الرابطة وموضوعات أخرى(ملاحظات متبادلة)

أبوبكر الجيلاني ( كاتب إرتري مهتم بقضايا التعليم الإرترية)

السلام عليكم . هذه (8) موضوعات متنوعة عن قضايا إرترية جمعتها خلال الشهر المنصرم ورأيتُ أن أشرك فيها القراء.

ملاحظة بعد ملاحظة

1- فالنقل خيرًا أو لنصمت

شكراً للأخ علي عافه إدريس لرده على مقالة الدكتور عبد الله جمع ادريس الأولى عن رابطة أبناء المنخفضات. وتعقيباً لذلك الرد وغيره من ردود الذين يدافعون عن فكرة الرابطة أود أن أدلو بدلوي مرة أخرى وأحاول أن أطمئن من يتخوف من الفكرة تلميحاً أو تصريحاً والمتشككين إلا الرافضين بلا دراية. أولا من المفيد متابعة ما يكتب عن الرابطة لأن إثراء الفكرة وتناولها من زوايا متعددة وبقراءات مختلفة سيرسخها في أدبيات المعارضة الإرترية كمنظمة مدنية. الخطر كل الخطر يكمن في رفضها لمجرد الاسم من بعيد أو بعد دردشات سطحية في مقهى ما دون قراءة وثائقها يعمق وقديماً قيل الإنسان عدو ما يجهل.

قرأت ما كتبه الدكتور عبد الله جمع إدريس وملاحظاته عن الرابطة مؤخرًا. كلامه عن حق حرية التعبير للجميع أمر يشكر عليه. وبما إن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية أيضاً له حق الاختلاف مع مؤيدي فكرة الرابطة ولكن ليس له حق تخويفهم جزافاً كأن يزج في مقاله الأول ما آل إليه مصير مسلمي إفريقيا الوسطى أو شعب دارفور جراء صراعهم من أجل حقوقهم وهذه قضايا مختلفة جدّا عن الموضوع مدار البحث كما لا يحق له تشبيه منظمة مدنية بتنظيمات إرهابية عالمية أو تشبيه مؤسسوها ومناصروها بشخصيات افتراضية وهلامية وهم الذين شاهدهم العالم أثناء مؤتمرهم بلندن.

من المعلوم إن هذا الحراك المدني إنما ظهر بعد اليأس من التنظيمات السياسية المعارضة التي تأسست بعد تحرير إرتريا وبعد التأكد من ضعف فاعليتها أو لوجود ضبابية في أهداف بعضها لا تنسجم ومطالب أهل المنخفضات الإرترية الوطنية ( الثقافية والتربوية على وجه الخصوص) .

الرابطة قامت من أجل الضغط على التنظيمات والأحزاب القائمة ودعم من يمثل مصالح الإقليم ضمن القضية الوطنية وليس لتحل محل الأحزاب أو لتحويل النضال الوطني إلى صراع جهوي أو أثني . وهي محاولة لتأطير أفضل برؤية أوضح وهذا واضح في وثيقة التأسيس كما فهمته ولا يحتمل التأويل.

مقالة الدكتور عبد الله جمع لا تشكك في نوايا أصحاب الفكرة لكن استخدمت فيها مغالطات تاريخية من نوع مقارنات الأحزاب الإرترية السياسية القديمة بهذه الرابطة القادمة كمنظمة مدنية والتي ستعمل خارج إرتريا،ورغم كونه شخص مؤهل تجاهل الدكتور عبد الله الأسباب الجوهرية التي أدت إلى ما آلت إليه الأمور في إرتريا منذ ربطها بإثيوبيا في 1952 م وإلى الآن. وهذه الأسباب منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي. فأما الداخلي يعود إلى عدم احترام نخب من ( مسيحيي إرتريا الناطقين بالتجرنية) التباين الثقافي والتاريخي والجغرافي والديني والأثني في إرتريا ونكوصهم عن الالتزام باستحقاقات دستور عام 1952م ومواقفهم السرية والعلنية لضم إرتريا إلى إثيوبيا بالرغم عن الترتيبات الدولية التي كانت متمثلة في الإتحاد الفيدرالي مروراً بكل المراحل حتى اللحظة. وقيام رابطة أبناء المنخفضات كان الرد المتواضع لهذا الاستخفاف المزمن وإن جاء متأخرًا. كم سنة إضافية يا ترى يجب أن ينتظر أهل المنخفضات حتى تستجيب النخب المتنفذة في المرتفعات ويراجعوا ضمائرهم ويعترفوا بحقوق وخصوصيات شركاؤهم في الوطن ؟ سؤال موجه إلى المتشككين.

