الذكرى ال44 لانطلاقة الفاتح من سبتمبر البندقية كخيار لاحداث التغير
وذي سبتمبر يشهد حين استصرخ عواتى كيف رفاقه نفروا
حيا على الكفاح أتت جموع لها في النضال أبهى الصور’
عبده فايد هتاف البنادق كان أول من دفنوا
هذا أبو شنب ، أبو رجيلة وذا عمر’
حملو السلاح علمونا كيف نحيا..
كيف نصنع من شعبنا بطل’
علمونا كيف نمضي..
كيف نرمي بالحزن وعصائب الوهن والضجر’
هم أوائلنا وقبلهم كبيري وسلطان بهم الشعب يفتخروا (1)
في الفاتح من سبتمبر عام 1961م انطلقت الرصاصة الأولى في جبال ساوا مؤذنة بذلك انطلاقة الكفاح المسلح بقيادة الشهيد البطل حامد ادريس عواتى وثلاثة عشر من رفاقه آمنوا بربهم وبعدالة قضيتهم ، ولم يكن سلاحهم الا الايمان اذ لم يكن لديهم سلاح يذكر سوى بندقية واحدة انجليزية الصنع تعرف بأم عشرة وتسعة بنادق ايطالية الصنع عتيقة تنقصها الذخائر التي كانو يحشون الظروف الفارغة التي يعثرون عليها بالبارود بأنفسهم. وما أكثر ما كانت تستعصي الرصاصة داخل المأسورة بينما الشيخ العجوز كبوب حجاج الذي فقد أحدى عينيه في الحروب ضد عصابات أثيوبيا عام 1948م يحاول بمهارة معالجة وتصليح ما يستعصي من البنادق العتيقة(2).
هكذا انطلقت الصيحة العاتية ليتردد صداها في كل غابات ارتريا ووديانها وجبالها وليرتعب العدو من اسم عواتى وصحبه الشجعان ويحاول مطاردتهم بواسطة قوة خاصة جندت لهذا الغرض ، قوامها 700 جندي أطلق عليها ( قوات الميدان لمقاومة الخارجين عن القانون) بعد ان دربها خبراء اسرائيليون في ” كلية دقمحرى ” تدريبا خاصة ، وارتكبت هذه القوات أفظع الجرائم في محاولة يائسة منها لتطويق الثورة ، ولكن الجماهير التفت حول قائدها وأصبح الشباب يتدفق الى الميدان من داخل ارتريا وخارجها، ففي عامها الأول ، الثورة لم تخسر سوى سبعة مناضلين واسر أثنين مات أحدهما في الأسر بالسجن من جراء التعذيب ، وتم شنق الآخر في مسقط رأسه مدينة بارنتو الصامدة، هكذا انطلقت النواة الأولى للثورة لتعلن ميلاد شعب جبار من خلال تضحيات جسام ولتتوارث تلك الجذوة الآف أخرى من الشباب ولتمضي في نفس الدرب حتى ارتفعت الراية خفاقة في ارض الوطن المحرر.
تأتي الذكرى الـ44 لانطلاقة الفاتح من سبتمبر والبندقية المقاتلة من أجل التغيير تحاكم للمرة الثانية وتوضع في قفص الاتهام التي دخلته أول مرة عندما اطلق على الحفنة من الرجال الصامدين الذين اعتلو جبال ساوا عبارة ” الشفتا ” حتى يتم تجريدهم من انبل المعاني الثورية _ الثوار _نعم الثوار كالانبياء والثورة كالنبوة حاملي جذوة التغيير والساعين الى غد أفضل ووطن أسمى ، اطلق عليهم الشفتا والهمج والقتلة. واليوم نرى المجاميع ذات الأقنعة المتعددة والشخصيات الانفصامية تحاول وبانتهازية مكشوفة استعارة عبارة من قاموس العولمة والحرب على الارهاب، باطلاق تهم الارهاب على البنادق المقاتلة، وعلى التنظيمات المعارضة التي تمثلها، غاضة الطرف على الارهاب اليومي الذي يعيشه شعبنا. فكلنا تابعنا حجم الهجوم الذي انطلق من موقع الانترنيت المسمى بـ ” مسكرم” افكا وبهتانا، ” فمسكرم ” هو اسم الخيار العسكري لضرب القوة الطاغية وليس طبلا للقاتل والجزار. وما بال صاحب الموقع يمشي على الحبال مثل البهلوان فتارة معارض مع “التيار” ، وتارة أخرى بوقا “للقمبار”- انها الأقنعة بكل معناها التأريخي العميق من عصر الكماندوس الى يومنا هذا. ألم نرى كيف أطلق أحدهم في موقع الحكومة ان الكماندوس يعتبرون مقاتلين ارترييين أشداء شجعان، بينما هو يتهم بطل من أبطالنا الشهيد عمر ازاز بالغبى وصحبه الغر الميامين الذين مثل باجسادهم في سوق مدينة كرن بعد معركة حلحل الشهيرة يسميهم بالعفويين( أقرأ رد ود قاضى عليه في صفحة عواتى ).
