السياسة هي فن الممكن وليس فن قلة الأدب
المعارضة لم تستطيع حتى الان الخروج من دائرة الصراع مع الذات ،الي دائرة الصراع بشكل المطلوب مع الاخر اي النظام… ولذا حتى الان تحمل خطوط المستقبل مؤشرات غامضة نتيجة ضعف طبيعة وسائل الصراع مع النظام ..وان غموض الاسباب تعود على حسب تقديري الي توصيف طبيعة نوع الصراع وغياب أدوات وشروط اولويات المرحلة المطلوبة ..
وفي ارضية هذا الغياب انقسمت الاّراء والتكوينات التنظيمية في مواجهة النظام وتوصيفه.. والكل انطلق في صراعه مع النظام من زاويته الخاصة وحجته وهذا التنوع من حيث عدد التنظيمات والنشاط ليس عيب ..بل العيب هو في عدم احترم هذا التنوع وكيفية العمل مع الاخر .. هذه الكيفية، كيفية العمل ، هي الغائبة روحا وسلوكا .. الكل يتماهى مع النظام في عدم احترام التنوع.. وان ذهنية الاقصاء حاضرة بشكل موضوعي وذاتي .. برغم من خطاب المتسامح المعلن في ساحة العمل..
إذن ماهو المطلوب في هذه المرحلة حتى نتجاوز ما نحن عليه .؟ المطلوب هو تصفية ممتلكات أدوات الماضي التخريبة المبنية على ثقافة تغيب الاخر ، وبناء واقع جديد يقوم على ثقافة الشراكة والاحترام المتبادل ، وإدارة الخلافات بلغة الحوار..
التجربة حتى الان لم تراكم كما يجب لصالح المشروع الاجابي ،ولذا نرى كل يوم تتكرر نفس المعالجة لنفس الخطاء.. وحتى نخرج من دائرة تكرار الذات المأزومة علينا ان نشتغل وفق متطلبات المرحلة وان متطلبات المرحلة هي:
1-تقوية المعارضة عبر تقديم كل الإمكانيات المادية والمعنوية المتاحة ..
2- إيقاف كل المناكفات والمناطحات السياسية في داخل معسكر المعارضة ..
3- توجة كل الإمكانيات الي ميدان المواجهة مع النظام ..
4-ان تعمل قوى المعارضة وفق الصيغة الوحدوية المناسبة لطبيعة عمل التنظيمات وتوجهها السياسي ..
5- البحث الدائم عن مفاتيح العبور نحو الضفة الاخرى ضفة الانتصار ..و ضمن هذا الفهم فهم العبور نحو الضفة الخري كان مؤتمر اواسا ومخرجاته ،ثم اجتماع المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي الأخير الذي زود التجربة بجرعة إصلاحات مناسبة ،تعالج أسباب القصور التي صاحبت مسيرة المجلس.. ومن ضمن هذه الجرعات تكوين اللجنة التحضيرية.. وتحديد صلاحيات الجهاز التشريعي والتنفيذي ..وتحديد موعد المؤتمر .. إذن حتى يكون العبور كمايجب ،علينا ازالة العوائق من طريق السير نحو المستقبل .. وحتى يكون هكذا يجب ان نعمل من اجل انجاح المؤتمر بما يتوافق مع طموح مشروع التغيير..وحتى ينجح المؤتمر المطلوب هو التعاون مع اللجنة التحضيرية بعيدا عن الحسابات التنظيمية الضيقة ..
اللجنة التحضيرية هو جهاز فني ، وهذا الجهاز حتى يعمل بالصورة المطلوبة يحتاج الي تعاون من كل الجهات المعنية وصاحبة المصلحة الوطنية بانعقاد هذا المؤتمر ( تنظيمات سياسية ، تنظيمات المجتمع المدني ، شخصيات وطنية.. الخ) .
