السيادة بين مطرقة الجهل وسندان التجاهل
بقلم : عمر عبدالله (5)
شرع تساءل يتردد محلقاً في أجواءنا هذه الأيام يطلقه الغائبين عن وعي المرحلة وتفاصيل متطلباتها قائلين :- ما لذي إستفذ الحادبين على مصلحة الوطن الى درجة تعبيرهم الصارخ عن سخطهم وكراهيتهم للخطوة التحضيرية (الواعية) التي التي أٌعِدَتْ لتسبق إنعقاد المؤتمر بفترة تقديرية محسوبة !!!!!؟
سؤال أجبر الحادبين والمدركين لخفايا الأمور على القول ….. إنه الشعور بالإهانة لكون إثيوبيا تعدت الخط الأحمر لسيادة قضيتنا الوطنية(الإرترية) من خلال عقدها السافر لسمنارات ليس من إختصاصها…!!! ولأن مثل هذه الخطوة كان يجب أن تعدها المفوضية حسب القواعد الشرعية التنظيمية المتبعة لدينا والتي إختارت إنتخاب مفوضية لهذا الدور التنظيمي دون غيرها من الكيانات التنظيمية الإرترية التي إمتلأت بها الساحة …. ناهيك أن يشاركها هذا الدور كيان تنظيمي آخر غير إرتري (الحكومة الإثيوبية) ، إذ لم يكن في حسبان أحد من الحادبين أن إثيوبيا تملك شرعية تنظيمية لا تقلٌّ وزناً عن شرعية المفوضية بل قد تفوقها في إمتلاك حق التدخل في شئوننا الخاصة …!!!
وهنا كان من حق كل حادب أن يتساءل ….. من منح إثيوبيا هذا الحق …؟؟؟ هل هو جهلنا بحدود سيادتنا ومساحة حقوقنا وصلاحياتنا وأدوارنا السيادية …؟؟؟
نعم ……هو كذلك …!!! وإلا كيف يظن هؤلاء الغائبين عن الوعي أن تكاليف إستضافة إثيوبيا لأحزابنا السياسية ونفقات إعاشتها الشهرية ومصاريف حراكها التنظيمي داخل وخارج إثيوبيا بما في ذلك تكاليف عقد الملتقى والإعداد للمؤتمر….الخ ، يؤهلها لنيل حق التدخل (هذا) الى درجة تمليكها القدرة على تحديد قسمة مكاسبنا ورسم الخطوط الدقيقة لحراكنا التنظيمي وبصورة سافرة متحدية لقدراتنا على الرفض …!!! فهل يعقل هذا …!!! ونحن على أبواب مؤتمر سيتولى بنفسه تحديد هذه المعالم لخطوط حراكنا الإرتري بصورة تحفظ لنا كرامة وسيادة حقوقنا التنظيمية وتراعي العدالة والأخوة والوحدة الوطنيةفي مفاصل هذا الحراك الإرتري المشارك لتحديد قراءتنا الإرترية المستقلة ….
إنَّ تجاوز حقوقنا السيادية هذه والعمل على تقويضها من قبل الراعي (إثيوبيا) يشي بتفاصيل كانت غائبة عن وعينا …!!! ، ومن ثم كان حضورها دفعة واحدة بهذا الشكل المستفذٌّ لإرادتنا الحرة ومشاعرنا الكريمة بمثابة صدمة أعادتنا الى مربع ماقبل إنعقاد الملتقى الحوار الوطني للتغيير الديمقراطي ، بل وفسحت المجال الى الإعتقاد بان مخرجات ملتقى الحوار كانت غير كافية لإنعقاد المؤتمر التأريخي للحوار (الذي حلمنا به منذ عقدين من الزمان) ، وذلك لأن إنعقاده اليوم بعد إنكشاف الحقيقة وبروز مستوى وعينا السطحي بسيادتنا الوطنية يمثل تأسيس لخلل تنظيمي كبير وتشييد لواجهة حراك نضالي لن يفرز سوى أطماع جديدة لقوى مقنعة لاتريد الظهور إلا بعد إسقاط النظام الديكتاتوري لتحل محله …!!!!
ليساهم هذا الحراك المعاكس لوجهتنا الوطنية في بروز تساؤل مصيري ملح… ما هو الحل لتجاوز هذا الإنحراف …!؟؟؟!
