الفتنة نا ئمة لعن الله من أيقظها
) إن الذين لايذكرون الماضي مكتوب عليهم أن يخوضوا التجربة مرة أخرى (
الحلقة الثانية
بقلم : عبد الإله الشيخ
لقد سبقت الإشارة في الحلقة الأولي الى مواقف المسلمين الوطنية وتصديهم للمستعمر وقد أكدت على أن الهدف من هذه المقالات ملامسة الحقائق مجرد ملامسة وتوضيح الجرائم التي أرتكبت في حقهم .
القارئ الكريم:- لم أستغرب فعل تلك الشرذمة وكتاباتها التي تقطرحقداً وتنفث كراهية فقد تعودنا علي مثل هذه التراهات من المتزمتين والحاقدين الذين أعمت غشاوة الطائفية المقيته بصائرهم قبل أبصارهم فلا يدركون الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.
إذ يصدق فيهم قول الشاعر :-
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد *** وينكر الفم طعم الماء من سقم
فيحاولون عبثاً تجميل كل ما هو قبيح وطمس كل ما هو مشرق
وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** كما أن عين السخط تبدي المساوءا
والأمثلة في هذا المضمار كثيرة منها:-
*مقالة الزعيم / ولدآب ولد ماريام أحد الرموز السياسية وسقطته المشهورة في الصحيفة السويدية في ثمانينات القرن الماضي التي إدّعي فيها ( بأن إرتريا دولة مسيحية تعيش فيها أقلية مسلمة ليست ذات تأثير ولاجدوي تمتهن الرعي وتتمركز علي الشريط الحدودي مع السودان ) .
*التصريح الذي أطلقه / مسفن حقوص وزير الدفاع الأسبق لنظام أسياس ورئيس الحزب الديمقراطي الحالي – المنضوي تحت مظلة التحالف الديمقراطي الإرتري – في ندوة سياسية مشهودة بجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم في صيف العام 2003م – وقد نشرت وقائع تلك الندوة في المواقع الإرترية علي الشبكة الدولية – فقد جاء في ثنايا حديثه: ( أن جبهة التحرير الإرترية قد إرتكبت جرائم جسيمة ضد المسيحيين حيث أقدمت في عام 1969م علي تصفية عدد من الجنود المسيحيين المقاتلين في صفوفها جسدياً بحجة أنهم عملاء لإثيوبيا بينما الحقيقة كانت لأسباب طائفية دينية ) ولم يتراجع عن رأيه رغم التفنيدات والحجج التي قدمت في سياق الرد على تلك المقولة وهي ذات الفرية التي رددتها العناصر الطائفية في تخرصاتها على الشبكة الدولية .
لكن المستغرب حقيقة هو موقف الوطنيين المسيحيين الذين جعل أولئك المتزمتون قضاياهم( قميص عثمان) إذ لم نطالع لهم رداً أو إستنكاراً أو توضيحاً للحقائق. ونحن نعلم وندرك أن في أوساط المسيحيين أصحاب أقلام شرفاء وطنييون تعرفنا عليهم من خلال كتاباتهم الموضوعية أمثال الدكتور/ تسفاظين مدهني ، والدكتور/ مسفن بخيت ، والأستاذ / ولد يسوس عمار وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكره لكن لم نطالع موقفاً لهم وكأن الموضوع لايعنيهم ، وقد ترك سكوتهم غير المبررإنطباعاً لدي العامة بأن هذا الأمر هو مثار إتفاق كل المسيحيين ومحل قبولهم ورضاهم التام إذ( أن السكوت من علامات الرضا) كما يقولون.
حتى التنظيمات المكونة للتحالف الديمقراطي التي طلبت منها تلك المجموعة في مقالاتها ضرورة التصدي للمسلمين وطالبتهم بالدفاع عن حقوق المسيحيين المهضومة !!!! لاذوا بالصمت ولم يكلفوا أنفسهم عناء التوضيح أو التعليق سلباً أو إيجاباً.
وإنني هنا أتوجه باللائمة الي أولئك الذين غضوا الطرف عن هذه الترهات وكلنا يذكر الهبة المشهودة والهستيريا التي أصابت البعض إبان نشر بعض المواقع الإلكترونية لخبر معركة جرت أحداثها بين فصيل من فصائل المعارضة وقوات جيش النظام علي الرغم من إتفاق الجميع علي إسقاط حكومة أفورقي بكل الوسائل المشروعة وجأرت بعض التنظيمات بالشكوي ورفعت عقيرتها وكأن المقاومة المسلحة التي تعتمدها تلك الفصائل وسيلة مشروعة هي إحدي المحظورات التي يجب عدم الإقتراب منها احد الموبقات التي تستوجب العقاب .