وأما الأسباب الخارجية أهمها يتلخص فيما قاله وزير خارجية أمريكا حينئذ – جون فوستر دالاس الذي صرّح بكل وضوح ما معناه إن مصالح العالم ( ويقصد طبعا أمريكا والعالم الغربي وإسرائيل ) حتّمت ربط إرتريا بإثيوبيا بالرغم عن إرادة أغلبية السكان.

أتأسى بقوله تعالى : تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم. من المفيد أن يكتب ذوي الكفاءة لإثراء القضايا المطروحة ولكن من المشين أن يُستخدم القلم لتبطين التخويف من المجهول والتشنيع وترويج اليأس والتثبيط من باب التحذير من عواقب وخيمة للتخلي عن الحق الظاهر المغتصب.

أما فيما يتعلق بالذين يزعمون بأن النظام الإرتري نظام دكتاتوري وليس طائفي شيفوني من أهل المرتفعات زعمهم داحض لأنهم إلى الآن لم يقروا علناً بأنهم يحترمون خصائص أهل المنخفضات ولكن فقط اختلفوا مع مجموعة حما سين في اقتسام التركة.

ثم إن من طبائع الدكتاتور أن يحافظ على سلطته وجبروته بالقوة المحضة ولا يوزع أراضي مواطنين لاجئين إلى مواطنين مقيمين من بني قومه ولا يعرقل عودة اللاجئين لإحلال بني قومه على أراضيهم. ولا يجبر مواطنين لترك ديارهم مكرهين وهجر لغتهم الثقافية لصالح لغة بني قومه ولا يمنع الفئة التي لا ينتمي إليها عن بناء دور عبادتها بحجة درء الفتن بينما يسمح للذين ينتمي إليهم لبناء دور عبادتهم في مناطق لم يسكنوها من قبل. الدكتاتور لا يمكنه التدخل في كل هذا إلا إذا لم يجد بطانة واسعة من بني قومه يؤازرونه ويساندونه وينفذون كل ما يأمرهم به مع علمهم بأن هذا يتم على حساب الآخرين من شركاؤهم في الوطن.

2 – تعددت الأسباب والقضية واحدة

البعض يحاول أن يعرف إلى الآن الأسباب التي أدت لظهور رابطة أبناء المنخفضات ، فمنهم من يعزيها إلى الاصطفاف الجهوي الذي ظهر في مؤتمر أواسا ومنهم من يحملها التجاذبات والمناكفات التي ظهرت في أعمال ما بعد المؤتمر وتدخل إثيوبيا الثقيل على أعمال المجلس وما صاحبه من تدهور في الأداء وبعض الأمور الخاصة بالأولويات وخارطة الطريق المقترحة والاتفاق المسبق على قضايا مثل إعادة الحقوق كالأراضي المنهوبة والتعويض على الممتلكات المصادرة بعد رحيل الديكتاتور الشوفيني طبعاً. تعددت الأسباب والقضية واحدة.

في ظني إن فكرة الثنائية كانت هي الأصل في إرتريا حتى قبل ظهور الاستعمار الغربي على المسرح الإرتري . وكل الترتيبات سواها تشويه للأصل ومحاولات لإطالة أمد المعاناة فقط.

إن فكرة الرابطة تدعم أيضاُ الحقوق الدينية والثقافية للإخوة المسلمين في مرتفعات إرتريا وحقوق كافة سكان إرتريا بالتساوي ولذلك أرجوا أن لا ينجرفوا خلف المرجفين والخائفين من اسمها المعلن وسوف تتضح الصورة عندما تمارس الرابطة عملها كجماعات ضغط وتدعم القضايا الوطنية من أجل الجميع.

3- قوة الرابطة

في إحدى ليالي رمضان المبارك وفي اجتماع جماهيري قال أحد الحضور من الوجوه التي جمعنا الله بها، ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة – هذه عبارة مؤثرة ومتواترة في معظم الاجتماعات الحماسية – وهي عبارة صحيحة وما يطلقها إلا من يشعر بمرارة عميقة وخذلان. وما يتبادر إلى الذهن عند سماع هذه العبارة هو قوة السلاح.

إن قوة السلاح ما هي إلا جزء بسيط وأخير من القوة المطلوبة لتحقيق الأهداف أي كان الهدف. هناك سلسلة من أسباب القوة أهم وأمضى للمنظمات السلمية. فما هي هذه القوة المرجوة الآن لرابطة أبناء المنخفضات لتحقيق أهدافها تحت شعار “نحن وشركاؤنا سنبني وطننا ونسترد حقوقنا المشروعة” :

إن قوة وضوح الرؤية يجب أن تسبق أولا كل أسباب القوة ثم تليها قوة التصميم على الانتصار والانتصار على النفس الأمارة بالسوء والصمود على الحق ثم تتوالى أنواع أخرى من القوة. هناك قوة البحث والدراسة وقوة التنظيم والتخطيط وقوة الانضباط وقوة البذل والعطاء والتضحية وقوة المثابرة والتفاني وقوة العمل الجماعي الدءوب وقوة التكتل من أجل الوطن وقوة الثقة بالنفس.