الحل بإعتقادنا هو تمديد فترة الإعداد للمؤتمر بحيث تكفي للقيام بإجراء تنظيمي عالي المستوى يتعلق بتشريع هيكل سيادي لحراكنا التنظيمي الحالي ليرعى بنفسه هذه الإجراءات الإعدادية للمؤتمر ، وبذلك نعيد الحصانة لبناءنا التنظيمي السابق ونؤكد حضورنا السيادي ، وذلك من خلال عقد مؤتمر للسيادة الوطنية يحضره فقط من هو مستقل عن العمل السياسي ، والهدف هو تشريع نظام سيادي منفصل عن النظام السياسي (الخاضع للمصلحة الحزبية في علاقاته بالمجتمع والدولة)، ثم إنتخاب مجلس السيادة الوطنية ككيان تنظيمي جديد نمنحه وفق قواعد التشريع السيادي حق الرقابة والمصادقة على تفاصيل حركنا التنظيمي أثناء إعدادنا للمؤتمر وبعد عقدنا للمؤتمر وإنتخابنا للمجلس الوطني ، وذلك كي لا تصبح الإجراءات التنظيمية حكر الشخص المفوض بالعمل السياسي ورهن إشارته وخاضعة بالتالي الى مستوى وعيه وحدود علاقاته الشخصية ، هكذا نبدأ وبصورة عملية في لملمة أجزاء حراكنا النضالي المفكك وسد ثغراته المكشوفة أمام الخصم ، ولا نعتقد هناك خلاف حول ضرورة الفصل بين الحراك السيادي والسياسي عند إدراكنا الخلل التنظيمي الذي أنتجته عملية الدمج بين الحراكين بصورة إختزاليه مقيته كانت ثمارها مارأينا وسمعنا من أمر السمنارات وما خفي كان أعظم ….
لكن الرهان على إنجاز هذه الخطوة السيادية المعتبرة صعب وشبه مستحيل..!!! لأن هناك من يظن (المشاركون في هذا الإنحراف التنظيمي السابق) أن تراجع القوى الحادبة على مصلحة الوطن الى الوراء لعقد مؤتمرالسيادة الوطنية من رابعة المستحيلات …!!! نسبةً لقراءتهم الدقيقة لعقلية هذه القوى الوطنية المتمسكة بصورة مرضية بموعد إنعقاد المؤتمر …!!! وعليه هم يراهنون على أن إنكشاف المؤامرة بكل أبعادها أمامهم لن يغير من مسار الجدول الزمني المحدد …
ولا أدري إن كان ظنهم هذا في محله وتحليلهم للوقائع صادر عن معرفة واعية بخلفية المتنفذين الممسكين بآليات وأوراق عقد المؤتمر …أم لا …؟؟؟ فالأمر كما يبدو قيد الإنفعال وصعب التكهن بالتفاصيل …. إلا أن تصحيح الخلل التنظيمي الذي إنكشف وتعرى واجب سيادي لا بد وأن يكون له إعتبار لمن تعنيه أمر السيادة الإرترية وقضية الكرامة التي نٌزِعَ عنها ستار الحرمة والحصانة التنظيمية من قبل الراعي والمنظم على حد سواء ….
هذا التعقيد للأزمة أصبح يمثل مساراً جديداً (لها) قد يؤدي الى التصعيد أو يساهم في خلق تناقضات أخرى تبحث في أسباب النزع الغير أخلاقي لصلاحية مخرجات الملتقى ومبررات المحاولة لتأسيس صلاحيات جديد (بديلة) ، كإفراز طبيعي لسمنارات التحول الديمقراطي نحو …؟! (علاقاتنا القديمة بإثيوبيا) ، أي محاولة تجديد جسور العلاقة التنظيمية بين قوى التجرينية (الإرترية والإثيوبية) وتأطيرها من خلال آليات الإعداد لمؤتمر الحوار الديمقراطي … وذلك بعد ضمان وحدة الكيان المسيحي ( تحت وعاء التحرنة)وتفكيك الكيان المسلم(تحت غطاء التنظيم القومي).
يتضح هذا لمن يدرك أن مصلحة الشعب الإرتري لا تعني إثيوبيا إنما يعنيها البعد الإقتصادي والإستراتيجي لباب المندب والموانئ البحرية الغنية بالثروة البحرية !!!
ولعل الوصول الى برتوكول إتفاقية حصرية مضمونة(في الجانب الإقتصادية)لا تتأثر بمخرجات الحراك السياسي لدولة إثيوبيا صعب التحقق إلا إذا إمتلكت زمام القرار السياسي الإرتري وضمنت ولاءه لها ، لأنها تعلم مسبقاً أن ورقة التجرينية مضمونة 100% لكن السيطرة على أوراق القوى السياسية الأخرى(أي المسلمة) من رابعة المستحيلات ، ولذلك تريد فك إرتباط هذه القوى بمبادئها الأخلاقية وثوابتها الوطنية الموحدة لروابطها القومية داخل الأوعية الوطنية العامة ليسهل بعد ذلك الإنفراد بكل قومية مسلمة على حدى كخطوة إستراتيجية لضمان ولاءهم جميعاً لعقدها التنظيمي الجديد القائم على أسس أخلاقية مختلفة تعلي من شأن المصلحة وتجعلها المصدر الوحيد للإرتباط التنظيمي أو لإنشاء علاقات بينية متينة بالآخرين (ولا يهم بعد ذلك أمر إنتهاك السيادة التنظيمية للحراك النضالي) .