فهل يا تري القوي المسيحية – لاسيما المستنيرين والمثقفين وقادة الرأي منهم – راضون كل الرضي وأنهم يتفقون مع كل تلك الترهات والحملة المغرضة التي طالعتنا بها تلك الفئة المتزمتة علي عدة مواقع إرترية ؟ هل الأمرمدبرمتفق عليه والحملة أطلقت بتوجيه منظم ؟
ما هي دلالات التوقيت الذي أطلقت فيه تلك الحملة بهذا الشكل المنظم ؟أم أنها محض صدفة ؟.
إن دفن الرؤس في الرمال وتزييف الحقائق هو أسلوب قديم متجدد يعتمده من لا يحترمون أنفسهم ولا يحسبون حساب التاريخ أو يدعون أدنى إعتباراً للجمهور المتلقي، فإن ذلك ينتقص من قدرهم ويحفز الآخرين لنبش الماضي وإجتراره والبحث عن الحقيقة في القضايا المثارة.
ويكون ذلك أأكد حال التعاطي مع قضايا شائكة تتعلق بتجريم قطاع عريض من الوطنيين وإتهامهم في وطنيتهم ووسمهم بالتآمر ضد الآخرين وتخوينهم وإرتباطهم بجهات خارجية بل يرمي لأبعد من ذلك حين يستعدي عليهم القوي العظمي بإتهامات باطلة ، الغرض منها واضح وضوح الشمس وهو الإستقواء بالآخر وتخويف المسلمين وإرهابهم إستغلالاً لشعار العصر الذي طغى على عالم القطب الواحد ( الحرب على الإرهاب ) الذي يستخدم ذريعة لترويض المسلمين في خطوة تشير الى مدى الحقد الدفين الذي تكنه صدور الغلاة الحاقدين .
تسعى هذه العصابة في مقالاتها الى محاكمة تأريخ المسلمين وإحالة كل مواقفهم الى جرائم وتآمر ويصفونهم بالإيغال في الطائفية والكراهية واستهداف الطرف الآخر ، ونسب الأمجاد الوطنية الى العنصر المسيحي وبذلك يفتعلون صراعاً دينياً بين مكونات المجتمع الإرتري على أسس طائفية عرقية .
إذ نجدهم يشيدون بنضالات الجبهة الشعبية ويمجدون مواقفها من طرف خفي ويحاولون تبرير ممارساتها الشنيعة ، ويصورون نضالات الشعب الإرتري منذ الفاتح من سبتمبر 1961م بأنه كان إستهدافا للعنصر المسيحي ، وقد رموا خلف ظهورهم نشأة الجبهة الشعبية وألآعيبها على تناقضات الساحة الإرترية حينها ، وكيف أنها وظفت ذلك لصالح مشاريعها المشبوهة وأنها إعتمدت على أكثر من وسيلة وتبنت أكثر من خطاب فرفعت شعار اليسار للتمويه لتستقطب به أبناء المسلمين الذين كانو تحت تأثير بريق ذلك الشعار الذي كان سائداً في الساحة العالمية حينذاك ، بينما تدثرت بالطرح الطائفي المسيحي في الخلايا الخاصة للتنظيم الداخلي الذي كان يتولى قيادته أفورقي عبر منفستو ( نحنان علامانان ) نحن وأهدافنا ، وقد إرتكبت الشعبية أقسى وأفظع الجرائم في سبيل تمكين مشروعها ولم يسلم من ذلك حتى أبناء المسيحيين الوطنيين الرافضين للمشروع الطائفي وأبرز مثال لذلك ( تصفية المنكع) تحت ذرائع مختلفة ، وقد إستطاعت زمرة أفورقي إستقطاب الكثير من أبناء المسيحيين الذين كانوا في صفوف الجبهة وقوات التحرير الشعبية عبر النشرات السرية ( أنببك أحلف ) إقرأ ثم مرر وأخيراً إستطاعت أن تقصي الجبهة من الساحة نتيجة المؤامرات الداخلية والخارجية وتحالفها مع الجبهة الشعبية لتحرير تجراي .
