العلاقات الإرترية القطــرية الماضي والحاضر وأفاق المستقبل
بقلم /طاهــر محمد علي
مركز دراسات القــرن الإفـريقي
28/12/2009م
تعتبر دولة قطر واحدة من أهم الدول الصديقة والداعمة للحكومة الارترية ، ومن الدول النادرة التي يثق بها الحزب الحاكم في إرتريا، ويتحدث عن وجود علاقات إستراتيجية معها ، وبالرغم من وجود هذه العلاقات منذ مطلع التسعينات إلا إن الأسس التي تقوم عليها تلك العلاقات والأهداف التي يسعي البلدان لتحقيقها والمصالح المشتركة التي تجمع بينهما مازالت مبهمة لدي الرأي العام ، وظل الغموض سيد الموقف في مسيرة هذه العلاقات التي يمتد عمرها لقرابة عقد ونصف ، لكن مايؤكد وجود مصالح مهمة للجانب الارتري في قطر يمكن إستنتاجه من خلال الزيارات المكررة التي يقوم بها الرئيس إسياس لقطر بشكل شبه مستمر سنويا منذ عام 1996م ، كما أن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني يعتبر اول أمير خليجي زار إرتريا متضامنا معها في اغسطس عام 2000م ، وذلك بعد إنتهاء الحرب الارترية الاثيوبية مباشرة، فضلا عن الزيارات العديدة لرئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني وكانت أخرها في مارس 27/2008م ضمن وفد وزاري قطري ، وفي إطار اهتمامنا باكثر الدول الداعمة لإرتريا في الوقت الذي تواجه فيه ارتريا عددا من التحديات الاقتصادية والأمنية ، فضلا عن العزلة التي يعاني منها الحزب الحاكم في ارتريا بسبب سوء علاقاته مع المجتمع الدولي ، تناولنا في المقال الماضي العلاقة الصينية الارترية بشكل مفصل ، وخلصنا بالقول أن الصين يمكن اعتبارها الحضن الدافئ للحزب الحاكم في إرتريا وذلك من خلال الدعم الكبير الذي تقدمه ، وفي سياق مقالنا هذا سنلقي الضوء علي العلاقات الارترية القطرية إنطلاقا من أن قطر تقدم قروضا ودعما ماليا وتقنيا واسعا في مختلف المجالات في إرتريا .
وقطر وكما نعلم دولة صغيرة من حيث حجمها وعدد سكانها ولكنها كبيرة بثرواتها المالية وحضورها في الميادين الدولية وهذا مايدفعنا للإهتمام بعلاقتها مع إرتريا .
خلفية تاريخية للعلاقات الإرترية القطرية :
أكدت مختلف المصادر التأريخية أن الدور القطري المؤيد لكفاح الشعب الارتري برز منذ الستينات ،ومنذ ذلك الوقت ظل ملف القضية الإرترية يحظي بإهتمام الديوان الأميري القطري ، حيث كان يتم إستقبال قادة مختلف الفصائل الارترية في قطر ،ويتم إفساح المجال الاعلامي لهم لتناول المأساة والمعاناة التي كان يتعرض لها الشعب الارتري ، وكان للدبلوماسية القطرية دورا فعالا في دعم مشروعية الفصائل الوطنية الارترية في المحافل العربية والدولية، وكان أمير البلاد الحالي الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني والذي كان وزيرا للدفاع حينها يقدم دعما سخيا لثوار الارتريين في المجالات العسكرية ، و كانت دولة قطر تقوم بإرسال المساعدات الإنسانية من مواد غذائية وادوية الي معسكرات اللاجئين بشرق السودان عبر الهلال الأحمر القطري ، ومن أهم الأعمال التي كانت تقوم بها دولة قطر في تلك الفترة هي تقديم المنح الدراسية للطلاب الإرتريين ،ونوجز بالقول هنا أن قطر كان لها دورا إيجابيا وداعما للقضية الارترية ،وأن قطر كانت منفتحة علي كافة فصائل الثورة الارترية ولم تختزل تعاونها مع فئة دون الاخري كما فعلت بعض الدول العربية حينها .
