العلاقات الارترية – السودانية : الفاس وقع في الراس
فرجت : 2 اكتوبر 2006م
تصريحات الرئيس السوداني عمر حسن البشير ، عقب عودته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، المتعلقة بشأن التدخل الارتري السافر والمستمر في الشأن السوداني ، حازت بأهتمام الكثير من المراقبين الدوليين والاقليمين في المنطقة وأرتفع لها أكثر من حاجب. خاصة وانها تأتي وتطبيع العلاقات بين ارتريا والسودان لم تتجاوز فترة النقاهة، لتشهد انتكاسة دبلوماسية خطيرة سببها الدعم المادي والعسكري الارتري لفصيل من الفصائل الدارفورية وتشجيعها لتظل خارج اطار اتفاق ابوجا . وهذا الموقف الارتري الذي يتسم بالغموض وتعدد الأدوار أعاد العلاقة الارترية السودانية الى مربعها الأول والذي من المحتمل الا تتجاوزه الا بعد رفع النظام الارتري يده عن قضايا السودان الداخلية.
المعارضة الارترية كغيرها من المراقبين لتطورات العلاقة الارترية السودانية لم تستغرب تصريحات الرئيس البشير وربما كانت تتوقعها ولسان حالها يقول ” ان اكرام اللئيم لا يزيده الا تمردا وجفاءا”.، وذلك لما تعرفه أكثر من غيرها عن النظام الارتري ومغامراته المتعددة وتحرشاته بدول المنطقة أجمعها من السودان واليمن الى الصومال واثيوبيا وجيبوتي ، والتي لا يقبلها العقل ولا منطق العمل الدبلوماسي بين الدول ولا عرف القوانين الدولية. ولهذا تفاوتت ردود أفعالها اى المعارضة الارترية بين الريبة والحذر عند بدء تطبيع العلاقة الارترية السودانية ولكنها أحترمت رغبة السودان وقرارته فيما يتعلق بشأن هذه العلاقة التي شهدت هبوطا وصعودا منذ استقلال الدولة الحديثة الميلاد، فكلما مد السودان يداً بيضاء الى النظام الارتري وجد اما لغما ارضيا ينفجر في حدوده أو مجموعات مسلحة ومليشات تنطلق من عمق الاراضي الارترية لتستبيح ارض السودان وسيادته!. ولم تكن المعارضة الارترية وحدها في شكها في نوايا النظام الارتري حيث تعالت بعض اصوات العقلاء من السودان خاصة بعض المثقفين والصحفيين عبر الصحف السودانية والعربية بأن خطوة التطبيع باغتت الكثيرين وجاءت متسرعة وغير متوقعة وان النظام الارتري اثبت بالتجربة بأنه يقول شيئا ويفعل شيئا آخر؟
فما الذي يريده النظام الارتري بالضبط من السودان؟ ان وجهت نظر النظام الارتري المتثلة في رئيسه المعلول نفسيا بشهادة الكثيرين من الاطباء النفسانين في ايطاليا واسرائيل والتي تشكك في مقدرته في حكم بلده ناهيك عن اصلاح ما أفسده العطار في بلاد الجوار، هذه النظرة الاستعلائية ، لم تتغير حتى وان تغيرت المعطيات السياسية الجديدة في السودان المتمثلة في استعداد السودان للجلوس مع الاطراف المعارضة له وحل جميع الاشكالات المتعلقة بالعدالة الاجتماعية خاصة المتعلقة بالثروة والسلطة مما مكنه من اطفاء نار الحرب التي اشتعلت لأكثر خمسة وعشرون عاما في جنوبه ، ووصوله الى اتفاق مماثل مع بعض الفرقاء من الغرب ومحاولاته الجادة مع فصائل الشرق ، انما توضح بجلاء رغبة السودان الجادة وسعيه الحثيث لحلحلة مشاكله بالحوار ، وهذا لا يرضي ارتريا التي يعاني نظامها من مشاكل لاحصر لها داخليا المعارضة السياسية والعسكرية المتنامية ضده والتي تحزي بتأييد اثيوبي وتعاطف يمني سوداني وغربي ، واهتمام عالمي، سجله في انتهاكات حقوق الانسان سوداء بشهادة تقارير وزارة الخارجية الامريكية والمنظمات الحقوقية العاملة في مجال حقوق الانسان، فليس من مميزات تلك التي تجعله أقدر الدول في احلال السلام الاقليمي في منطقة القرن الافريقي ، ولا هو أحرص على السودان أكثر من حرص ابنائه عليه، ففاقد الشئ لا يعطيه.