لقد مارس هذا الفصيل كل أشكال البطش والتنكيل وتصفية كل من يقف في وجه مشروعه الطائفي بعد أن خلت له الساحة ، وأفرزت تجربة الشعبية أوضاعاً غاية في السوء ولعل تجربتها في الحكم بعد الإستقلال وتوليها دولاب الدولة وإنفرادها بتشكيل أول حكومة وطنية في إرتريا كشف الكثير من المستور .
لقد حاولت تلك الشرذمة أن تذر الرماد في العيون إذ أوردت على استحياء ممارسات الشعبية التي لايستطيعون أن يداروا سوءاتها المكشوفة فأوردوها في السياق العام وبشكل عابر غير أن الحقد وما كانوا يضمرونه إنكشف دون أن يقصدوا ذلك إذ صرحوا بأن منفستو نحن وأهدافنا هو أفضل وثيقة إبتكرها العقل الإرتري على الإطلاق متناسين ما تنطوي عليه هذه الوثيقة الكارثة من سم زعاف وحجم الإحتقان الطائفي الذي أثارته وما تزال .
إن إعطاء الخلاف الإرتري طابع الصراع الديني سيعمق الهوة بين شقي المجتمع الإرتري ويحول دون إندمال الجراحات القديمة وتعطي الخلاف أبعادا أبعد ما تكون عن الواقع وستكون عواقبها وخيمة على الجميع ما لم يتصدي لها العقلاء من الطرفين ويضعوها في سياقها الطبيعي .
وذلك يتطلب الإعتراف بالحقوق والواجبات وإقرار الثوابت دون إفراط أو تفريط والإتفاق علي جعل المواطنة أساسا للحقوق دون إقصاء أو إكراه أو إنتقاص.
لقد درج المتزمتون علي إستغفال المسلمين وتصويرهم دائما بأنهم أتباع مقودون عليهم الخضوع والسير في ذيل القافلة بإعتبار أن العنصر المسيحي هو الأوعي والمؤهل للقيادة وصاحب الكعب الأعلي الحريص علي مصلحة الوطن والحادب على حقوق المواطن والشريك الآخر مجرد كومبارس في المسرح تسند اليه المهام الهامشية وإن مجرد مطالبته بنيل حقوقه تعتبر خيانة عظمى وتآمر وخروج على الثوابت الوطنية .
لقد حسبت الشرذمة الحاقدة أن ذلك طبع مؤصل في نفوس المسلمين وما دروا أن للتسامح حدود وللتحمل غاية ينتهي عندها إذ يتحمل الإنسان الظلم مرة ويغفر للمخطئ جرمه ويلتمس له العذر ، فحسن الظن والعفو والصفح من شيم الكرام أما وقد فاض الكيل وبلغ السيل الزبى فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين والحليم إذا غضب كالأسد الجريح يفتك ولا يبالي بالطعان، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ونذكر هؤلاء المتزمتون الذين أغراهم تسامح المسلمين علي مر التاريخ وحسبوا ذلك غفلة نذكرهم بأن التآمر وإستمراء الظلم لا ينطلي علي جيل اليوم المستند علي إرث وطني مشرق المستلهم لعبر الماضي المستنير بالمعرفة والمتسلح بالعلم بعد أن صقلته التجارب وعجمت عوده سنوات التيه العجاف ، فهو قادر علي إحقاق حقه ومواجهة التحديات ومقارعة الترهات بالحجة والبيان لا تثنيه التهديدات المبطنة عن أخذ حقوقه ولا تخيفه تلويحات المتزمتين بتدويل الصراع عن المطالبة بمستحقاته ولا تصرفه الدموع الكاذبة عن ثوابته ولا تجعله هوج الرياح وضراوة التيار يتنازل عن مبادئه أو يتنكر لجلده .
وننصح هؤلاء الطائفيون إنتهاج طريق آخر فما هكذا تورد الإبل وما هكذا تساس الأمور ولا تتم معالجة القضايا بهذا الأسلوب المستهجن وهذا السلوك الكيدي الأرعن إذ التحايل والألآعيب ولغة الإستعداء والتعالي لا تؤدي إلا إلى المزيد من الصراع وتوسيع دائرة الشك والريبة ، وطريق بناء جسور الثقة هو إحترام الآخر وإنتهاج الحوار الموضوعي البناء بعيدا عن التخوين والتجريم وممارسة الإقصاء والتغييب أما تصعيد المواجهة وكيل السباب والشتائم فالكل يجيده لكن الحصيف هو من يسعي لتجسير الهوة وتقريب الشقة وينئى بنفسه عن التحذلق والتكبر الأجوف وإفتعال المعركة دون معترك .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6644
أحدث النعليقات