الشيخ عامر بن الشيخ الأمين .. فقيد الوجاهة والشهامة..
عرفت فقيدنا العزيز إلى نفسي، الكبير إلى شخصي، الشيخ عامر بن الشيخ الأمين أول ما عرفته في مدينة كرن، يوم جالسته وعاشرته عن قرب، إذ كنا نسكن في أحياء متجاورة، تجمعنا جلسات الود الأخوية التي كنا نعقدها بين الفينة والأخرى، ولقاءات السمر التي تضمنا مع أبناء عمه الشيخ عمر ــ رحمه الله ــ الأخ الأمين، والأخ عبد، والأخ محمد، وآخرون من أبناء الحي، ويومها كانوا طلابا كما كان الشيخ عامر ـــ رحمه الله ـــ طالبا في ثانوية كرن، شغوفا بالدراسة، مثله مثل غيره من شباب المدينة، بينما كنت أنا طالبا في معهد دار السلام لأصحاب اليمين، المجاور حينها لمنزل الشيخ الأمين والد الشيخ عامر رحمهما الله معا.
كنت أراه وألقاها ضحوكا مستبشرا مرحا، ما عرفته الكآبة وما عرفها، وظلت هذه الصلة بيننا باقية، تزداد نموا إلى أن غادرت مدينة كرن عام 1974م، ومن حينها فقدت الصلة به، إلا أني ذات يوم من عهد الثمانينيات لمحته جالسا في صحن المسجد النبوي بالمدينة النبوية على ساكنها أفضل السلام التي قدم إليها زائرا فاقتربت منه رحمه الله وسألته: أأنت الشيخ عامر؟ فعرفني وسرعان ما أجابني: أأنت جلال؟.
كانت تلك اللحظة من أمتع اللحظات التي ذكرتنا معا بما مضى من أيام حياتنا في مدينة كرن، افترقنا من بعد ذلك اللقاء الخاطف إلى أن جمعتني في 2009م، مدينة 6 أكتوبر في القاهرة بأحد أبناء آل الشيخ، وتذكرت حينها الشيخ عامر ـــ رحمه الله ــ وأعلمني ذلك الأخ أنه على تواصل به، فطلبت منه أن يبلغه تحياتي الحارة، وأشواقي الشديدة، ففعل، ثم عاد يحمل إلي تحيات الشيخ عامر ــ رحمه الله ــ يحيني بأحسن مما حييته به، وثناءه على والدي ــ رحمه الله ــ عرفانا بعمله الدعوي، وإشادة بنشاطه الإسلامي.
قبل شهر مضى سمعت بقدومه المملكة العربية السعودية للاستشفاء من علة ألمت به، فجئته زائرا في المستشفى بمدينة جدة، إلا أنه كان في وضع لم يمكِّنه من التعرف علي، والبارحة يوم 16 مارس من عام 2015م، الموافق 25 / 5 / 1436 هـ نعاه إلي الناعي، حين أبلغني نبأ رحيله ــ رحمه الله ــ إلى جوار ربه، فكان وقع الخبر على نفسي أليما، وألم الحزن على رحيله شديدا.
الشيخ عامر بن الشيخ الأمين ــ رحمهما الله ــ هو سليل أسرة كريمة، رفيعة المقام، سامية الشأن، عرفت بين المجتمع الإرتري وعلى وجه الخصوص في الساحلين الشمالي والشرقي بالإضافة إلى بركة وشرق السودان بخدمة الدين ووجاهة المنزلة، تولى ــ رحمه الله ــ مشيخة آل الشيخ بعد استشهاد والده الشيخ الأمين ــ رحمه الله ـــ في إمبيرمي، فكان خير خلف لخير سلف، جديرا بتحمل المسؤولية، وتصدر العشيرة، ومواجهة تحديات الحياة بكل متطلبات المواجهة والمعالجات الحكيمة.
ساءت أحوال البلاد وتفاقمت مشكلاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخرج منها أهلها أفواجا إثر أفواج إلى السودان، وسائر ديار المهجر، وبقى الشيخ عامر بن الشيخ الأمين رحمهما الله متحملا مسؤوليته الاجتماعية بين قومه، وعشيرته وأهله، شأنه في ذلك شأن كل زعيم اجتماعي يحس بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه.