وفي اللمجال المؤسسي لدينا قوة الإعلام وبرامج التوعية والتعبئة ثم تأتي في المقدمة قوة المال والقدرة على توظيفه لتحقيق الأهداف. وأيّ كيان يمتلك ناصية القوة المالية بإمكانه أن يحقق أهدافه بأقل الخسائر. والقوة الحقيقية لرابطة أبناء المنخفضات هم القاعدة العريضة من المواطنين الذين تمثلهم الرابطة كجماعات ضغط مدنيين هم الذين يحققون أهدافها من خلال بذلهم المال والجهد والاصطفاف خلف مطالبها وهم القوة الحقيقية.

عندما نقول قوة المقصود مجازا هو أسباب القوة.

4- الإعلام الفضائي للرابطة

الكل يعلم ما للإعلام من قوة جبارة في هذا العصر لذلك أدعو جماهير الرابطة أن يعدو العدة من الآن ويعملوا جاهدين للمطالبة بتأسيس فضائية أو استئجار ساعات من فضائية قائمة والمساهمة في تكاليفها لأن الإعلام الفضائي أصبح أقوى من أي نوع آخر من الإعلام. إذا تيسر الأمر وقامت هذه الفضائية سيعلم العالم الوجه الحقيقي لإرتريا وستعلم شعوب المنطقة كم هم غائبون عما يدور في خاصرتهم الجنوبية ( وما يكابده أشقاؤهم في إرتريا ) وسيعلم ابناؤنا الذين تربو في المهاجر كم هي بلدهم عريقة وجميلة وغنية بتاريخها ومظلومة من أهلها ومن الذين جنوا عليها جراء الأثرة والاستحواذ.

وستتضح صورة رابطة أبناء المنخفضات ومهامها الوطني لإنقاذ الوطن من التفكك وصيانة وحدته واستقراره وستكون أهداف الرابطة واضحة للجميع.

5 – المهام الاجتماعي للرابطة

أغلبية الشعب الإرتري المسلم في الداخل لا يميز بين الثوابت والمتغيرات وبين الاستراتيجي والتكتيكي وبين الحزبي والوطني ولكن يعلم إن عدم تعليم أبناؤهم باللغة العربية كلغة تعليم يمثل كارثة لا بعدها كارثة بالنسبة لهم. ويكفي الرابطة شرفاً أنْ تنشأ في المستقبل قسماً يهتم بالتعليم والتعبئة في مناطق اللاجئين وأن تدعم الجمعيات المهتمة بتعليم أبناء اللاجئين وأبناء الشهداء وتناضل من أجل إعادة الحقوق الثقافية والتعليمية المغتصبة والمتمثلة بإعادة التعليم باللغة العربية كلغة منهج في كافة مدارس المنخفضات الإرترية الغربية والشرقية والشمالية كما كان من قبل ومكافحة عسكرت التعليم بشتى الوسائل في الداخل. انتهى موضوعات الرابطة.

تصويب

6- الملتقي الثقافي العربي الإرتري؟

عندما نقرأ “عبارة الملتقى الثقافي العربي الإرتري ” قد يتبادر إلى الذهن بأن هذا كيان يلتقي من خلاله الإرتريين بالعرب وبالعروبة كمواطني دولة غير عربية والحقيقة التي نسعى لإعادة إثباتها للعالم هي إن إرتريا دولة عربية بحرًا وبرَا وشجرًا وحجرًا وبشرًاً رضيَ من رضِي وأبى من أبى والمشية لله وحده في الأولى والآخرة وما تعانيه إرتريا وشعبها حالياً إنما هي حالة طارئة ستزول يوما ماً بإذن الله.

إذا كانت إرتريا جزء من العالم العربي كما نعتقد فكيف يلتقي الجزء بالكل وهم في جسم واحد. أرجوا من القائمين على هذا الكيان توضيح القصد من العبارة وتنويرنا بأهداف ووسائل ومقر ومسئولي هذا الكيان للتواصل معهم.

على سبيل المثال المنتدى الثقافي الإرتري ومقره لندن هو منبر ثقافي مستقل يعنى بشئون

الوطن الإرتري وهمومه الثقافية والسياسية والاجتماعية ويعتمد مبدأ الحوار الهادف والهادئ في تقريب وجهات النظر المتباينة والوصول إلى رؤى مشتركة تسهم في تحقيق استقرار البلد وله أهداف ووسائل.