الضجة التي نتحدث عنها بدأت ببيان المدعو ” مسفن حقوص” يستنكر فيها عملية عسكرية قامت بها قوات حركة الاصلاح. مفردات هذا البيان دغدت مشاعر السلطان وتفوقت في تأثيرها عليه لغة الايروتيك والمدح الحمداني. فالعملية العسكرية راح ضحيتها أربعة من جنود النظام ومن ساعتها قامت الدنيا ولم تقعد. فنحن في الوقتت الذي لا ندعو فيه للقتل المجاني الغير مميز بين ما هو هدف عسكري وآخر مدني – اى عربات المواصلات اهداف غير عسكرية وحفلات الزواج ايضا أهداف مدنية – ، الا اننا نرى من حق المنظمة صاحبة الشأن ان تحدد وسائلها في المقاومة وهي في ذلك لا تحتاج شرعية الوصاية التي يمارسها حقوص وشلته ، ولا تطلب شهادة سير حسن وسلوك لاثبات وطنيتها.
ان نفور الجماعات ذات التجربة ” الشعوبية” من برامج التنظيمات الاسلاموية له ما يبرره وان سعيهم المحموم وتطاولهم الى تغيير مفاهيم التحالف وصياغة ميثاقه من جديد انما يستهدف هذه الحركات، ولكن بعض هذه الحركات منذ انضوائها تحت لواء التحالف قامت بعملية فكفكة طوعية لبرامجها وتتغيير مسماياتها بل ذهب البعض منها الى افتتاح مؤتمراتها بواسطة قساوسة في رسالة واضحة الى القوى المسيحية بما فيها النظام ان هذه الحركات غير موجهة ضد المسيحيين في ارتريا، هذا بالاضافة الى التزامها المعلن بمبدأ تداول السلطة، والتعدد الحزبي وتعدد الممارسة السيااسية وكفالة الحريات بما فيها حرية الاعتقاد، وهو أمر يحسب لصالح هذه الاحزاب ويدل على وعيها وادراكها بقواعد اللعبة الديمقراطية من جانب وبظروف الواقع السياسي الارتري من جانب آخر. ولكن هذا الالتزام الأدبي والمبدئي لا تراه المجموعة الانفصامية وما تراه فقط هو اسلاموية هذه الحركات.
