الشعار الأمريكي ( محاربة الإرهاب ) غطاء سياسي لاستهداف الأمة العربية
بقلم/ إبراهيم قيبل
الإنباء التي تتردد الآن في وسائل الإعلام وتتحدث عن احتمالات غزو أمريكي لسوريا في القريب العاجل , وعن استعدادات للغزو تجري على قدم وساق . هي في تقديري الشخصي بغض النظر عن مدى صحتها الا أنها تأتي في سياق خطة الغزو نفسها, حيث أن تكرار مثل هذه الإنباء في وسائل الأعلام لمدة من الزمن تسبق الغزو تخلق حالة تطبيع مع فكرة الغزو نفسها وبالتالي تساعد على قبول الحدث بعد وقوعه باعتباره أمر متوقع وبالتالي يتم تفادي أحداث صدمة لدى الرأي العام العالمي والرأي العام العربي خاصة , وحتى لا يكون هناك رد فعل قوي من قبل الشارع العربي أو العالمي .
أن احتمالات غزو واحتلال سوريا عسكريا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها من عدمه تبقى رهن الظروف الدولية والإقليمية ومدى استعداد المجتمع الدولي قبول مثل هذا العمل كما أنه أيضا مرهون بالمناخ السياسي والمزاج الشعبي داخل الولايات المتحدة نفسها ومدي أمكانية قبول الشعب الأمريكي مثل هذا العمل ا لعسكري الكبير في ظل النتائج المخيبة للآمال لعملية غزو واحتلال العراق, والتي لا تزال أثارها السلبية تتفاعل حتى ألان داخل المجتمع الأمريكي . وهذه عوامل تبدوا أنها غير مشجعة لغزو أمريكي مسلح آخر . ولكن هناك عوامل أخرى ترجح كفة احتمالات الغزو وهي :
أن خطة غزو واحتلال العراق لم تكن إلا جزء من مخطط كبير يستهدف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج ولكن بشكل ممر حل بداء مرحلته الأولى بإسقاط الأنظمة ذات التوجه القومي العربي والتي تقف عقبة كأداء أمام المشروع الأمريكي – الإسرائيلي لإعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط , بحيث يكون للكيان الصهيوني دور ريادي في قيادة المنطقة . وهذا لا يتأتى إلا بخلق حالة تطبيع شامل مع إسرائيل والدول العربية وبالتالي قبول إسرائيل كدولة صديقة ضمن منظومة دول الشرق الأوسط العربية دون شروط . وإسقاط الشروط العربية للتطبيع مع إسرائيل خاصة فيما يتعلق بمسالة القدس الشريف .
بحيث يكون العرب أمام واقع جديد عليهم القبول بمعطياته والتعامل في حدوده .
أن إسقاط الأنظمة القومية العربية في كلا من العراق الذي سقط فعلا وسوريا لأسمح الله له دلالات مهمة في الإستراتجية الأمريكية الصهيونية للهيمنة على المنطقة العربية . وذلك لأن الفكر القومي العربي ظل يشكل مانعا قويا أمام محاولات الغرب إحداث اختراق كبير في المفاهيم الثقافية والاجتماعية المتصلة بالمواقف السياسية لا سيما من قضية الصراع العربي الإسرائيلي , لدى الجماهير العربية العريضة . تلك المفاهيم التي ساهم الفكر القومي في صياغتها وظل يدافع عنها على مدى أكثر من خمسون عاما .
كما أن استهداف الأمة العربية ولاسيما الأنظمة القومية لم يكن المدخل إليه عبر العمل العسكري المباشر , إنما عبر أدوات أخرى وهي عبارة عن شخصيات واتجاهات سياسية جديدة مهمتها تفكيك الخطاب القوي العربي وتشويه وأدانته تاريخيا عبر تحميله مسئولية كل إخفاقات وأخطاء الأنظمة العربية , وتسويق لخطاب سياسي وإعلامي جديد يحمل في طياته الفكر أليبرالي الغربي وتقديم الأنموذج الثقافي والاجتماعي والسياسي الغربي كبديل عن النموذج العربي .
وقد توفر لهؤلا تكثيف أعلامي بحيث يحدثوا التحول المطلوب الذي يساعد على تمرير المخطط الأمريكي الصهيوني في المنطقة .