وبعد إستقلال إرتريا كانت قطر من أوائل دول منطقة الخليج العربي التي إعترفت بإستقلال إرتريا ، وكما تم بعد إعلان الاستقلال مباشرة التبادل الديبلوماسي بين الحكومة الارترية ودولة قطر ، ومنذ ذلك الوقت تعتبر قطر من أكثر الدول العربية التي تتمتع بعلاقات متميزة مع الحكومة الارترية ،وقد شملت العلاقات كافة المجالات الدبلوماسية والسياسية والإقتصادية ، ويرجح البعض تطور هذه العلاقات الي مرونة تعامل الجانب القطري مع الحكومة الارترية ، حيث أن قطر لم تغير سياساتها الداعمة لإرتريا طوال
فترة هذه العلاقات ، وذلك بالرغم من حدوث تطورات هامة في الوضع الارتري في كافة الإصعدة ، كما أن قطر لم تنضم الي مجموعة الدول العربية التي انتقدت وقاطعت إرتريا بسبب إقامتها علاقات مميزة مع اسرئيل ، وإن قطر لم تغير موقفها تجاه إرتريا عندما طرأ في الأفق الخلاف السعودي الارتري في عام 1994م ، لأن قطر هي الاخري كانت في حالة تباين في وجهات النظر مع الجانب السعودي ،وحتي في الخلافات التي كانت بين إرتريا وجيرانها كانت قطر دائما في موقف المحايد ولم يؤثر عنها موقف معلن ضد الحزب الحاكم في إرتريا ، وأثناء الحرب الحدودية بين ارتريا واثيوبيا ظلت قطر تبدي تعاطفها مع إرتريا ، وقد دفع ذلك الجانب الإثيوبي لإتهام قناة الجزيرة القطرية بالإنحياز الي الجانب الارتري في التغطية وتبنيها موقفا عدائيا ضد إثيوبيا ، وعموما يمكن القول أن قطر ظلت منفتحة تجاه الحكومة الارترية وذلك بالرغم من وجود جملة من الأحداث والتطورات السالبة في سياسات إرتريا الداخلية و الخارجية ، ويمكن القول أن المرونة القطرية تجاه التعامل مع إرتريا تعتبر من أهم محفزات استمرارية وتطور هذه العلاقات ‘ وهو ما دفع الجانب الارتري للتشبث بها.
الدعم القطري لإرتريا :
تدعم قطر كثيرمن المشاريع الهامة في إرتريا ، الا أن قطر في الأصل لا تعلن كثيرا عن دعمها المالي لحلفائها ،وقد تكثف الدعم القطري لإرتريا بعد تراجع التمويل الغربي لكثير من المشاريع التنموية في إرتريا ،وتعثر علاقات الحزب الحاكم مع الغرب بسبب رفضه الاصلاح السياسي ورداءة أوضاع حقوق الانسان في إرتريا ، وعدم الاستعداد لسماع أي من الدعوات التي مازال يوجهها الغرب لإرتريا للشروع في تحسين الوضع الإنساني وإطلاق سراح المعتقلين او تقديمهم الي العدالة ،ومنذ ذلك الوقت لم يكن بوسع الحزب الحاكم في إرتريا الا أن يبحث عن أصدقاء جدد وقدامى للحصول علي الدعم والقروض المالية ،وكانت قطر وجته الأولى التي ركز عليها للحصول علي الدعم الذي كان أحوج ما تكون اليه البلاد خاصة بعد إنتهاء الجولة الثالثة من الحرب الارترية الإثيوبية ، واستفاد من صدقية قطر في علاقتها مع ارتريا لعشر سنوات خلت بل ومنذ الاستقلال ، وكان لزيارة أمير قطر لإرتريا في أغسطس عام 2000م أثر إيجابي علي تطور هذه العلاقات ،وقد كانت زيارة تضامنية بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى ، ولاسيما إذا استحضرنا ما آلت اليه موازين القوي في الجولة الثالثة من الحرب ، وقد تعهدت قطر منذ ذلك الحين بدعم المشاريع التنموية في إطار ماسمي حينها بالخطة التنموية الشاملة للحكومة الارترية ، وقد تبعت زيارة الأمير القطري سلسلة من الزيارات القطرية