لقد استبشر الناس خيرا عندما بدأت بعض فلول النظام بالهرب الى خارج البلاد نتيجة لاختلاف الذئاب حول حصتهم من اللحم لا لشئ آخر، ورغم ان الشعبية خرجت عن برامجها المقررة في المؤتمر الأول والثاني منذ زمن غير قصير ، فيما يخص بشكل الدولة ودور الجماهير ، فلم نسمع صوتا لهؤلاء ينادي بالاصلاح من قبل. سيق الناس الى السجون والى المقاصل وما رأينا منهم حتى احتجاج واحد، هل يختلف هؤلاء في التجربة مع النظام أى تجربة الجبهة الشعبية؟ لأ. أنهم يختلفون مع السلطان لأنه خرق قانون لعبة الكراسي فهم شاخو قبل وصولهم الى المقعد الوثير! اذا كان عندنا هذا العدد الكبير من المناضلين بالداخل لماذا مات الناس بعشرات الألآف اذا كان عندنا كل هذا العدد من المدافعين عن حقوق الانسان لماذا هدمت البيوت على رؤس اصحابها ونزع الاطفال من أحضان امهاتهم؟ واذا كان عندنا كل هذا العدد من المؤمنيين بفقرات البرامج التي يتشدقون بها الآن فلماذا اجبر الناس على التعلم بلغة الأم والحبوبة ولماذا نزعت الأرض من اصحابها الحقيقيين تحت حجج المواطنة الزائفة؟
هذه بضاعة مستهلكة من قبل منظماتها القديمة السرية منها والعلنية، والآن يتم تلميعها، فهي لاتصلح لهذا الواقع التي عبرت اليه قنطرة مهترئة لسبب رئسي لا غير وهو انها ظلت جزء لايتجزاء من الواقع على الجانب الآخر من القنطرة. واقع ظل مرفوضا منذ ميلاده وظلوا مدافعين عنه نابا على ظفر وفي سبيله أرتكبوا أفظع الجرائم ولو وصلوا الى سدة الحكم لا سمح الله فانها سوف تعود الى عادتها القديمة فالدكتاتورية والطائفية منظومة سيكلوجية تلازم ضحاياها في السلوك والمظهر وفي نوعية التفكير، وكيف لا ونحن نرى تشكيلاتها الجديدة والبرامج التي في جعبنها لا تختلف عن تشكيللات واقع 1969م ومؤتمرات أدوبحا ،عواتى وبرامجها خليط من برامج سدوحيلا ونحن وأهدافنا. في هذه البرامج هنالك ضبابية متعمدة فيما يخص اللغات والأرض كما خلت برامجهم من ذكر محاكمة هؤلاء الذين أرتكبو جرائم بحق الشعب الارتري من قتل وسجن وتعذيب وسرقت ممتلكات..الخ وهذه جرائم لايتسامح فيها سوى اناس هم أنفسهم اياديهم ملطخة بدماء الابرياء ” صحيفة سوابق غير نظيفة” والا فماذا نقول عن هذه الضجة الغوغاء هل قتل النظام يمكن تبريره أو السكوت عليه؟ أو لا يمكن معرفته بصورة علنية لأن الضحية ساعة القتل قد تكون في ظلام ليلي أو قبو منزل نائي ” كارشيلي” أو حقل بلا شهود أو جزيرة نائية ” ناخرة” “دهلك” ، وعندما يقضي الجلاد من الضحية وريدا ينزف يتنكر لها. حتى الذين يعرفون اما صامتون بغرض أو خوف ، أوالكلام حول ضحايا النظام يصبح قيل وقال!
يدعي “حقوص” ان العملية العسكرية تعتبر خروج على ميثاق التحالف ، وعلى التحالف طرد هؤلاء الناس وادانة العملية؟ نحن نفهم ان التحالف الغرض منه تفعيل المعارضة تحت مظلة يجمع اعضائها اتفاق حد أدنى أى خلق معارضة فاعلة لها أطرها القادرة سياسية كانت أم عسكرية ووسائلها الدالة، وبالجملة خطاب يجسد مستوى النضج ومقدار الشراكة بين منظماتها وفضاء الممارسة المتسع لوسائل المقاومة أيا كانت هذه الوسائل. فاذا كانت البندقية غير مدرجة كخيار شرعي لتغيير النظام فاننا ندعو وبشدة ان تكون الوسيلة الرئيسية للتغيير وان تتبعها الوسائل السياسية والدبملوماسية، الا اذا كان سلاح التنظيمات المدفون في كل “كتاى” مدفون لغرض غير غرض التحرير. نحن نعلم ان الانتماءات في التحالف بنيت على اساس أحداث ومؤسسات تأريحية بقى الفرد فيها معلقا بها كوهم يقيد وعيه ويحجبه عن رؤية اى امكانية لبديل مفترض أكثر انسجاما مع الواقع تنظيما كان أم وسيلة. يمثل التحالف أرقى صورة نملكها الآن وتعطينا وعاءا جمعيا لا بأس به ، كما يظل التحالف الديمقراطي بمرونته وقابليته لامتصاص منهجيات متعددة تفترض تجاوز الخاص الى انفتاحه، يجب عليه في سعيه في معارضة الوضع القائم والدعوة الى تغييره ، وفي محاولاته في رسم أفق التحرر الجماعي لهذه الفئات أن لايغفل دور البندقية الحاسم في تغيير هذه الوضع الكريه وان لا يكون ذلك أمر يختلف عليه أعضاء التحالف , وان لا ينكره البعض اذا اختاره الآخرون.