لان عمل اللجنة التحضيرية الحالية يختلف عن عمل اللجنة التحضيرية السابقة أداءا ومضمونًا وكذلك المؤتمر القادم سوف يكون مختلفا من حيث نتائج البرنامج وكذلك من حيث اختيار القيادة التي لها علاقة بشروط المرحلة والتجربة …
و اذا لم تكن النتائج مختلفة ووفق شروط المرحلة والتحديات السياسية لقوى المعارضة.. سوف لن نغادر المكان الذي يجب مغادرته.. ولهذا حتى نغادر يجب ان لا نتوقف على سفاسف الامور .. صحيح هناك اخطاء ترافق العمل التحضيري ،وهذه طبيعية اي عمل ، لكن لاتعتبر هذه الخطاء من الأخطاء القاتلة ولهذا نغض الطرف عنها من اجل انجاح العمل …
فان تكوين اللجان المساعدة للجنة التحضيرية وقراءة الأوراق وترتيبهايجب ان ينظر اليها من باب حسن النوايا في اداء العمل .. وان عمل هذه اللجان هو تيسير العمل اي إعداد وترتيب الأوراق وهذه الأوراق والترتيبات لا تعتبر نافذة بل سوف يتم قراءتها وفرزها من جديد من خلال عضوية المؤتمر وتأخذ شرعيتها عبر نقاش المؤتمرين ..
وفي هذا المؤتمر يتم الاشادة او الادانة باداء اللجنة التحضيرية.. إذن حتى نصل الي مكان سيادة المؤتمر يجب ان نميز مابين الأشياء الاساسية التي يأخذ فيها الاقصاء معنى، والاشياء الثانوية التي لا تقدم ولا تؤخر .. وحتى الان الظاهر للعيان الخلاف هو في إطار الأشياء الثانوية وبتالي لا يرق الخلاف السائد الى مستوى الاقصاء..
إذن مادام الامور تسير في الاتجاه المطلوب .. وسوف تمر عاجلا ام اجلا بالمحطة الإجبارية وهي محطة المؤتمر.. وبتالي لا توجد ضرورة ان ينزعج أصاحب القلق و الخلافات الثانوية من التحضير الجاري.. وهذا الخلاف السائد شيء طبيعي يوجد حيث وجد العمل ..المهم في هذه الساعة المطلوب هو التركيز على الأسئلة المطروحة على الواقع الارتري السياسي والاجتماعي والثقافي ..الخ.و البحث عن كيفية الاجابة عليها يكون عبر المؤتمر..
والأسئلة الجادة لا توجد في قراءة الأوراق ، ولا في عملية تقديم وتأخير في النص او تقليص عددالأوراق من حجمها الاول ثم نعطيها شرعية في احدى الجلسات .. المطلوب هو اكبر من ذلك ؟؟ وبالاختصار المطلوب في هذا اللحظة من زمن المعارضة، هو العمل.. ويبدا طريق العمل اولا- بصياغة الموضوع النظري للعمل ثانيا -المراجعة المتكررة للنظرية من خلال ورش العمل وعقد مؤتمر …مؤتمر يمليه ضرورة المرحلة وليس ضرورة الدعاية السياسية … مؤتمر يساعد رؤية المشكلة من كل الزوايا، من اجل الإحاطة بأسباب الخلل وتقديم الوصفة الناجعة … هكذا نكون تجنبنا او خففنا من تكرار حمل وزر اخطائنا السابقة والحالية التي كانت سبب ازماتنا ..وبهذه الطريقة يقدم نفسه المؤتمر على انه أملته ضرورة العمل.. وليس ضرورة الدعاية السياسية ….
في الختام المطلوب من اجل تجاوز الأزمات اولا-مطلوب الاعتراف القاسي بوجود الأزمة ثم البحث عن الحل المناسب لها .. ثانيا – التغيير يبدأ بالذات اولا ثم بالواقع .. ثالثا-الأخلاق ، السياسة بدون اخلاق تتحول الي سلوك عصابة .. السياسة هي فن الممكن ، وليس فن قلة الأدب ..
واخيرا يجب ان نواجه بكل وعي ما هو حادث ،من تقصير وهروب من المسؤولية ..لان هذا التقصير هو سبب الفشل والتدهور الحاصل او الجمود السائد .لان النظام اصبح يستمد شرعية وديمومته من التدهور الحاصل و ضعف وغياب فعل المعارضة التغييري…فلتكن المسؤولية جماعية في مواجهة التحديات التي تعيق مسار التغيير..واتمنى ان يكون المؤتمر بداية دخول مرحلة جديدة توعى فيها قوى المعارضة ترتيب أولوياتها ورسم الصورة الصحيحة للواقع السياسي والاجتماعي والثقافي.بعيدا عن الدعاية السياسية والمكاسب الانية..
محمد اسماعيل هنقلا
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34713
نشرت بواسطة فرجت
في يونيو 12 2015 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
أحدث النعليقات