استخفاف بالعقول

7- إن كنتَ لا تعلم فالمصيبة أعظم

أتمثل قول الشاعر وأقول إن كنت تعلم فهذه مصيبة وإن كنت لا تعلمُ فالمصيبة أعظم.

صادف أن سمعت عبر الفضائية الإرترية قبل فترة محاضرة لأحد أمراء القتل والتشريد في النظام الإرتري – مخاطباً حفلا (بالتجرنية طبعاً ) بإحدى الدول الأوروبية أظنها إيطاليا “

قال ما معناه إن هدفهم ( أي هدف الهقدف ) هو بناء دولة غنية وقوية مهابة الجانب تحترم حقوق شعبها وتعمل لرقيهم ورخائهم وتقيم علاقات طيبة مع دول الجوار وعلاقات دولية واسعة ومعاهدات من أجل السلم الدولي. رد الجمهور بتصفيق مدوي….؟

لا شك أغلب الحضور يعلم ما يجري في إرتريا منذ ثلاثة وعشرين عاماً حتى اللحظة وعما إذا كان هناك علامات بناء دولة أم علامات هدم دولة ولكن ما الذي حمل ذلك الشخص ليقول ما قاله ؟ أهي ثقافة الاستخفاف بالعقول ؟ أم إن الأمر ليس فيه استخفاف بالعقول بل إن عقول معظم الحضور ربما موحدة ومتفقة على ما يجري في إرتريا ؟ أم هذه أيضاً جانب من فشل أحزاب معارضة المنفى الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى هؤلاء المواطنين خلال 23 عاما وتمليكهم حقيقة وواقع بلادهم ؟ هل معقول هناك من لا يعلم حتى اليوم ما يجري في إرتريا ؟ وإلى متى يا ترى سيصفق بعضهم كلما أتاهم آت من النظام ؟ مجرد أسئلة.

8- ديمقراطية روما القديمة

أحد الأشخاص من الجنسيات الأوروبية في نفس الحفل المذكور أعلاه قال في كلمته مدغدغاً مشاعر الحضور إن مصير الإرتريين لا يحدد في واشنطن أو في لندن أو في باريس ولكن في أسمرا – تصفيق –00 هذا أيضاً حق أريد به باطل ، والسؤال الذي سأوجهه إلى ذلك الشخص ( لو قابلته يوماً ما) هل كان سيقبل لو مصير شعبه وأهله يحدد بالطريقة التي يحدد بها مصير شعب إرتريا في أسمرا ؟ ليس لي علم بالحزب أو الكنيسة التي ينتمي إليها ذلك الشخص الأوروبي ولكنه بالتأكيد من أنصار ديمقراطية روما القديمة البائدة التي كانت تطبق الديمقراطية والحرية لأهل روما البيض فقط وتنفذ أبشع أنواع الاستعباد والإذلال للأجناس الأخرى التي كانت تعيش معهم والشعوب الأخرى التي سيطروا عليها.

ثم إن كلمة ذلك الشخص دليل أخر يقودنا لنعلم ونحذر من أن هناك من غير الإرتريين من يؤيد ما يجري في إرتريا لأسباب تتعلق ببرامجهم الخاصة وبنظرياتهم السرية المشوهة عن الأجناس الأخرى بغض النظر عما يقال في العلن ودون.

هل لاّ ترى أخي القارئ إن ديمقراطيات الغرب كلها بنات وحفيدات ديمقراطية روما القديمة وتمارس شكل من أشكال ديمقراطية روما القديمة على الناس الذين ليس من جلدتهم أو الذين لا يعيشون في ذات الدول ولا ينتمون إليها ؟ ثم هنالك مآرب أخرى انكشفت للعالم منذ فترة غير وجيزة.

“لقد كشف المنصر العالمي السابق أشوك كولن يانق المخطط الكنسي لتنصير المسلمين ، وهو مخطط مدعوم من قبل الحكومات الغربية0 وقال هذا المنصر الذي أسلم ، إن من أساليب عمل المخططين الضغط على الحكومات في العالم الثالث لإتباع سياسات معينة في مجالات عدة تهدف في النهاية إلى خدمة المخطط الكنسي حتى لو كانت تلك السياسة مرفوضة من قبل المعنيين ، وحتى إذا أدت إلى تمزيق الأوطان ألمستهدفة . هذا النص ورد في مجلة المجتمع العدد 1629 تاريخ 10/12/2004 م .

للتواصل مع الكاتب عبر البريد الإلكتروني: abubakar5217@gmail.com