لهذا على التحالف اصدار بيان موجه الى القوات المسلحة الارترية والبوليس الارتري وأجهزة الأمن الارترية شبيه بالبيان الذي وجهته جبهة التحرير الارترية عام 1962 الى عناصر البوليس والكماندوس الذين كان معظمهم من الارترييين ان لم نقل كلهم وقد استجاب لهذا البيان الكثيريين من الوطنيين الارتريين وكوكبة لامعة من شهدائنا تنتمي الى هذه الفئة التي استجابت لذالك النداء وعمليتي مركز بوليس هيكوته وشعب (1962) خير شاهد على ما نقول، ويجب ان يفهم عناصر النظام أن الوقوف معه هو جريمة بحق شعبنا، فالنظام الهالك لايمكنه ان يسجن أو يعذب أو يقتل ان لم تقوم هذه الاجهزة بدورها في ذلك. فقد انهارت الفواصل بين الطائفية والوطنية والقميص قد قد من دبر، ولا يملك أحد ان يزايد علينا بدروس الوطنية لأننا أكثر المتهمين أمام السلطة وأكثر الشهداء وأكثر المعتقلين والمنفييين ، ,اكثر الميتين بالسقطتة القلبية وبسم الفأر. وأن حقوص اذا أراد فعلا قبض الجمر الملتهب مع الآخريين الا يبدأ بالصراخ والعويل عند بدء الاحتراق. لأن الحق حق. أى حقنا. حق الضحية في اختيار وسيلة الدفاع عن نفسها وهذا الحق لا يمكن للبيانات الرنانة دفنه أو تأويله ، وما يحدث في ارتريا الآن أمر باطل’ لا تكفي محلبيات الدنيا كلها لتغيير رائحته ومذاقه المر على السنة المضطهدين. والوطنية التي يتمشدق بها هي وطنية فقدت صواب التمييز بين مبادئ اليكتاتور ومبادئ المقاومة، وطنية وانسانية زائفة تعلن ارتباطها كل يوم بالقاتل والدكتاتور وتظل قناعا يسقط عند أول اختبار. كيف يميز هؤلاء بين قتل وقتل؟ خاصة صمتهم عند تساقط القتلى في الجانب الآخر، ولماذا لا يثير سقوط القتلى في دسيت وصنعفى ودنقلو وعد كوكوى وعد أبيتو حفيطة هؤلاء في الكتابة والعويل واستصدار البيانات.
في السابق قالو ” اتركو لنا الوطن وخذو المنفى ” فأنتم بامكانكم العيش في السودان. والآن يريدون أخذ الوطن والمنفي معا! ألم يكن هؤلاء الذين اشتبكنا معهم بلا هوادة منذ عشرات السنين، وفي كل سانحة كانوا يحاولون أخراج صورة لنا هي صورتهم ونشرها على حبل غسيل قذر ونسبها للآخرين، بعد كل هذا تتكفل اللغة الانتهازية لصاحب موقع “مسكرم” و “حقوص” في صياغة اسباب هشة وكاذبة للاختلاف، ألم يحن الأوان لطرد هؤلاء من ما تبقى من منابر شريفة لكى لا تظل اصواتهم تجعر فوق اصواتنا عند كل قضية أو فكرة أو دعوة وطنية.
عاشت الذكرى الـ 44 للفاتح من سبتمبر.
والمجد والخلود لشهدائنا الاشاوس.
فرجت.
(1) قصيدة الشاعر محم الحسن فونجاى “سبتمبر النهج والفكرة.
(2) كتاب كفاح ارتريا – اصدار جبهة التحرير الارترية
ومجلة الثورة الارترية
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5636
أحدث النعليقات