=36182
شكرا جزيلا يا صاحب القلم الرشيق علي نشركم قصتى المتواضعة