لإرتريا ومن أهم تلك الزيارات زيارة وفد قطري رفيع المستوي بتأريخ 5/7/2002م يتكون من (33)عضو وضم مختلف المؤسسات القطرية من القطاعين العام والخاص ،وترأس الوفد وزير التجارة والاقتصاد القطري الشيخ حمد بن فيصل ال ثاني واستمرت الزيارة ثلاثة ايام زار الوفد خلالها مدينة مصوع وجزيرة دهلك الارترية وغيرها من المناطق المهمة في الدولة ،وقد وقع الوفد القطري عددا من الإتفاقيات مع الجانب الإرتري شملت مجالات صيد الاسماك ،السياحة ،انتاج الاسمنت ،استيراد الماشية ،كما تعهد الجانب القطري بتعزيز الاقتصاد الارتري الذي خرج من الحرب الحدودية مع اثيوبيا منهكا ، كما تعهد الوفد القطري حينها بدعم كثيرا من المشاريع التنموية وتقديم الدعم للغرفة التجارية الارترية ،كما تم تقديم دعوات لعديد من الجهات الارترية لزيارة قطر من اجل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات .
المجال التقني والإعلامي :
وفي إطار التعاون الثنائي والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين دعمت قطر مشروع تأسيس الفضائية الارترية ،كما تبنت قطر تأهيل ثلاث دفعات من طاقم التليفزيون الارتري بمركز الجزيرة الاعلامي للتأهيل والتدريب ،كما أن زيارة مدير عام شبكة الجزيرة وضاح خنفر بتأريخ 3/4/2009م جأت تتويجا لتلك العلاقات بين الطرفين ،وقــد وقعت وزارة الاعلام الارترية برتكول تعاون مع قناة الجزيرة يهدف الي تبادل وسائل التقنية الحديثة والبرامج وتأهيل الكوادر الارترية في قطر ، كما تدعم قطر جملة من المناشط والمشاريع منها رعاية مشروع إنتاج الافلام الارترية.
وفي المجال التقني –خرجت كلية الطيران المدني القطرية دفعة من الكوادر الارتريين في مجال الطيران المدني وقد تم ذلك بتأرخ 17ديسمبر2004م ،وفي مراسيم التخرج التي حضرها المدير العام لكلية الطيران المدني القطرية السيد/عبد الله بن عبد العزيز النعيمي ،قال سفير إرتريا بقطر السيد/علي براهيم احمد إن تخريج دفعة من الطلاب الارتريين يؤكد ميزة العلاقات بين إرتريا وقطر ،وإن ذلك جزءا من المساهمة القطرية في برنامج التنمية في إرتريا .
مجال التعليم :
ظلت قطر تقدم المنح الدراسية للطلاب الارتريين اثناء عهد الثورة. وبعد الاستقلال ابدت قطر استعدادها لقبول الطلاب الارتريين في الجامعات القطرية الا إن عددا ضئيلا من الطلاب الارتريين استفاد من تلك الفرص ،ولم تستمر تلك المنح في تلك الفترة بسبب تحفظ الحكومة الارترية على إيفاد الطلاب لمواصلة تعليمهم الجامعي في الدول العربية ، الا أن البرتكول التعليمي تم تجديد بتأريخ 26مارس 2008م بعد زيارة اسكالو منقريوس وزيرة العمل والرعاية الاجتماعية السابقة لقطر بدعوة من حرم أمير قطر الشيخة/موزا بنت ناصر ،وقد وقع علي البرتكول من الجانب القطري وزير العمل والشئون الانسانية الدكتور/ سلطان بن حسن بن مبارك الدسوري ،وبموجب ذلك البرتكول التزمت قطر بتقديم المنح الدراسية للطلاب الارتريين ، وحتى في نسختها الجدية لا زال البرتكول يعاني من عدم تفعيل من الجانب الارتري مع تطلع العديد من الطلاب الارتريين للإستفادة من تلك الفرص التي تعتبر متميزة ومهمة نتيجة انفتاح دولة قطر على التعليم العالي النوعي بتوقيعها اتفاقات مع جامعات عالمية عريقة .