ان الدول التي تضع قدرا لعلاقات الجوار واحترام سيادة الدول وشؤونها الداخلية لأصدرت اعتذارا وتوضيحا فيما بدر منها والتبس من سياساتها الخارجية ، ولكن ارتريا وهي لا تملك وزارة خارجية وما يسمونه بوزارة الخارجية ما هو في احسن الحال الا مكتب مدار من قبل الرئيس المتحكم في كل شيئ بالاضافة الى بعض السعاة مثل مسؤول دائرة الشرق الاوسط المدعو محمد عمر محمود ، وعبد الله جابر وديك العدة احيانا، فما قيل عنه ببيان وزارة الخارجية الصادر لنفى تهمة مساعدة الفصيل الدارفوري ، صادر عن مكتب رئيس النظام وليس وزارة الخارجية الوهمية؟ والبيان نفسه مكتوب بصورة مقتضبة ولا يحمل اى اعتذار أو توضيحا سوى نفس الغموض المعهود واسلوب ” ضربني وبكى سبقني واشتكى ” الذي يتبعه النظام في ارتريا في جميع تحرشاته مع دول الجوار. فمثلا لم يقل النظام في انه لم يمارس اى ضغطا على جموع ما يسمى بالمعارضة السودانية وخاصة الفصيل الدارفوري للتخلف من اتفاق ابوجا وعدم قبول ما تمخض عنه حتى وان اجيبت على اسئلة السلطة والثروة وتجيش المليشات وغيرها ، وذلك حتى تكون في يد النظام الارتري ورقة يساوم بها وتمثل ضغطا على السودان. ارتريا التي وعدت باسقاط النظام في السودان في اكثر من مناسبة ووصمته بالارهابي والخطر على المنطقة ، نعتقد انها مازالت تحاول فعل ذلك مستخدمة المعارضة السودانية. كما انها مازالت تحلم برؤية السودان المجزء الى دويلات جنوبية وغربية وشرقية . ثانيا ارتريا تحاول ان تبرهن لأسيادها في الغرب بأنها لاعب اقليمي خطير له تأثيره وبامكانه احلال السلام أو تفجير الحرب كما في جنوب السودان والصومال وهو دور يحاول ان ينافس فيه كل من مصر واثيوبيا وجنوب افريقيا ونيجيريا.
وهذه المغامرة اى مغامرة البحث عن دور في القضايا الدولية ولعب دور العملاق، توضح بجلاء طيش النظام الارتري واستهانته بالقوانيين الدولية والدبلوماسية ، وهي في نفس الوقت خطر الأمن والسلم الدوليين في المنطقة. كما انها اى هذه السياسة بددت موارد الدولة الصغيرة وجلبت المجاعة الى شعبه ، وذلك لاشباع رئيس النظام القزم وتطلعه الى العملقة؟ وان درء الخطر المتمثل في النظام الارتري وردعه هو مهمة دول المنطقة والتي يجب ان تعمل جاهدة في ازالة هذا الخطر عبر المنظمات الاقليمية مثل الاتحاد الافريقي والايجاد ، والتجمعات الدولية مثل تجمع دول صنعاء ، والا فان التحرش مستمر وان الخطر الذي يتهدد المنظقة منذ مغامرة جزر حنيش سيبقى ماثلا وهو في خطورته لا يختلف عن الارهاب ، وان مهمة دول المنظقة البدء بفرض العقوبات الاقتصادية وايقاف كل الوارد والصادر عبر حدود هذه الدول الى النظام الارتري.
ان من طبع النظام الارتري الغدر والطعن من الخلف وفي ذلك سيان عنده اذا كان من يمارس الغدر ضدهم من مواطنيه أو رفاقه القدامى ، فمعرفة طبعه قبل تطبيع العلاقات لجنب السودان شر هذه المكيدة الآن ، لأن الطبع غلاب.
فرجت
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5646
أحدث النعليقات