الصراع الإرتري وأزمته القاتلة

بقلم / متكل أبيت نالاي

إلى أين تتجه السفينة الإرترية هذه الأيام, وماذا ينوي قباطنتها فعله أمام هذا الموج المتلاطم القادم من الجنوب, والقادم من الغرب والقادم من الجبال والسواحل والشواطئ والسهول.؟

ومن هو القادر على إشعار ركاب هذه السفينة بالاطمئنان والهدوء ريثما تنجلي العاصفة وتهدأ الزوابع وتخمد الرياح فتنصرف السفينة في طريقها نحو الشاطئ الأمين؟

أن ما يخيفنا ويوجعنا ويدمي قلوبنا أن يكون مثل السفينة الإرترية اليوم كمثل السفينة التي خرج بها أربعة رجال إلى الصيد, فلما كان اليوم التالي ولم يعثروا على ما يصطادونه بسبب الموج والإعصار اختلف الأربعة فيما بينهم. ولما بلغ خلافهم أشده وأصبحت سفينتهم في مهب الريح قام كبيرهم في السن وقال للرجال: ويحكم.. لماذا لا تؤجلون هذا الخلاف إلى البر؟ فتصايحوا وزاد زعيقهم ولم يكن بالإمكان تهدءتهم. فاقترح كبيرهم في السن أن يقتسموا السفينة فيأخذ كل واحد حصة منها. فقسموها إلى أربعة أقسام وامتنع أي منهم عن قحم قسم جاره واكتفى الأربعة كل داخل حدوده المرسومة على ظهر السفينة التي تتلاطمها الأمواج. ومر يوم وليلة. ويومان وليلتان فلم يعثروا على صيد فغضب رابعهم أشد الغضب وقرر أن يعود, لكن العودة لم تكن في يده فهناك الثلاثة الآخرون, يجب أن يوافقوا على العودة لكي تتجه السفينة نحو الشاطئ. لكن الثلاثة رفضوا وقالوا: جئنا إلى البحر لنصطاد والبحر هائج مائج لكننا لن نعود دون صيد. ننتظر هدوء اليوم. ثم نرمي شباكنا في البحر وننتظر رحمة الله تعالى. لكن الرابع لم يوافق. حثهم على العودة. ثم هددهم فلم يكترثوا به. وفي الليل قرر أن يتصرف. فأخذ مطرقته وأزميله وبدأ يحفر في قسمه من السفينة. وطلع الفجر على السفينة وقباطنتها فخرج كبيرهم في السن ونظر إلى البعيد فشاهد احمرار الشفق وانقشاع الغيوم فقال: الحمد لله, لقد انقشعت العاصفة. انهضوا وانظروا إلى أديم البحر فقد هدأ. أجمعوا الشباك والغوا الحدود التي رسمناها على ظهر السفينة.. فها هو الخير قد اقبل. هيئوا الشباك هيئوا الشباك.. ونظر إلى الرابع فوجده منهمكاً في بقعته من السفينة يضربها بأزميله حتى بدأ منها ماء البحر. فصرخ به الكبير: ويحك ماذا تفعل؟ أنك ستقتلنا جميعاً يا رجل. فرد الرجل بصوت هادئ: هذه حصتي من السفينة ولا أحد له علي أمر. فقال الكبير: ولكن.. نحن, انك ستغرق السفينة كلها و….. ولم يتمكن الرجل من إبداء المزيد من الرأي.. فقد خرج الماء من ثقب الشريك الرابع وغمر السفينة وأغرقها بمن عليها!