مجال الرعاية الإجتماعية :
وقع الجانبان العديد من الاتفاقيات الثنائية بين الطرفين ،ففي الزيارة التي قامت بها وزيرة العمل والرعاية الاجتماعية الارترية اسكالو منقريوس لدولة قطر في الفترة مابين 25-27مارس 2008م تم توقيع عددا من الاتفاقيات التزمت قطر بموجبها بتأهيل المعوقين الارتريين ،وتقديم الدعم للمحتاجين ،ورعاية الايتام ، والسماح للعمالة الارترية بالعمل في قطر .
كما تقوم دولة قطر عبر جمعية قطر الخيرية بتقيديم الدعم الانساني في معسكرات اللاجئين الارتريين بشرق السودان حاليا وذلك عبر الجمعيات الطوعية المحلية التي تعمل في المجال الانساني بتلك المنطقة فضلا علي رعاية الايتام وكفالة الطلاب الارتريين غير القادريين ماديا لمواصلة التعليم الجامعي ، ولدى الجمعية نشاط مشابه محدود في داخل إرتريا ويتم ذلك عبر الحكومة الارترية .
تمويل إقامة مشاريع سياحية في جزيرة دهلك الارترية :
بالرغم من كثرة الحديث حول هذا المشروع الا إن المعلومات المتوفرة حوله مازالت محدودة ، فقد نشرفي موقع جريدة الخليج الامارتية بتاريخ 28يناير2007م بأن وزير المالية الارتري السيد/برهاني أبرها والرئيس التنفيذي لشركة ديار العقارية للاستثمار والتنمية القطرية وقعا علي عدد من الاتفاقيات بموجبها ستقوم الشركة القطرية ببناء مشاريع سياحية في إرترياولا سيما في جزيرة دهلك الارترية والتي تعتبر من أكبر الجزر الإرترية ،ويحتوي المشروع علي اكثر من 850 شقة سكنية معدة بكل أشكال الترفيه ، وقد انتهت كافة التصورات والخطط للمشروع واوكلت مهمة تنفيذه علي المكتب الفرعي لشركة الديار العقارية في القاهرة الا أن خلافات برزت على السطح بين الحكومة الارترية والشركة القطرية ،وذلك بسبب رفض الجانب الارتري استجلاب عمالة أجنبية للعمل في الشروع مبررا ذلك بوجود إكتفاء محلي من اليد العاملة ،والمطلوب حسب وجهة النظر الارترية توفير التمويل المالي فقط للمشروع ،وقد أثار ذلك غضب المسؤولين القطريين وتسبب ايضا في تعطيل انطلاق المشروع ،ولاتوجد حاليا معطيات تؤكد تجاوز هذه العقبة وإنطلاق المشروع ،وحتى لقاء الرئيس اسياس في زيارته الاخير بالمدير التنفيذي للشركة ضمن اخرين في الديوان الأميري القطري على ما يبدو لم يحسم الخلاف وان كان قد فتحت المجال أمام المزيد من التشاور والتفاوض من اجل الوصول الي انطلاقة حقيقية للمشروع .