ولعل إثارة الطموح لدى القيادات الإرترية وإغراء كل الشخصيات القابضة بزمام التنظيمات السياسية وعقد إتفاقية ثنائية معها في إطار رفيع المستوى سيخفف ضغط التأثير من قبل القيادات الوطنية ويطوي رغبتها في الوحدة والعمل المشترك كسابق عهدها ، وعليه ندرك أن قدرات إثيوبيا في إستخدام عصى الإغراء السحري واسعة وحيلها في هذا المجال لا محدودة ، ولا يستبعد أن تكون الحقيقة بعيدة عن هذا المسار الإعلاني الخادع للسمنار الذي أخفى الرغبة الإثيوبية في إستخدام هذا السحر مع النخبة السياسية والثقافية تحت غطاء هذه السمنارات ، كخطوة مرحلية هامة تمهد لتوقيعهم على أوراق الإتفاقيات البينية وقبض دفعة تحت الحساب تعبيراً عن سخاء إثيوبيا ومصداقيتها الدائمة وثبات موقفها تجاه الأصدقاء كأساس لخارطة طريق جديد يدعم وجودهم في السلطة ويمتعهم بمييزاتها حتى وإن لم يحظوا بحكم إرتريا عبر قرعة الإنتخابات ، فيكفي أنهم يملكون صلاحيات شراء الزمم وإغراء من بيده مساحة من النفوذ السياسي أو الإجتماعي أو الإقتصادي …..الخ .
ومن ثم عبر الإعتماد عليهم لن تلجأ إثيوبيا الى سياسة الغزو المباشر كسابق عهدها ، لأن إستراتيجيتها الجديدة تدعوها للحفاض على مكتسبات قيادتها للدول الإفريقية وحماية مركزها المتقدم هذا عبر إتباعها لخارطة سياسة جديدة لنفوذها الإقليمي في المنطقة . البعض تسمر من هول هذا التحليل وأراد الدليل والبعض إستخدم حركة العين الدائرية لتجاهل مشاعره الحقيقية التي إستفذها هذا التعليق ، ورغم ذلك نؤكد موقفنا المبدئي وقناعتنا الثابتة بأن اللحظة التأريخية المناسبة لعقد مؤتمر السيادة الوطنية قد إكتملت أسبابها ، لأن إنتخاب مجلس السيادة الوطنية من القوىوالشخصيات المستقلة من الإنتماء للأحزاب السياسية يمثل المحك والضمانة الوحيدة القادرة على توفير شرط الحماية الدستورية لمكتسباتنا النضالية من عبث القوى الخفية ومحاولتهم التصرف والخروج عن القواعد التنظيمية المتفق عليها،وذلك للضرورة المرحلية التي تدعونا لحماية سيادتنا التنظيمية من آليات التوغل والإختراق تحت مبررات ومسميات واهية (السمنارات أو غيرها) .
وإنطلاقاًمن هذا الوعي التنظيمي يمكن إدراك فداحة الخلل الذي تعرضت له آليات إعداد أوراق الملتقى وسيناريو الإعداد للمؤتمر الوطني الجامع ، ومعرفة أن موضوع السيادة كان خارج نطاق تداولهم ونقاشهم المتسارع لإيجاد حلول مؤقتة للأزمة الإرترية الراهنة …كخطوة كانت ولا زالت في إعتقادهم ضرورية لجمع الصف وتوحيد الوجهة عبر آليات الحد الأدنى (التنظيمية) …وهنا نطق البعض الآخر قائلين : إذا حدث هذا التوغل (المزعوم) فأنت إذن على حق ، حينها من سيرفض فكرة إنعقاد مؤتمر السيادة الوطنية وإنتخاب مجلس السيادة لحماية مكاسبنا الوطنية من الإختراق، ثم قال هامساً هل فعلاً حدث توغل …؟! لم أدري حينها كيف سأجيبهم بعد كل هذا الشرح ، وكدت أحيد بوجهي عنهم وأتراجع عن المسألة برمتها ، لكن فجأة شعرت بضرورة توضيح خطوط لهذا التوغل …!!! فقلت لهم مجيباً على تسائلهم ( الوجيه!!!!) لقد حدث توغل بالفعل ولكنه ليس اليوم(فقط) من خلال الخرق الواضح لسمنارات إثيوبيا لقواعدنا التنظيمية ومخرجات ملتقى حوارنا !!!