كان رحمه الله غيورا على دينه وأهله، محترما لغيره، أليفا مألوفا، متى رأيته جذبتك إليه ابتسامته العريضة، وبشاشة وجهه المحبوب، شجاعا مقداما من يوم شبابه كما عرفته، وما هذا بغريب في الشيخ عامر رحمه الله فقد نشأ نشأة تجعل منه متصفا بهذه الصفات الحميدة، ومتجملا بهذه الخصال الكريمة، فهو كريم من كريم.
إن يمت الشيخ عامر بن الشيخ الأمين ـــ رحمهما الله تعالى ـــ فقد مات من قبله العظماء من الأنبياء والأولياء والصالحين الأصفياء، تلك سنة الله في العباد، وما كانت هذه الحياة أبدا دار بقاء، وإلا لكان المصطفى أولى بالدوام فيها، ولكن (كل نفس ذائقة الموت) ( كل من عليها فان يبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ).
رحل الشيخ عامر رحمه الله بعد أن أدى واجبه الديني والاجتماعي عزيزا مكرما بين أهله وإخوانه، نحسبه عبدا من عباد الله العاملين لدينهم، الغيورين لملتهم، المنافحين عن عرضهم، ولا نزكي على الله أحدا فالله أسأل أن يغفر له ويرحمه، ويجمعنا به في جنة الفردوس على سرر متقابلين، وأن يبارك في نسله، وإنها لمصيبة كبرى أن نفقد رجلا في مثل قامت الشيخ عامر بن الشيخ الأمين رحمه الله في لحظة أشد ما نكون فيه حاجة إلى مثله من الواجهات الاجتماعية، من نظار القبائل وعمدها ومشايخها، ومع أن العين لتدمع في رحيل الشيخ عامر ولا خير في عين لا تدمع في فقد عزيز لديها، ومع أن القلب ليحزن على فراق الشيخ عامر ولا خير في قلب لا يحزن في فراق عظيم لديه، إلا أنا لا نقول إلا ما قد قاله نبينا عند فقد ابنه إبراهيم عليه السلام: ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون.. ).
إنا على فراقك يا عامر لمحزونون، غير أنا لا نقول إلا ما يرضى ربنا (إنا لله وإنا إليه راجعون) الذي خاطبنا في محكم تنزيله بقوله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ).
عزائي أولا لنفسي في فقده، ثم لابنه محمد بن الشيخ عامر أورثه الله مقام أبيه خلقا ودينا ومهابة وجعله خير خلف لأبيه، وبقية أفراد أسرته الكريمة، ولكل من له صلة قرابة به، من أبناء عمه الأخ الأمين بن الشيخ عمر وسائر أخوانه، ولشقيقيه محمد بن الشيخ الأمين، ومحمد عثمان بن الشيخ الأمين، ولصهره زوج أخته الشيخ محمد أحمد، ولكافة الأخوة الأفاضل من أل الشيخ في إرتريا، والمملكة، وشرق السودان، وفي سائر ديار المهجر، ولكل من له به صلة صداقة أو قرابة.
تغمد الله فقيدنا الشيخ عامر بن الشيخ الأمين بالرحمة، وأسكنه فسيح الجنان، وبارك في نسله
اللهم وسع مدخله، وأنر قبره، واجعله له روضة من رياض الجنة.
وكتبه/ الأستاذ الدكتور جلال الدين محمد صالح/ الرياض 26 /5 / 1436هـ الموافق 17/3/ 2015م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=33747
تغمده الله بواسع رحمته والهمنا وإياكم الصبر الجزيل ( إنا لله وإنا اليه رآجعون ) ولا أراكم مكروها في عزيز لديكم
رحمة الله على الشيخ عامر ابن الشخ الامين اللهم اغفر له والرحمه واغثله بالماء والثلج والربد وبارك في نسله انك نعمة المولى ونعمة النصير انا لله وانا اليه راجعون والتعازي ال اهل الشيخ الامين واهل سمهر والساحل لما لهم من سلات القرابة والمشيخة التي كانت ال اهل الشيخ الامين .
رحمة الله الشيخ / عامر بن الشيخ الأمين وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا والهم جميع الـ نافعوتاي الصبر والسلوان.
” إنا لله وإنا اليه راجعون” صدق الله العظيم