الاهتمامات الإرترية القطرية المشتركة بمنطقة القرن الافريقي :
لدولة قطر فضل كبير في عودة العلاقات الارترية السودانية ،حيث نجحت الدبلوماسية القطرية على اذابة الجليد بين الجارتين ارتريا والسودان واستطاعت أن تجمع بينهم في الدوحة ، وأن يوقعا اتفاقية اعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في 2/5/1999م ، ومنذ ذلك الوقت ظلت قطر تتابع ملف هذه العلاقات وعملت في تجسير الهوة بين الطرفين كلما ظهرت بوادر فتور بين الطرفين،كما دعمت قطر الوساطة الارترية بين الحكومة السودانية وجبهة الشرق ،وتعهدت بتقديم دعم مالي قدره (600)مليون دولار لتنمية المنطقة الحدودية بين إرتريا والسودان ،وبإشراف من جمعية قطر الخيرية يتم العمل في تشييد الطريق البري الذي يربط السودان بإرتريا ،وقد أنتهى العمل في الطريق على الجانب الارتري ،ويتواصل العمل حاليا على الجانب السودان بعد تعثر استمر لفترة ومنحت فيه اخيرا الأفضلية لشركة سقن الارترية.
وعلى الجانب السياسي تدعم قطر الموقف الارتري بشأن قرار التحكيم الدولي الذي صدر قبل ست سنوات بشأن النزاع الحدودي الارتري الإثيوبي .
وهنالك ملفات شائكة في المنطقة تعمل قطر حاليا علي إعداد مبادرات سلام لإيجاد حل لها ، وبالتاكيد فان الحكوة الارترية مطلوب منها دعم تلك المبادرات ، وتأتي المبادرة القطرية لحل النزاع الدارفوري في هذا السياق ومن جانبها الحكومة الارترية ــ التي مازال لديها نفوذا في بعض الفصائل الدارفورية ــ تؤيد المبادرة القطرية لمعالجة أزمة دارفور وترى فيها أنها مبادرة نزيهة وصادقة ، في الوقت الذي تعتبر فيه أن اي مبادرة خارج هذا الاطار بأنها مبادرات غير نزيهة وتهدف الي تعقيد الوضع في دارفور ومحاولة لتأجيل الحل فيها .
كما تحاول قطر حل المشكل الصومالي بدون أن يكون هناك ابعاد لإرتريا ، وتنافس قطر في مساعيها هذه كل من مصر والسعودية حيث أن الدولتان تحاولان التوسط بين الفرقاء الصوماليين دون أن يكون لأرتريا اي دور في هذا المسعى الا إن تلك المحاولات تصطدم دوما بالمتاريس التي تضعها المجموعات المدعومة من أسمرا .
وفي 21إبريل 2008م وعندما أعلنت اثيوبيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر متهمة أياها بتقديم الدعم لما أسمتها المجموعات الارهابية ، والتي تسببت حسب الاعتقاد الاثيوبي في عدم الاستقرار بمنطقة القرن الافريقي ، واعتبرت الموقف القطري موقفا معاديا لاثيوبيا ، دافعت إرتريا من جانبها بقوة عن الموقف القطري عبر إصدار بيانا رسميا أدانت فيه الموقف الاثيوبي واعتبرت ذلك محاولة يائسة منها للتغطية على فشلها في الصومال ، ويعود سبب التوتر بين قطر وإثيوبيا الي التغطية الصحفية التي قامت بها قناة الجزيرة القطرية للاوضاع الإنسانية في أقليم أوغادين المتنازع عليه بين الصومال وإثيوبيا .