بل من خلال إنعقاد ملتقى الحوار نفسه الذي تحقق بفضل نفقة إثيوبيا وتعليمات مرفقة مع الشيكات الصادرة ، هذه الحقيقة أدركها من تساءل ونحن في الورشة العامة لمتقى الحوار (المنعقدة في أديس ابابا) …عن أسباب تضييق الفترة الزمنية المخصصة لكل ورقة وعدم إفساح المجال للنقاش التفصيلي المثمر لتحديد معايير أكثر دقة لحراكنا النضالي لكي يهتدي الى المخرج الحقيقي من الأزمة الراهنة ، فكان التبرير من إدارة الجلسات أن هذا الوقت تم تحديده نسبةً لأيام إستئجارنا غرف الضيوف وقاعة الفندق ، ولقد تأكد لنا ذلك عند رؤيتنا لبعض الحضور مثل سلام كداني وغيرها يدفعون مساهمة يومية لمبالغ بالعملة الأجنبية كمقابل نفقات !!! (ممايعني أن إثيوبيا لم تدفع تكاليف الورشة) وهنا من حقنا التساؤل …لماذا ؟؟؟ وهي نراها اليوم وقد تكفلت بكل النفقات لكي تٌحْضِرْ من سيشارك في سمناراتها !!!! أما إدارة جلسات الورشة فسألناها لماذا لا تجعلوا الفترة مفتوحة حسب ماتحتاجه كل ورقة من الوقت … وهنا إنكشفت الحقيقة المرة … الإدارة لا تستطيع تحمل نفقات الورشة أكثر من هذه الأيام المحددة حسب المبالغ التي إلتزم بها الأعضاء المغتربون المشاركون في الورشة…هكذا سقطت الأقنعة وإتضحت الصورة وأدركنا الحقيقة التي تشير الى أن دعم إثيوبيا للورشة ليس في صالحها وإلا كان يمكن للورشة أن تكون أكثر قدرة على إخراج توصيات دقيقة لا تجعلنا نلجأ الى إنعقاد ورش مكوكية قبل إنعقاد المؤتمر برعاية إثيوبية …
إلا أن إبقاء الحوار في السطح ومنعه من التعمق للمسائل السيادية والتفصيلية للجوانب التي تريد إثيوبيا إمساك أوراقها كانت ضربة إستباقية لأن أبعاد الصورة لم تكن واضحة سابقاً كما هي الآن بعد الظهور المفاجئ للعبة السمنارات التنظيمية التي جعلت الخطوط المستهدفة تقع تحت مجهرنا الوطني بصورة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء ، خاصةً بعد متابعة تفاصيل مايجري داخل هذه اللقاءات وإكتشاف أبعاد التوغل الإثيوبي وبحثه بين أوراقنا المبعثرة لتنظيمها وفق رؤاه ومصالحه البعيدة كل البعد عن المصلحة العامة لشعبنا الإرتري ، فهاهو نراه من خلال إدارة سمنار القوميات يكشف أوراق مصلحته التنظيمية من خلال إملاءه الفاضح لعضوية السمنار للتمسك بمبدأ تقرير المصير حتى الإنفصال كأساس لأي علاقة مستقبلية ستربط أقاليمهم بالدولة الإرترية القادمة، بينما نراه في سمنارات النخبة السياسية والثقافية يظهر بعض المرونة والإزدواجية من خلال قبوله خروج الأعضاء بقرار جعل تطبيق المبدأ تحت إطار الوحدة الوطنية للشعب الإرتري ، كما أنها لم تظهر أي إملاء مباشر لعضوية حول ما ينبغي الإتفاق عليه فهل هذا يعني أنها خارج اللعبة ..؟ بالتأكيد لا …!!! هي أساس اللعبة ومن يدري حجم التنازل الفردي لذات العضوية بعيداً عن الأضواء ، إذا أدركنا أن توقيت وموضوع الدعوة للسمنار إنما هو غطاء لدعوة أخرى غير معلنة !! ولا أعتقد بعد متابعتنا لمسار الحراك الإثيوبي ومعياره المزدوج هذا سيصعب علينا قراءة الخطوط المختبئة لقواعد اللعبة ولمراحل تنفيذها وحجم دوائر الصراع الجديد فيها وعدد إجتماعاته المحتملة في الخفاء لترتيب أوراق الخطة وتحديد موعد نقلها الى مرحلة التنفيذ، فالحق يقال لولا مجيئ مرحلة عقد السمنارات لما أدركنا هذا البعد للصورة المشاهدة ولما سبرنا أغوار الخطة المعدة لتحقيق مصالح أخرى لأقليةلا تمثل الشعب الإرتري من قريب أو بعيد، فإذا كنا نغط في نوم عميق قد حان وقت اليقظة .. فالسيادة أضحت مهددة .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=17340
أحدث النعليقات