وهذا ليس نقدا للاتجاهات البيرالية السياسية أو حتى تلك التي تتبنى تسويق النموذج الغربي أنما طرح للحقائق , وذلك لان تلك الاتجاهات لم يكن لها دور يذكر في الحياة السياسية العربية , أنما ظهرت ضمن سياق مخطط التغيير في المنطقة التي خططت له وتبنته الأجهزة الرسمية الغربية والذي برز جليا ألان.
حيث أنها جاءت كمقدمات لمخطط التغيير , لا كتطور طبيعي للحياة السياسية في الوطن العربي , بالتالي أن بروز هذه الاتجاهات بهذا الزخم الإعلامي المتزامن مع الخطاب السياسي والإعلامي الغربي اتجاه الأمة العربية والذي رافقته ضغوط سياسية واقتصادية . يؤكد ما ذهبنا إليه , بل يمكننا القول أنهم بمثابة البلد وزر الذي يمهد الطريق أمام جحافل التغيير الأجنبي للمنطقة العربية.
أن مرحلة العمل لغزو واحتلال سوريا بدأت عمليا منذ عملية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري حيث ساهمت هذه العملية الإجرامية في تسريع الخطى نحو استهداف سوريا عسكريا ولعل تداعيات السياسية لبنانيا وإقليميا ودوليا تؤكد ذلك . وبالتالي إذا ما نظرنا إلى نتائج هذه العملية الإجرامية نجد أن المستفيد الأول منها هو المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة حيث أن عملية الاغتيال حققت جملة من الأمور ما كانت أن تحقق بسهوله لولا تلك الجريمة البشعة .
أولا : خروج سوريا السريع من لبنان وما له من تأثير على خط المقاومة اللبنانية المتمثلة في حزب الله والذي فقد حليفا مهما في مواجهته مع إسرائيل وهذا الوضع سيجعله مكشوفا أمام الضغوط المحلية واالامريكية – الإسرائيلية وحتى الدولية والتي كانت في السابق تتحمل سوريا جزء كبير منها .
ثانيا : تحول موقف فرنسا والذي أصبح قريب جدا من الموقف الأمريكي – الإسرائيلي اتجاه سوريا .
ثالثا : تحول بعض الدول العربية ألمؤثره اتجاه سوريا الذي أصبح موقفها ألان اقرب إلى الموقف الأمريكي منها إلى سوريا بعد أن كانت تشكل حلفا مع سوريا .
رابعا : وضع سوريا موضع الاتهام المباشر عقب عملية الاغتيال من خلال التصريحات الأمريكية – الإسرائيلية – الفرنسية والتي عززتها تصريحات محلية من المعارضة اللبنانية في نفس السياق مستفيدين من الصورة النمطية التي رسمها الأعلام الغربي وبعض الأعلام اللبناني المعارض للوجود السوري في السابق صورة (الدولة الشريرة) كل ذلك ساهم في خلق مناخ دولي أكثر ميولا إلى إدانة سوريا تحمليها مسؤولية الحادث وهذا ما يسمح لاحقا من تمرير المخطط الأمريكي – الإسرائيلي لغزو واحتلال سوريا من خلال المنظمة الدولية .
خامسا : وهذا هو المهم وهو حصر سوريا في حيزها الجغرافي بعد عزلها من عمقها اللبناني ومحيطها العربي بحيث تصبح على فكي كماشة إسرائيل على حدودها مع فلسطين وأمريكا على حدودها مع العراق مما يسهل الأطباق عليها من كل الجوانب في حالة الغزو العسكري .
وعليه أن الأمة العربية سواء على المستوى الحكومات والشعوب مطالبه ألان الوقوف والتصدي الهجمة الشرسة للقوى المعادية للآمة العربية قبل فوات الأوان. ولان سوريا لن تكون فقط الحطة الأخيرة بل ستحل الكارثة على الجميع ومن يعتقد أنه بمنأى من العقاب الأمريكي الصهيوني يكون مخطئا وستثبت الأيام القادمة أن العراق وسوريا إلا مقدمات لاستهداف الآمة العربية كلها من المحيط إلى الخليج .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6249
أحدث النعليقات