وبقي أن نشير أن العلاقات الارترية القطرية لم تكن دوما على تلك الوتيرة من الانسيابية والانسجام فقد طرأ عليها في يونيو2008م بعض الفتور بعد أن تحفظت إرتريا علي الوساطة القطرية التي كانت تهدف الي إيجاد حل للنزاع الإرتري الجيبوتي ،وذلك عبر محاولة الجمع بين رئيسي البلدين ، وبني الموقف الارتري الرافض لأي مبادرة على عدم وجود أي مشكلة مع جيبوتي تستدعي مثل هذه المبادرات أو اللقاءات ، ورفضت ارتريا بناء على ذلك استقبال الوزير القطري الذي بدأ زيارته لجيبوتي وهو ما ردت عليه قطر بموقف أكثر تعبيرا عن الاستياء حيث تم تجاهل الرئيس اسياس افورقي الذي جاء الى الدوحة مسرعا ليرمم تلك العلاقة ولكنه لم يستقبل كما تعود استقبالا رسميا أو حافلا ، وعموما تمكن الطرفان من تجاوز الأزمة بينهما بعد عدة زيارات .
مستقبل العلاقات الإرترية القطرية :
دولة قطر حريصة على لعب أدوار مهمة بالمنطقة وذلك عبر حلحلة الصرعات فيها وإيجاد حلول لها ،وهي تواجه منافسة من بعض الدول في مسعاها هذا ومحاولة لتهميش دورها ، ولذا ترى الدبلوماسية القطرية حتى تنجح في مسعاها و تلعب هذه الأدوار بكفاءة لا بد من كسب ثقة كل الأطراف واللاعبين الاساسيين بالمنطقة بما فيهم ارتريا ، وأهمية إستمرارية الدعم القطري لكافة الاطراف ، ويقابله حرص مماثل من الحكومة الارترية أملا في استقطاب هذا الدعم وسيتأكد ذلك أكثر بعد صدور القرار رقم (1907)من مجلس الأمن الخاص بفرض العقوبات على ارتريا ، ولاسيما مع استمرارية تدهور الوضع الإقتصادي وتوقف الدعم الخارجي ،واستمرارية حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد ، لكن الحديث عن وجود علاقات استراتيجية بين الجانبين تنقصه مقومات أساسية فالجانبان لاتربط بينهما لاأيدلوجية فكرية ولاجغرافية مشتركة ولامصالح تجارية كبيرة يحسب لها ،ومع ذلك العلاقات التعاونية بين الطرفين مرشحة للإستمرارية والتطور ،خاصة إذا تمكن الطرفان من إنجاز المشاريع السياحية الكبيرة التي تم اعداد دراساتها ،ومع ذلك على دولة قطر أن تستمر في دعمها للشعب الارتري وتركز علي بناء المؤسسات الصحية والتعلمية في المناطق التي مزالت تعاني من نقص في الخدمات الصحية والتخلف التعليمي .
وفي الختام يمكن أن نلخص بمايلي :
1/ يقدر لدولة قطر دعمها للشعب الارتري ونشاطها في بناء دور العبادة ،والمؤسسات الخدمية ،ورعاية الايتام ، والمحتاجين ،والاستعداد لقبول الطلاب الارتريين في المؤسسات التعليمية القطرية ، وكل مانتمناه أن يستمر هذا الدعم من اجل تخفيف معاناة المواطنين الارتريين .
2/ دولة قطر مدعوة للإنفتاح نحو كافة مكونات المجتمع الارتري ،والإستماع الي تعقيدات المشكل الارتري الموجود على الساحة من كل الفرقاء الارتريين ، لأن ذلك سيكسبها ود وإحترام كافة أبناء المجتمع الإرتري
3/ علي دولة قطر الاهتمام بمنظمات المجتمع المدني الارترية وفتح مجال التأهيل والتدريب لها وذلك من أجل بناء جيل قادر على العطاء والنهوض بإرتريا .
4/ تتمتع دولة قطر بثقة الحزب الحاكم في إرتريا ،ويجعل منها ذلك أكثر قبولا من اي طرف أخر للقيام بدور الاصلاح بين الفرقاء الارتريين .
5/ علي الإعلام القطري أن يهتم بمعاناة المواطن الارتري والدفاع عن مبدأ العدالة والحرية والاستماع الي كافة وجهاة النظر الارترية.
للتواصل مع الكاتب :tahira@ymail.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=791
أحدث النعليقات